کتابخانه روایات شیعه
21 [ثُمَ] قَالَ الصَّادِقُ ع طُوبَى لِلَّذِينَ هُمْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص:
يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَ انْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ 233 وَ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ 234 .
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي عَاجِزٌ بِبَدَنِي عَنْ نُصْرَتِكُمْ، وَ لَسْتُ أَمْلِكُ إِلَّا الْبَرَاءَةَ مِنْ أَعْدَائِكُمْ، وَ اللَّعْنَ عَلَيْهِمْ، فَكَيْفَ حَالِي فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ ع: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ع، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص [أَنَّهُ] 235 قَالَ: مَنْ ضَعُفَ عَنْ نُصْرَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَلَعَنَ فِي خَلَوَاتِهِ أَعْدَاءَنَا، بَلَّغَ اللَّهُ صَوْتَهُ جَمِيعَ الْأَمْلَاكِ مِنَ الثَّرَى إِلَى الْعَرْشِ، فَكُلَّمَا لَعَنَ هَذَا الرَّجُلُ أَعْدَاءَنَا لَعْناً سَاعَدُوهُ فَلَعَنُوا مَنْ يَلْعَنُهُ، ثُمَّ ثَنَّوْا- فَقَالُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَبْدِكَ هَذَا، الَّذِي قَدْ بَذَلَ مَا فِي وُسْعِهِ، وَ لَوْ قَدَرَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ لَفَعَلَ.
فَإِذَا النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى: قَدْ أَجَبْتُ دُعَاءَكُمْ، وَ سَمِعْتُ نِدَاءَكُمْ، وَ صَلَّيْتُ عَلَى رُوحِهِ فِي الْأَرْوَاحِ، وَ جَعَلْتُهُ عِنْدِي مِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ 236 .
قوله عز و جل صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
22 قَالَ الْإِمَامُ ع صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ أَيْ قُولُوا: اهْدِنَا صِرَاطَ
الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ- بِالتَّوْفِيقِ لِدِينِكَ وَ طَاعَتِكَ.
وَ هُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى «وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ- وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً» 237 وَ حُكِيَ هَذَا بِعَيْنِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: ثُمَّ قَالَ:
لَيْسَ هَؤُلَاءِ الْمُنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِالْمَالِ وَ صِحَّةِ الْبَدَنِ، وَ إِنْ كَانَ كُلُّ هَذَا نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ ظَاهِرَةً أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ يَكُونُونَ كُفَّاراً، أَوْ فُسَّاقاً فَمَا نُدِبْتُمْ [إِلَى] أَنْ تَدْعُوا بِأَنْ تُرْشَدُوا إِلَى صِرَاطِهِمْ، وَ إِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالدُّعَاءِ- لِأَنْ تُرْشَدُوا إِلَى صِرَاطِ الَّذِينَ أَنْعَمَ [اللَّهُ] عَلَيْهِمْ: بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَ التَّصْدِيقِ بِرَسُولِهِ 238 وَ بِالْوَلَايَةِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ- وَ أَصْحَابِهِ الْخَيِّرِينَ الْمُنْتَجَبِينَ وَ بِالتَّقِيَّةِ الْحَسَنَةِ الَّتِي يُسْلَمُ بِهَا: مِنْ شَرِّ عِبَادِ اللَّهِ، (وَ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي أَيَّامِ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ كُفْرِهِمْ) 239 بِأَنْ تُدَارِيَهُمْ فَلَا تُغْرِيَهُمْ بِأَذَاكَ وَ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَ بِالْمَعْرِفَةِ بِحُقُوقِ الْإِخْوَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ وَ لَا أَمَةٍ وَالَى مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدِ 240 وَ عَادَى مَنْ عَادَاهُمْ إِلَّا كَانَ قَدِ اتَّخَذَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ حِصْناً مَنِيعاً، وَ جُنَّةً حَصِينَةً.
