کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
342 [و من كلامه ع في الأمل]
وَ قَالَ ع لَوْ رَأَى الْعَبْدُ الْأَجَلَ وَ مَصِيرَهُ لَأَبْغَضَ الْأَمَلَ وَ غُرُورَهُ.
قد تقدم من الكلام في الأمل ما فيه كفاية و كان يقال وا عجبا لصاحب الأمل الطويل و ربما يكون كفنه في يد النساج و هو لا يعلم
343 [و من كلامه ع في أن الحوادث و الوارث شريكان في مال كل امرئ]
وَ قَالَ ع لِكُلِّ امْرِئٍ فِي مَالِهِ شَرِيكَانِ الْوَارِثُ وَ الْحَوَادِثُ.
أخذه الرضي فقال
خذ من تراثك ما استطعت فإنما
شركاؤك الأيام و الوراث 11556
لم يقض حق المال إلا معشر
نظروا الزمان يعيث فيه فعاثوا
وقد قال ع في موضع آخر بشر مال البخيل بحادث أو وارث.
و رأيت بخط ابن الخشاب رحمه الله على ظهر كتاب لعبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد ثم لحادث أو وارث كأنه يعني ضنه به أي لا أخرجه عن يدي اختيارا
344 [و من كلامه ع في أن الله تعالى لا يقبل دعاء الفاسق المخل بالواجبات]
وَ قَالَ ع الدَّاعِي بِلَا عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلَا وَتَرٍ.
من خلا من العمل فقد أخل بالواجبات و من أخل بالواجبات فقد فسق و الله تعالى لا يقبل دعاء الفاسق و شبهه ع بالرامي بلا وتر فإن سهمه لا ينفذ 11557
345 [و من كلامه ع في بيان أنواع العلم]
وَ قَالَ ع الْعِلْمُ عِلْمَانِ مَطْبُوعٌ وَ مَسْمُوعٌ وَ لَا يَنْفَعُ الْمَسْمُوعُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَطْبُوعُ.
هذه قاعدة كلية مذكورة في الكتب الحكمية إن العلوم منها ما هو غريزي و منها ما هو تكليفي ثم كل واحد من القسمين يختلف بالأشد و الأضعف أما الأول فقد يكون في الناس من لا يحتاج في النظر إلى ترتيب المقدمات بل تنساق النتيجة النظرية إليه سوقا من غير احتياج منه إلى التأمل و التدبر و قد يكون فيهم من هو دون ذلك و قد يكون من هو دون الدون و أما الثاني فقد يكون في الناس من لا يجدي فيه التعليم بل يكون كالصخرة الجامدة بلادة و غباوة و منهم من يكون أقل تبلدا و جنوح ذهن من ذلك و منهم من يكون الوقفة عنده أقل فيكون ذا حال متوسطة و بالجملة فاستقراء أحوال الناس يشهد بصحة ذلك.
و قال ع ليس ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع يقول إذا لم يكن هناك أحوال استعداد لم ينفع الدرس و التكرار و قد شاهدنا مثل هذا في حق أشخاص كثيرة اشتغلوا بالعلم الدهر الأطول فلم ينجع معهم العلاج و فارقوا الدنيا و هم على الغريزة الأولى في الساذجية و عدم الفهم
346 [و من كلامه ع في إقبال صواب الرأي بالدول و إدباره]
وَ قَالَ ع صَوَابُ الرَّأْيِ بِالدُّوَلِ يُقْبِلُ بِإِقْبَالِهَا وَ يَذْهَبُ بِذَهَابِهَا [يُدْبِرُ بِإِدْبَارِهَا].
قال الصولي اجتمع بنو برمك عند يحيى بن خالد في آخر دولتهم و هم يومئذ عشرة فأداروا بينهم الرأي في أمر فلم يصلح لهم فقال يحيى أنا لله ذهبت و الله دولتنا كنا في إقبالنا يبرم الواحد منا عشرة آراء مشكلة في وقت واحد و اليوم نحن عشرة في أمر غير مشكل و لا يصح لنا فيه رأي الله نسأل حسن الخاتمة.
أرسل المنصور لما 11558 هاضه أمر إبراهيم إلى عمه عبد الله بن علي و هو في السجن يستشيره ما يصنع و كان إبراهيم قد ظهر بالبصرة فقال عبد الله أنا محبوس و المحبوس محبوس الرأي قال له فعلى ذاك قال يفرق الأموال كلها على الرجال و يلقاه فإن ظفر فذاك و إلا يتوجه إلى أبيه محمد بجرجان و يتركه يقدم على بيوت أموال فارغة فهو خير له من أن تكون الدبرة عليه و يقدم عدوه على بيوت أموال مملوءة.
قال سليمان بن عبد الملك ليزيد بن أبي مسلم صاحب شرطة الحجاج يوما لعن الله رجلا أجرك رسنه و خرب لك آخرته قال يا أمير المؤمنين رأيتني و الأمر عني مدبر و لو رأيتني و الأمر علي مقبل لاستكبرت مني ما استصغرت و لاستعظمت مني ما استحقرت
347 [و من كلامه ع في العفاف و الشكر]
وَ قَالَ ع الْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ وَ الشُّكْرُ زِينَةُ الْغِنَى.
قد سبق القول في أن الأجمل بالفقير أن يكون عفيفا و ألا يكون جشعا حريصا و لا جادا في الطلب متهالكا و أنه ينبغي أنه إذا افتقر أن يتيه على الوقت و أبناء الوقت فإن التيه في مثل ذلك المقام لا بأس به ليبعد جدا عن مظنة الحرص و الطمع.
و قد سبق أيضا القول في الشكر عند النعمة و وجوبه و أنه سبب لاستدامتها و أن الإخلال به داعية إلى زوالها و انتقالها و ذكرنا في هذا الباب أمورا مستحسنة فلتراجع و قال عبد الصمد بن المعذل في العفاف
سأقنى العفاف و أرضى الكفاف
و ليس غنى النفس حوز الجزيل
و لا أتصدى لشكر الجواد
و لا أستعد لذم البخيل
و أعلم أن بنات الرجاء
تحل العزيز محل الذليل
و أن ليس مستغنيا بالكثير
من ليس مستغنيا بالقليل
348 [و من كلامه ع في مقايسة يوم العدل و الجور على الظالم و المظلوم]
وَ قَالَ ع يَوْمُ الْعَدْلِ عَلَى الظَّالِمِ أَشَدُّ مِنْ يَوْمِ الْجَوْرِ عَلَى الْمَظْلُومِ.