کتابخانه روایات شیعه
وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ وَ طُورِ سِينِينَ قال المبرد يقال لكل جبل طورا فإذا أدخلت الألف و اللام كان معرفة لشيء بعينه.
قوله سبحانه- أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ و قال وَ آتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ لما جاز في ثمود أن يكون مرة للقبيلة و مرة للحي و لم يكن لحمله على أحد الوجهين مزية حسن صرفه و ترك صرفه
فصل [في الاشباع]
قوله تعالى أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا الفتحة إذا أشبعت ظهرت منها ألف و الضمة إذا أشبعت تولدت منها واو و الكسرة إذا أشبعت تولدت منها ياء و قال بعضهم إن هذه الألفات ألفات الوقف لأن الحركة لا يوقف عليها فألحقت هذه الألفات بأواخر هذه الأسماء ليعلم حركتها لأن الألف لا يمكن النطق بها إلا أن يكون ما قبلها مفتوحا.
قوله سبحانه- حَتَّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها اعترضت الواو في وصف أبواب الجنة و لم تكن في وصف أبواب النار و قال الخليل الواو هاهنا واو التكرار معناه حتى إذا جاءوها جاءوا و فتحت أبوابها و قال بعضهم هي زائدة كقوله فَلَمَّا أَسْلَما وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ و قال بعضهم هي واو الحال لأن أهل الجنة إذا دخلوا إليها و أبواب الجنة في تلك الحال مفتوحة كرامة لهم بدليل قوله جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ و أهل النار إذا دخلوا إليها وجدوا أبوابها في تلك الحال مفتوحة و قال بعضهم هي واو الثمانية الدالة على أبواب الجنة نظيره وَ يَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ و في قوله التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ثم قال وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ و في قوله وَ أَبْكاراً و في قوله سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ و قال بعضهم وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ واو التحقيق لأنهم اختلفوا في عددهم فحقق سبعة و الواو في حال- وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ واو العموم لأن صاحبها يعرف هذه الأشياء الحسان و الواو في قوله وَ أَبْكاراً واو التمييز لأنه لا يجتمع الثيابة و البكارة في امرأة واحدة ثم إن النحاة لا تعرف واو الثمانية.
قوله سبحانه في سورة البقرة- وَ إِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ و قوله في سورة إبراهيم- إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ
سُوءَ الْعَذابِ وَ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ دخلت الواو هاهنا قال الفراء معنى الواو أنه كان يمسهم من العذاب عند التذبيح كأنه قال يعذبونكم بغير الذبح و إذا طرحت كان تفسير الصفات للعذاب.
قوله سبحانه- وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ و قال في سورة الحج- وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ أدخل الفاء في الآية الثانية و لم يدخل في الأولة لأن ما دخل فيه الفاء من خبر الذي و أخواته مشبه بالجزاء و ما يكون فيه فاء فهو على أصل الخبر فإذا قلت مالي فهو لك جاز على وجه و لم يجز على وجه فإن أردت أن معنى الذي فهو جائز و إن أردت أن مالي تريد به المال ثم تضيف ذلك كقولك غلامي لك لم يجز كما لا يجوز فهو لك.
قوله سبحانه- وَ لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا أدخل الباء في الآيات دون الثمن و في سورة يوسف أدخله في الثمن قوله وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ قال الفراء إنما كان كذلك لأن العروض كلها أنت مخير فيها في إدخال الباء إن شئت قلت اشتريت الثوب بكساء و إن شئت قلت اشتريت بالثوب كساء أيهما جعلته ثمنا لصاحبه جاز فإذا جئت إلى الدراهم و الدنانير وضعت الباء في الثمن كقوله بِثَمَنٍ بَخْسٍ لأن الدراهم ثمن أبدا.
قوله سبحانه- حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها و قوله حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها و قال حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ عطف القتل على لقاء الغلام بالفاء و لم يدخل في خرق السفينة و لا على الاستطعام لأهل القرية لأن اللقاء لما كان سببا للقتل أدخلت الفاء إشعارا بذلك و لما لم يكن المركوب في سفينة سببا لخرقها و لا إتيان القرية سببا للاستطعام لم يدخل الفاء
فصل [في الفاء و الباء و الف]
قوله تعالى لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ و قوله رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَ حذف الألف من إحدى الكلمتين دون الأخرى فرقا بين الاستفهام و الخبر لأن قوله لِمَ
استفهام و قوله ما أَحَلَّ اللَّهُ بمعنى أحل الله و هو خبر كقوله عَمَّ يَتَساءَلُونَ و عما قليل فرقا بينهما لأن عم استفهام و عما قليل صلة الكلام و إنما حذفت الألف من الاستفهام دون الخبر لأن الاستفهام مبني على الخفة و الخبر لم يبن عليها.
