کتابخانه روایات شیعه
الْقُرْبَى مَكْراً 498 ، أَوْ حَادُوهُ 499 عَنْ أَهْلِهِ جَوْراً.
فَلَمَّا آلَ الْأَمْرُ إِلَيْكَ أَجْرَيْتَهُمْ عَلَى مَا أَجْرَيَا رَغْبَةً عَنْهُمَا 500 بِمَا عِنْدَ اللَّهِ لَكَ، فَأَشْبَهَتْ مِحْنَتُكَ بِهِمَا مِحَنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عِنْدَ الْوَحْدَةِ وَ عَدَمِ الْأَنْصَارِ، وَ أَشْبَهْتَ فِي الْبَيَاتِ عَلَى الْفِرَاشِ الذَّبِيحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذْ أَجَبْتَ كَمَا أَجَابَ، وَ أَطَعْتَ كَمَا أَطَاعَ إِسْمَاعِيلُ صَابِراً مُحْتَسِباً، إِذْ قَالَ لَهُ:
« يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين » 501 وَ كَذَلِكَ أَنْتَ لَمَّا أَبَاتَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكُمَا، وَ أَمَرَكَ أَنْ تَضْطَجِعَ فِي مَرْقَدِهِ، وَاقِياً لَهُ بِنَفْسِكَ، أَسْرَعْتَ إِلَى إِجَابَتِهِ مُطِيعاً، وَ لِنَفْسِكَ عَلَى الْقَتْلِ مُوَطِّناً، فَشَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى طَاعَتَكَ، وَ أَبَانَ عَنْ جَمِيلِ فِعْلِكَ بِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: « و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله » 502 ثُمَّ مِحْنَتُكَ يَوْمَ صِفِّينَ، وَ قَدْ رُفِعَتِ الْمَصَاحِفُ حِيلَةً وَ مَكْراً،
فَأَعْرَضَ الشَّكُ 503 ، وَ عُرِفَ الْحَقُّ وَ اتُّبِعَ الظَّنُّ، أَشْبَهَتْ مِحْنَةَ هَارُونَ إِذْ أَمَّرَهُ مُوسَى عَلَى قَوْمِهِ 504 فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَ هَارُونُ يُنَادِيهِمْ:
« يا قوم إنما فتنتم به و إن ربكم الرحمن فاتبعوني و أطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى » 505 وَ كَذَلِكَ أَنْتَ لَمَّا رُفِعَتِ الْمَصَاحِفُ قُلْتَ: يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهَا وَ خُدِعْتُمْ، فَعَصَوْكَ وَ خَالَفُوا عَلَيْكَ، وَ اسْتَدْعَوْا نَصْبَ الْحَكَمَيْنِ، فَأَبَيْتَ عَلَيْهِمْ، وَ تَبَرَّأْتَ إِلَى اللَّهِ مِنْ فِعْلِهِمْ وَ فَوَّضْتَهُ إِلَيْهِمْ.
فَلَمَّا أَسْفَرَ 506 الْحَقُّ وَ سَفِهَ 507 الْمُنْكَرُ، وَ اعْتَرَفُوا بِالزَّلَلِ وَ الْجَوْرِ عَنِ الْقَصْدِ 508 وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِهِ، وَ أَلْزَمُوكَ عَلَى سَفَهِ 509 التَّحْكِيمِ الَّذِي أَبَيْتَهُ، وَ أَحَبُّوهُ وَ حَظَرْتَهُ، وَ أَبَاحُوا ذَنْبَهُمُ الَّذِي اقْتَرَفُوهُ 510 وَ أَنْتَ عَلَى نَهْجِ بَصِيرَةٍ وَ هُدًى، وَ هُمْ عَلَى سُنَنِ ضَلَالَةٍ وَ عَمًى، فَمَا زَالُوا عَلَى النِّفَاقِ مُصِرِّينَ، وَ فِي الْغَيِّ مُتَرَدِّدِينَ، حَتَّى أَذَاقَهُمُ اللَّهُ وَبَالَ
أَمْرِهِمْ، فَأَمَاتَ بِسَيْفِكَ مَنْ عَانَدَكَ، فَشَقِيَ وَ هَوَى، وَ أَحْيَا بِحُجَّتِكَ مَنْ سَعِدَ فَهَدَى، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ غَادِيَةً وَ رَائِحَةً، وَ عَاكِفَةً وَ ذَاهِبَةً، فَمَا يُحِيطُ الْمَادِحُ وَصْفَكَ، وَ لَا يُحْبِطُ الطَّاعِنُ فَضْلَكَ.
