کتابخانه روایات شیعه
تقدير الجواب على وجه الحكاية كأنه قيل ما أم الكتاب فقيل هن أم الكتاب كما يقال من نظير زيد فيقال نحن نظيره و قيل قوله وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً أي جعلناها آية و لو أريد أن كل واحد منهما آية على التفصيل لقيل آيتين.
قوله سبحانه- وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ إنما ذكر جمع لأن كل اسم لا يكون فيه علم التأنيث يجوز تأنيثه على معنى اللفظ و قال بعضهم إنما عنى بالتذكير الضوء.
فصل [في الواحد و الجمع]
قوله تعالى غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ جمع بين الواحد و الجمع لأن المغضوب على وزن مفعول و لفظة المفعول إن وقع تحت متعد محض يتعدى بغير صلة و يتبين التثنية و الجمع فيه نحو مضروب مضروبان مضروبون و إن وقع تحت فعل لازم يتعدى بصلة و لا يتبين التثنية و الجماعة تقول مرغوب فيه مرغوب فيهما مرغوب فيهم و جماعة صفاته دليل على جماعة.
قوله سبحانه- وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ معطوف على اسم الله تعالى فكأنه قال و ما يعلم تأويله إلا الله و إلا الراسخون في العلم و إنهم مع علمهم به يقولون آمنا به فوقع قوله يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ موقع الحال- وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مستأنف غير معطوف على ما تقدم ثم أخبر عنهم بأنهم- يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ غير معطوف و يكون المعنى و ما يعلم تأويل المتشابه بعينه و لا على سبيل التفصيل إلا الله لأن أكثر المتشابه قد يحتمل الوجوه الكثيرة المطابقة للحق و لا يقطع على مراد الله تعالى بعينه فيعلم في الجملة أنه أراد أحدها و لا يعلم منها المراد بعينه.
قوله سبحانه- وَ لَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا نصب لام ليقولن لأنه تقدم على الفعل ثم قال بعدها وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَ رفع لام ليقولن لأنه تأخر عن الفعل.
قوله سبحانه- يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فيه ياءان ياء الجمع و ياء الإضافة و قوله يا بَنِيَ فيه ثلاث ياءات ياء التصغير و ياء الأصل و ياء الإضافة.
قوله سبحانه- وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ و إنهم جماعة و المصطفين تثنية الجواب هي جماعة و كان حقه أن يقول مصطفيين بياءين ياء لام الفعل و ياء الجماعة و كان ياء لام الفعل ساكنا فدخل عليه ياء الجماعة فحذفوا ياء لام الفعل لأنها معتلة و هي أولى بالحذف لأن ياء الجماعة علامة و العلامة لا تحذف و نصب الفاء من المصطفين فرقا بين الفاعل و المفعول و هاهنا مفعول و انتصب النون من المصطفين لأنه نون الجماعة و نون الجماعة إذا كانت على هجاءين يكون منصوبا تقول مصطفون و مصطفين مثل مسلمون و مسلمين
فصل [في الجمع]
قوله تعالى وَ جَعَلْناها وَ ابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ قال آية لأن قصتهما واحدة فلفظ الآية معبر عن القصة لا عن ذاتهما فكأنه قال فنفخنا فيه من روحنا و جعلنا قصتهما آية للعالمين و قيل ذكر آية و المراد آيتين لأن العرب تذكر واحدا و تريد اثنين كما قال لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ و هما طعامان المن و السلوى و قوله فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ أراد به رسولا.
قوله سبحانه- وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً و لم يقل و نساء كثيرا نظيره الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً معناه أنزل على عبده الكتاب قيما و لم يجعل له عوجا و القيم نعت الكتاب و قوله وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ معناه و إنه لقسم عظيم لو تعلمون فالعظيم نعت القسم. قوله سبحانه- وَ قُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ
34 2 الخطاب متوجه إلى آدم و حواء و ذريتهما لأن الوالدين يدلان على الذرية كما حكى إبراهيم و إسماعيل رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَ أَرِنا مَناسِكَنا و الخطاب يختص آدم و حواء و خاطب الاثنين بالجمع لأن التثنية أول الجمع قوله إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ أراد لحكم داود و سليمان و الخطاب لآدم و حواء و لإبليس اللعين و الجميع مشتركون في الأمر بالهبوط و قد جرى ذكر إبليس في قوله- فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ .
قوله سبحانه- يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى الخطاب إلى آدم خاصة فبخطابه اكتفى من خطاب حواء و مثله عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ و قيل إن الله تعالى خص آدم بالمخاطبة دون حواء لبيان فضله على حواء كما قال فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى و المعنى و يا هارون نظيره فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ و قيل إن الله تعالى خص آدم بالخطاب دون حواء و في خطاب المتبوع خطاب التابع لأنه داخل في حكمه كما قالوا يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَ و قيل خاطب آدم دون حواء لأنها خلقت من آدم فكانت كعضو منه
فصل [في غير المنصرف]
قوله تعالى أَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ و قال أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ انجر بأحكم الحاكمين مع الإضافة لزوال اللبس و لم ينجر بأعلم مع عدمها خوف اللبس و علامة عدم الصرف.
قوله سبحانه- أَ لَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ و في موضع ادْخُلُوا مِصْرَ إن أسماء البلدان لا تنصرف في المعرفة و تنصرف في النكرة و قال بعضهم أسماء البلدان إذا كانت على ثلاثة أحرف أوسطها ساكن إن شئت صرفته لخفته و إن شئت لم تصرفه لتأنيثه و تعريفه مثل مصر و بلخ و كذلك أسماء الإناث مثل هند و دعد.
قوله سبحانه- وَ الطُّورِ وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ و قوله وَ رَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ ثم قال
وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ وَ طُورِ سِينِينَ قال المبرد يقال لكل جبل طورا فإذا أدخلت الألف و اللام كان معرفة لشيء بعينه.
قوله سبحانه- أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ و قال وَ آتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ لما جاز في ثمود أن يكون مرة للقبيلة و مرة للحي و لم يكن لحمله على أحد الوجهين مزية حسن صرفه و ترك صرفه
فصل [في الاشباع]
قوله تعالى أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا الفتحة إذا أشبعت ظهرت منها ألف و الضمة إذا أشبعت تولدت منها واو و الكسرة إذا أشبعت تولدت منها ياء و قال بعضهم إن هذه الألفات ألفات الوقف لأن الحركة لا يوقف عليها فألحقت هذه الألفات بأواخر هذه الأسماء ليعلم حركتها لأن الألف لا يمكن النطق بها إلا أن يكون ما قبلها مفتوحا.
قوله سبحانه- حَتَّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها اعترضت الواو في وصف أبواب الجنة و لم تكن في وصف أبواب النار و قال الخليل الواو هاهنا واو التكرار معناه حتى إذا جاءوها جاءوا و فتحت أبوابها و قال بعضهم هي زائدة كقوله فَلَمَّا أَسْلَما وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ و قال بعضهم هي واو الحال لأن أهل الجنة إذا دخلوا إليها و أبواب الجنة في تلك الحال مفتوحة كرامة لهم بدليل قوله جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ و أهل النار إذا دخلوا إليها وجدوا أبوابها في تلك الحال مفتوحة و قال بعضهم هي واو الثمانية الدالة على أبواب الجنة نظيره وَ يَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ و في قوله التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ثم قال وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ و في قوله وَ أَبْكاراً و في قوله سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ و قال بعضهم وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ واو التحقيق لأنهم اختلفوا في عددهم فحقق سبعة و الواو في حال- وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ واو العموم لأن صاحبها يعرف هذه الأشياء الحسان و الواو في قوله وَ أَبْكاراً واو التمييز لأنه لا يجتمع الثيابة و البكارة في امرأة واحدة ثم إن النحاة لا تعرف واو الثمانية.
قوله سبحانه في سورة البقرة- وَ إِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ و قوله في سورة إبراهيم- إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ
سُوءَ الْعَذابِ وَ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ دخلت الواو هاهنا قال الفراء معنى الواو أنه كان يمسهم من العذاب عند التذبيح كأنه قال يعذبونكم بغير الذبح و إذا طرحت كان تفسير الصفات للعذاب.
قوله سبحانه- وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ و قال في سورة الحج- وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ أدخل الفاء في الآية الثانية و لم يدخل في الأولة لأن ما دخل فيه الفاء من خبر الذي و أخواته مشبه بالجزاء و ما يكون فيه فاء فهو على أصل الخبر فإذا قلت مالي فهو لك جاز على وجه و لم يجز على وجه فإن أردت أن معنى الذي فهو جائز و إن أردت أن مالي تريد به المال ثم تضيف ذلك كقولك غلامي لك لم يجز كما لا يجوز فهو لك.
