کتابخانه روایات شیعه
لفظ تَبارَكَ الدوام. أقول و أما قول عبد الجبار إن لفظ تسميته فرقانا يقتضي أنه يعرف به جميع الحق من الباطل فقد كابر الضرورة و هل يعلم من نفسه و غيره أن حجج العقول عرف بها كثير من الحق و الباطل قبل القرآن و أن كثيرا من تفصيل الشرائع و الأحكام عرف من غير القرآن و أنه التجأ و أصحابه إلى القياس و الاجتهاد حيث ادعوا خلو القرآن من حجة فكيف غفل مما يعتقده هو و أصحابه و ناقضه هاهنا. أقول و أما قوله لو كان لا يعرف المراد إلا بتفسير أو بقول إمام لخرج من أن يكون مفرقا بين الحق و الباطل فهو جهل عظيم منه و غفلة شديدة صدرت عنه ويحه أ تراه يعتقد أن القرآن مستغن عن صاحب النبوة في تفسيره أو تفسير شيء منه غفلة أو غفل عن قول الله تعالى- ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أما هذا تصريح أن فيه ما لا يعلم تأويله إلا الله و إذا كان لا يحتاج إلى تفسير فلأي حال نقلوا أخبار من فسره من النبي و الصحابة و التابعين و كان على قوله كل من وقف على القرآن عرف من ظاهره تفسيره و هلا جوز أن يكون معنى قوله تعالى القرآن أنه فرق بين الحق و الباطل في كل ما فرق بينهما فيه. أقول و أما قول عبد الجبار إن المعارف مكتسبة إذ لو كانت ضرورية لما عرف بها الحق من الباطل فهو أيضا طريق عجيب أما يعلم كل عاقل أن العلوم منها ضروري و منها المكتسب أو ما يعرف هو أن المعرفة بالعقل ضرورية و هو أصل العلوم كلها و به حصلت المعرفة بالفرق بين الحق و الباطل
فيما نذكره من الجزء السابع من تفسير عبد الجبار المسمى بالفرائد من الوجهة الثانية من القائمة السابعة من الكراس الثالث منه بلفظه و قوله تعالى وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ يدل على أن في اليهود من كان يقول هذا القول إذ لا يمكن حمل ذلك على
كل اليهود و لعلمنا بخلافه. يقول علي بن موسى بن طاوس أما الآية فليس فيها ما ذكره عبد الجبار أن فيهم من يقول هذا دون جميعهم و هلا قال إن الذين كانوا زمن عزير و عند القول عن عيسى كانوا قائلين بذلك ثم اختلفوا فيما بعد فإن الآية تضمنت عن قوم قالوا على صفة قوم ماض كما أن المسلمين كان قولهم واحدا في حياة النبي و كان اختلافهم بعد وفاته ثم يتجدد من الاختلاف ما لم يكن في ذلك الزمان
فيما نذكره من الجزء التاسع من تفسير عبد الجبار من الوجهة الثانية من القائمة السابعة من الكراس الثالث بلفظه و قوله وَ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً هو الأصل في الكتابة و عليه بنى الفقهاء كتاب المكاتب و شرط تعالى في ذلك الابتغاء من جهة العبد و أن يعلم فيه خيرا و اختلفوا في وجوب ذلك فحكى إسماعيل بن إسحاق عن عطا أنه رآه واجبا و حكى أن عمر أمر أنس بن مالك أن يكاتب أبا محمد بن سيرين فأبى فضربه بالدرة حتى كاتبه و روي عن جماعة كثيرة أنه ندب و هو قول الحسن و غيره و متى قيل أ يدل الظاهر على أحد القولين فجوابنا أن تعليق ذلك بابتغاء العبد كالدلالة على أنه غير واجب إذ لو كان واجبا لكان حقا له عليه إذا تمكن و لو كان كذلك للزمه و إن لم يبتغه خصوصا و هذا العقد يتضمن إزالة ملك و ذلك لا يجب في الأصول. يقول علي بن موسى بن طاوس أين حكاية هذا الاختلاف و كلما حكاه و يحكيه من اختلاف المفسرين من قوله إن القرآن يدل بظاهره على جميع الفرقان بين الحق و الباطل و لو كان الأمر كما ذكره فعلام اختلاف الأوائل و الأواخر في تفسيره ما أقبح المكابرة و خاصة ممن يدعي تحصيل العلم و تحريره. أقول إن في حكايته عن عمر أنه ضرب أنس بن مالك حتى كاتب
مملوكه ينسخ لذكر الصحابة و طعن أنس و هو أصل في أحاديثهم العظيمة و كيف رأى عبد الجبار أن الآية دالة على الندب و ظاهر ما حكاه عن عمر يدل على أنه كان يعتقد ذلك واجبا و الصحابة أعرف بتأويل القرآن فإنهم عرفوه من صاحب النبوة و ممن عرفه منه فهلا قلد لعمر في هذه المسألة كما قلده في الأمور الكلية الكثيرة و نصوص القرآن الشريف هو يسقط الاجتهاد الذي يدعيه
