کتابخانه ادبیات عرب
مقدمة الناشر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
مقدمة الناشر يسعدنا أن نقدم للقارئ سلسلة من الدراسات و البحوث الإسلامية الفقهية و اللغوية و التاريخية؛ و هي ثمرة تعاون بين المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة- إيسيسكو- و دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، في مشروع نشر مشترك.
و كان للمنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة- إيسيسكو- شرف الإقدام على نشر تلك الأعمال و تهيئة المناخات المتاحة لها، من حيث تخيّر صفوة من الباحثين الأكفاء، و الدعوة إلى ندوات تسهم في إغناء المدى الفكري للموضوعات المختارة، أو للشخصيات المدروسة.
ثم كان لدار التقريب أن نهضت بعبء إعادة نشر هذه الأعمال الرائدة، بالاتفاق مع المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة- إيسيسكو- بهمّة عالية، و مسؤولية بلغت حد الإتقان، نظرا لما لهذه الأبحاث من أهمية للقارئ، لأنّ معدّي هذه الأبحاث هم صفوة من العلماء و الباحثين و لأن هذه الأبحاث تغني المكتبة العربية الإسلامية.
و قد كلفت الدار فريقا من الباحثين المتخصصين في هذه المجالات بمراجعة النصوص فشذّبت بعض المكرور في الأبحاث، أملا في الوصول إلى ما يسمى «وحدة التأليف»؛ و ذلك لأن بحوث «الندوة» شيء مغاير عن «بحوث الكتاب»،
فالباحث في الندوة يكتب وفاقا لمنهجه الشخصي من غير مراعاة لمناهج الباحثين الآخرين، في حين أن هذه البحوث حين تعدّ للنشر تخضع لمعيارية التشذيب التي تسهم في حسن التوليف.
و لأن هذه الدراسات تستند في أكثر شواهدها إلى الآيات القرآنية الكريمة، فقد تحققنا تحقّقا دقيقا من أسماء السور و نصوص الآيات و أرقامها؛ و لأن بعض هذه الدراسات يشتمل على أسماء أعلام و شواهد تحتاج إلى ضبط و تدقيق، فقد ضبطنا ما ينبغي ضبطه، و دققنا فيما ينبغي التدقيق فيه.
و دار التقريب و المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة- إيسيسكو- يهمّهما، و هما تقدّمان هذه السلسلة للقارئ، أن تكونا قد أسهمتا في نشر المعرفة الإسلامية الصافية، و تيسير الوصول إلى مصادرها الأصيلة.
و اللّه وليّ التوفيق
تقديم
لما كان اللّه تبارك و تعالى قد منّ على البشرية جمعاء بأن بعث فيها رسوله محمدا، صلّى اللّه عليه و سلّم، خاتم النبيين و رحمة اللّه للعالمين، و أنزل عليه الذكر الحكيم بلسان عربي مبين، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فإن اللغة العربية هي أشرف اللغات، و أغناها بالدلالات، و هي لغة الدين الحنيف، و لغة الثقافة و الحضارة الإسلاميتين في مختلف العصور.
و قد شاءت حكمة اللّه تعالى أن ينزل هذا القرآن الكريم عربيا، معجزا بلفظه، متعبّدا بتلاوته، فكان من ثم مرتبطا باللغة العربية أوثق ارتباط؛ إذ بها تفهم معانيه، و تفقه مقاصده، و تستنبط أحكامه، و تدرك حكمه، و تتبيّن وجوه إعجازه.
و لهذا نشأت علوم اللغة العربية في خدمة القرآن الكريم، و انبثقت من مقتضيات الثقافة الإسلامية، التي كان هذا الكتاب المقدس- و لا يزال- قطبها الذي عليه تدور، منذ نزول القرآن و إلى يوم النشور.
و من أهمّ علوم اللغة العربية و أعظمها فائدة على الإسلام و المسلمين، علم النحو، الذي واكب هذا الثقافة منذ انطلاقتها الأولى؛ إذ أبدع أسسه الإمام عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه، و لم يزل يتوسع هذا العلم بتوسّع مجال الحضارة الإسلامية، و تعدد روافدها، و تنوّع ميادين إبداعها، فكان يجسد صورة فريدة لعطائها أسهمت في رسم ألوانها الزاهية مختلف الشعوب الإسلامية في مشارق الأرض و مغاربها، و اصطبغت بميزات الأطوار الحضارية المتعاقبة على هذه الأمة عبر القرون.
و رغم ما كتب عن تاريخ هذا العلم العربي الإسلامي من دراسات عديدة، فقد كان بحاجة إلى عمل أكاديمي شامل متكامل، يبرز وحدة الأمة عبر الزمان و المكان، و يجلو علاقات التفاعل و الإثراء بين مختلف شعوبها، و ينصف ذوي الجهد المتميز ممن أغفلهم الدارسون السابقون جهلا أو تجاهلا.
و هذا هو الهدف السامي الذي توخاه الأستاذ الجليل الدكتور محمد المختار ولد ابّاه في كتابه الذي تتشرف المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة بنشره تحت عنوان «تاريخ النحو العربي في الشرق و الغرب». و المؤلف من أبرز رجالات العلم و الثقافة العربية الإسلامية، الذين أحاطوا علما و فقها و استيعابا بجوانب متعددة من العلوم العربية و الإسلامية، و أخذوا بحظ وافر من المناهج الحديثة في البحث و التأليف.
و لقد جمع المؤلف في هذا الكتاب العلم الواسع المتعمّق، و المنهج المنصف الرصين، و الأسلوب الواضح الجذاب، و حرص كل الحرص على الشمول و الاستقصاء، و اعتمد أسلوب المعالجة الدقيقة و الاستقراء، فجاء كتابه موسوعة جامعة باذخة، و معلمة فكرية شامخة، سيكون لها- و لا ريب- تأثيرها الواضح في مستقبل الدراسات العربية الأكاديمية المتعلقة بالموضوع.
و إني إذ أهنىء المؤلف أحرّ التهنئة على هذا العمل الجليل، لأرجو اللّه تعالى أن ينفع به كل المهتمين بالثقافة العربية الإسلامية، إنه سميع مجيب.
الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري