کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
25- [كلامه ع في التخويف و التحذير من الاستدراج]
وَ قَالَ ع يَا ابْنَ آدَمَ إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ سُبْحَانَهُ يُتَابِعُ عَلَيْكَ نِعَمَهُ وَ أَنْتَ تَعْصِيهِ فَاحْذَرْهُ.
هذا الكلام تخويف و تحذير من الاستدراج قال سبحانه سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ 11039 و ذلك لأن العبد بغروره يعتقد أن موالاة النعم عليه و هو عاص من باب الرضا عنه و لا يعلم أنه استدراج له و نقمة عليه.
فإن قلت كيف يصح القول بالاستدراج على أصولكم في العدل أ ليس معنى الاستدراج إيهام العبد أنه سبحانه غير ساخط فعله و معصيته فهل هذا الاستدراج إلا مفسدة و سبب إلى الإصرار على القبيح.
قلت إذا كان المكلف عالما بقبح القبيح أو متمكنا من العلم بقبحه ثم رأى النعم تتوالى عليه و هو مصر على المعصية كان ترادف تلك النعم كالمنبه له على وجوب الحذر مثال ذلك من هو في خدمة ملك و هو عون ذلك الملك في دولته و يعلم أن الملك قد عرف حاله ثم يرى نعم الملك مترادفة إليه فإنه يجب بمقتضى الاحتياط أن يشتد حذره لأنه يقول ليست حالي مع الملك حال من يستحق هذه النعم و ما هذه إلا مكيدة و تحتها غائلة فيجب إذن عليه أن يحذر
26- [كلامه ع في ظهور مايضمره الإنسان على وجهه و لسانه]
وَ قَالَ ع مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلَّا ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ وَ صَفَحَاتِ وَجْهِهِ.
قال زهير بن أبي سلمى
و مهما تكن عند امرئ من خليقة
و إن خالها تخفى على الناس تعلم 11040 .
و قال آخر
تخبرني العينان ما القلب كاتم
و ما جن بالبغضاء و النظر الشزر .
و قال آخر
و في عينيك ترجمة أراها
تدل على الضغائن و الحقود
و أخلاق عهدت اللين فيها
غدت و كأنها زبر الحديد
و قد عاهدتني بخلاف هذا
و قال الله أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
و كان يقال العين و الوجه و اللسان أصحاب أخبار على القلب و قالوا القلوب كالمرايا المتقابلة إذا ارتسمت في إحداهن صورة ظهرت في الأخرى
27- [كلامه ع في الصبر على الأمور المدفوع لها قهرا و عدم التماس التغيير لها]
وَ قَالَ ع امْشِ بِدَائِكَ مَا مَشَى بِكَ.
يقول مهما وجدت سبيلا إلى الصبر على أمر من الأمور التي قد دفعت إليها و فيها مشقة عليك و ضرر لاحق بك فاصبر و لا تلتمس طريقا إلى تغيير ما دفعت إليه أن تسلكها بالعنف و مراغمة الوقت و معاناة الأقضية و الأقدار و مثال ذلك من يعرض له مرض ما يمكنه أن يحتمله و يدافع الوقت فإنه يجب عليه ألا يطرح جانبه إلى الأرض و يخلد إلى النوم على الفراش ليعالج ذلك المرض قوة و قهرا فربما أفضى به مقاهرة ذلك المرض الصغير بالأدوية إلى أن يصير كبيرا معضلا
28- [كلامه ع في أفضل الزهد]
وَ قَالَ ع أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ.
إنما كان كذلك لأن الجهر بالعبادة و الزهادة و الإعلان بذلك قل أن يسلم من مخالطة الرياء و قد تقدم لنا في الرياء أقوال مقنعة.
رأى المنصور رجلا واقفا ببابه فقال مثل هذا الدرهم بين عينيك و أنت واقف ببابنا فقال الربيع نعم لأنه ضرب على غير السكة.
شاعر
معشر أثبت الصلاة عليهم
لجباه يشقها المحراب
عمرو ا موضع التصنع منهم
و مكان الإخلاص منهم خراب
29- [كلامه ع في سرعة التقاء الموت و الأجل وإن أدبر عنه]
وَ قَالَ ع إِذَا كُنْتَ فِي إِدْبَارٍ وَ الْمَوْتُ فِي إِقْبَالٍ فَمَا أَسْرَعَ الْمُلْتَقَى.
هذا ظاهر لأنه إذا كان كلما جاء ففي إدبار و الموت كلما جاء ففي إقبال فيا سرعان ما يلتقيان و ذلك لأن إدباره هو توجهه إلى الموت و إقبال الموت هو توجه الموت إلى نحوه فقد حق إذن الالتقاء سريعا و مثال ذلك سفينتان بدجلة أو غيرها تصعد إحداهما و الأخرى تنحدر نحوها فلا ريب إن الالتقاء يكون وشيكا
30- [كلامه ع في التحذير من الاستدراج]
وَ قَالَ ع الْحَذَرَ الْحَذَرَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَتَرَ حَتَّى كَأَنَّهُ قَدْ غَفَرَ.
قد تقدم هذا المعنى و هو الاستدراج الذي ذكرناه آنفا
31- [كلامه ع في الإيمان]