کتابخانه روایات شیعه
ثم أكرم خلقي بأن جعله في حرم 57 حرمة أول من اصطفاه من النبيين، و أسجد له ملائكته أجمعين.
ثم نقلني في خزائن السلامة و العناية التامة من أصلاب الآباء إلى بطون الامهات، ملحوظا بالعنايات، محفوظا من الآفات التي جرت على الامم الهالكات، مصونا عن طعن الأنساب و وهن الأسباب، بدليل أنّه جلّ جلاله جعلني من ذريّة سيد المرسلين و خاتم النبيين و أفضل العالمين، و من فروع أكمل الوصيين و إمام المتّقين و الكاشف بالإذن المقدس المكين أسرار ربّ العالمين، و من ثمرة فؤاد سيدة نساء الأوّلين و الآخرين، الذين تولى اللّه جلّ جلاله تزكية أعراقهم الطاهرة، و تنمية أخلاقهم الباهرة، فكل شرف سبق لهم صلوات اللّه عليهم بالولادات و كمال الآباء و الامهات، فقد دخلنا معهم عليهم السّلام في تحف تلك السعادات و العنايات، و من جملة فوائد تلك الاصول ما سيأتي في الفصول.
[فوائد الأصول في بيان هذه الأصول]
[الفصل الأوّل في بيانه لشرف نسبه و عدم معارضة ذلك لآية التقوى]
(الفصل الأوّل) اعلم أنني ما أقول هذا غفولا عن الشرف بالتقوى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ 58 ، و لكن سلامة الأعقاب من الطعن و البلوى من أفضل نعم اللّه جلّ جلاله، التي أمر جلّ جلاله بالاعتراف بقدرها، و حث في القرآن الشريف على الحديث بها و نشرها وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ 59 .
[الفصل الثّاني في تضمن الكتب لوجوب تعداد النعم بطهارة الأصول]
(الفصل الثّاني) و قد تضمّنت كتب الأخبار و مقالات الأخيار، أن تعداد النعم بطهارة الاصول و سلامتها من الوهن المرذول من مهمات المأمول، و دلالات الإقبال و القبول بشهادة المعقول و المنقول.
[الفصل الثالث في بيان عدم معارضة ذكر شرف النسب مع المنع من تزكية النفس]
(الفصل الثالث) و ليس هذا من باب التزكية لنفس الإنسان التي منع منها ظاهر القرآن 60 ،
لأننا اعترفنا بها للّه جلّ جلاله صاحب الاحسان، و لأنّ لو منع عقل أو نقل عن أمثال هذا المقال، كان قد حرم على أهل الإسلام مدح أبيهم آدم على نبينا و عليه السّلام، و كان قد حرم على ذريّة محمّد صلوات اللّه عليه و آله مدحه و تعظيمه على فعاله و مقاله لأنّه جدهم، و المدح له مدح لأعراقهم الجليلة، و تزكية لأصولهم الجميلة.
[الفصل الرابع في تمني ذوي الشرف و النسب انتسابهم إلى النبي ص]
(الفصل الرابع) فترى كلّ ذي حسب و نسب يودّ لو أن حسبه و نسبه من أحسابنا و أنسابنا النبويّة، و لا نجد أبدا نسبا و لا حسبا خيرا من أحسابنا و أنسابنا الزكية، فنتمنى أو نرضى أن تكون جميع أعراقنا منه أو أننا تفرعنا عنه.
[الفصل الخامس في بيان انتسابه إلى النبي ص]
(الفصل الخامس) ثم شرّفني اللّه جلّ جلاله من لدن سلفي الأطهار، محمّد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و زين العابدين، و من ولدني من الأبرار بآباء و امهات و أجداد و جدّات، وجدت أهل العلم و الأمانات 61 ، ممن يعتمد عليهم و قد أطبقوا على الثناء عليهم، و قد ذكرت من ذلك الثناء طرفا جليلا في كتاب (الأصطفاء) 62 .
[الفصل السادس في بيان أن ولادته كانت في دولة الإسلام]
(الفصل السادس) ثم أخرجني اللّه جلّ جلاله الى الوجود الحاضر بفضله الباهر على سبيل الاكرام في دولة الإسلام، التي هي أشرف دول الأيّام، بعد أن أشرقت بجدي محمّد صلوات اللّه و سلامه عليه و آله أنوار شموسها، و أطلقت بيد نبوته من قيود نحوسها، و عتقت بهدايته من رق ضرها و بؤسها.
[الفصل السابع في بيان أن ولادته كانت بين آباء ظافرين و في بلد أهله من الفرقة الناجية]
(الفصل السابع) ثم جعل اللّه جلّ جلاله اخراجي إلى هذا الوجود بين آباء ظافرين من العقائد بمراد المعبود و في بلد منشأ أهله من الفرقة الناجية، و يقرب من أعلام تعظيم المشاهد المعظّمة السامية.
