کتابخانه ادبیات عرب

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح

الجزء الأول

مقدمة المحقق ..... ص : 3 خطة التحقيق ..... ص : 6

الفن الأول علم المعانى ..... ص : 18

مقدمة المصنف لعروس الأفراح ..... ص : 19 شرح مقدمة صاحب التلخيص ..... ص : 36 مقدمة فى أهمية علم البلاغة ..... ص : 46

الفن الأول: علم المعانى ..... ص : 96

أبواب علم المعانى: ..... ص : 100 (أحوال الإسناد الخبرى) ..... ص : 111 ملابسات المجاز العقلى: ..... ص : 140 أقسام المجاز العقلى: ..... ص : 147 أهمية القرينة للمجاز الإسنادى: ..... ص : 150

باب أحوال متعلقات الفعل ..... ص : 371

حذف المفعول للبيان بعد الإبهام: ..... ص : 374 حذف المفعول لدفع توهم إرادة غير المراد: ..... ص : 376 حذف المفعول لإرادة ذكره ثانيا: ..... ص : 377 حذف الفعل لإرادة التعميم مع الاختصار: ..... ص : 377 حذف الفعل لمجرد الاختصار: ..... ص : 378 حذف الفعل لرعاية الفاصلة: ..... ص : 378 حذف المفعول لاستهجان ذكره: ..... ص : 379 حذف المفعول لنكتة أخرى: ..... ص : 379 تقديم المفعول على الفعل: ..... ص : 379 تقديم بعض معمولات الفعل عليه: ..... ص : 389 باب القصر ..... ص : 393 الإطناب: ..... ص : 605
فهرس موضوعات الجزء الأول ..... ص : 622

الجزء الثاني

الفن الثانى علم البيان ..... ص : 5

الفن الثالث: علم البديع ..... ص : 224

و هى ضربان: معنوى، و لفظى: ..... ص : 225

عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح


صفحه قبل

عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، ج‏1، ص: 379

و إما لاستهجان ذكره؛ كقول عائشة رضى اللّه عنها: (ما رأيت منه؛ و لا رأى منّى) 1136 أى: العورة.

و إما لنكتة أخرى.

و تقديم مفعوله، و نحوه عليه: لردّ الخطأ فى التعيين؛ كقولك: زيدا عرفت خ خ لمن اعتقد أنك عرفت إنسانا، و إنه غير زيد، و تقول لتأكيده لا غيره؛ و لذلك لا يقال: ما زيدا ضربت و لا غيره خ خ، و لا: ما زيدا ضربت، و لكن أكرمته خ خ.

حذف المفعول لاستهجان ذكره:

و إما لاستهجان ذكر المفعول كقول عائشة رضى اللّه عنها: ما رأيت منه و لا رأى منى.

حذف المفعول لنكتة أخرى:

(قوله: و إما لنكتة أخرى) أى: لمعنى آخر يقتضى الحذف، كخوف ذكره و إرادة الإنكار لدى الحاجة و جعل السكاكى من الحذف للاختصار قوله تعالى: وَ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ‏ 1137 و قال الزمخشرى: ترك المفعول؛ لأن الغرض الفعل لا المفعول، قال المصنف فى الإيضاح: قد يشتبه الحال فى الحذف و عدمه؛ لعدم تحصيل معنى الفعل كقوله تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ‏ 1138 قد يتوهم أن معناه نادوا فلا حذف، و لا يصح، لأنه يلزم الاشتراك لو كان المسمى متعددا أو عطف الشى‏ء على نفسه إن كان واحدا، بل هو بمعنى سموا فالحذف واقع و اللّه تعالى أعلم.

تقديم المفعول على الفعل:

ص: (و تقديم مفعوله و نحوه عليه ... إلخ).

(ش): تقديم مفعول الفعل عليه يكون لرد الخطأ فى التعيين، و المراد أن المخاطب يظن وقوع الفعل على مفعول معين، و الغرض أنه واقع على غيره: كقولك: زيدا عرفت، لمن اعتقد أنك عرفت إنسانا غير زيد، و تؤكد هذا بقولك: لا غيره- كذا قاله‏

عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، ج‏1، ص: 380

و أما نحو: زيدا عرفته خ خ فتأكيد إن قدّر المفسّر قبل المنصوب؛ و إلا فتخصيص.

و أمّا نحو: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ‏ 1139 : فلا يفيد إلا التخصيص؛ و كذلك قولك: بزيد مررت خ خ.