قوله سبحانه- وَ لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا أدخل الباء في الآيات دون الثمن و في سورة يوسف أدخله في الثمن قوله وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ قال الفراء إنما كان كذلك لأن العروض كلها أنت مخير فيها في إدخال الباء إن شئت قلت اشتريت الثوب بكساء و إن شئت قلت اشتريت بالثوب كساء أيهما جعلته ثمنا لصاحبه جاز فإذا جئت إلى الدراهم و الدنانير وضعت الباء في الثمن كقوله بِثَمَنٍ بَخْسٍ لأن الدراهم ثمن أبدا.
قوله سبحانه- حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها و قوله حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها و قال حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ عطف القتل على لقاء الغلام بالفاء و لم يدخل في خرق السفينة و لا على الاستطعام لأهل القرية لأن اللقاء لما كان سببا للقتل أدخلت الفاء إشعارا بذلك و لما لم يكن المركوب في سفينة سببا لخرقها و لا إتيان القرية سببا للاستطعام لم يدخل الفاء
فصل [في الفاء و الباء و الف]
قوله تعالى لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ و قوله رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَ حذف الألف من إحدى الكلمتين دون الأخرى فرقا بين الاستفهام و الخبر لأن قوله لِمَ
استفهام و قوله ما أَحَلَّ اللَّهُ بمعنى أحل الله و هو خبر كقوله عَمَّ يَتَساءَلُونَ و عما قليل فرقا بينهما لأن عم استفهام و عما قليل صلة الكلام و إنما حذفت الألف من الاستفهام دون الخبر لأن الاستفهام مبني على الخفة و الخبر لم يبن عليها.
قوله سبحانه- وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً ذكر الخطيئة و الإثم ثم كنى عن الواحد دون الآخر الجواب الكناية راجعة إلى الإثم لأنه يشتمل على أجناس الخطايا نظيره وَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ رجعت الكناية إلى الله لأن رضاه يشتمل على رضا رسوله و كذلك قوله وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها .
قوله سبحانه- إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا الكناية راجعة إلى الفؤاد لأنه سابق بالسعي على السمع و البصر من معنى الهمة و الإرادة و لأن القلب رئيس الجسد فاكتفى بالكناية عنه و قالوا الكناية راجعة إلى السعي و إن كان في الظاهر غير مذكور و نظيره فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً عني به القوادى و قوله ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ أي على ظهر الأرض و قالوا الكناية راجعة إلى لفظ الكل معناه كل واحد عن أولئك كان عنه مسئولا و الكل موحد اللفظ مجموع المعنى قوله قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ و قوله وَ كُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً .
قوله سبحانه- وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ الهاء راجعة إلى الصلاة لشهرتها و كثرة استعمالها بين الخاص و العام نظيره وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها خص الفضة لكثرة الاستعمال و قالوا الهاء راجعة إلى الاستعانة و هي مؤنثه تشتمل على الصبر و الصلاة و كذلك وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ و قيل الهاء راجعة إلى كليهما و العرب تذكر شيئين ثم تكني عن الواحد منهما نحو قوله وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها .
قوله سبحانه- وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ أضاف أيا إلى الأرض مؤنثة و
اكتفى بتأنيثهما عن تأنيث أي كما قال الشاعر
لما أتى خبر الزبير تهدمت
سور المدينة و الجبال الخشع .
أنث السور لإضافته إلى المدينة فلما جاز تأنيث المذكر لإضافته إلى المؤنث جاز أيضا تذكير المؤنث لإضافته إلى المذكر و قيل المراد بالأرض القدم و القدم يذكر و يؤنث.
قوله سبحانه- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ذكر السماوات بلفظ الجماعة و الأرض بلفظ الواحد قال أهل البصرة الأرض لفظه لفظ المصدر و المصدر لا يثنى و لا يجمع نظيره خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ و قوله أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً و لم يقل رتقين لأن لفظه لفظ المصدر
فصل [في الواحد و الجمع]
قوله تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَ إِذْ هُمْ نَجْوى وحد نجوى لأنه مصدر يوصف به الواحد و الاثنان و الجمع و المذكر و المؤنث كقولهم الرجال صوم و المنازل حمد و يقال معناه و إذ هم أصحاب نجوى فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه.
قوله سبحانه- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصارى وَ الصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ فوحد الفعل ثم قال فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ لأن لفظة من تعم الواحد و الجمع و الأنثى و الذكر فإن ذهب إلى اللفظ وحد و إن ذهب إلى المعنى جمع قال وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَ فَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَ لَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ فجمع مرة من الفعل لمعناه و وحد أخرى على اللفظ.