کتابخانه روایات شیعه
الباب الثاني فيما وقفناه من كتب تفاسير القرآن الكريم و ما يختص به من تصانيف التعظيم و فيه فصول
فيما نذكره من مجلده الأول من كتاب التبيان
فصل [في الرجعة]
تفسير جدي أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي و هذا المجلد قالبه نصف الورقة الكبيرة و فيه خمسة أجزاء من قالب الربع فمما نذكره من القائمة الأولة من الكراس الرابع قوله تعالى- ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . قال جدي أبو جعفر الطوسي و استدل بهذه الآية قوم من أصحابنا على جواز الرجعة فإن استدل بها على جوازها كان ذلك صحيحا لأن من منع منه و أحاله فالقرآن يكذبه و إن استدل بها على وجوب الرجعة و حصولها فلا يصح لأن إحياء قوم في وقت ليس بدلالة على إحياء قوم آخرين في وقت آخر بل ذلك يحتاج إلى دلالة أخرى. يقول علي بن موسى بن طاوس اعلم أن الذين
قال رسول الله فيهم إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض
لا يختلفون في إحياء الله جل جلاله قوما بعد مماتهم في الحياة الدنيا من هذه الأمة تصديقا لما روى المخالف و المؤالف عن صاحب النبوة ص أما المخالف
فروى الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين البخاري و مسلم في الحديث الحادي و العشرين من مسند أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ص لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر و ذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود و النصارى قال فمن
و من
ذلك
ما روى الحميدي في الحديث التاسع و الأربعين من مسند أبي هريرة أنه قال قال النبي ص لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي ما أخذ القرون شبرا بشبر و ذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس و الروم قال و من الناس إلا أولئك
و من ذلك ما ذكرناه الزمخشري في كتاب الكشاف في تفسير قوله وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ ما هذا لفظه-
و عن حذيفة أنتم أشبه الأمم سمتا ببني إسرائيل لتركبن طريقتهم حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة حتى إني لا أدري أ تعبدون العجل أم لا
. أقول فإذا كانت هذه بعض رواياتهم في متابعة الأمم الماضية و بني إسرائيل و اليهود فقد نطق القرآن الشريف و الأخبار المتواترة أن خلقا من الأمم الماضية و اليهود لما قالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فأماتهم الله ثم أحياهم فيكون على هذا في أمتنا من يحييهم الله في الحياة الدنيا كما جرى في القرون السالفة و في بني إسرائيل. أقول و لقد رأيت في أخبار المخالفين زيادة على ما تقول الشيعة من الإشارة إلى أن مولانا عليا ع يعود إلى الدنيا بعد ضرب ابن ملجم و بعد وفاته كما رجع ذو القرنين فمن الروايات في ذلك ما ذكره الزمخشري في كتاب الكشاف في حديث ذي القرنين فقال ما هذا لفظه
و عن علي ع سخر له السحاب و مدت له الأسباب و بسط له النور و سئل عنه فقال أحب الله فأحبه و سأله ابن الكواء ما ذو القرنين أ ملك أم نبي فقال ليس بملك و لا نبي لكن كان عبدا صالحا ضرب على قرنه الأيمن في طاعة الله فمات ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله و سمي ذو القرنين و فيكم مثله
. أقول قول مولانا علي ع و فيكم مثله إشارة إلى ضرب ابن ملجم له و أنه على هذه رواية الزمخشري بعد الممات و هذا أبلغ من رواية بعض الشيعة في الرجعة المذكورة في الروايات. أقول رواية أيضا في كتب أخبار المخالفين عن جماعة من المسلمين-
أنهم رجعوا بعد الممات قبل الدفن و بعد الدفن و تكلموا و تحدثوا ثم ماتوا فمن الروايات عنهم فيمن عاش بعد الدفن ما ذكره الحاكم النيسابوري في تاريخه في المجلد الثاني منه في حديث حسام بن عبد الرحمن النيشابوري عن أبيه عن جده و كان قاضي نيشابور و دخل عليه رجل فقيل له إن عند هذا حديثا عجيبا فقال يا هذا ما هو فقال اعلم أني كنت رجلا نباشا أنبش القبور فماتت امرأة فذهبت لأعرف قبرها فصليت عليها فلما جن الليل قال ذهبت لأنبش عنها و ضربت يدي إلى كفنها لأسلبها فقالت سبحان الله رجل من أهل الجنة تسلب امرأة من أهل الجنة ثم قالت أ لم تعلم أنك ممن صليت علي و أن الله عز و جل قد غفر لمن صلى علي. أقول أنا فإذا كان هذا قد رووه و دونوه عن نباش القبور فهلا كان لعلماء أهل البيت أسوة به و لأي حال تقابل روايتهم ع بالنفور و هذه المرأة المذكورة دون الذين يرجعون لمهمات الأمور و لو ذكرت كل ما وقفت عليه من رواياتهم خرج كتابنا عن الغرض الذي قصدنا إليه و الرجعة التي تعتقدها علماؤنا أهل البيت و شيعتهم تكون من جملة آيات النبي ص معجزاته و لأي حال يكون منزلته عند الجمهور دون موسى و عيسى و دانيال و قد أحيا الله جل جلاله على أيديهم أمواتا كثيرة بغير خلاف عند العلماء بهذه الأمور