و التخصيص لازم للتقديم غالبا؛

المصنف- و ينبغى أن يقيد كونه تأكيدا بما إذا كان مرادا به الاختصاص، فإن لم يرد فيكون قولك: لا غيره تأسيسا لا تأكيدا، إلا أن يريد أنه تأكيد لتعلق الفعل بالمفعول السابق، و إن أفاد نفى غيره، قال المصنف: و لذلك لا يقال: ما زيدا ضربت و لا غيره لتناقض دلالة الأول و الثانى؛ لأن ما زيدا ضربت، خاطبت به من يعلم أن إنسانا ضربته، و لكنه غلط فى تعيينه و أصاب فى معرفة إنسان فى الجملة، و قولك: ما زيدا ضربت و لا غيره، يخالف ذلك، و لك أن تقول: لم لا يقدم المفعول إذا كان الخطاب مع من يعتقد أنك ضربت زيدا و هو مخطئ فى أصله، و فى تعيينه بأن يكون الواقع أنك لم تضرب أحدا، و يصح حينئذ: ما زيدا ضربت و لا غيره، قال: و كذلك لا يجوز أن تعقب الفعل المنفى بإثبات ضده كقولك: ما زيدا ضربت و لكن أكرمته؛ لأن التقديم إنما يكون لرد الخطأ فى تعيين المفعول فيرد إليه بالتقديم لا لرفع الخطأ فى المسند، بل إنما يحسن الرد هنا بأن يقال: ما زيدا ضربت و لكن عمرا. و أما نحو قولك: زيدا عرفته، فإن قدر العامل قبل قولك: زيدا، فليس مما نحن فيه؛ لأن المفعول حينئذ غير مقدم، فلا يكون فيه إلا تأكيد بإعادة الجملة، و إن قدر بعد المنصوب كان مما نحن فيه، فيكون للتخصيص ما لم ينصرف عنه على أن التأكيد حاصل على التقديرين. و قوله تعالى:

وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ‏ للتخصيص؛ لأن عامل ثمود على قراءة النصب مؤخر؛ لأن أما بمعنى: مهما يكن من شى‏ء، فهو بمعنى فعل، فلا يليها فعل؛ لأنه يجتمع فعلان- كذا قالوه- و فيه نظر سيأتى قريبا.

و كذلك تقديم ما ليس مفعولا صريحا كقولك: بزيد مررت، و هو المراد بقوله:

و نحوه، على ما قيل، و المراد به نحو المفعول من الحال و الظرف و نحوهما؛ فيكون تقديم المعمول مطلقا مفيدا للاختصاص.

قوله: (و التخصيص لازم ... إلخ) أى: التخصيص لازم للتقديم، و يدخل فى قوله سائر المعمولات مع عواملها، فالظاهر أن ذلك لا اختصاص له بالمفعول، و قد صرح‏

عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، ج‏1، ص: 381

و لهذا يقال فى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ 1140 معناه: نخصّك بالعبادة و الاستعانة، و فى: لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ‏ 1141 معناه: إليه لا إلى غيره.

و يفيد فى الجميع- وراء التخصيص- اهتماما بالمقدّم؛ و لهذا يقدّر فى (باسم اللّه) مؤخّرا.

و أورد: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏ 1142 :

و أجيب: بأنّ الأهمّ فيه القراءة، و بأنّه متعلّق ب (اقرأ) الثانى، و معنى الأول: أوجد القراءة.

ابن الأثير و ابن النفيس و غيرهما بأن تقديم الخبر على المبتدأ يفيد الاختصاص. و قال صاحب الفلك الدائر: إن هذا لم يقل به أحد و زاد ابن الأثير فقال: تقدم الظرف فى الكلام المثبت يفيد الاختصاص، نحو: إن إلىّ مصير هذا الأمر، و قوله تعالى: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ‏ 1143 ، و كذلك تقديم الحال على صاحبها مثل: جاء راكبا زيد.

(قلت): هذا و الذى قبله ليس من تقديم المعمول على عامله، بل من تقديم بعض المعمولات على بعض، و سيأتى أنه لا يفيد الاختصاص.

