کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
و لو لاقيته شقت جيوب
عليك و لطمت فيك الخدود
.
و ذكر أبو عمر بن عبد البر في كتاب الإستيعاب في باب بسر بن أرطاة 5077 قال كان بسر من الأبطال الطغاة و كان مع معاوية بصفين فأمره أن يلقى عليا ع في القتال و قال له إني سمعتك تتمنى لقاءه فلو أظفرك الله به و صرعته حصلت على الدنيا و الآخرة 5078 و لم يزل يشجعه و يمنيه حتى رأى عليا في الحرب فقصده و التقيا فصرعه علي ع 5079 و عرض له معه مثل ما عرض له مع عمرو بن العاص في كشف السوأة 5080 .
قال أبو عمر و ذكر ابن الكلبي في كتابه في أخبار صفين أن بسر بن أرطاة بارز عليا يوم صفين فطعنه علي ع فصرعه فانكشف له فكف عنه كما عرض له مثل 5081 ذلك مع عمرو بن العاص.
قال و للشعراء فيهما أشعار مذكورة في موضعها من ذلك الكتاب منها فيما ذكر ابن الكلبي و المدائني قول الحارث بن نضر الخثعمي 5082 و كان عدوا لعمرو بن العاص و بسر بن أرطاة
أ في كل يوم فارس لك ينتهي
و عورته وسط العجاحة باديه
يكف لها عنه علي سنانه
و يضحك منها في الخلاء معاوية
بدت أمس من عمرو فقنع رأسه
و عورة بسر مثلها حذو حاذيه
فقولا لعمرو ثم بسر ألا انظرا
لنفسكما لا تلقيا الليث ثانيه
و لا تحمدا إلا الحيا و خصاكما
هما كانتا و الله للنفس واقيه
و لولاهما لم تنجوا من سنانه
و تلك بما فيها إلى العود ناهيه
متى تلقيا الخيل المغيرة صبحة
و فيها علي فاتركا الخيل ناحيه
و كونا بعيدا حيث لا يبلغ القنا
نحوركما إن التجارب كافيه .
و روى الواقدي قال قال معاوية يوما بعد استقرار الخلافة له لعمرو بن العاص يا أبا عبد الله لا أراك إلا و يغلبني الضحك قال بما ذا قال أذكر يوم حمل عليك أبو تراب في صفين فأزريت نفسك فرقا من شبا سنانه و كشفت سوأتك له فقال عمرو أنا منك أشد ضحكا إني لأذكر يوم دعاك إلى البراز فانتفخ سحرك و ربا لسانك في فمك و غصصت بريقك و ارتعدت فرائصك و بدا منك ما أكره ذكره لك فقال معاوية لم يكن هذا كله و كيف يكون و دوني عك و الأشعريون قال إنك لتعلم أن الذي وصفت دون ما أصابك و قد نزل ذلك بك و دونك عك و الأشعريون فكيف كانت حالك لو جمعكما مأقط 5083 الحرب فقال يا أبا عبد الله خض بنا الهزل إلى الجد إن الجبن و الفرار من علي لا عار على أحد فيهما.
خبر إسلام عمرو بن العاص
فأما القول في إسلام عمرو بن العاص فقد
ذكره محمد بن إسحاق في كتاب المغازي قال حدثني زيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي عن حبيب بن أبي أوس قال حدثني عمرو بن العاص من فيه قال لما انصرفنا مع الأحزاب 5084 من الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي و يسمعون مني فقلت لهم و الله إني لأرى أمر محمد يعلو الأمور علوا منكرا و إني قد رأيت رأيا فما ترون فيه فقالوا ما رأيت فقلت أرى أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فإن ظهر محمد على قومه أقمنا عند النجاشي فأن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد فإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتنا منهم إلا خير 5085 قالوا إن هذا الرأي فقلت فاجمعوا ما نهدي له و كان أحب 5086 ما يأتيه من أرضنا الأدم 5087 فجمعنا له أدما كثيرا ثم خرجنا حتى قدمنا عليه فو الله إنا لعنده إذ قدم عمرو بن أمية الضمري و كان رسول الله ص بعثه إليه في شأن جعفر بن أبي طالب و أصحابه.