فيما نذكره من الجزء العاشر من تفسير عبد الجبار المسمى بالفرائد من تفسير قوله تعالى فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها فقال عبد الجبار في الوجهة الثانية من القائمة الثالثة من الكراس الأول منه حيث روى أن الحرب تضع أوزارها عند نزول عيسى ابن مريم قال بلفظه و بعد فقد بينا أن نزول عيسى على وجه لا يعرف لا يجوز و التكليف ثابت و إنما يجوز عند زواله فيكون من أشراط الساعة لأنه لا يجوز أن ينقض الله العادات في غير أزمان الأنبياء مع ثبات التكليف و إن جاز ذلك مع زواله. يقول علي بن موسى بن طاوس كيف ننكر نزول عيسى على وجه يعرف و هو الظاهر من مذهب المسلمين و أنه يقتل الدجال و يصلي خلف المهدي ع من ذرية سيد المرسلين و قد روى ذلك الهمداني أبو العلاء الحافظ العظيم الشأن عندهم المعروف بابن العطار و اسمه الحسن بن أحمد المشهور له أنه ما كان في عصره مثله و أبو نعيم الحافظ و القضاعي في كتاب الشهاب و أن من ذكرناهم من علمائهم طال الكتاب و كيف يدعي عبد الجبار أن نقض العادات في غير أزمان الأنبياء لا يجوز و من المعلوم من التواريخ من العقل و النقل و الوجدان وجود خرق عادات من جهة السماوات و من جهة الأرض و النبات و الحيوان و حدوث آيات لم يذكر مثلها في ما مضى من الأوقات و إن عصبية أو جهلا بلغ بقائله أو معتقده إلى هذه الغايات لعظيم و يكاد أن يكون صاحبه في جانب أهل الغفلات.
أقول و أن يجوز عند عبد الجبار نزول عيسى ع عند زوال التكليف من الاعتقاد الطريف لأنه إذا جوز نزول عيسى في وقت من الأوقات أ تراه يعتقد أن عيسى ع يكون في الدنيا فهو خال من التكليف من الواجبات و المندوبات فهل ذهب أحد من المسلمين إلى أن أحدا من العقلاء البالغين الأصحاء السالمين يكون في الحياة الدنيا بين أهلها عاريا من التكليف و أخذ عدل عبد الجبار عن موافقة المعلوم من السنة المحمدية فوقع في هذه العقيدة الردية و ما يستبعد من عبد الجبار أن يكون إنما حمل على إنكار نزول عيسى في زمان التكليف إن الأخبار وردت أنه يكون في دولة المهدي ع و يصلي خلفه فلعله أراد التشكيك في ذلك بإظهار هذا القول الضعيف
[فيما نذكره من تفسير البلخي]
فصل [في أن النبي جمع القرآن قبل وفاته]
فيما نذكره من تفسير عبد الله بن أحمد بن محمد بن محمود المعروف بأبي القاسم البلخي الذي سمى تفسيره جامع علم القرآن ذكر الخطيب في تاريخ بغداد أنه قدم بغداد و صنف بها كتبا كثيرة في علم الكلام ثم عاد إلى بلخ فقام بها إلى أن توفي في أول شعبان سنة تسع عشرة و ثلاثمائة و هذا يقتضي أنه بقي بعد وفاة الجبائي فمما نذكره من الجزء الأول منه في أن النبي ص جمع القرآن قبل وفاته و أنكر البلخي قول من قال إن القرآن جمعه أبو بكر و عثمان بعد وفاة النبي فقال البلخي في إنكار ذلك من الوجهة الثانية من القائمة السادسة من الكراس الأول منه ما هذا لفظه و أما الذي يدل على إبطال قول من يدعي الزيادة و النقصان و أن النبي لم يجمعه حتى جمعه أصحابه بعده و ذكر البلخي الآيات المتضمنة بحفظ القرآن ثم قال البلخي من الوجهة الأولة من القائمة السابعة من الكراس الأول ما هذا لفظه و إني لأعجب من أن يقبل المؤمنون قول من زعم أن رسول الله ص ترك القرآن الذي هو حجة على أمته و الذي تقوم به دعوته و الفرائض الذي جاء بها من عند ربه و به يصح دينه الذي بعثه الله داعيا إليه مفرقا في قطع الحروف و لم يجمعه و لم ينصه و لم يحفظه و لم يحكم الأمر في قراءته و ما يجوز من
الاختلاف و ما لا يجوز و في إعرابه و مقداره و تأليف سوره و آيه هذا لا يتوهم على رجل من عامة المسلمين فكيف برسول رب العالمين قلت أنا و الله لقد صدقت يا بلخي من توهم أو قال عنه ص أنه عرف يموت في تلك المرضة و علم اختلاف أمته بعده ثلاثا و سبعين فرقة و أنه يرجع بعده بعضهم يضرب رقاب بعض و لم يعين لهم على من يقوم مقامه و لا قال لهم اختاروا أنتم حتى تركهم في ضلال إلى يوم الدين هذا لا يعتقد فيه إلا جاهل برب العالمين و جاهل بسيد المرسلين فإن القائم مقامه يحفظ الكتاب و يقوم بعده لحفظ شرائع المسلمين و لعمري إن دعواهم أنه أهل تأليف القرآن الشريف حتى جمعه بعده سواه بعد سنين قوله باطل لا يخفى على العارفين و هو إن صح أن غيره جمعه بعد أعوام يدل على أن الذي جمعه رسول الله ص التفت الناس إليه و