کتابخانه روایات شیعه
زيادة في التحذير- وَ لَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ و المسخ قلب الصورة إلى خلقة مشوهة كما مسخ قوم قردة و خنازير و المسخ نهاية التنكيل و قال الحسن و قتادة لمسخناهم على مقعدهم أو على أرجلهم و لو فعلنا بهم ذلك لما اسْتَطاعُوا مُضِيًّا .
قوله سبحانه أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً ظاهره يدل على أنه لو شاء لهداهم إلى الإيمان الاختياري و ما أثبته فهو الضروري و معنى أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أي لم يبين قال سجيم-
أقول لأهل الشعب إذ يبشرونني
أ لم ييأسوا أني ابن فارس زهدم
قوله سبحانه وَ عَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ أي بيان الهدى من الضلال- وَ مِنْها جائِرٌ أي طريق عادل عن الحق- وَ لَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ قال الحسن و البلخي لو شاء بالإلجاء و قال الجبائي لو شاء لهداكم إلى الجنة.
قوله سبحانه ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ إنما علقه بالمشية لأن قبول التوبة و إسقاط العقاب عندنا تفضل و لو كان ذلك واجبا لما جاز تعليق ذلك بالمشية كما لم يعلق الثواب على الطاعة و العوض على الألم في موضع بالمشية.
قوله سبحانه وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إن شاء علقت بالمشية لأن منهم من لا يبلغ هذا المعنى الموعود به لأنه يجوز أن يموت قبله و يقال ليقطع الآمال إلى الله تعالى كما قال لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ .
قوله سبحانه وَ لَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَ كَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَ حَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ لا خلاف أنهم لا يؤمنون إلا بمشيته لأنه لا يصح من أحد إيمان إلا بعد أن يأمره بذلك و يريده منه و متى ما لم يأمره بذلك و لم
يرد منه فليس بإيمان و في قوله إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وجهان أن تلجئهم إلى ذلك و هو الصحيح و لا يجوز أنهم لا يؤمنون ما لم يشأ الله منهم أن يؤمنوا إنه لا يجوز أن يريد المعاصي فإنه قد أراد من الجميع الإيمان و إنه ذكر ذلك تقريعا لهم و لو أراد أنهم إنما لا يؤمنون لأني ما شئت منهم الإيمان و متى شئت آمنوا لكان مبنيا بذلك عذرهم و لصح احتجاجهم بأنه لو شاء الرحمن ما عبدوا من دونه من شيء و لأدى إلى تناقض القرآن نحو- فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ
(فصل)
قوله تعالى وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً. إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ ليس فيه أن أفعالنا متعلقة بمشيته لأنه لم يقل حتى تقول إن شاء الله أو لم يقل إلا أن تقول و ادعاء الحذف عدول عن الظاهر قال الفراء تجعل حرف الشرط الذي هو إن متعلقا بما قبله و بما هو متعلق به في الظاهر من تقدير محذوف و يكون التقدير و لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن تقول إن شاء الله لأن من عادتهم إضمار القول في مثل هذا الموضع و الموجود منه دلالة على المفقود و هذا تأديب من الله لعباده حتى يخرجوا من حد القطع و لا شبهة أن ذلك مختص بالطاعات دون المقبحات و لا يستجيز مسلم أن يقول إني أزني غدا إن شاء الله و قال أبو علي عنى بذلك أن من لا يأمن أن يبقى إلى غد فلا يقول إني سأفعل غدا كذا و كذا فإنه ربما مات أو عجز أو منع فلا يأمن أن يكون خبره كذبا في معلوم الله فلا يسلم خبره هذا من الكذب إلا بالاستثناء الناشي
قد قلت ربي يشاء شيئا و يسخطه
و إنه قد قضى ما ليس راضية
و إنه قد يكون العبد متبعا
لما يشاء يقضي و هو عاصية
و إنه جائز في العدل خالقنا
تكليف عبد ضعيف لا قوى فيه
و إنه أرسل الداعي ليدعونا
و صد أكثرنا عن أمر داعيه
و قال من لم يجب داعي مستبقا
فسوف أدخله نارا و أصليه
كفعل ذي حنق قاس و ذي عنت
يعيب جور القضا منا و يأتيه
يقدر الكفر فينا ثم يسخطه
يقول أ لم كان ما أقضي و أنشيه
-
قوله سبحانه لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ - إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَ لا يَسْتَثْنُونَ إنما أمر بالاستثناء ليكون فرقا بين كلام الخالق و كلام المخلوق يؤيد ذلك ما قلنا إنه لا يجوز أن يقول إني أزني غدا إن شاء الله و إنما جاز في الطاعات و المباحات و قال البلخي معنى إن شاء الله أي أمركم الله به لأن مشية الله تعالى لفعل عباده هو أمره به و قال قوم هو تأديب لنا كما قال- وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ .
قوله سبحانه حكاية عن شعيب قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها وَ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ ذكر أنه ليس له أن يعود فيها إلا أن يشاء الله و متى شاء ذلك كان له أن يعود فيها و الخصم لا يجيز للمكلف أن يعود في الكفر إن شاء الله ذلك و قوله فيها كناية عن الملة.
قوله سبحانه قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَ لا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ لم يقل لا أضر نفسي و لا أنفعها و لا يلحقها نفعا و لا ضرا إلا بمشيته بل نفى الملك للضر و المنفعة فوقع الاستثناء بالملك فوجب أن تكون المشية مشية الملك لا للضر الذي يملكونه و قد جعل له ملكا بقوله- وَ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ .
قوله سبحانه وَ إِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ الأفعال المستقبلة لا يصح إطلاقها دون تعليقها بمشيته ليخرج الخبر من أن يكون قطعا و حكما بتا كما ذكرناه و بعد فإنه إنما يصح ذلك في الطاعات دون المعاصي.
قوله سبحانه فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ يعني لا يريد ثوابهم من أجل كفرهم فإذا لا يريد كفرهم لأنه لو أراده لم يكن نفى محبته لهم لكفرهم.
قوله سبحانه كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ ليس فيها من قصة برصيصا شيء مما يقولون فيه- العبدي-
و هم شبهوا الله العلي بخلقه
و قالوا خلقنا للمعاصي و أجبرنا
و لو شاء لم نكفر و قد شاء كفرنا
و إن شاء لم نؤمن و إن شاء آمنا
فصل [في التكليف]
قوله تعالى- لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها و لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها و الوسع دون الطاقة قال الشاعر
كلفتها الوسع في سيري لها أصلا
و الوسع منها دون الجهد و الوخد
و في ذلك دلالة على بطلان قول المجبرة من الله تعالى يكلف العبد ما لا قدرة له عليه و قوله فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ و لو جاز تكليف ما لا يطاق لجاز أن يكلف الأعمى النظر و المقعد المشي و لجاز أن يكلفنا الطيران و لو جاز ذلك لجاز أن يكلف الأشجار و الأحجار و النبات و الجماد-
و سئل الرضا ع فقيل له هل يكلف الله العباد ما لا يطيقون فقال الله أعدل من ذلك فقيل هل يستطيعون أن يفعلوا ما لم يقدر لهم فقال هم أعجز عن ذلك.
الصاحب
لو كلف العبد بلا استطاعة
ما ذم من أبدى له امتناعه
و لا أقام للعباد الساعة
أف لهذا القول من شناعة
قوله سبحانه وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ أي ما يشتد كلفته من العبادات المتعبة يقال و الله ما أستطيع النظر إليك و لا أطيق الاكتحال برؤيتك مع أنه يراه يدل عليه قوله- وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً و لا تحملنا من العذاب ما لا طاقة لنا به في الدار الدنيا و إنه كلام مبهم ليس فيه دلالة على شيء. الصاحب
قالت أ يلزم نفسا فوق طاقتها
فقلت حاشاه هذا فعل ذي خبل
قالت يشاء معاصينا و يؤثرها
فقلت لو شاها لم نخش من زلل
قوله سبحانه إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً لم يرد نفي القدرة و إنما أراد ثقله عليه لقوله- وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً و يقتضي أنه لا يستطيع الصبر في المستقبل لأن لن إذا دخلت أفادت الاستقبال و لم يرد به نفي قدرته عن الصبر لقوله وَ كَيْفَ تَصْبِرُ و لا يدل على أنه غير مستطيع الصبر في الحال و قد يجوز أن يخرج في المستقبل من أن يستطيع ما هو في الحال مستطيع له غير أن الآية يقتضي خلاف ذلك لأنه قد صبر عن المسألة عما لا يعرف و مثل ذلك يصعب على النفس و قد استقبل موسى الصبر عن المسألة قوله وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً و لو لم يكن كما قلنا لقال و كيف تصبر و أنت مطيق الصبر و قوله لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً أي إن الصبر ثقل على طبعك كما يقال للمريض إنك لا تستطيع الصيام و يعبر بالاستطاعة عن الفعل- هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا .
قوله سبحانه أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَ ليس فيها أنهم صم و أنهم لا يعقلون و إنما فيه أن النبي ع لا يسمع و إن كانوا يعقلون أوقاتا.
