کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
فذهل و الله ابن عباس عن الكلام الدائر بين الرجلين حتى قام أبو موسى فخلع عليا.
و روى الزبير بن بكار في الموفقيات و رواه جميع الناس ممن عني بنقل الآثار و السير عن الحسن البصري قال أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه إلا واحدة منهن لكانت موبقة انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم و فيهم بقايا الصحابة و ذوو الفضيلة و استخلافه بعده ابنه يزيد سكيرا خميرا يلبس الحرير و يضرب بالطنابير و ادعاؤه زيادا و قد قال رسول الله ص الولد للفراش و للعاهر الحجر و قتله حجر بن عدي و أصحابه فيا ويله من حجر و أصحاب حجر.
و روى في الموفقيات أيضا الخبر الذي رواه المدائني و قد ذكرناه آنفا من كلام ابن عباس لأبي موسى و قوله إن الناس لم يرتضوك لفضل عندك لم تشارك فيه و ذكر في آخره فقال بعض شعراء قريش
و الله ما كلم الأقوام من بشر
بعد الوصي علي كابن عباس
أوصى ابن قيس بأمر فيه عصمته
لو كان فيها أبو موسى من الناس
إني أخاف عليه مكر صاحبه
أرجو رجاء مخوف شيب بالياس .
و ذكر الزبير أيضا في الموفقيات أن يزيد بن حجية التيمي شهد الجمل و صفين و نهروان مع علي ع ثم ولاه الري و دستبى 1623 فسرق من أموالهما و لحق بمعاوية و هجا عليا و أصحابه و مدح معاوية و أصحابه فدعا عليه علي ع و رفع أصحابه أيديهم فأمنوا و كتب إليه رجل من بني عمه كتابا يقبح إليه
ما صنع و كان الكتاب شعرا فكتب يزيد بن حجية إليه لو كنت أقول شعرا لأجبتك و لكن قد كان منكم خلال ثلاث لا ترون معهن شيئا مما تحبون أما الأولى فإنكم سرتم إلى أهل الشام حتى إذا دخلتم بلادهم و طعنتموهم بالرماح و أذقتموهم ألم الجراح رفعوا المصاحف فسخروا منكم و ردوكم عنهم فو الله و و الله لا دخلتموها بمثل تلك الشوكة و الشدة أبدا و الثانية أن القوم بعثوا حكما و بعثتم حكما فأما حكمهم فأثبتهم و أما حكمكم فخلعكم و رجع صاحبهم يدعي أمير المؤمنين و رجعتم متضاغنين و الثالثة أن قراءكم و فقهاءكم و فرسانكم خالفوكم فعدوتم عليهم فقتلتموهم ثم كتب في آخر الكتاب بيتين لعفان بن شرحبيل التميمي
أحببت أهل الشام من بين الملا
و بكيت من أسف على عثمان
أرضا مقدسة و قوما منهم
أهل اليقين و تابعو الفرقان
.
و ذكر أبو أحمد العسكري 1624 في كتاب الأمالي أن سعد بن أبي وقاص دخل على معاوية عام الجماعة فلم يسلم عليه بإمرة المؤمنين فقال له معاوية لو شئت أن تقول في سلامك غير هذا لقلت فقال سعد نحن المؤمنون و لم نؤمرك كأنك قد بهجت 1625 بما أنت فيه يا معاوية و الله ما يسرني ما أنت فيه و أني هرقت المحجمة 1626 دم قال و لكني و ابن عمك عليا يا أبا إسحاق قد هرقنا أكثر من محجمة و محجمتين هلم فاجلس معي على السرير فجلس معه فذكر له معاوية اعتزاله الحرب يعاتبه فقال سعد إنما كان مثلي و مثل الناس كقوم أصابتهم ظلمة فقال واحد منهم لبعيره إخ فأناخ حتى أضاء له الطريق
فقال معاوية و الله يا أبا إسحاق 1627 ما في كتاب الله إخ و إنما فيه وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ 1628 فو الله ما قاتلت الباغية و لا المبغي عليها فأفحمه.
و زاد ابن ديزيل في هذا الخبر زيادة ذكرها في كتاب صفين قال فقال سعد أ تأمرني أن أقاتل رجلا قال له رسول الله ص أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فقال معاوية من سمع هذا معك قال فلان و فلان و أم سلمة فقال معاوية لو كنت سمعت هذا لما قاتلته.
36 و من خطبة له ع في تخويف أهل النهروان
فَأَنَا نَذِيرٌ لَكُمْ أَنْ تُصْبِحُوا صَرْعَى بِأَثْنَاءِ هَذَا النَّهَرِ وَ بِأَهْضَامِ هَذَا الْغَائِطِ عَلَى غَيْرِ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لَا سُلْطَانٍ مُبِينٍ مَعَكُمْ قَدْ طَوَّحَتْ بِكُمُ الدَّارُ وَ احْتَبَلَكُمُ الْمِقْدَارُ وَ قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ هَذِهِ الْحُكُومَةِ فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ [الْمُخَالِفِينَ] الْمُنَابِذِينَ [الْمُخَالِفِينَ] حَتَّى صَرَفْتُ رَأْيِي إِلَى هَوَاكُمْ وَ أَنْتُمْ مَعَاشِرُ أَخِفَّاءُ الْهَامِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ وَ لَمْ آتِ لَا أَبَا لَكُمْ بُجْراً وَ لَا أَرَدْتُ بِكُمْ ضُرّاً.
