کتابخانه روایات شیعه
[مقدمة المؤلف]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أما بعد حمد الله الذي هدانا إلى منهاج الدليل و الصلاة على محمد و آله الذين سلكوا بنا سواء السبيل.
فإن قوما 23 من الذين أقروا بظاهرهم بالنبوات جحدوا في الإمامة 24 كون المعجزات فضاهوا الفلاسفة و البراهمة 25 الجاحدين في النبوة الأعلام الباهرات فدعاواهم جميعا باطلة فاضحة إذ الأدلة على صحة جميع ذلك واضحة.
و قد أخبرنا جماعة ثقات منهم الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي عن الشيخ أبي جعفر الطوسي عن أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير القرشي عن أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأزدي 26 عن الحسن بن محبوب عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن موسى بن جعفر ع أنه قال أعظم الناس ذنبا و أكثرهم إثما على لسان محمد ص الطاعن 27 على عالم آل محمد ص و المكذب ناطقهم و الجاحد معجزاتهم 28 .
على أن من أنكر المعجزات لعلي ع و أولاده الأحد عشر مع إثباته للنبي ص فإنه جاهل بالقرآن.
و قد أخبرنا الله سبحانه عن آصف بن برخيا وصي سليمان ع و عن ما أتى به من المعجز من عرش ملكة اليمن و كان سليمان ع يومئذ ببيت المقدس فقال وصيه أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ 29 و ارتداد الطرف ما لا يتوهم فيه ذهاب زمان و لا قطع مسافة و كان بين بيت المقدس و الموضع الذي فيه عرشها باليمن مسيرة خمسمائة فرسخ ذاهبا و خمسمائة راجعا فأتاه به وصيه من هذه المسافة قبل ارتداد الطرف فلو فعله سليمان لكان معجزا له.
فلما أراد أن يدل أهل زمانه على وصيه و من يقوم مقامه بعده قام به وصيه بإذن الله و هذا أقوى من النص.
و هذا كما ذكر الله في معجزات الأنبياء من طوفان نوح و سفينته و ناقة صالح و فصيلها و شربهم و شربها و نار إبراهيم و أضيافه و إحياء الله تعالى الطيور الأربعة التي ذبحها و فرقها على الجبال ثم كانت تأتيه سعيا 30 و تسخير الله الريح لسليمان و إلانة الحديد لأبيه 31 و تعليمه منطق الطير و النمل و عصا موسى و انقلابها حية و اليد البيضاء من غير سوء و آياته المذكورة في القرآن 32 من الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم و الرجز و نتوق الجبل فوقهم و انفلاق البحر لقومه و المن و السلوى و التيه و العيون الجارية من الحجر و الغمام المظل و نحو ذلك.
و ما أخبر الله به عن عيسى من كلامه في المهد و إحياء الموتى و إبراء الأكمه و الأبرص و جعل الله الطين طيرا و ما شاكل ذلك.
و كذلك ما أخبر الله تعالى به عن محمد ص من شق القمر و الإسراء إلى بيت المقدس و المعراج و ما نقله عنه المسلمون من الآيات و الدلائل و المعجزات كل ذلك قد شوهد و عليه الإجماع.
و كذلك ما رواه الشيعة الإمامية خاصة في معجزات أئمتهم المعصومين ع صحيح لإجماعهم عليه و إجماعهم حجة لأن فيهم حجة 33 .
و قد جمعت بعون الله سبحانه من ذلك جملة لا تكاد توجد مجموعة في كتاب واحد ليستأنس بها الناظرون و ينتفع بها المؤمنون و سميته بكتاب الخرائج و الجرائح لأن معجزاتهم التي خرجت على أيديهم مصححة لدعاويهم لأنها تكسب المدعي و من ظهرت على يده صدق قوله.
و المعجز في العرف ما له حظ في الدلالة على صدق من ظهر على يده.
و جعلته على عشرين بابا منها ثلاثة عشر بابا في معجزات النبي محمد ص و الاثني عشر إماما الباب الأول في معجزات رسول الله محمد ص.
الباب الثاني في معجزات أمير المؤمنين علي ع.
الباب الثالث في معجزات الحسن بن علي ع.
الباب الرابع في معجزات الحسين بن علي ع.
الباب الخامس في معجزات الإمام علي بن الحسين زين العابدين ع الباب السادس في معجزات الإمام محمد بن علي الباقر ع
الباب السابع في معجزات الإمام جعفر بن محمد الصادق ع الباب الثامن في معجزات الإمام موسى بن جعفر الكاظم ع الباب التاسع في معجزات الإمام علي بن موسى الرضا ع الباب العاشر في معجزات الإمام محمد بن علي التقي ع الباب الحادي عشر في معجزات الإمام علي بن محمد النقي ع الباب الثاني عشر في معجزات الإمام الحسن بن علي الزكي العسكري ع الباب الثالث عشر في معجزات صاحب الزمان مهدي محمد ع و السبعة الأخرى 34 الباب الرابع عشر في أعلام النبي و الأئمة ع و يشتمل على أربعة عشر فصلا لكل واحد منها فصلا الباب الخامس عشر في الدلائل على إمامة الاثني عشر من الآيات الباهرات لهم الباب السادس عشر في نوادر المعجزات لهم الباب السابع عشر في موازاة معجزات نبينا ص و أوصيائه ع معجزات الأنبياء المتقدمين ع الباب الثامن عشر في أم المعجزات و هي المعجز الباقي الذي هو 35 القرآن المجيد الباب التاسع عشر في الفرق بين الحيل و بين المعجزات و الفصل بين المكر و الإعجاز الباب العشرون في العلامات و المراتب الخارقة للعادات لهم.