و قوله: (لازم للتقديم غالبا) يعنى: أن الغالب أن التقديم يكون للتخصيص، و قد يخرج عن ذلك لغرض غيره كما تقدم فى تقديم المسند إليه، فإن قلت: قوله: غالبا، كيف يجتمع مع قوله: لازم؟ قلت: لا يعنى بقوله: لازم للتقديم أنه لا يفارقه، بل يعنى أنه لازم الإمكان و لكون التقديم مفيدا للاختصاص تقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ معناه نخصك بالعبادة و الاستعانة، و فى: لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ‏ معناه: إليه لا إلى غيره، و كذلك قوله تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً 1144 أخرت الصلة فى الشهادة الأولى و قدمت فى الثانية؛ لأن الغرض فى الأول إثبات شهادتهم، و الغرض فى الثانى إثبات اختصاصهم بشهادة النبى عليهم، ثم ذكر أنه يفيد وراء التخصيص شيئا آخر، و هو الاهتمام بالمعمول المقدم؛ و لذلك كان الأولى عند الجمهور تقدير العامل فى (باسم اللّه) متأخرا فيقدم (باسم اللّه اقرأ) و أورد أنه يتعين أن يكون مقدما ليوافق قوله سبحانه و تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏ و أجيب بأن الأهم ثم ذكر القراءة لأنها أول سورة نزلت و بأن‏ بِاسْمِ رَبِّكَ‏ يتعلق باقرأ المذكور ثانيا، و معنى اقرأ الأولى أوجد

عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، ج‏1، ص: 382

القراءة بتنزيل الفعل المتعدى منزلة اللازم، و أورد عليه أنه يلزم الفصل بين المؤكد و المؤكد؛ لأن اقرأ الثانى تأكيد لاقرأ الأول و فصل بينهما بِاسْمِ رَبِّكَ‏ و قد يجاب بأمور، منها: أن هذا ليس بتأكيد، فإن اقرأ الأول نزل منزلة اللازم كما سبق، و إن جعل‏ تأكيدا للأول لم يصح؛ لأن الثانى أخص و لا يكون الأخص تأكيدا للأعم بخلاف العكس، و منها أن الممتنع الفصل فى التأكيد الاصطلاحى، و هذا تأكيد لغوى بيانى لا يمتنع معه الفصل. و منها: التزام جواز الفصل فى مثله كقوله سبحانه‏ وَ لا يَحْزَنَّ وَ يَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ‏ 1145 فقد فصل بين يرضين و كلهن بالجار و المجرور، هذا و هو ليس معمولا للمؤكد، فما كان معمولا أولى، و ادعى الزمخشرى أن الاختصاص فى‏ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ‏ 1146 أبلغ منه فى‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ و الظاهر أن يريد لما فيه من تكرير المفعول المستدعى لتكرير الجملة، و فيما ذكره نظر، و الذى يظهر العكس، فإن‏ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ‏ لا دلالة فيه على التقديم حتى يفيد الاختصاص؛ لأن عامل إياى جاز أن يكون متأخرا عن إياى، و أن يكون متقدما عليه، فلا يكون المفعول مقدما، فلا اختصاص لا يقال: لا يصح ذلك فإنه لو تقدم العامل لما انفصل الضمير كما ذكره شيخنا أبو حيان فى تفسير هذه الآية رادا على من زعم ذلك؛ لأنا نقول: من أسباب الانفصال حذف العامل كما ذكره ابن مالك، و أما إِيَّاكَ نَعْبُدُ 1147 فلا ضرورة فيه، و لا دليل على حذف عامل إياك و مفعول نعبد، بل إياك معمول نعبد المذكور، فيتحقق فيه التقديم المفيد للاختصاص.

و اعلم أن ابن الحاجب قال فى شرح المفصل: إن الاختصاص الذى يتوهمه كثير من الناس من تقديم المعمول و هم، و استدل على ذلك بقوله تعالى: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ‏ 1148 ثم قال تعالى: بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ 1149 و هو استدلال ضعيف؛ لأن‏ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ‏ أغنى عن إرادة الحصر فى الآية الأولى، و لو لم يكن فما الذى يمنع من ذكر المحصور فى محل بغير صيغة الحصر، كما تقول: عبدت اللّه، و تقول: ما عبدت إلا اللّه، كل سائغ.

قال سبحانه و تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ‏ 1150 و قال تعالى:

عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، ج‏1، ص: 383

أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ‏ 1151 بل قوله تعالى: بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ 1152 من أقوى أدلة الاختصاص فإن قبلها لَئِنْ أَشْرَكْتَ‏ 1153 فلو لم تكن للاختصاص، و كان معناها أعبد اللّه لما حصل الإضراب الذى هو معنى (بل). و قد رد الشيخ أبو حيان على مدعى الاختصاص بنحو قوله سبحانه و تعالى: أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ 1154 و جوابه أنه لما كان من أشرك باللّه غيره كأنه لم يعبد اللّه، كان أمرهم بالشرك كأنه أمر بتخصيص غير اللّه بالعبادة، ورد صاحب الفلك الدائر الاختصاص بقوله تعالى: كُلًّا هَدَيْنا وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ‏ 1155 و جوابه أنا لا ندعى اللزوم، بل الغلبة، و قد يخرج الشى‏ء عن الحقيقة، و كذلك الجواب عن قوله تعالى: أَ فِي اللَّهِ شَكٌ‏ 1156 إن جعلنا ما بعد الظرف مبتدأ، و قوله تعالى: قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ‏ 1157 و ربما يستدل له بقوله تعالى: وَ إِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ‏ 1158 فإن المقصود منه إنما يحصل بادعاء الاختصاص، و يشهد له: أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَ أَنَا بَرِي‏ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ‏ 1159 ، و كذلك يدل على الاختصاص قوله تعالى: قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنا 1160 ، و قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا 1161 .