فصل [في طالوت و من صبر معه]
فيما نذكره من الوجهة الأولى من القائمة الرابعة من الكراس العاشر من أصل المجلد الأول من الجزء الثاني من التبيان قوله تعالى- فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ . ذكر الطوسي أن الذين صبروا مع طالوت على القنوع بغرفة واحدة ثلاثمائة و بضعة عشر عدة أهل بدر و سنذكره من غير التبيان جملة من قصة طالوت فيقال إن الله تعالى أوحى إلى أشموئيل من بني إسرائيل أن يأمر طالوت بالمسير إلى جالوت من بيت المقدس بالجنود لم يتخلف
عنه إلا كبير لهرمه أو مريض لمرضه أو ضرير لضرره أو معذور لعذره و ذلك أنهم لما رأوا التابوت قالوا قد أتانا التابوت و هو النصر لا شك فيه فتسارعوا إلى الجهاد فقال طالوت لا حاجة لي في كلما أرى لا يخرج معي رجل يأتينا لم يفرغ منه و لا صاحب تجارة يشتغل بها و لا رجل عليه دين و لا رجل تزوج بامرأة لم يبن بها و لا أبتغي إلا البسيط الفارغ فإذا جمع ثمانون ألفا على شرطه يخرج بهم و كان في حر شديد فشكوا قلة المياه بينهم و بين عدوهم و قالوا إن المياه لا تحملنا و ادع الله أن يجري لنا نهرا فقال لهم طالوت بأمر أشموئيل إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ يختبركم ليرى طاعتكم و هل علم بِنَهَرٍ و هو نهر بين الأردن و فلسطين عذب فكان الذين قنعوا بالغرفة الواحدة ثلاثمائة و ثلاثة عشر و كفت كل واحد منهم غرفته لشربه و حمله و دوابه و الذين خالفوا و شربوا اسودت شفاههم و غلبهم العطش و جنبوا عن لقاء العدو و رجعوا على شط النهر و لم يدركوا الفتح و انصرفوا عن طالوت و حضر داود و قال أنا أقتل جالوت و كان الأمر كذلك فإنه رماه بحجر فقتله. أقول ليس من العجب أن قوما خرجوا بعد أن شاهدوا تابوت النصر و قد عزموا على الجهاد و الحرب و الصبر و انحل ذلك العزم إلى زيادة على غرفة من الماء و لم يكن لهم أسوة بسلطانهم و لا قوة بآية التابوت ملائكة السماء قد كانت الجاهلية و الذين يحاربون من الكفار ما عندهم تصديق بدار القرار و لا عذاب النار و إنما يطلبون مجرد الحياة الفانية و هم يخاطرون بأنفسهم و رءوسهم لأجل ذكر جميل أو مال و هيبة فيا عجباه لمن يدعي أنه على تحقيق و يقين و يضعف عن حال ضعيف معول على ظن ضعيف و تخمين
فصل [في بطلان قول المجبرة أن الكافر لا يقدر على الايمان]
فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة من الكراس السادس عشر من أصل المجلد الأول أيضا من الجزء الثالث من التبيان بلفظه قوله وَ ما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَ كانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً - آية واحدة بلا خلاف معنى قوله وَ ما ذا عَلَيْهِمْ الآية-
الاحتجاج على المتخلفين عن الإيمان بالله و اليوم الآخر بما عليهم فيه و لهم و ذلك يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه فيما عليه و له فإذا ظهر له ما عليه في فعل المعصية من استحقاق العقاب اجتنبها و ما له في تركها من استحقاق الثواب عمل في ذلك من الاختيار له و الانصراف عنه و في ذلك دلالة على بطلان قول المجبرة في أن الكافر لا يقدر على الإيمان لأن الآية نزلت على أنه لا عذر للكفار في ترك الإيمان و لو كانوا غير قادرين لكان فيه أوضح العذر لهم و لما جاز أن يقال وَ ما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ لأنهم لا يقدرون عليه كما لا يجوز أن يقال لأهل النار ما ذا عليهم لو خرجوا منها إلى الجنة من حيث لا يقدرون عليه و لا يجدون السبيل إليه و كذلك لا يجوز أن يقال للعاجز ما ذا عليه لو كان صحيحا و للفقير ما ذا عليه أن يكون غنيا. يقول علي بن موسى بن طاوس إن من العجب أن يكون الكفار يصدقون بما يسمعون من أخبار البلاد و لو كان المخبر بها من الآحاد و يصدقون من يخبرهم بخوف ضرر عليهم من أضعف الظنون و يتحرزون من ذلك و يتحفظون و