الأهضام جمع هضم و هو المطمئن من الوادي و الغائط ما سفل من الأرض.
و احتبلكم المقدار أوقعكم في الحبالة.
و البجر الداهية و الأمر العظيم و يروى هجرا و هو المستقبح من القول و يروى عرا و العر قروح في مشافر الإبل و يستعار للداهية
أخبار الخوارج
قد تظافرت الأخبار حتى بلغت حد التواتر بما وعد الله تعالى قاتلي الخوارج من الثواب على لسان رسوله ص
و في الصحاح المتفق عليها أن
رسول الله ص 1629 بينا هو يقسم قسما جاء رجل من بني تميم يدعى ذا الخويصرة فقال اعدل يا محمد فقال ع قد عدلت فقال له ثانية اعدل يا محمد فإنك لم تعدل فقال ص ويلك و من يعدل إذا لم أعدل فقام عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ائذن لي أضرب عنقه فقال دعه فسيخرج من ضئضئ 1630 هذا قوم يمرقون 1631 من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر أحدكم إلى نصله 1632 فلا يجد شيئا فينظر إلى نضيه 1633 فلا يجد شيئا ثم ينظر إلى القذذ 1634 فكذلك سبق الفرث و الدم 1635 يخرجون على حين فرقة من الناس تحتقر صلاتكم في جنب صلاتهم و صومكم عند صومهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم آيتهم 1636 رجل أسود أو قال أدعج 1637 مخدج 1638 اليد إحدى يديه كأنها ثدي امرأة أو بضعة تدردر 1639 .
و في بعض الصحاح أن رسول الله ص قال لأبي بكر و قد غاب الرجل
عن عينه قم إلى هذا فاقتله فقام ثم عاد و قال وجدته يصلي فقال لعمر مثل ذلك فعاد و قال وجدته يصلي فقال لعلي ع مثل ذلك فعاد فقال لم أجده فقال رسول الله ص لو قتل هذا لكان أول فتنة و آخرها أما إنه سيخرج من ضئضئ هذا قوم الحديث.
و في بعض الصحاح يقتلهم أولى الفريقين بالحق.
و في مسند أحمد بن حنبل عن مسروق قال قالت لي عائشة إنك من ولدي و من أحبهم إلي فهل عندك علم من المخدج فقلت نعم قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه تامرا 1640 و لأسفله النهروان بين لخاقيق و طرفاء 1641 قالت ابغني على ذلك بينة فأقمت رجالا شهدوا عندها بذلك قال فقلت لها سألتك بصاحب القبر ما الذي سمعت من رسول الله ص فيهم فقالت نعم سمعته يقول إنهم شر الخلق و الخليقة يقتلهم خير الخلق و الخليقة و أقربهم عند الله وسيلة.
و في كتاب صفين للواقدي عن علي ع لو لا أن تبطروا فتدعوا العمل لحدثتكم بما سبق على لسان رسول الله ص لمن قتل هؤلاء.
و فيه قال علي ع إذا حدثتكم عن رسول الله ص فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله ص و إذا حدثتكم فيما بيننا عن نفسي فإن الحرب خدعة و إنما أنا رجل محارب سمعت رسول الله ص يقول يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام قولهم من خير
أقوال أهل البرية صلاتهم أكثر من صلاتكم و قراءتهم أكثر من قراءتكم لا يجاوز إيمانهم تراقيهم أو قال حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة.
و في كتاب صفين أيضا للمدائني عن مسروق أن عائشة قالت له لما عرفت أن عليا ع قتل ذا الثدية لعن الله عمرو بن العاص فإنه كتب إلي يخبرني أنه قتله بالإسكندرية ألا إنه ليس يمنعني ما في نفسي أن أقول ما سمعته من رسول الله ص يقول يقتله خير أمتي من بعدي.
و ذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في التاريخ أن عليا ع لما دخل الكوفة دخلها معه كثير من الخوارج و تخلف منهم بالنخيلة و غيرها خلق كثير لم يدخلوها فدخل حرقوص بن زهير السعدي و زرعة بن البرج الطائي و هما من رءوس الخوارج على علي ع فقال له حرقوص تب من خطيئتك و اخرج بنا إلى معاوية نجاهده فقال له علي ع إني كنت نهيتكم عن الحكومة فأبيتم ثم الآن تجعلونها ذنبا أما إنها ليست بمعصية و لكنها عجز من الرأي و ضعف في التدبير و قد نهيتكم عنه فقال زرعة أما و الله لئن لم تتب من تحكيمك الرجال لأقتلنك 1642 أطلب بذلك وجه الله و رضوانه فقال علي ع بؤسا لك ما أشقاك كأني بك قتيلا تسفي عليك الرياح قال زرعة وددت أنه كان ذلك 1643 .