قال فدخل عليه ثم خرج من عنده فقلت لأصحابي هذا عمرو بن أمية لو قد دخلت على النجاشي فسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت 5088 عنها حين قتلت رسول محمد قال فدخلت عليه فسجدت له فقال مرحبا بصديقي
أهديت إلي من بلادك شيئا قلت نعم أيها الملك قد أهديت لك أدما كثيرا ثم قربته إليه فأعجبه و اشتهاه ثم قلت له أيها الملك إني قد رأيت رجلا خرج من عندك و هو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه لأقتله فإنه قد أصاب من أشرافنا و خيارنا.
فغضب الملك ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه ثم قلت أيها الملك و الله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه فقال أ تسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله فقلت أيها الملك أ كذلك هو فقال إي و الله أطعني ويحك و اتبعه فإنه و الله لعلى حق و ليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون و جنوده قلت فبايعني له على الإسلام فبسط يده فبايعته على الإسلام و خرجت عامدا لرسول الله ص فلما قدمت المدينة جئت إلى رسول الله ص و قد أسلم خالد بن الوليد و قد كان صحبني في الطريق إليه فقلت يا رسول الله أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي و لم أذكر ما تأخر فقال بايع يا عمرو فإن الإسلام يجب ما قبله و إن الهجرة تجب ما قبلها فبايعته و أسلمت 5089 .
و ذكر أبو عمر في الإستيعاب أن إسلامه كان سنة ثمان و أنه قدم و خالد بن الوليد و عثمان بن طلحة المدينة فلما رآهم رسول الله قال رمتكم مكة بأفلاذ كبدها.
قال و قد قيل إنه أسلم بين الحديبية و خيبر و القول الأول أصح
5090
بعث رسول الله عمرا إلى ذات السلاسل
قال أبو عمر و بعث رسول الله عمرا إلى ذات السلاسل من بلاد قضاعة في ثلاثمائة و كانت أم العاص بن وائل من بلي فبعث رسول الله ص عمرا إلى أرض بلي
و عذرة يتألفهم بذلك و يدعوهم إلى الإسلام فسار حتى إذا كان على ماء أرض جذام يقال له السلاسل و قد سميت تلك الغزاة ذات السلاسل خاف فكتب إلى رسول الله ص يستنجد فأمده بجيش فيه مائتا فارس فيه أهل الشرف و السوابق من المهاجرين و الأنصار فيهم أبو بكر و عمر و أمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح فلما قدموا على عمرو قال عمرو أنا أميركم و إنما أنتم مددي فقال أبو عبيدة بل أنا أمير من معي و أنت أمير من معك فأبى عمرو ذلك فقال أبو عبيدة إن رسول الله ص عهد إلي فقال إذا قدمت إلى عمرو فتطاوعا و لا تختلفا فإن خالفتني أطعتك قال عمرو فإني أخالفك فسلم إليه أبو عبيدة و صلى خلفه في الجيش كله و كان أميرا عليهم و كانوا خمسمائة.