(تنبيه): يشترط فى كون التقديم مفيدا للاختصاص على القول به أن لا يكون المعمول مقدما وضعا؛ فإن ذلك لا يسمى تقديما حقيقة، و ذلك كأسماء الاستفهام، و كالمبتدأ عند من يجعله معمولا لخبره و أن لا يكون التقديم لمصلحة التركيب مثل: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ‏ 1162 على قراءة النصب، خلافا لما فى الإيضاح فى الثانى من إفادة الاختصاص.

(تنبيه): و قد اجتمع الاختصاص و عدمه فى آية واحدة، و هى قوله تعالى: أَ غَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ‏ 1163 فإن التقديم فى الأول قطعا ليس للاختصاص، و فى إياه قطعا للاختصاص، كما يظهر بالتأمل.

عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، ج‏1، ص: 384

(تنبيه): سلك الوالد رضى اللّه عنه فى الاختصاص حيث وقع إما بتقديم الفاعل المعنوى، أو بتقديم المعمول مسلكا غير ما هو ظاهر كلام البيانيين.

و ها أنا أذكر تصنيفا لطيفا له فى ذلك سماه الاقتناص، و هو:" قد اشتهر كلام الناس فى أن تقديم المعمول يفيد الاختصاص و من الناس من ينكر ذلك، و يقول: إنما يفيد الاهتمام، و قد قال سيبويه فى كتابه: و هم يقدمون ما هم به أعنى، و البيانيون على إفادته الاختصاص، و يفهم كثير من الناس من الاختصاص الحصر فإذا قلت: زيدا ضربت، يقول: معناه ما ضربت إلا زيدا، و ليس كذلك، و إنما الاختصاص شى‏ء و الحصر شى‏ء آخر، و الفضلاء لم يذكروا فى ذلك لفظة الحصر، و إنما قالوا: الاختصاص. قال الزمخشرى فى تفسير قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ 1164 : و تقديم المفعول لقصد الاختصاص، كقوله تعالى: قُلْ أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ 1165 ، قُلْ أَ غَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا 1166 و المعنى نخصك بالعبادة، و نخصك بطلب المعونة، و قال فى قوله تعالى: قُلْ أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ معناه أفغير اللّه أعبد بأمركم و قال فى قوله تعالى: قُلْ أَ غَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا: الهمزة للإنكار، أى: منكرا أن أبغى ربا غيره، و قال فى قوله تعالى: قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي‏ 1167 : إنه أمر بالإخبار بأنه يخص اللّه وحده دون غيره بعبادته مخلصا له دينه، و قال فى قوله تعالى: أَ فَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ‏ 1168 : قدم المفعول الذى هو غير دين اللّه على فعله، لأنه أهم من حيث إن الإنكار الذى هو معنى الهمزة متوجه إلى المعبود بالباطل، و قال فى قوله تعالى:

أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ‏ 1169 إنما قدم المفعول على الفعل للعناية، و قدم المفعول له على المفعول به، لأنه كان الأهم عنده أن يكافحهم بأنهم على إفك و باطل فى شركهم، و يجوز أن يكون إفكا مفعولا به يعنى أتريدون إفكا ثم فسر الأول بقوله: آلِهَةً دُونَ اللَّهِ‏ على أنها إفك فى أنفسها، و يجوز أن يكون حالا، فهذه الآيات كلها لم يذكر الزمخشرى لفظ الحصر فى شى‏ء منها، و لا يصح إلا فى الآية الأولى فقط، و القدر المشترك فى الآيات الاهتمام، و يأتى الاختصاص، فى أكثرها، و مثل قوله تعالى:

عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، ج‏1، ص: 385

أَ إِفْكاً آلِهَةً قوله تعالى: أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ‏ 1170 و ما أشبهها لا يأتى فيه إلا الاهتمام، لأن ذلك منكر من غير اختصاص، و قد يتكلف لمعنى الاختصاص فى ذلك كما فى بقية الآيات، و أما الحصر فلا، فإن قلت: فما الفرق بين الاختصاص و الحصر؟

صفحه بعد