جمع خلاف ما جمعه عليه هذا إذا صح ما قال الجبائي. أقول ثم طعن البلخي في الوجهة الثانية من القائمة السادسة من الكراس الثاني على جماعة من القراء منهم حمزة و الكلبي و أبو صالح و كثير ما روى في التفسير ثم قال البلخي في الوجهة من القائمة الثالثة من الثالث ما هذا لفظه و اختلف أهل العلم في أول آية منها فقال أهل الكوفة و أهل مكة إنها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و أبى ذلك أهل المدينة و أهل البصرة و احتجوا بأنها لو كانت آية من نفس السورة لوجب أن تكون قبلها مثلها ليكون إحداهما افتتاحا للسورة حسب الواجب في سائر السور و الأخرى أول آية منها و ما قالوه عندنا هو الصواب و الله أعلم. يقول علي بن موسى بن طاوس قد تعجبت ممن استدل على أن القرآن محفوظ من عند رسول الله ص و أنه هو الذي جمعه ثم ذكر هاهنا اختلاف أهل مكة و المدينة و أهل الكوفة و أهل البصرة و اختار أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ليست من السورة و أعجب من ذلك احتجاجه بأنها لو كانت من نفس السورة كان قد ذكر قبلها افتتاح فيا لله و يا للعجب إذا كان القرآن مصونا من الزيادة و النقصان كما يقتضيه العقل و الشرع كيف
يلزم أن يكون قبلها ما ليس فيها و كيف كان يجوز ذلك أصلا و لو كان هذا جائزا لكان في سورة براءة لافتتاحها
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كما كنا ذكرناه من قبل هذا و قد ذكر من اختلاف القراءات و المعاني المتضادات ما يقضي به على نفسه من تحقيق أن القرآن محفوظ من عند صاحب النبوة و قد كان ينبغي حيث اختار ذلك و اعتمد عليه أن يعين على ما أجمع الصحابة عن رسول الله ص ليتم له ما استدل به و بلغ إليه
فيما نذكره من المجلد الثالث في تفسير البلخي لأن الجزء الثاني ما حصل عندنا فقال في الوجهة الثانية من القائمة الخامسة و بعضه من الوجهة الأولة من القائمة السادسة من الكراس الرابع ما هذا لفظه النسخة عندنا قوله وَ أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ و الباء زائدة نحو زيادتها في قوله تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ و إنما هي تنبت الدهن قال أبو الغول-
و لعل ملأت على نصب جلده
بمساءة إن الصديق بعاتب
يريد ملأت جلده مساءة و التهلكة و الهلاك واحدة قتادة وَ أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية قال أعطاهم الله رزقا و أموالا فكانوا مسافرين و يغتربون و لا ينفقون من أموالهم فأمرهم الله أن ينفقوا في سبيل الله و أن يحسنوا فيما رزقهم الله عبيدة السلماني وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ فنهوا عن ذلك ابن عباس وَ أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية قال إن لم يجد الرجل الاستقصاء فليجتهد في سبيل الله الآية و لا تقولون لا أجد شيئا قد هلكت ثم ذكر البلخي عن جماعة أن التهلكة النجل أو يقاتل و يعلم أنه لا ينفع بقتاله أو هو ما أهلكهم عند الله جل جلاله. يقول علي بن موسى بن طاوس اعلم أن قول البلخي إن الباء زائدة في قوله تعالى بِأَيْدِيكُمْ فهو قول يقال فيه إنه لو كانت الباء زائدة لكان الإلقاء إلى التهلكة بالأيدي فحسب و لما قال تعالى لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ كان مفهومه لا تلقوا بأنفسكم و هو الظاهر من الآية فلا ينبغي أن يتحكم بأنها زائدة أقول و أما المثال الذي ذكره في قوله جل جلاله تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ فيقال له لو قيل لك إنها لو كانت زائدة لكان المراد كما زعمت أنها تنبت الدهن و من
المعلوم أن الدهن لا يسمى نباتا حتى يقال تنبت الدهن و إنما المانع أن يكون الباء في قوله تعالى بِالدُّهْنِ أن يكون في موضع لام فتكون على معنى تنبت للدهن فإن حروف الصفات تقوم بعضها مقام بعض و هو في القرآن في عدة مواضع و يقال عن تفسير الإلقاء إلى التهلكة إن الوجه الذي ذكره في أنها ما تهلك عند الله تعالى كأنه أحوط في الآية و ربما يدخل تحتها الوجوه كلها إذا كانت مهلكة عند الله كان كل شيء يكون العبد معه سليما عند الله تعالى و ممتثلا أمره فيه فليس بهلاك حقيقة