ولايات عمرو في عهد الرسول و الخلفاء
قال أبو عمر ثم ولاه رسول الله ص عمان فلم يزل عليها حتى قبض رسول الله ص و عمل لعمر و عثمان و معاوية و كان عمر بن الخطاب ولاه بعد موت يزيد بن أبي سفيان فلسطين و الأردن و ولى معاوية دمشق و بعلبك و البلقاء و ولى سعيد بن عامر بن خذيم حمص ثم جمع الشام كلها لمعاوية و كتب إلى عمرو بن العاص أن يسير إلى مصر فسار إليها فافتتحها فلم يزل عليها واليا حتى مات عمر فأمره عثمان عليها أربع سنين و نحوها ثم عزله عنها و ولاها عبد الله بن سعد العامري. قال أبو عمر ثم إن عمرو بن العاص ادعى على أهل الإسكندرية أنهم قد نقضوا العهد الذي كان عاهدهم فعمد إليها فحارب أهلها و افتتحها و قتل المقاتلة و سبى الذرية فنقم ذلك عليه عثمان و لم يصح عنده نقضهم العهد فأمر برد السبي الذي سبوا من القرى إلى مواضعهم و عزل عمرا عن مصر و ولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري
مصر بدله فكان ذلك بدو الشر بين عمرو بن العاص و عثمان بن عفان فلما بدا بينهما من الشر ما بدا اعتزل عمرو في ناحية فلسطين بأهله و كان يأتي المدينة أحيانا فلما استقر الأمر لمعاوية بالشام بعثه إلى مصر بعد تحكيم الحكمين فافتتحها فلم يزل بها إلى أن مات أميرا عليها في سنة ثلاث و أربعين و قيل سنة اثنتين و أربعين و قيل سنة ثمان و أربعين و قيل سنة إحدى و خمسين.
قال أبو عمر و الصحيح أنه مات في سنة ثلاث و أربعين و مات يوم عيد الفطر من هذه السنة و عمره تسعون سنة و دفن بالمقطم من ناحية السفح و صلى عليه ابنه عبد الله ثم رجع فصلى بالناس صلاة العيد فولاه معاوية مكانه ثم عزله و ولى مكانه أخاه عتبة بن أبي سفيان. قال أبو عمر و كان عمرو بن العاص من فرسان قريش و أبطالهم في الجاهلية مذكورا فيهم بذلك و كان شاعرا حسن الشعر و أحد الدهاة المتقدمين في الرأي و الذكاء و كان عمر بن الخطاب إذا استضعف رجلا في رأيه و عقله قال أشهد أن خالقك و خالق عمرو واحد يريد خالق الأضداد.
5091
نبذ من كلام عمرو بن العاص
و نقلت أنا من كتب متفرقة كلمات حكمية تنسب إلى عمرو بن العاص استحسنتها و أوردتها لأني لا أجحد لفاضل فضله و إن كان دينه عندي غير مرضي.
فمن كلامه
ثلاث لا أملهن جليسي ما فهم عني و ثوبي ما سترني و دابتي ما حملت رحلي.
و قال لعبد الله بن عباس بصفين إن هذا الأمر الذي نحن و أنتم 5092 فيه ليس بأول أمر قاده البلاء و قد بلغ الأمر منا و منكم ما ترى و ما أبقت لنا هذه الحرب حياة و لا صبرا و لسنا نقول ليت الحرب عادت و لكنا 5093 نقول ليتها لم تكن كانت فافعل فيما بقي بغير ما مضى فإنك رأس هذا الأمر بعد علي و إنما هو آمر مطاع و مأمور مطيع و مبارز مأمون و أنت هو.
و لما نصب معاوية قميص عثمان على المنبر و بكى أهل الشام حوله قال قد هممت أن أدعه على المنبر فقال له عمرو إنه ليس بقميص يوسف أنه إن طال نظرهم إليه و بحثوا عن السبب وقفوا على ما لا تحب أن يقفوا عليه و لكن لذعهم بالنظر إليه في الأوقات.
و قال ما وضعت سري عند أحد فأفشاه فلمته لأني أحق باللوم منه إذ كنت أضيق به صدرا منه.
و قال ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر لكن العاقل من يعرف خير الشرين.
و قال عمر بن الخطاب لجلسائه يوما و عمرو فيهم ما أحسن الأشياء فقال كل منهم ما عنده فقال ما تقول أنت يا عمرو فقال
الغمرات ثم ينجلينا 5094 .
و قال لعائشة لوددت أنك قتلت يوم الجمل قالت و لم لا أبا لك قال كنت تموتين بأجلك و تدخلين الجنة و نجعلك أكبر التشنيع على علي بن أبي طالب ع.
و قال لبنيه يا بني اطلبوا العلم فإن استغنيتم كان جمالا و إن افتقرتم كان مالا.