کتابخانه روایات شیعه
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَدِيمِ إِحْسَانُهُ، الظَّاهِرِ امْتِنَانُهُ، الْعَالِي سُلْطَانُهُ، النَّيِّرِ بُرْهَانُهُ، الرَّفِيعِ شَأْنُهُ، الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنَ الْهَلَكَاتِ، وَ نَزَّهَنَا عَنِ الشُّبُهَاتِ، وَ أَلْهَمَنَا الصَّالِحَاتِ، وَ أَيَّدَنَا أَنْ جَعَلَنَا مِنْ أَتْبَاعِ خَيْرِ الْبَرِيَّاتِ، وَ مَنِ انْتَجَبَهُ مِنْ صَفْوَةِ الرِّسَالاتِ، مِحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، الْمُؤَيَّدِ بِالْمُعْجِزَاتِ، وَ كَاشِفِ الْغَمَرَاتِ، وَ الْمُنْجِي مِنَ الْكُرُبَاتِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِهِ، الدَّاعِينَ إِلَى الصَّلَوَاتِ، وَ الْآمِرِينَ بِإِيتَاءِ الزَّكَوَاتِ، وَ الْمُنَبِّهِي شِيعَتِهِمْ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ، مَا دَامَتِ الْأَرَضُونَ وَ السَّمَاوَاتُ.
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ جَمَعْتُ فِي كِتَابِي هَذَا مِنْ فُنُونِ الزِّيَارَاتِ لِلْمَشَاهِدِ الْمُشَرَّفَاتِ، وَ مَا وَرَدَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْمَسَاجِدِ الْمُبَارَكَاتِ وَ الْأَدْعِيَةِ الْمُخْتَارَاتِ، وَ مَا يُدْعَى بِهِ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ، وَ مَا يُنَاجَى بِهِ الْقَدِيمُ تَعَالَى مِنْ لَذِيذِ الدَّعَوَاتِ فِي الْخَلَوَاتِ، وَ مَا يُلْجَأُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَدْعِيَةِ عِنْدَ الْمُهِمَّاتِ، مِمَّا اتَّصَلَتْ بِهِ مِنْ ثِقَاتِ الرُّوَاةِ إِلَى السَّادَاتِ.
وَ حَثَّنِي عَلَى ذَلك أَيْضاً مَا الْتَمَسَتْهُ مِنِّي الْحَضْرَةُ السَّامِيَةُ الْقَضَوِيَّةُ الْمُجْدِيَةُ، أَبِي الْقَاسِمِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ سَلْمَانَ، ضَاعَفَ اللَّهُ مَجْدَهَا وَ بَلَّغَهَا أُمْنِيَّتَهَا وَ رُشْدَهَا، وَ كَبَتَ حَاسِدَهَا وَ ضِدَّهَا.
فَأَوَّلُ مَا بَدَأْتُ بِهِ مَا وَرَد مِنَ التَّرْغِيبِ فِي زِيَارَةِ النَّبِيِّ وَ الْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ مَا لِزَائِرِهِمْ مِنَ الثَّوَابِ، ثُمَّ أَذْكُرُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَى زِيَارَتِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، ثُمَّ أُتْبِعُ ذَلِكَ بِزِيَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، إِذْ هُوَ الْمُقَدَّمُ فِي الْفَضْلِ، وَ أَرْجُو أَنْ يُوَفِّقَ اللَّهُ تَعَالَى لِذَلِكَ، وَ أَنْ يَأْتِيَ غَرَضُ مُلْتَمِسِهَا، وَ يُسَهِّلَهُ بِمَنِّهِ وَ لُطْفِهِ، فَمَا الْمُسْتَعَانُ بِهِ إِلَّا فَضْلُهُ، وَ لَا الْمَرْجُوُّ إِلَّا طَوْلُهُ، وَ هُوَ يَسْمَعُ وَ يُجِيبُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِيمَا جَاءَ فِي فَضْلِ زِيَارَتِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي زِيَارَةِ النَّبِيِّ وَ الْأَئِمَّةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ مَا لِزَائِرِهِمْ مِنَ الثَّوَابِ
1 أَخْبَرَنِي الشَّيْخَانِ الْجَلِيلَانِ الْعَالِمَانِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الدُّورْيَسْتِيُّ وَ أَبُو الْفَضْلِ شَاذَانُ بْنُ جَبْرَئِيلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالا: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الصَّدُوقُ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: يَا أَبَهْ مَا جَزَاءُ مَنْ زَارَكَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: مَنْ زَارَنِي أَوْ زَارَ أَبَاكَ أَوْ زَارَكَ أَوْ زَارَ أَخَاكَ كَانَ حَقّاً عَلَيَّ أَنْ أَزُورَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى أُخَلِّصَهُ مِنْ ذُنُوبِهِ 27 .
2 وَ بِالْإِسْنَادِ قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، [قَالَ:
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُمْدُونَ الرَّوَّاسِيُ] 28 قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَوَارِيرِيُّ قَرَابَةُ يَعْلَي بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَمِيرٍ الْبَغَوِيُ 29 ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى الرَّوَّاسِيُّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: يَا أَبَتَا مَا لِمَنْ زَارَنَا، قَالَ: يَا بُنَيَّ مَنْ زَارَنِي حَيّاً وَ مَيِّتاً، وَ مَنْ زَارَ أَبَاكَ حَيّاً وَ مَيِّتاً، وَ مَنْ زَارَكَ حَيّاً وَ مَيِّتاً، وَ مَنْ زَارَ أَخَاكَ حَيّاً وَ مَيِّتاً، كَانَ حَقِيقاً عَلَيَّ أَنْ أَزُورَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ أُخَلِّصَهُ مِنْ ذُنُوبِهِ وَ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ 30 .
3 وَ بِالْإِسْنَادِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ: لَهُ مِثْلُ مَا لِمَنْ أَتَى قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: قُلْتُ: وَ مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ:
الْجَنَّةُ وَ اللَّهِ 31 .