کتابخانه روایات شیعه
و استفاد بعض من هذا الكلام بأنه صريح في توثيق جميع من وقع في اسناد روايات كتابه أو مشايخه بلا واسطة، و أصر عليه المحدث المتتبع النوري 22 ، كما قيل في حق كتاب كامل الزيارات و بشارة المصطفى و تفسير القمي.
لكنه لا يمكن الاعتماد على هذا الكلام:
1- انه لا يريد بكلامه ان رواة ما ذكر في كتابه ثقات الى ان يتصل بالمعصوم عليه السّلام، و انما يريد ان مشايخه الثقات قد رووا هذه الروايات و هو يحكم بصحة ما رواه الثقات الفقهاء و أثبتوه في كتبهم.
و يدل عليه ان الشيخ الصدوق وصف المشايخ بالعلماء الفقهاء الثقات، حيث قال في مقدمة المقنع: «و حذفت الاسناد منه لئلا يثقل حمله و لا يصعب حفظه و لا يمله قاريه إذ كان ما أبينه فيه في الكتب الأصولية موجودا مبينا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات رحمهم اللّه»، و قل ما يوجد ذلك في الروايات في تمام سلسلة السند فكيف يمكن ادعاء ذلك في جميع ما ذكره في كتابه؟
2- ان محمد ابن المشهدي و كذا الطبري من المتأخرين، و لا عبرة بتوثيقات غير من يقرب عصرهم من عصره، لان هذه التوثيقات مبنية على النظر و الحدس فلا يترتب عليها أثر.
كتبه
: 1- كتاب المزار، و هو هذا الكتاب.
كتاب المزار يعد من أقدم الكتب في هذا المضمار، و اعتمد عليه السيد رضي الدين علي بن طاووس في مصباح الزائر و السيد عبد الكريم ابن طاووس في فرحة الغري، و أخذا منه كثيرا من الإخبارات و الزيارات، و اعتمد عليه المجلسي في البحار و سماه بالمزار الكبير و قال: «يعلم من كيفية إسناده أنه كتاب معتبر».
ألّفه المؤلف- كما ذكر في المقدمة- بالتماس من ابي القاسم هبة اللّه ابن سلمان، و ذكر فيه زيارة النبي و أئمة البقيع عليهم السّلام ثم زيارة أمير المؤمنين عليه السّلام و اعمال مساجد الكوفة ثم زيارة سيد الشهداء عليه السّلام و ذكر زيارة سائر الأئمة عليهم السّلام، و ذكر في خلالها أمورا أخر من اعمال رجب و شعبان و غيرها، و هو ما التمس منه، كما قال المؤلف بعد ذكر هذه الأمور: «قد اثبت لك ادام اللّه لك النعمة من الزيارة حسب ما التمست» ثُمَّ بَدَا لِلْمُؤَلِّفِ وَ ذَكَرَ الْأَدْعِيَةَ الْوَارِدَةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَ يَوْمِهَا، وَ وَعَدَ أَنْ أُعَقِّبَهُ بِعَمَلِ الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ و دعاء كل يوم في الأسبوع لئلا يحتاج معه الى سواه في العبادات، لكنه لا يوجد في النسخة شيء منها.
ثم ألحق المؤلف بالكتاب بعض الزيارات الواردة التي لم يذكرها في الكتاب و قال في نهاية الكتاب: «و هذه الزيارات لها مواضع يليق بها
في كل باب مما ذكر في زيارات كل إمام، فينبغي ان يرتب على ذلك عند الإمكان ان شاء اللّه تعالى»، و نحن ذكرناها كما وجدناها.
ذكر المؤلف في بعض الزيارات و الأدعية طريقه الى المعصوم عليه السّلام، و بعضها عال جدا، كما في طريقه في الزيارة الطويلة الواردة في يَوْمِ الْغَدِيرِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، و هي الزيارة التي زارها مَوْلَانَا الْهَادِي عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي يَوْمِ الْغَدِيرِ، و هو هكذا:
أخبرني الفقيه الأجل أبو الفضل شاذان بن جبرئيل القمي، عن الفقيه العماد محمد بن ابي القاسم الطبري، عن ابي علي، عن والده، عن محمد ابن محمد بن النعمان، عن ابي القاسم جعفر بن قولويه، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابي القاسم بن روح و عثمان بن سعيد العمري، عن أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ 23 .
و العجب من العلامة المجلسي انه نقل الزيارة عن مزار المفيد مرسلا و شرحها و لم يشر الى هذا السند العالي الموجود في هذا الكتاب مع نقله عنه كثيرا.
2- بغية الطالب و إيضاح المناسك.
قال في كتاب المزار في آداب المدينة في ذكر المساجد المعظمة
فيها: «وَ تُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الْمُبَاهَلَةِ مَا اسْتَطَعْتَ وَ تَدْعُو فِيهِ بِمَا تُحِبُّ، و قد ذكرت الدعاء بأسره في كتابي المعروفة ببغية الطالب و إيضاح المناسك لمن هو راغب على الحج، فمن إرادة أخذ من هناك ففيه كفاية»، و منه يظهر انه معدود في زمرة الفقهاء.
ذكر المحدث النوري في المستدرك 24 ان له كتاب المصباح و أشار إليه في مزاره، اما ما قاله في غير محله، لان المراد به مصباح المتهجد للشيخ الطوسي 25 .
هذا، ذكر الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة ان الشهيد يروي عنه بوسائط جميع كتبه و رواياته 26 ، و يظهر منه انه صاحب كتب، و ان لم يبق لنا الا المزار.
منهجنا في التحقيق
: انتهجنا في تصحيح الكتاب و تحقيقه أمورا:
1- اعتمدنا على النسخة المخطوطة المحفوظة في المكتبة العامة لآية اللّه المرعشي النجفي قدس اللّه سره بقم المقدسة، المرقمة: 4903 (الفهرس 13: 83)، لم يذكر في الكتاب اسم الكاتب و لا سنة كتابته، تقع هذه النسخة في 955 صفحة.
2- كان مسلكنا في التصحيح، هو اننا اعتمدنا على النسخة المخطوطة و قابلناه مع كامل الزيارات و البحار و سائر كتب المزار و الأدعية، لاحتمال وجود السقط و التحريف في النسخة المخطوطة، و أثبتنا ما كان الأصح من أسماء الرجال و غيره مع التذكر في الهامش، و ذكرنا في الهامش- تسهيلا للباحثين- أيضا سائر مصادر الأحاديث و الأدعية و الزيارات و الكتب التي نقلوها.
3- زدنا في الحواشي بيانات موجزة في تفسير بعض الكلمات أو اللغات و ما يرتبط بأسماء الرجال و غيره، و جعلنا في خاتمة الكتاب فهرسا عاما للطالبين.
4- ذكر المؤلف في هذا الكتاب زيارات النبي و الأئمة عليهم السّلام و أمورا أخر مرتبطة بها بلا تبويب، و نحن ذكرناها مع التبويب ليسهل المراجعة إليها لمن أرادها.