أَنْتَ أَحْسَنُ الْخَلْقِ عِبَادَةً، وَ أَخْلَصُهُمْ زَهَادَةً، وَ أَذَبُّهُمْ عَنِ الدِّينِ، أَقَمْتَ حُدُودَ اللَّهِ بِجُهْدِكَ، وَ فَلَلْتَ عَسَاكِرَ الْمَارِقِينَ بِسَيْفِكَ، تُخْمِدُ 511 لَهَبَ الْحُرُوبِ بِبَنَانِكَ 512 ، وَ تَهْتِكُ سُتُورَ الشُّبَهِ بِبَيَانِكَ، وَ تَكْشِفُ لُبْسَ الْبَاطِلِ عَنْ صَرِيحِ الْحَقِّ، لَا تَأْخُذُكَ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ.
وَ فِي مَدْحِ اللَّهِ تَعَالَى لَكَ غِنًى عَنْ مَدْحِ الْمَادِحِينَ وَ تَقْرِيظِ الْوَاصِفِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: « من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا » 513 وَ لَمَّا رَأَيْتَ قَدْ قَتَلَتْ النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمَارِقِينَ، وَ صَدَّقَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَعْدَهُ، فَأَوْفَيْتَ بِعَهْدِهِ، قُلْتَ: أَمَا آنَ أَنْ تُخْضَبَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، أَمْ مَتَى يُبْعَثُ أَشْقَاهَا، وَاثِقاً بِأَنَّكَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَ بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ، قَادِماً عَلَى اللَّهِ، مُسْتَبْشِراً بِبَيْعِكَ الَّذِي بَايَعْتَهُ بِهِ، و ذلك هو الفوز العظيم .
اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَنْبِيَائِكَ وَ أَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ بِجَمِيعِ لَعَنَاتِكَ،
وَ أَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ، وَ الْعَنْ مَنْ غَصَبَ وَلِيَّكَ حَقَّهُ، وَ أَنْكَرَ عَهْدَهُ، وَ جَحَدَهُ بَعْدَ الْيَقِينِ، وَ الْإِقْرَارِ بِالْوَلَايَةِ لَهُ يَوْمَ أَكْمَلْتَ لَهُ الدِّينَ.
اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ قَتَلْتَهُ، وَ أَشْيَاعَهُمْ وَ أَنْصَارَهُمْ، اللَّهُمَّ الْعَنْ ظَالِمِي الْحُسَيْنِ وَ قَاتِلِيهِ وَ الْمُتَابِعِينَ عَدُوَّهُ وَ نَاصِرِيهِ، وَ الرَّاضِينَ بِقَتْلِهِ وَ خَاذِلِيهِ، لَعْناً وَبِيلًا.
اللَّهُمَّ الْعَنْ أَوَّلَ ظَالِمٍ ظَلَمَ آلَ مُحَمَّدٍ وَ مَانِعِيهِمْ حُقُوقَهُمْ، اللَّهُمَّ خُصَّ أَوَّلَ ظَالِمٍ وَ غَاصِبٍ لِآلِ مُحَمَّدٍ بِاللَّعْنِ وَ كُلَّ مُسْتَنٍّ بِمَا سَنَّ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ 514 وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ، وَ اجْعَلْنَا بِهِمْ مُتَمَسِّكِينَ، وَ بِمُوَالاتِهِمْ مِنَ الْفَائِزِينَ الْآمِنِينَ، الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لَا يَحْزَنُونَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ..
