کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
قال أبو الفرج و هذا خطأ إنما هو الوذام التربة.
قال و قد حدثني 4883 بذلك أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن أبي زيد عمر بن شبة بإسناد ذكره في الكتاب أن سعيد بن العاص حيث كان أمير الكوفة بعث مع ابن أبي عائشة مولاه إلى علي بن أبي طالب ع بصلة فقال علي ع و الله لا يزال غلام من غلمان بني أمية يبعث إلينا مما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ بمثل قوت الأرملة و الله لئن بقيت لأنفضنها نفض القصاب الوذام التربة.
77 و من كلمات كان ع يدعو بها
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا وَأَيْتُ مِنْ نَفْسِي وَ لَمْ تَجِدْ لَهُ وَفَاءً عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَيْكَ بِلِسَانِي ثُمَّ خَالَفَهُ قَلْبِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزَاتِ الْأَلْحَاظِ وَ سَقَطَاتِ الْأَلْفَاظِ وَ سَهَوَاتِ الْجَنَانِ وَ هَفَوَاتِ اللِّسَانِ.
وأيت أي وعدت و الوأي الوعد و رمزات الألحاظ الإشارة بها و الألحاظ جمع لحظ بفتح اللام و هو مؤخر العين و سقطات الألفاظ لغوها و سهوات الجنان غفلاته و الجنان القلب و هفوات اللسان زلاته.
و في هذا الموضع يقال ما فائدة الدعاء عندكم و القديم تعالى إنما يغفر الصغائر لأنها تقع مكفرة فلا حاجة إلى الدعاء بغفرانها و لا يؤثر الدعاء أيضا في أفعال الباري سبحانه لأنه إنما يفعل بحسب المصالح و يرزق المال و الولد و غير ذلك و يصرف المرض و الجدب و غيرهما بحسب ما يعلمه من المصلحة فلا تأثير للدعاء في شيء من ذلك.
و الجواب أنه لا يمتنع أن يحسن الدعاء بما يعلم أن القديم يفعله لا محالة و يكون وجه حسنه صدوره عن المكلف على سبيل الانقطاع إلى الخالق سبحانه.
و يجوز أيضا أن يكون في الدعاء نفسه مصلحة و لطف للمكلف لقد حسن منا الاستغفار للمؤمنين و الصلاة على الأنبياء و الملائكة.
و أيضا فليس كل أفعال البارئ سبحانه واجبة عليه بل معظمها ما يصدر على وجه الإحسان و التفضل فيجوز أن يفعله و يجوز ألا يفعله.
فإن قلت فهل يسمى فعل الواجب الذي لا بد للقديم تعالى من فعله إجابة لدعاء المكلف.
قلت لا و إنما يسمى إجابة إذا فعل سبحانه ما يجوز أن يفعله و يجوز ألا يفعله كالتفضل و أيضا فإن اللطف و المصلحة قد يكون لطفا و مصلحة في كل حال و قد يكون لطفا عند الدعاء و لو لا الدعاء لم يكن لطفا و ليس بممتنع في القسم الثاني أن يسمى إجابة للدعاء لأن للدعاء على كل حال تأثيرا في فعله.
فإن قيل أ يجوز أن يدعو النبي ص بدعاء فلا يستجاب له.
قيل إن من شرط حسن الدعاء أن يعلم الداعي حسن ما طلبه بالدعاء و إنما يعلم حسنه بألا يكون فيه وجه قبح ظاهر و ما غاب عنه من وجوه القبح نحو كونه مفسدة يجب أن يشترطه في دعائه و يطلب ما يطلبه بشرط ألا يكون مفسدة و إن لم يظهر هذا الشرط في دعائه وجب أن يضمره في نفسه فمتى سأل النبي ربه تعالى أمرا فلم يفعله لم يجز أن يقال إنه ما أجيبت دعوته لأنه يكون قد سأل بشرط ألا يكون مفسدة فإذا لم يقع ما يطلبه فلأن المطلوب قد علم الله فيه من المفسدة ما لم يعلمه النبي ص فلا يقال إنه ما أجيب دعاؤه لأن دعاءه كان مشروطا و إنما يصدق قولنا ما أجيب دعاؤه على من طلب أمرا طلبا مطلقا غير مشروط فلم يقع و النبي ص لا يتحقق ذلك في حقه
______________________________ [1] ا: «غاية».
من أدعية رسول الله المأثورة
و نحن نذكر في هذا الموضع جملة من الأدعية المأثورة طلبا لبركتها و لينتفع قارئ الكتاب بها
كان من دعاء رسول الله ص إذا أصبح أن يقول أصبحنا و أصبح الملك و الكبرياء و العظمة و الجلال و الخلق و الأمر و الليل و النهار و ما يسكن فيهما لله عز و جل وحده لا شريك له اللهم اجعل أول يومي هذا صلاحا و أوسطه فلاحا و آخره نجاحا اللهم إني أسألك خير الدنيا و الآخرة يا أرحم الراحمين اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا و بين معاصيك و من طاعتنا ما تبلغنا به رحمتك و من اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا اللهم متعنا بأسماعنا و أبصارنا و اجعلهما الوارث منا و انصرنا على من ظلمنا و لا تجعل مصيبتنا في ديننا و لا تجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا و لا تسلط علينا من لا يرحمنا.