يصدقون الكهنة و القافة و أصحاب الزجر و الفأل و يرجعون إلى قولهم من مهمات الأحوال و يكون محمد ص و الأنبياء ع في الدلالة على مخرجهم من العدم إلى الوجود و من يرون تصرفه جل جلاله فيهم باهرا ظاهرا بالحياة و الموت و الشباب و الهرم و الصحة و السقم و الغنى و الفقر و النوم و اليقظة و كلما يعجزون عن دفعه عنهم و يعلمون أنه ما هو منهم و لا يلتفتون إلى محمد ص و سائر الأنبياء و شواهد تصديقهم حاضرة فيهم من العقول و الأحلام و يحذرهم محمد ص مما لا طاقة لهم بأهواله و لا صبر على احتماله من العذاب الدائم في النيران و من أعظم الهوان فلا يأخذون بالحزم و الاستظهار و قد تحرزوا مما هو دونه من الأخطار و دون منه ع من أهل الأخبار و كيف صار عندهم دون كاهن ضعيف و قائف سخيف و زاجر بالأوهام و صاحب فأل و منام. أقول و كم قد دخلوا فيما يغلب ظنهم بغرره أو يعلمون بخطره لأجل
بعض الشهوات و قدموا على قتل أنفسهم في الحروب لأجل الثناء يكون بعد الممات فهلا كان الكف عن محاربة محمد ص و عداوته كبعض ما دخلوا لوعوده العاجلة و الآجلة برسالته و ما كان قد جاءهم بالجنود و العساكر في مبدأ أمره حتى تنفر النفوس من أصلابه و قهره و إنما جاء وحيدا فريدا باللطف و العطف و حسن التوسل و الكشف فهلا تبعوه أو تركوه فلا يؤذوه
فصل [في آية البلاغ و النص على الامام علي ع يوم الغدير]
فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الثانية من الكراس الحادي و العشرين من أصل المجلد الأول من التبيان قوله يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ
فذكر جدي أبو جعفر الطوسي عن الباقر و الصادق ع إن الله تعالى لما أوحى إلى النبي ص أن يستخلف عليا كان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه قال الله بعده تشجيعا له على القيام بما أمره بأدائه
. يقول علي بن طاوس و قد رويت ذلك أيضا من طرق الجمهور في كتاب الطرائف و الجزء الأول من كتاب الإقبال فمن أراد الوقوف على ما حررناه و ذكرناه فلينظره من حيث دللنا عليه و اعلم أن كل قول يقال فيها غير هذا المعنى المشار إليه فهو بعيد مما يدل العقل عليه لأن هذه الآية يقتضي ظاهرها أن الذي أمر الله جل جلاله النبي ص كالرسالة على ... و أنه لو لم يبلغه ما كان صنع شيئا و لا قام بالرسالة عن مالك الأرض و السماء فهو شاهد أن الأمر الذي يراد منه يجري مجرى نفسه الشريفة الذي لا عوض عنه و هذه صفة من يكون قائما مقامه في العباد و البلاد و حافظا لكل ما دعا إليه و دل عليه إلى يوم المعاد و ذكرنا في كتاب الإقبال أنه راجع الله جل جلاله في تأخير خلافة علي ع و النص عليه كما راجع موسى في النبوة و هي أعظم من الإمامة و قال إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ و كان عليا ع قد قتل نفوسا كثيرة فإذا كان بقتل نفس واحدة يجوز المراجعة في تبليغ النبوات فهو عدم فيما يتضمنه هذه الآية من تعظيم النص
و ضمان السلامة من المخافات و أشرنا إلى كتب المجلدات و كثير من الروايات في الطرائف من طرق المخالف بالنص الصريح عن مولانا علي بن أبي طالب ع يوم الغدير و ما جرى من النفوذ و قد تضمن كتاب المعرفة لإبراهيم بن محمد بن إسحاق الثقفي شرحا واضحا لتلك الأمور و كيف وقع معاقدة جماعة على النفر بناقة النبي ص بعد نصه على مولانا علي ع ليقتل قبل وصوله المدينة الشريفة و شرحنا ذلك شرحا بالطرق المحققة المنيفة. أقول و يحسن أن نذكر هنا بعض الروايات بتأويل قوله جل جلاله- يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ فمن ذلك من الخزانة الحافظية من الجزء الأول فيما نزل من القرآن في رسول الله ص و علي ع و أهل البيت ما هذا لفظه
محمد بن إسحاق بن إبراهيم البغدادي قال حدثنا أحمد بن القسم قال حدثنا يعقوب عن الحكم بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن القاسم الشيباني قال سمعت عبد الله بن العباس يقول لما أمر الله نبيه ص بأن يقوم بغدير خم فيقول في علي ما قال قال أي رب إن قريشا حديثو عهد بالجاهلية و متى أفعل هذا يقولوا فعل بابن عمه كذا كذا فلما قضى حجه رجع إليه جبرائيل فقال- يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فقام رسول الله و أخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه
و جاء هذا الخبر من طرق كثيرة هذا آخر لفظه من أصله و من ذلك