کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
حتى غدت جشم بن بكر تبتغي
إرث النبي و تدعيه حقوقا
جاءوا براعيهم ليتخذوا به
عمدا إلى قطع الطريق طريقا
عقدوا عمامته برأس قناته
و رأوه برا فاستحال عقوقا
و أقام ينفذ في الجزيرة حكمه
و يظن وعد الكاذبين صدوقا
حتى إذا ما الحية الذكر انكفى
من أرزن حربا يمج حريقا 3903
غضبان يلقى الشمس منه بهامة
يعشى العيون تألقا و بروقا
أوفى عليه فظل من دهش
يظن البر بحرا و الفضاء مضيقا
غدرت أمانيه به و تمزقت
عنه غيابة سكره تمزيقا
طلعت جيادك من ربا الجودي قد
حملن من دفع المنون وسوقا
فدعا فريقا من سيوفك حتفهم
و شددت في عقد الحديد فريقا
و مضى ابن عمرو قد أساء بعمره
ظنا ينزق مهره تنزيقا
فاجتاز دجلة خائضا و كأنها
قعب على باب الكحيل أريقا
لو خاضها عمليق أو عوج إذا
ما جوزت عوجا و لا عمليقا
لو لا اضطراب الخوف في أحشائه
رسب العباب به فمات غريقا
لو نفسته الخيل لفتة ناظر
ملأ البلاد زلازلا و فتوقا
لثنى صدور الخيل تكشف كربة
و لوى رماح الخط تفرج ضيقا 3904
و لبكرت بكر و راحت تغلب
في نصر دعوته إليه طروقا
حتى يعود الذئب ليثا ضيغما
و الغصن ساقا و القرارة نيقا
هيهات مارس فليقا متيقظا
قلقا إذا سكن البليد رشيقا
مستسلفا جعل الغبوق صبوحه
و مرى صبوح غد فكان غبوقا .
و هذه القصيدة من ناصع شعر البحتري و مختاره
ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج
و قد خرج بعد هذين جماعة من الخوارج بأعمال كرمان و جماعة أخرى من أهل عمان لا نباهة لهم و قد ذكرهم أبو إسحاق الصابي في الكتاب التاجي 3905 و كلهم بمعزل عن طرائق سلفهم و إنما وكدهم و قصدهم إخافة السبيل و الفساد في الأرض و اكتساب الأموال من غير حلها و لا حاجة لنا إلى الإطالة بذكرهم و من المشهورين برأي الخوارج الذين تم بهم صدق قول أمير المؤمنين ع إنهم نطف في أصلاب الرجال و قرارات النساء عكرمة مولى ابن عباس و مالك بن أنس الأصبحي الفقيه يروى عنه أنه كان يذكر عليا ع و عثمان و طلحة و الزبير فيقول و الله ما اقتتلوا إلا على الثريد الأعفر.
و منهم المنذر بن الجارود العبدي و منهم يزيد بن أبي مسلم مولى الحجاج. و روي أن الحجاج أتي بامرأة من الخوارج و بحضرته مولاه يزيد بن أبي مسلم و كان يستسر برأي الخوارج فكلم الحجاج المرأة فأعرضت عنه فقال لها يزيد الأمير ويلك يكلمك فقالت بل الويل لك أيها الفاسق الرديء و الرديء عند الخوارج هو الذي يعلم الحق من قولهم و يكتمه.
و منهم صالح بن عبد الرحمن صاحب ديوان العراق. و ممن ينسب إلى هذا الرأي من السلف جابر بن زيد و عمرو بن دينار و مجاهد. و ممن ينسب إليه بعد هذه الطبقة أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي يقال إنه كان يرى رأي الصفرية.