قوله سبحانه- وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً ذكر الخطيئة و الإثم ثم كنى عن الواحد دون الآخر الجواب الكناية راجعة إلى الإثم لأنه يشتمل على أجناس الخطايا نظيره وَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ رجعت الكناية إلى الله لأن رضاه يشتمل على رضا رسوله و كذلك قوله وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها .
قوله سبحانه- إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا الكناية راجعة إلى الفؤاد لأنه سابق بالسعي على السمع و البصر من معنى الهمة و الإرادة و لأن القلب رئيس الجسد فاكتفى بالكناية عنه و قالوا الكناية راجعة إلى السعي و إن كان في الظاهر غير مذكور و نظيره فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً عني به القوادى و قوله ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ أي على ظهر الأرض و قالوا الكناية راجعة إلى لفظ الكل معناه كل واحد عن أولئك كان عنه مسئولا و الكل موحد اللفظ مجموع المعنى قوله قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ و قوله وَ كُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً .
قوله سبحانه- وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ الهاء راجعة إلى الصلاة لشهرتها و كثرة استعمالها بين الخاص و العام نظيره وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها خص الفضة لكثرة الاستعمال و قالوا الهاء راجعة إلى الاستعانة و هي مؤنثه تشتمل على الصبر و الصلاة و كذلك وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ و قيل الهاء راجعة إلى كليهما و العرب تذكر شيئين ثم تكني عن الواحد منهما نحو قوله وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها .
قوله سبحانه- وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ أضاف أيا إلى الأرض مؤنثة و
اكتفى بتأنيثهما عن تأنيث أي كما قال الشاعر
لما أتى خبر الزبير تهدمت
سور المدينة و الجبال الخشع .
أنث السور لإضافته إلى المدينة فلما جاز تأنيث المذكر لإضافته إلى المؤنث جاز أيضا تذكير المؤنث لإضافته إلى المذكر و قيل المراد بالأرض القدم و القدم يذكر و يؤنث.
قوله سبحانه- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ذكر السماوات بلفظ الجماعة و الأرض بلفظ الواحد قال أهل البصرة الأرض لفظه لفظ المصدر و المصدر لا يثنى و لا يجمع نظيره خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ و قوله أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً و لم يقل رتقين لأن لفظه لفظ المصدر
فصل [في الواحد و الجمع]
قوله تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَ إِذْ هُمْ نَجْوى وحد نجوى لأنه مصدر يوصف به الواحد و الاثنان و الجمع و المذكر و المؤنث كقولهم الرجال صوم و المنازل حمد و يقال معناه و إذ هم أصحاب نجوى فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه.
قوله سبحانه- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصارى وَ الصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ فوحد الفعل ثم قال فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ لأن لفظة من تعم الواحد و الجمع و الأنثى و الذكر فإن ذهب إلى اللفظ وحد و إن ذهب إلى المعنى جمع قال وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَ فَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَ لَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ فجمع مرة من الفعل لمعناه و وحد أخرى على اللفظ.
قوله سبحانه- وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ بلفظ الجماعة- وَ النُّورَ بلفظ الواحد لأن النور يقع على الواحد و الجمع قال جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً و سمى الظلمات و هي مختلفة في ذلك قوله يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ و نظيره وَ كُنْتُمْ قَوْماً بُوراً قال ابن
الزبعرى راتق ما فتقت إذا أنا بور.
قوله سبحانه- الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ للواحد و قوله حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ للجمع فالعلة في ذلك أن واحده و جمعه سواء.
قوله سبحانه- أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ و كان واحدا و هو الخفاش و قال في الجمع وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ و قال أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ و قال يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَ الطَّيْرَ .
قوله سبحانه- الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ قدم النساء على الرجال لأن الزناء في النساء أشهر و قوتهن فيه أكثر-
كما جاء في الخبر أن الشهوة عشرة أجزاء تسعة منها للنساء و واحد منها للرجال.