من أدعية الصحيفة
و من دعاء أمير المؤمنين ع و كان يدعو به زين العابدين علي بن الحسين ع و هو من أدعية الصحيفة يا من يرحم من لا يرحمه العباد و يا من يقبل من لا تقبله البلاد و يا من لا يحتقر أهل الحاجة إليه يا من لا يجبه بالرد أهل الإلحاح إليه يا من لا يخفى عليه صغير ما يتحف به و لا يضيع يسير ما يعمل له يا من يشكر على القليل و يجازي بالجليل يا من يدنو إلى من دنا منه يا من يدعو إلى نفسه من أدبر عنه يا من لا يغير النعمة و لا يبادر بالنقمة يا من يثمر الحسنة حتى ينميها و يتجاوز عن السيئة حتى يعفيها انصرفت
دون مدى كرمك الحاجات و امتلأت ببعض جودك أوعية الطلبات و تفسخت دون بلوغ نعتك الصفات فلك العلو الأعلى فوق كل عال و الجلال الأمجد فوق كل جلال كل جليل عندك حقير و كل شريف في جنب شرفك صغير خاب الوافدون على غيرك و خسر المتعرضون إلا لك و ضاع الملمون إلا بك و أجدب المنتجعون إلا من انتجع فضلك لأنك ذو غاية قريبة من الراغبين و ذو مجد مباح للسائلين لا يخيب لديك الآملون و لا يخفق من عطائك المتعرضون و لا يشقى بنقمتك المستغفرون رزقك مبسوط لمن عصاك و حلمك معرض لمن ناواك و عادتك الإحسان إلى المسيئين و سنتك الإبقاء على المعتدين حتى لقد غرتهم أناتك عن النزوع و صدهم إمهالك عن الرجوع و إنما تأنيت بهم ليفيئوا إلى أمرك و أمهلتهم ثقة بدوام ملكك فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها و من كان من أهل الشقاوة خذلته لها.
كلهم صائر إلى رحمتك و أمورهم آئلة إلى أمرك لم يهن على طول مدتهم سلطانك و لم تدحض لترك معاجلتهم حججك 4884 حجتك قائمة و سلطانك ثابت فالويل الدائم لمن جنح عنك و الخيبة الخاذلة لمن خاب أمله منك و الشقاء الأشقى لمن اغتر بك ما أكثر تقلبه في عذابك و ما أعظم تردده في عقابك و ما أبعد غايته من الفرج و ما أثبطه من سهولة المخرج عدلا من قضائك لا تجور فيه و إنصافا من حكمك لا تحيف عليه قد ظاهرت الحجج و أزلت الأعذار و تقدمت بالوعيد و تلطفت في الترغيب و ضربت الأمثال و أطلت الإمهال و أخرت و أنت تستطيع المعاجلة و تأنيت و أنت مليء بالمبادرة لم تك أناتك عجزا و لا حلمك وهنا و لا إمساكك لعلة و لا انتظارك لمداراة بل لتكون حجتك الأبلغ و كرمك الأكمل و إحسانك الأوفى و نعمتك الأتم
كل ذلك كان و لم يزل و هو كائن لا يزول نعمتك أجل من أن توصف بكلها و مجدك أرفع من أن يحد بكنهه و إحسانك أكبر من أن يشكر على أقله فقد أقصرت ساكتا عن تحميدك و تهيبت ممسكا عن تمجيدك لا رغبة يا إلهي عنك بل عجزا و لا زهدا فيما عندك بل تقصيرا و ها أنا ذا يا إلهي أؤمل بالوفادة و أسألك حسن الرفادة فاسمع ندائي و استجب دعائي و لا تختم عملي بخيبتي و لا تجبهني بالرد في مسألتي و أكرم من عندك منصرفي إنك غير ضائق عما تريد و لا عاجز عما تشاء و أنت على كل شيء قدير.
و من أدعيته ع و هو من أدعية الصحيفة أيضا اللهم يا من برحمته يستغيث المذنبون و يا من إلى إحسانه يفزع المضطرون و يا من لخيفته ينتحب الخاطئون يا أنس كل مستوحش غريب يا فرج كل مكروب حريب يا عون كل مخذول فريد يا عائذ كل محتاج طريد أنت الذي وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً و أنت الذي جعلت لكل مخلوق في نعمتك سهما و أنت الذي عفوه أعلى من عقابه و أنت الذي رحمته أمام غضبه و أنت الذي إعطاؤه أكبر من منعه و أنت الذي وسع الخلائق كلهم بعفوه و أنت الذي لا يرغب في غنى من أعطاه و أنت الذي لا يفرط في عقاب من عصاه.
و أنا يا سيدي عبدك الذي أمرته بالدعاء فقال لبيك و سعديك و أنا يا سيدي عبدك الذي أوقرت الخطايا ظهره و أنا الذي أفنت 4885 الذنوب عمره و أنا الذي بجهله عصاك و لم يكن أهلا منه لذلك فهل أنت يا مولاي راحم من دعاك فاجتهد في الدعاء أم أنت غافر لمن بكى لك فأسرع في البكاء أم أنت متجاوز عمن عفر لك وجهه متذللا أم أنت مغن من شكا إليك فقره متوكلا