13- الزيارة المختصة بيوم الغدير 515 :
رَوَى جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَضَى أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ إِلَى مَشْهَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَقَفَ ثُمَّ بَكَى وَ قَالَ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ حُجَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ، السَّلَامُ
عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
أَشْهَدُ أَنَّكَ جَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ ، وَ عَمِلْتَ بِكِتَابِهِ، وَ اتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، حَتَّى دَعَاكَ اللَّهُ إِلَى جِوَارِهِ، وَ قَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَ أَلْزَمَ أَعْدَاءَكَ الْحُجَّةَ، مَعَ مَا لَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَةِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ.
اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسِي مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ، رَاضِيَةً بِقَضَائِكَ، مُولَعَةً 516 بِذِكْرِكَ وَ دُعَائِكَ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ 517 أَوْلِيَائِكَ، مَحْبُوبَةً سَمَائِكَ، صَابِرَةً عَلَى نُزُولِ بَلَائِكَ، [شَاكِرَةً لِفَوَاضِلِ نَعْمَائِكَ، ذَاكِرَةً لِسَوَابِغِ آلَائِكَ] 518 ، مُشْتَاقَةً إِلَى فَرْحَةِ لِقَائِكَ، مُتَزَوِّدَةً التَّقْوَى لِيَوْمِ جَزَائِكَ، مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أَوْلِيَائِكَ، مُفَارِقَةً لِأَخْلَاقِ أَعْدَائِكَ، مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيَا بِحَمْدِكَ وَ ثَنَائِكَ.
ثُمَّ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَى قَبْرِهِ، وَ قَالَ:
اللَّهُمَّ إِنَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتِينَ إِلَيْكَ وَالِهَةٌ 519 ، وَ سُبُلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ شَارِعَةٌ، وَ أَعْلَامَ الْقَاصِدِينَ إِلَيْكَ وَاضِحَةٌ، وَ أَفْئِدَةَ الْعَارِفِينَ مِنْكَ فَازِعَةٌ، وَ أَصْوَاتَ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ صَاعِدَةٌ، وَ أَبْوَابَ الْإِجَابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ.
وَ دَعْوَةَ مَنْ نَاجَاكَ مُسْتَجَابَةٌ، وَ تَوْبَةَ مَنْ أَنَابَ إِلَيْكَ مَقْبُولَةٌ، وَ عَبْرَةَ مَنْ بَكَى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ، وَ الْإِغَاثَةَ لِمَنِ اسْتَغَاثَ بِكَ مَوْجُودَةٌ، وَ الْإِعَانَةَ لِمَنِ اسْتَعَانَ بِكَ مَبْذُولَةٌ، وَ عِدَاتِكَ 520 لِعِبَادِكَ مُنْجَزَةٌ.
وَ زَلَلَ مَنِ اسْتَقَالَكَ 521 مُقَالَةٌ، وَ أَعْمَالَ الْعَامِلِينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ، وَ أَرْزَاقَكَ إِلَى الْخَلَائِقِ 522 مِنْ لَدُنْكَ نَازِلَةٌ، وَ عَوَائِدَ الْمَزِيدِ إِلَيْهِمْ وَاصِلَةٌ، وَ ذُنُوبَ الْمُسْتَغْفِرِينَ مَغْفُورَةٌ، وَ حَوَائِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ، وَ جَوَائِزَ السَّائِلِينَ عِنْدَكَ مُوَفَّرَةٌ، وَ عَوَائِدَ الْمَزِيدِ مُتَوَاتِرَةٌ 523 ، وَ مَوَائِدَ الْمُسْتَطْعِمِينَ مُعَدَّةٌ، وَ مَنَاهِلَ الظِّمَاءِ 524 مُتْرَعَةٌ 525 اللَّهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعَائِي، وَ اقْبَلْ ثَنَائِي، 526 وَ اجْمَعْ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَوْلِيَائِي بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمَائِي، وَ مُنْتَهَى مُنَايَ، وَ غَايَةُ رَجَائِي فِي مُنْقَلَبِي وَ مَثْوَايَ.
قَالَ الْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ شِيعَتِنَا عِنْدَ قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، 527