وَ مَا مِنْ عَبْدٍ وَ لَا أَمَةٍ دَارَى عِبَادَ اللَّهِ بَأَحْسَنِ الْمُدَارَاةِ، وَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي بَاطِلٍ، وَ لَمْ يَخْرُجْ بِهَا مِنْ حَقٍّ- إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى نَفَسَهُ تَسْبِيحاً، وَ زَكَّى عَمَلَهُ، وَ أَعْطَاهُ بَصِيرَةً عَلَى كِتْمَانِ سِرِّنَا، وَ احْتِمَالَ الْغَيْظِ لِمَا يَسْمَعُهُ مِنْ أَعْدَائِنَا [وَ] ثَوَابَ الْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَ مَا مِنْ عَبْدٍ أَخَذَ نَفْسَهُ بِحُقُوقِ إِخْوَانِهِ- فَوَفَّاهُمْ حُقُوقَهُمْ جَهْدَهُ، وَ أَعْطَاهُمْ مُمْكِنَهُ
وَ رَضِيَ مِنْهُمْ بِعَفْوِهِمْ، وَ تَرَكَ الِاسْتِقْصَاءَ عَلَيْهِمْ، فِيمَا يَكُونُ مِنْ زَلَلِهِمْ، وَ غَفَرَهَا لَهُمْ إِلَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 241 :
يَا عَبْدِي قَضَيْتَ حُقُوقَ إِخْوَانِكَ، وَ لَمْ تَسْتَقْصِ عَلَيْهِمْ فِيمَا لَكَ عَلَيْهِمْ، فَأَنَا أَجْوَدُ وَ أَكْرَمُ وَ أَوْلَى- بِمِثْلِ مَا فَعَلْتَهُ مِنَ الْمُسَامَحَةِ وَ التَّكَرُّمِ، فَأَنَا أَقْضِيكَ الْيَوْمَ عَلَى حَقِّ [مَا] وَعَدْتُكَ بِهِ، وَ أَزِيدُكَ مِنْ فَضْلِيَ الْوَاسِعِ، وَ لَا أَسْتَقْصِي عَلَيْكَ فِي تَقْصِيرِكَ فِي بَعْضِ حُقُوقِي.
قَالَ: فَيُلْحِقُهُ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ أَصْحَابِهِ، وَ يَجْعَلُهُ مِنْ خِيَارِ شِيعَتِهِمْ.
ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَحِبَّ فِي اللَّهِ وَ أَبْغِضْ فِي اللَّهِ، وَ وَالِ فِي اللَّهِ، وَ عَادِ فِي اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا تُنَالُ وَلَايَةُ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا بِذَلِكَ وَ لَا يَجِدُ الرَّجُلُ طَعْمَ الْإِيمَانِ- وَ [إِنْ] كَثُرَتْ صَلَاتُهُ وَ صِيَامُهُ حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ، وَ قَدْ صَارَتْ مُؤَاخَاةُ النَّاسِ يَوْمَكُمْ هَذَا أَكْثَرُهَا فِي الدُّنْيَا، عَلَيْهَا يَتَوَادُّونَ، وَ عَلَيْهَا يَتَبَاغَضُونَ، وَ ذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً.
فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَيْفَ لِي- أَنْ أَعْلَمَ أَنِّي قَدْ وَالَيْتُ وَ عَادَيْتُ فِي اللَّهِ وَ مَنْ وَلِيُّ اللَّهِ حَتَّى أُوَالِيَهُ وَ مَنْ عَدُوُّ اللَّهِ 242 حَتَّى أُعَادِيَهُ فَأَشَارَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع، فَقَالَ: أَ تَرَى هَذَا قَالَ:
بَلَى. قَالَ: [فَإِنَ] وَلِيَّ هَذَا وَلِيُّ اللَّهِ فَوَالِهِ، وَ عَدُوَّ هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ فَعَادِهِ، وَ وَالِ وَلِيَّ هَذَا، وَ لَوْ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيكَ وَ وَلَدِكَ، وَ عَادِ عَدُوَّ هَذَا وَ لَوْ أَنَّهُ أَبُوكَ وَ وَلَدُكَ 243 .
قوله عز و جل غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ
23 قَالَ الْإِمَامُ ع: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع : أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِبَادَهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ طَرِيقَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ، وَ هُمُ: النَّبِيُّونَ وَ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَدَاءُ وَ الصَّالِحُونَ وَ أَنْ يَسْتَعِيذُوا [بِهِ] مِنْ طَرِيقِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ هُمُ الْيَهُودُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ:
«قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ- مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ» 244 وَ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِهِ مِنْ طَرِيقِ الضَّالِّينَ ، وَ هُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ:
«قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ- وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ- وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ» 245 وَ هُمُ النَّصَارَى.
ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: كُلُّ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ فَهُوَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِ، وَ ضَالٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
وَ قَالَ الرِّضَا ع كَذَلِكَ، وَ زَادَ فِيهِ، فَقَالَ:
وَ مَنْ تَجَاوَزَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع الْعُبُودِيَّةَ- فَهُوَ مِنَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ مِنَ الضَّالِّينَ . 246 .
24 وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع : «لَا تَتَجَاوَزُوا بِنَا الْعُبُودِيَّةَ، ثُمَّ قُولُوا مَا شِئْتُمْ وَ لَنْ تَبْلُغُوا 247 وَ إِيَّاكُمْ وَ الْغُلُوَّ كَغُلُوِّ النَّصَارَى، فَإِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الْغَالِينَ».
قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صِفْ لَنَا رَبَّكَ، فَإِنَّ مَنْ قِبَلَنَا قَدِ اخْتَلَفُوا عَلَيْنَا 248
فَقَالَ الرِّضَا ع: إِنَّهُ مَنْ يَصِفُ رَبَّهُ بِالْقِيَاسِ، لَا يَزَالُ فِي الدَّهْرِ فِي الِالْتِبَاسِ 249 مَائِلًا عَنِ الْمِنْهَاجِ، طَاغِياً 250 فِي الِاعْوِجَاجِ، ضَالٍّا عَنِ السَّبِيلِ، قَائِلًا غَيْرَ الْجَمِيلِ.
ثُمَّ قَالَ ع: أُعَرِّفُهُ بِمَا عَرَّفَ بِهِ نَفْسَهُ، أُعَرِّفُهُ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ، وَ أَصِفُهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ [نَفْسَهُ] مِنْ غَيْرِ صُورَةٍ «لَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ، وَ لَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ، مَعْرُوفٌ بِالْآيَاتِ بَعِيدٌ بِغَيْرِ تَشْبِيهٍ، وَ مُتَدَانٍ فِي بُعْدِهِ بِلَا نَظِيرٍ، لَا يُتَوَهَّمُ دَيْمُومِيَّتُهُ، وَ لَا يُمَثَّلُ بِخَلِيقَتِهِ، وَ لَا يَجُورُ فِي قَضِيَّتِهِ الْخَلْقُ إِلَى مَا عُلِمَ مِنْهُمْ مُنْقَادُونَ، وَ عَلَى مَا سَطَرَهُ فِي الْمَكْنُونِ مِنْ كِتَابِهِ مَاضُونَ لَا يَعْمَلُونَ 251 بِخِلَافِ مَا عَلِمَ مِنْهُمْ، وَ لَا غَيْرَهُ يُرِيدُونَ فَهُوَ قَرِيبٌ غَيْرُ مُلْتَزِقٍ، وَ بَعِيدٌ غَيْرُ مُتَقَصٍ 252 ، يُحَقَّقُ وَ لَا يُمَثَّلُ، [وَ] يُوَحَّدُ وَ لَا يُبَعَّضُ، يُعْرَفُ بِالْآيَاتِ، وَ يُثْبَتُ بِالْعَلَامَاتِ، فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ فَقَالَ الرَّجُلُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنَّ مَعِي مَنْ يَنْتَحِلُ مُوَالاتِكُمْ [وَ] يَزْعُمُ أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا صِفَاتُ عَلِيٍّ ع، وَ أَنَّهُ هُوَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَهَا الرِّضَا ع ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ وَ تَصَبَّبَ عَرَقاً، وَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ [سُبْحَانَ اللَّهِ] عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ، وَ الْكَافِرُونَ.
أَ وَ لَيْسَ عَلِيٌّ ع كَانَ آكِلًا فِي الْآكِلِينَ، [وَ] شَارِباً فِي الشَّارِبِينَ، وَ نَاكِحاً فِي النَّاكِحِينَ، وَ مُحْدِثاً فِي الْمُحْدِثِينَ وَ كَانَ مَعَ ذَلِكَ مُصَلِّياً- خَاشِعاً [خَاضِعاً] بَيْنَ يَدَيِ
اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِيلًا- وَ إِلَيْهِ أَوَّاهاً 253 مُنِيباً، أَ فَمَنْ [كَانَ] هَذِهِ صِفَتَهُ يَكُونُ إِلَهاً! [فَإِنْ كَانَ هَذَا إِلَهاً] فَلَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ هُوَ إِلَهٌ- لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ الدَّالَّاتِ عَلَى حُدُوثِ 254 كُلِّ مَوْصُوفٍ بِهَا.