قوله سبحانه ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ الظاهر يقتضي نفي استطاعتهم السمع و البصر و ليس بفعل للعبد و لا يصح أن يكون له قدرة عليه و قد ذمهم بأنهم لا يستطيعون كالأعمى و الأصم و الأعمى و الأصم لا يستحقان الذم على كونهما أعمى و أصم و السمع و البصر ليس بمعنى فيكون مقدورا لأن الإدراك ليس بمعنى و لو ثبت أنه معنى لكان غير مقدور للعبد من حيث يختص القديم تعالى بالقدرة عليه هذا إذا أريد به نفس الحاسة و هي غير مقدورة للعباد لأن الجواهر و ما يختص به الحواس من البينة مما يصح به الإدراك ما يتفرد القديم تعالى بالقدرة عليه و لم يرد الله تعالى نفي الاستطاعة و إنما أراد بها نفي القبول عنهم و استثقالهم له كقول القائل ما أستطيع أن أسمع كلام فلان و لا يستطيع فلان أن يراني و لا أن يسمع بذكري و قوله لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً أي يستثقلون و يقول من يكلف غيره أمرا يستطيع أن يذهب بي إلى موضع كذا كما حكى الله تعالى عن الحواريين هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ فهم لم يشكوا في أن الله تعالى قادر فلو شكوا لكانوا كفارا و لكن أرادوا هل ينزل علينا مائدة.
قوله سبحانه لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ يدل على فساد قول المجبرة في الاستطاعة لأن الله تعالى إذا عذر من لا يستطيع للمخافة كان لا يستطيع لعدم القدرة أعذر.
قوله سبحانه ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ فإنه جعل ذلك مثلا و لم يخبر أن جميع الناس كذلك فقال إذا كان عبدا لا يقدر على الإنفاق هل يستوي هو و من يقدر على الإنفاق و أنفق و في الظاهر نفى القدرة عنه أصلا و لا تقول القوم بذلك و أخبر أن الآخر يقدر على الإنفاق فهو ينفق منه سرا و جهرا و ذلك خلاف قولهم.
قوله سبحانه انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ليس فيه ذكر الشيء الذي لا يقدرون عليه و لا بيان له و إنما يصح ما قالوه لو بين أنهم لا يستطيعون سبيلا لأمر معين فأما ما لم يذكر ذلك فلا متعلق لهم على أن السبيل مما لا يستطاع فلا بد له من ترك الظاهر فسقط التعلق و المراد بالآية أنهم لأجل ضلالهم بضرب المثل و كفرهم لا يستطيعون سبيلا إلى الخير الذي هو النجاة من العقاب و الوصول إلى الثواب و المراد بنفي الاستطاعة أنهم مستثقلون الإيمان و قد يخبر عمن استثقل شيئا بأنه لا يستطيعه.
قوله سبحانه الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَ كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً الظاهر أن أولئك لم يستطيعوا السمع الذي هو إدراك الصوت.
قوله سبحانه سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ يعني بالأيمان الكاذبة- وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أي يستطيعون فلا يفعلون أو لو استطاعوا ما فعلوا فلو كانت الاستطاعة مع الفعل لكانوا لعجزة و كانوا صادقين.
قوله سبحانه مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا يدل على أن الاستطاعة قبل الفعل لأن الله تعالى أوجب الحج على المستطيع و من لا يستطيع لا يجب عليه و ذلك لا يكون إلا قبل فعل الحج و قيل أي من وجد الزاد و الراحلة و نحوهما و الاستطاعة بالسمع لا يصح للخصم فيه التعلق لأن من جوز تكليف الله تعالى الكافر الإيمان و هو لا يقدر عليه لا يمكنه العلم بنفي القبائح عن الله تعالى و إذا لم يمكن ذلك يلزمه تجويز القبائح في أفعاله و أخباره و لا نأمن أن يرسل كذابا و إن يخبر هو بالكذب تعالى عن ذلك.
قوله سبحانه يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ إلى قوله وَ هُمْ سالِمُونَ و السالم غير العاجز فلو كانت الاستطاعة مع الفعل لكانوا عجزة إذا لم يفعلوا لأن الفعل معدوم و إذا عدم الفعل عدمت الاستطاعة لأنها معه.
قوله سبحانه إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ الظاهر يقتضي التماس المعونة من قبله و لا يدل على تحصيل المعونة بالأمور المعينة على الطاعة نحو الصحة و الخواطر و التنبيه و الدواعي و غير ذلك فثبت أن الاستطاعة قبل القدرة و لا يدل على أن القدرة مع الفعل لأن الرغبة في ذلك تحتمل أن يسأل الله تعالى من ألطافه و ما يقوي دواعيه و يسهل الفعل عليه ما ليس بحاصل و متى لطف له بأن يعلمه أن له في عاقبته الثواب العظيم زاد ذلك في رغبته و أيضا فإنه يطلب بقاء كونه قادرا على طاعاته المستقبلة بأن يجدد له القدرة حالا بعد حال عند من لا يقول ببقائها أو لا يفعل ما يضادها و بنفيها عند من قال ببقائها.
قوله سبحانه فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا يدل على أنه قادر قبل أن يفعل.