کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
و أما الأدب فقالت الحكماء ما ورثت الآباء أبناءها كالأدب.
و أما التوفيق فمن لم يكن قائده ضل.
و أما العمل الصالح فإنه أشرف التجارات فقد قال الله تعالى هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ 11180 .
ثم عد الأعمال الصالحة.
و أما الثواب فهو الربح الحقيقي و أما ربح الدنيا فشبيه بحلم النائم.
و أما الوقوف عند الشبهات فهو حقيقة الورع و لا ريب أن من يزهد في الحرام أفضل ممن يزهد في المباحات كالمآكل اللذيذة و الملابس الناعمة و قد وصف الله تعالى أرباب التفكر فقال وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ 11181 و قال أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا و لا ريب أن العبادة بأداء الفرائض فوق العبادة بالنوافل و الحياء مخ الإيمان و كذلك الصبر و التواضع مصيدة الشرف و ذلك هو الحسب و أشرف الأشياء العلم لأنه خاصة الإنسان و به يقع الفضل بينه و بين سائر الحيوان.
و المشورة من الحزم فإن عقل غيرك تستضيفه إلى عقلك و من كلام بعض الحكماء إذا استشارك عدوك في الأمر فامحضه النصيحة في الرأي فإنه إن عمل برأيك و انتفع ندم على إفراطه في مناواتك و أفضت عداوته إلى المودة و إن خالفك و استضر عرف قدر أمانتك بنصحه و بلغت مناك في مكروهه
110 [و من كلامه ع في صلاح الزمان و فساده]
وَ قَالَ ع إِذَا اسْتَوْلَى الصَّلَاحُ عَلَى الزَّمَانِ وَ أَهْلِهِ ثُمَّ أَسَاءَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُلٍ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ حَوْبَةٌ فَقَدْ ظَلَمَ وَ إِذَا اسْتَوْلَى الْفَسَادُ عَلَى الزَّمَانِ وَ أَهْلِهِ فَأَحْسَنَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُلٍ فَقَدْ غَرَّرَ.
يريد أن يتعين على العاقل سوء الظن حيث الزمان فاسد و لا ينبغي له سوء الظن حيث الزمان صالح و قد جاء في الخبر المرفوع النهي عن أن يظن المسلم بالمسلم ظن السوء و ذلك محمول على المسلم الذي لم تظهر منه حوبة كما أشار إليه علي ع و الحوبة المعصية
و الخبر هو ما رواه جابر قال نظر رسول الله ص إلى الكعبة فقال مرحبا بك من بيت ما أعظمك و أعظم حرمتك و الله إن المؤمن أعظم حرمة منك عند الله عز و جل لأن الله حرم منك واحدة و من المؤمن ثلاثة دمه و ماله و أن يظن به ظن السوء.
و من كلام عمر ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيء ما يغلبك منه و لا تظنن بكلمة خرجت من في أخيك المسلم سوءا و أنت تجد لها في الخير محملا و من عرض نفسه للتهم فلا يلومن من أساء به الظن.
شاعر
أسأت إذ أحسنت ظني بكم
و الحزم سوء الظن بالناس .
قيل لعالم من أسوأ الناس حالا قال من لا يثق بأحد لسوء ظنه و لا يثق به أحد لسوء فعله.
شاعر
و قد كان حسن الظن بعض مذاهبي
فأدبني هذا الزمان و أهله .
قيل لصوفي ما صناعتك قال حسن الظن بالله و سوء الظن بالناس.
و كان يقال ما أحسن حسن الظن إلا أن فيه العجز و ما أقبح سوء الظن إلا أن فيه الحزم.
ابن المعتز
تفقد مساقط لحظ المريب
فإن العيون وجوه القلوب 11182
و طالع بوادره في الكلام
فإنك تجني ثمار العيوب ديوانه
111 [و من كلامه ع في من قال له كيف حالك]
وَ قِيلَ لَهُ ع كَيْفَ [تَجِدُكَ] نَجِدُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ كَيْفَ يَكُونُ حَالُ مَنْ يَفْنَى بِبَقَائِهِ وَ يَسْقَمُ بِصِحَّتِهِ وَ يُؤْتَى مِنْ مَأْمَنِهِ.
هذا مثل قول عبدة بن الطبيب
أرى بصري قد رابني بعد صحة
و حسبك داء أن تصح و تسلما
و لن يلبث العصران يوم و ليلة
إذا طلبا أن يدركا من تيمما .
و قال آخر
كانت قناتي لا تلين لغامز
فألانها الإصباح و الإمساء
و دعوت ربي بالسلامة جاهدا
ليصحني فإذا السلامة داء
112 [و من كلامه ع في الاستدراج و الإملاء]
وَ قَالَ ع كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَ مَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ وَ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ وَ مَا ابْتَلَى اللَّهُ أَحَداً بِمِثْلِ الْإِمْلَاءِ لَهُ.
قد تقدم القول في الاستدراج و الإملاء.
فأما القول في فتنة الإنسان بحسن القول فيه فقد ذكرنا أيضا طرفا صالحا يتعلق بها.
و قال رسول الله ص لرجل مدح رجلا و قد مر بمجلس رسول الله ص فلم يسمع و لكن قال ويحك لكدت تضرب عنقه لو سمعها لما أفلح.
113 [و من كلامه ع في من هلك فيه من المحبين و المبغضين]
وَ قَالَ ع هَلَكَ فِيَّ رَجُلَانِ مُحِبٌّ غَالٍ وَ مُبْغِضٌ قَالٍ.
قد تقدم القول في مثل هذا
و قد قال رسول الله ص و الله لو لا أني أشفق أن تقول طوائف من أمتي فيك ما قالت النصارى في ابن مريم لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بأحد من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك للبركة.
و مع كونه ص لم يقل فيه ذلك المقال فقد غلت فيه غلاة كثيرة العدد منتشرة في الدنيا يعتقدون فيه ما يعتقد النصارى في ابن مريم و أشنع من ذلك الاعتقاد.
فأما المبغض القالي فقد رأينا من يبغضه و لكن ما رأينا من يلعنه و يصرح بالبراءة منه و يقال إن في عمان و ما والاها من صحار و ما يجري مجراها قوما يعتقدون فيه ما كانت الخوارج تعتقده فيه و أنا أبرأ 11183 إلى الله منهما
114 [و من كلامه ع في إضاعة الفرصة]
وَ قَالَ ع إِضَاعَةُ الْفُرْصَةِ غُصَّةٌ.
في المثل انتهزوا الفرص فإنها تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ .
و قال الشاعر
و إن أمكنت فرصة في العدو
فلا يك همك إلا بها
فإن تك لم تأت من بابها
أتاك عدوك من بابها
و إياك من ندم بعدها