[الفصل الثامن في بيان أن معرفته لله تعالى كانت بالإلهام]
(الفصل الثامن) و كان من النعم التي أمر اللّه جلّ جلاله بالحديث بها و التعظيم لها، أنّه جلّ جلاله ألهمني معرفته بطريق لا يحتمل خطر التلبيس، و لا يشتمل على كدر التدليس، و من عرفني بالعيان و نور الايمان، وجد لسان الحال مصدقا هذا المقال، و استغنى بالوجدان عن إقامة البرهان، و قد أشرت في بعض كتب اغترفتها من بحار كرم المالك اللطيف إلى طرف من كيفيّة ذلك التعريف، و له جلّ جلاله الحمد الكامل السرمد، حمدا كما هو جلّ جلاله له أهل لا يحصى و لا يعد.
[الفصل التاسع في بيان سنة ولادته و ولادة ولديه محمد و علي و سنة تأليفه هذا الكتاب]
(الفصل التاسع) فلما دخلت سنة تسع و أربعين و ستمائة هجرية، و يوم النصف من محرمها قبيل الظهر، يكون ابتداء دخولي في سنة إحدى و ستين من عمري هلالية؛ لأنّني ولدت قبل ظهر يوم الخميس نصف محرم سنة تسع و ثمانين و خمسمائة في بلدة الحلة السيفية، و كان ولدي محمّد قد دخل في السنة السابعة من عمره الموهوب بلّغه اللّه جلّ جلاله نهايات المطلوب، لأنّه أطال اللّه جلّ جلاله في حياته ولد بعد مضي ساعتين و خمس دقائق من يوم الثلاثاء تاسع محرم سنة ثلاث و أربعين و ستمائة ببلدة الحلة كمّله اللّه جلّ جلاله بدوام عناياته.
و كان ولدي علي شرّفه اللّه جلّ جلاله بطول مدته و أتحفه بكرامته قد دخل في السنّة الثالثة من عمره و ولادته، ولد بعد مضي ثانيتين و ست عشرة دقيقة من يوم الجمعة ثامن محرم سنّة سبع و أربعين و ستمائة؛ بمشهد مولانا علي صلوات اللّه عليه و هما وديعتي عند اللّه جلّ جلاله و تسليمي إليه.
فوجدت في خاطري في شهر محرّم من السنة المقدم ذكرها، البالغة بعمري إلى احدى و ستين، باعثا رجوت أن يكون من مراحم أرحم الراحمين، أنني أصنّف كتابا على سبيل الرسالة مني إلى ولدي محمّد و ولدي علي و من عساه ينتفع به من جماعتي و ذوي مودتي، قبل ان يحول بيني و بين امنيتي ما لابد من لقائه من انتقالي
إلى آخرتي، و اعتبرت هذا الخاطر بالاستخارة الصادرة عن الاشارة الإلهية، فرأيته موافقا لما رجوته من المراحم الربانيّة.
[الفصل العاشر في بيان وصية الأنبياء و الأئمة ع و العلماء بعدة وصايا لأولادهم]
(الفصل العاشر) و كنت قد رأيت و رويت في تواريخ الأنبياء و الأوصياء وصايا لمن يعزّ عليهم صلوات اللّه عليهم، و وجدت سيدنا محمّد الأعظم و رسوله الأكرم قد أوصى مولانا و أبانا عليا المعظم صلوات اللّه عليهما و آلهما، و أوصى كل منهما جماعة ممن يعزّ عليهما، و وجدت وصايا مشهورة لمولانا علي صلوات اللّه عليه إلى ولده العزيز عليه السّلام و إلى شيعته و خاصته.
و وجدت جماعة ممن تأخّر زمانهم عن لقائه قد أوصوا برسائل إلى أولادهم، دلّوهم بها على مرادهم، منهم محمّد بن أحمد الصفواني 63 ، و منهم علي بن الحسين بن بابويه 64 ، و منهم محمّد بن محمّد بن النعمان 65 تغمدهم اللّه برحمته و رضوانه، و منهم
مصنّف كتاب الوسيلة الى نيل الفضيلة 66 ، و هو كتاب جيد فيما أشار إليه رحمة اللّه عليه.
فرأيت ذلك سبيلا مسلوكا للأنبياء و الأوصياء و الأولياء و العلما، فامتثلت أمر اللّه جلّ جلاله في المتابعة لهم و الاقتداء بهم و الاهتداء [بنورهم] 67 .
[الفصل الحادي عشر في بيان سبب اختصاص هذا الكتاب بولده محمد]