ثُمَّ قَالَ ع: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا عَرَفَ اللَّهَ تَعَالَى مَنْ شَبَّهَهُ بِخَلْقِهِ، وَ لَا عَدَّلَهُ مَنْ نَسَبَ إِلَيْهِ ذُنُوبَ عِبَادِهِ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيّاً ع لَمَّا أَظْهَرَ مِنْ نَفْسِهِ الْمُعْجِزَاتِ- الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى- دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إِلَهٌ، وَ لَمَّا ظَهَرَ لَهُمْ بِصِفَاتِ الْمُحْدَثِينَ الْعَاجِزِينَ- لَبَّسَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَ امْتَحَنَهُمْ لِيَعْرِفُوهُ، وَ لِيَكُونَ إِيمَانُهُمْ بِهِ اخْتِيَاراً مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
فَقَالَ الرِّضَا ع: أَوَّلُ مَا هَاهُنَا- أَنَّهُمْ لَا يَنْفَصِلُونَ مِمَّنْ قُلِبَ هَذَا عَلَيْهِمْ.
فَقَالَ: لَمَّا ظَهَرَ مِنْهُ الْفَقْرُ وَ الْفَاقَةُ- دَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ هَذِهِ صِفَاتُهُ وَ شَارَكَهُ فِيهَا الضُّعَفَاءُ الْمُحْتَاجُونَ- لَا تَكُونُ الْمُعْجِزَاتُ فِعْلَهُ، فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الَّذِي ظَهَرَ مِنْهُ [مِنَ] الْمُعْجِزَاتِ إِنَّمَا كَانَتْ فِعْلَ الْقَادِرِ الَّذِي لَا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقِينَ، لَا فِعْلَ الْمُحْدَثِ الْمُحْتَاجِ- الْمُشَارِكِ لِلضُّعَفَاءِ فِي صِفَاتِ الضَّعْفِ. 255 .
25 ثُمَّ قَالَ الرِّضَا ع : لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِمَا حَكَيْتَهُ [عَنْ] قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ قَوْلِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ع:
أَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ص فَمَا حَدَّثَنِيهِ أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِيهِ، [عَنْ جَدِّهِ]، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص: أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَ لَكِنْ [يَقْبِضُهُ] بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ.
فَإِذَا لَمْ يَنْزِلْ عَالِمٌ إِلَى عَالِمٍ 256 يَصْرِفُ عَنْهُ طُلَّابُ حُطَامِ الدُّنْيَا وَ حَرَامِهَا، وَ يَمْنَعُونَ الْحَقَّ أَهْلَهُ، وَ يَجْعَلُونَهُ لِغَيْرِ أَهْلِهِ، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَ أَضَلُّوا 257 .
26 وَ أَمَّا قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَهُوَ قَوْلُهُ: يَا مَعْشَرَ شِيعَتِنَا وَ الْمُنْتَحِلِينَ [مَوَدَّتَنَا] 258 إِيَّاكُمْ وَ أَصْحَابَ الرَّأْيِ، فَإِنَّهُمْ أَعْدَاءُ السُّنَنِ، تَفَلَّتَتْ 259 مِنْهُمُ الْأَحَادِيثُ أَنْ يَحْفَظُوهَا وَ أَعْيَتْهُمُ السُّنَّةُ أَنْ يَعُوهَا، فَاتَّخَذُوا عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا 260 ، وَ مَالَهُ دُوَلًا، فَذَلَّتْ لَهُمُ الرِّقَابُ وَ أَطَاعَهُمُ الْخَلْقُ أَشْبَاهُ الْكِلَابِ، وَ نَازَعُوا الْحَقَّ أَهْلَهُ، وَ تَمَثَّلُوا بِالْأَئِمَّةِ الصَّادِقِينَ- وَ هُمْ مِنَ الْجُهَّالِ وَ الْكُفَّارِ وَ الْمَلاعِينِ، فَسُئِلُوا عَمَّا لَا يَعْلَمُونَ، فَأَنِفُوا أَنْ يَعْتَرِفُوا بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، فَعَارَضُوا الدِّينَ [بِآرَائِهِمْ فَضَلُّوا وَ أَضَلُّوا.
أَمَّا لَوْ كَانَ الدِّينُ] بِالْقِيَاسِ- لَكَانَ بَاطِنُ الرِّجْلَيْنِ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِمَا 261 .