و منهم اليمان بن رباب و كان على رأي البيهسية 3906 و عبد الله بن يزيد و محمد بن حرب و يحيى بن كامل و هؤلاء إباضية 3907 . و قد نسب إلى هذا المذهب أيضا من قبل أبو هارون العبدي و أبو الشعثاء و إسماعيل بن سميع و هبيرة بن بريم. و زعم ابن قتيبة أن ابن هبيرة كان من غلاة الشيعة. و نسب أبو العباس محمد بن يزيد المبرد إلى رأي الخوارج لإطنابه في كتاب المعروف ب الكامل في ذكرهم و ظهور الميل منه إليهم
60 و قال ع في الخوارج
: لَا تُقَاتِلُوا [تَقْتُلُوا] الْخَوَارِجَ بَعْدِي فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَهُ [فَأُعْطِيَ] كَمَنْ طَلَبَ الْبَاطِلَ فَأَدْرَكَهُ.
[قال الرضي رحمه الله يعني معاوية و أصحابه] مراده أن الخوارج ضلوا بشبهة دخلت عليهم و كانوا يطلبون الحق و لهم في الجملة تمسك بالدين و محاماة عن عقيدة اعتقدوها و إن أخطئوا فيها و أما معاوية فلم يكن يطلب الحق و إنما كان ذا باطل لا يحامي عن اعتقاد قد بناه على شبهة و أحواله كانت تدل على ذلك فإنه لم يكن من أرباب الدين و لا ظهر عنه نسك و لا صلاح حال و كان مترفا يذهب مال الفيء في مآربه و تمهيد ملكه و يصانع به عن سلطانه و كانت أحواله كلها مؤذنة بانسلاخه عن العدالة و إصراره على الباطل و إذا كان كذلك لم يجز أن ينصر المسلمون سلطانه و تحارب الخوارج عليه و إن كانوا أهل ضلال لأنهم أحسن حالا منه فإنهم كانوا ينهون عن المنكر و يرون الخروج على أئمة الجور واجبا.
و عند أصحابنا أن الخروج على أئمة الجور واجب و عند أصحابنا أيضا أن الفاسق المتغلب
بغير شبهة يعتمد عليها لا يجوز أن ينصر على من يخرج عليه ممن ينتمي إلى الدين و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر بل يجب أن ينصر الخارجون عليه و إن كانوا ضالين في عقيدة اعتقدوها بشبهة دينية دخلت عليهم لأنهم أعدل منه و أقرب إلى الحق و لا ريب في تلزم الخوارج بالدين كما لا ريب في أن معاوية لم يظهر عنه مثل ذلك
عود إلى أخبار الخوارج و ذكر رجالهم و حروبهم
3908 ذكر أبو العباس المبرد في الكتاب الكامل أن عروة بن أدية أحد بني ربيعة بن حنظلة و يقال إنه أول من حكم حضر حرب النهروان و نجا فيها فيمن نجا فلم يزل باقيا مدة من خلافة معاوية ثم أخذ فأتي به زياد و معه مولى له فسأله عن أبي بكر و عمر فقال خيرا فقال له فما تقول في عثمان و في أبي تراب فتولي عثمان ست سنين من خلافته ثم شهد عليه بالكفر و فعل في أمر علي ع مثل ذلك إلى أن حكم ثم شهد عليه بالكفر ثم سأله عن معاوية فسبه سبا قبيحا ثم سأله عن نفسه فقال أولك لريبة و آخرك لدعوة و أنت بعد عاص ربك فأمر فضربت عنقه ثم دعا مولاه فقال صف لي أموره فقال أ أطنب أم أختصر قال بل اختصر قال ما أتيته بطعام في نهار قط و لا فرشت له فراشا في ليل قط 3909 .
قال و حدثت أن واصل بن عطاء أبا حذيفة أقبل في رفقة فأحسوا بالخوارج فقال واصل لأهل الرفقة إن هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا و دعوني و إياهم و قد كانوا قد أشرفوا على العطب فقالوا شأنك فخرج إليهم فقالوا ما 3910 أنت و أصحابك فقال قوم مشركون مستجيرون بكم ليسمعوا كلام الله و يفهموا حدوده فقالوا قد أجرناكم قال فعلمونا فجعلوا يعلمونهم أحكامهم و واصل يقول قد قبلت أنا و من معي قالوا فامضوا مصاحبين فإنكم إخواننا فقال ليس ذاك إليكم قال الله و عز و جل وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ 3911
فأبلغونا مأمننا فنظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا ذاك لكم فساروا معهم بجمعهم حتى أبلغوهم المأمن 3912 .