الباب الأول في معجزات نبينا محمد ص
رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَظُمَتْ قُرَيْشٌ فِي الْعَرَبِ وَ سُمُّوا أَهْلَ اللَّهِ وَ كَانَ إِبْلِيسُ يَخْرِقُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ فَلَمَّا وُلِدَ عِيسَى ع حُجِبَ عَنْ ثَلَاثِ سَمَاوَاتٍ وَ كَانَ يَخْرِقُ أَرْبَعَ سَمَاوَاتٍ فَلَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ فِي عَامِ الْفِيلِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ حِينَ طَلَعَ 36 الْفَجْرُ حُجِبَ عَنِ السَّبْعِ كُلِّهَا وَ رُمِيَتِ الشَّيَاطِينُ بِالنُّجُومِ الْمَرْجُومِ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُوهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ أَخْوَالِهِ وَ هُوَ ابْنُ شَهْرَيْنِ وَ دَفَعَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِفَاعَةَ السَّعْدِيِ 37 وَ هُوَ زَوْجُ حَلِيمَةَ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ وَ هِيَ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ الشَّاعِرِ 38 وَ مَاتَتْ أُمُّهُ وَ هُوَ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَ مَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِ سِنِينَ وَ كَفَّلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمُّهُ.
فصل
اعلم أن معجزاته عليه و آله السلام على أقسام منها ما انتشر نقله و ثبت وجوده عاما في كل زمان و مكان حين ظهوره كالقرآن الذي بين أيدينا نتلوه و نسمعه و نكتبه و نحفظه لا يمكن لأحد جحده أنه هو الذي أتى به نبينا محمد ص و إنما دخلت الشبهة على قوم لم ينكشف لهم وجه إعجاز و قد كشفنا ذلك ببيان قريب في كتاب مفرد.
و القسم الثاني على أقسام منها ما رواه المسلمون و أجمعوا على نقله و كان اختصاصهم بنقله لأنهم كانوا هم المشاهدين لذلك 39 و ظهرت بين أيديهم في سفر كانوا هم المصاحبين له أو في حضر لم يحضره غيرهم فلذلك انفردوا بنقلها و هم الجماعة الكثيرة التي لا يجوز على مثلها نقل الكذب بما لا أصل له.
و الثاني من هذه الأقسام ما شاهده بعض المسلمين فنقلوه إلى حضرة جماعتهم و كان المعصوم وراءه فلم يوجد منهم إنكار لذلك فاستدل بتركهم النكير عليهم على صدقهم لأنهم على كثرتهم لا يجوز عليهم السكوت على باطل و منكر يسمعونه فلا ينكرونه و لا منع كما لا يجوز أن ينقلوا كذبا و لا رغبة و لا رهبة هناك تحملهم على النقل و التصديق.
و منها: ما ظهر في وقته ص قبل مبعثه تأسيسا لأمره.
و منها: ما ظهر على أيدي سراياه في البلدان البعيدة إبانة لصدقهم في ادعائهم بنبوته لأنهم ممن لا تظهر منهم 40 المعجزات إذ لم يكونوا من أوصيائه فيعلم بذلك تصديقه في دعواهم له.
و منها: ما وجدت في كتب الأنبياء قبله من تصديقه و وصفه بصفاته و إظهار علاماته
و الدلالة على وقته و مكانه و ولادته و أحوال آبائه و أمهاته.
و من معجزاته أيضا أخلاقه و معاملاته و سيرته و أحواله الخارقة للعادة.
و من معجزاته أيضا شرائعه التي لا تزداد على طول البحث عنها و النطق فيها إلا حسنا و ترتيبا و إتقانا و صحة و اتساقا و لطفا.
و نذكر أولا معجزاته الموجزة التي ظهرت عليه في حياته و تلك على أنحاء و مراتب فمنها ما ظهرت عليه قبل مبعثه للتأنيس و التمهيد و التأسيس.
و منها: ما ظهرت عليه بعد مبعثه لإقامة الحجة بها على الخلق.
و منها: ما ظهر من دعواته المستجابة.
و منها: ما ظهر من إخباره عن الغائبات فوجد كلها صدقا.
و منها: ما أخبر به ثم ظهر بعد وفاته ص.
فصل من روايات العامة
1- 14 فَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ خَبَرٌ مُنْتَشِرٌ فِي مُؤْمِنِ الْعَرَبِ وَ كَافِرِهَا يَتَقَاوَلُونَ فِيهِ الْأَشْعَارَ وَ يَتَفَاوَضُونَهُ فِي الدِّيَارِ أَمْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ قَدْ تَبِعَهُ مُتَوَجِّهاً إِلَى الْمَدِينَةِ مُلْتَمِساً غِرَّتَهُ لِيَحْظَى بِهِ عِنْدَ قُرَيْشٍ فَأَمْهَلَهُ اللَّهُ حَتَّى أَيْقَنَ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِبُغْيَتِهِ لَا يَمْتَرِي لِقُوَّتِهِ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ فَسَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ وَ هُوَ بِمَوْضِعٍ صُلْبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ صَفْوَانٍ فَعَلِمَ أَنَّ الَّذِي أَصَابَهُ أَمْرٌ سَمَاوِيٌّ فَنَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ فَأَجَابَهُ آخِذاً بِالْفَضْلِ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةً لِعِبَادِ اللَّهِ وَ قَدْ قَالَ لَهُ ادْعُ رَبَّكَ يُطْلِقْ فَرَسِي وَ ذِمَّةُ اللَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَدُلَّ عَلَيْكَ بَلْ أَدْفَعُ عَنْكَ.