و قدم الرجال في السرقة قوله وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ لأنها فيهم أكثر لأنها تكون بقوة القلب و قوة القلب في الرجال أكثر و قيل إنما قدم النساء في الزناء على الرجال لأن بدء الزناء منهن و ذلك أن الزناء تبع الزينة و الزخرف و قدم الرجال في السرقة لأن السرقة مع السلاح و هذا من عمل الرجال.
قوله سبحانه- يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ إنما قدم السجود على الركوع لأن اعتقادات الأنبياء في العقليات سواء و مختلفة في الشرعيات فيمكن أن يكون السجود قبل الركوع-
و قيل إنها سألت زكريا ع أ يجوز للنسوة أن يصلين مع الرجال في الجماعات فقال يجوز.
كما أخبر الله تعالى عنهما فقال يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ الآية أي صلي مع الرجال في الجماعة كما قال في موضع آخر- أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ فلما قال وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ فقد أجمل الصلاة بأسرها ثم أمر بهذه الصلاة فقال وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ نظيره وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ .
قوله سبحانه- لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ تأكيد و لا يجوز الاستثناء بعده الجواب الاستثناء وقع على الأمر لا على الدخول و التأكيد وقع على الدخول معناه إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ غير خائفين.
قوله سبحانه- قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا 60 15 قال أبو عبيدة كان أبو يوسف يتأول فيها أن الله تعالى استثنى آل لوط من المجرمين ثم استثنى امرأة لوط فرجعت امرأته في التأويل إلى القوم المجرمين لأنه استثناء رد إلى استثناء كان قبله و كذلك كل استثناء في الكلام إذا جاء بعد الآخر عاد المعنى إلى الأول كقول الرجل لفلان علي عشرة دراهم إلا أربعة إلا درهما فإنه يكون إقراره بسبعة و كذلك إن قال له علي خمسة إلا درهما إلا ثلاثا كان إقراره بأربعة و ثلاث و لو قال لامرأته أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة كانت بثنتين.
قوله سبحانه- كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا كلام مبني على الشرط و الجزاء مقصود به إليهما و المعنى من يكن في المهد صبيا كيف نكلمه و قال قطرب معناه من صار في المهد و من هو في المهد كما تقول إن كنت أبي فصلني قال زهير
أجزت إليه حرة أرجبية
و قد كان لون الليل مثل الأزندج .
و قيل كان هاهنا بمعنى خلق و وجد يقال كان الحر و البرد و قيل لفظة كان و إن أريد به الماضي فقد يراد به الحال و الاستقبال قوله كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا و كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً قال الشاعر
فأدركت من قد كان قبلي و لم أدع
لمن كان بعدي في القصائد مصعدا .
قوله سبحانه- لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ الْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ قال الفراء و الزجاج هو من صفة الراسخين لكن لما طال و اعترض بينهما كلام نصب المقيمين على المدح مثل قوله
وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ و قال آخرون هو من صفة غير الراسخين في العلم هاهنا و إن كان الراسخون في العلم من المقيمين قالوا و موضع المقيمين خفض عطفا على ما في قوله- يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ و يؤمنون بالمقيمين المعنى يؤمنون بإقام الصلاة و قوله وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ قالوا عطف على قوله وَ الْمُؤْمِنُونَ و قالوا المعنى و المؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك و يؤمنون بالمقيمين الصلاة و هم المعصومون- وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ كما قال يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ و قالوا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ منهم من المقيمين الصلاة قالوا فموضعه خفض و هذا ضعيف و قال الطبري المقيمون الصلاة هم الملائكة و إقامتهم الصلاة تسبيحهم ربهم و استغفارهم لمن في الأرض و معنى الكلام و المؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك و بالملائكة. 6
قوله سبحانه- إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً نكرة بعد المعرفة و النكرة بعد المعرفة تكون منصوبة على القطع نظيره وَ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً و قوله وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً و قال بعضهم نصب على الحال كقوله أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً و قوله قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً و الكسائي لا يفرق بين الحال و القطع يقول إذا تم الكلام انتصب الاسم بعده على الحال و القطع.
قوله سبحانه- يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ الآية انتصب حذر الموت لأنه مفعول له معناه يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت و هذا قول أهل البصرة و قيل نصب على الحال معناه في حال حذرهم من الموت كقولك جاءني زيد راكبا نظيره يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً و يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً و قيل انتصب على نزع الخافض معناه يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق من حذر الموت نظيره رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ
فصل [في النصب النكرة بعد المعرفة]