کتابخانه روایات شیعه
السؤال و حث 24 عليه و رغب في معاملته و الإقدام عليه و جعل في مناجاته سبب النجاة و في سؤاله مقاليد 25 العطايا و مفاتيح الهبات و جعل لإجابة الدعاء أسبابا من خصوصيات الدعوات و أصناف الداعين و الحالات و الأمكنة و الأوقات.
فوضعنا هذه الرسالة على ذلك و سميناه عدة الداعي 26 و نجاح الساعي 27 و فيها مقدمة و ستة أبواب- أما المقدمة ففي تعريف الدعاء و الترغيب فيه 28 .
و هذا أوان الشروع 29 فنقول الدعاء لغة 30 النداء و الاستدعاء- تقول دعوت فلانا إذا ناديته و صحت به و اصطلاحا طلب الأدنى للفعل من الأعلى على جهة الخضوع 31 و الاستكانة.
و لما كان المقصود من وضع هذا الكتاب الترغيب في الدعاء و الحث عليه و حسن الظن بالله و طلب ما لديه فاعلم أنه قد ورد في الأخبار عن الأئمة الأطهار ما يؤكد ذلك و يدل عليه و يرغب فيه و يهدي إليه.
رَوَى الصَّدُوقُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ بِطُرُقِهِ إِلَى الْأَئِمَّةِ ع أَنَّ مَنْ بَلَغَهُ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ فَعَمِلَ بِهِ كَانَ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا بَلَغَهُ-
وَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَمَا نُقِلَ إِلَيْهِ.
وَ رَوَى أَيْضاً بِإِسْنَادِهِ إِلَى صَفْوَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ مَنْ بَلَغَهُ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ فَعَمِلَ بِهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ ذَلِكَ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَقُلْهُ.
وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ مَنْ سَمِعَ شَيْئاً مِنَ الثَّوَابِ عَلَى شَيْءٍ فَصَنَعَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا بَلَغَهُ
. وَ مِنْ طَرِيقِ الْعَامَّةِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْحُلْوَانُ مَرْفُوعاً إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ بَلَغَهُ عَنِ اللَّهِ فَضِيلَةٌ فَأَخَذَهَا وَ عَمِلَ بِمَا فِيهَا إِيمَاناً بِاللَّهِ وَ رَجَاءَ ثَوَابِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.
فصار هذا المعنى مجمعا عليه عند الفريقين 32
الباب الأول في الحث على الدعاء و يبعث عليه العقل و النقل
أما العقل
فلأن دفع الضرر عن النفس مع القدرة عليه و التمكن منه واجب و حصول الضرر ضروري الوقوع لكل إنسان في دار الدنيا 33 إذ كل إنسان لا ينفك عما يشوش 34 نفسه و يشغل عقله و يضر به إما من داخل كحصول عارض يغشي 35 مزاجه أو من خارج كأذية ظالم أو مكروه يناله من خليط 36 أو جار و لو خلا من الكل بالفعل فالعقل يجوز وقوعه فيها و اعتلاقه بها.
كيف لا و هو في دار الحوادث التي لا تستقر على حال ففجائعها لا ينفك عنها آدمي إما بالفعل أو بالقوة فضررها إما حاصل واقع أو متوقع الحصول و كلاهما يجب إزالته مع القدرة عليه و الدعاء محصل لذلك و هو مقدور فيجب المصير إليه.
و قد نبه أمير المؤمنين و سيد الوصيين ص على هذا المعنى حيث قال - مَا مِنْ أَحَدٍ ابْتُلِيَ وَ إِنْ عَظُمَتْ بَلْوَاهُ بِأَحَقَّ بِالدُّعَاءِ مِنَ الْمُعَافَى الَّذِي لَا يَأْمَنُ مِنَ الْبَلَاءِ 37
. فقد ظهر من هذا الحديث احتياج كل أحد إلى الدعاء معافى و مبتلى- و فائدته رفع البلاء الحاصل و دفع السوء النازل 38 أو جلب نفع مقصود- أو تقرير خير موجود و دوامه و منعه من الزوال لأنهم ع وصفوه بكونه سلاحا و السلاح مما يستجلب [يجلب] به النفع و يستدفع به الضرر و سموه أيضا ترسا 39 و الترس جنة يتوقى بها من المكاره 40 .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَى سِلَاحٍ 41 يُنْجِيكُمْ مِنْ أَعْدَائِكُمْ وَ يُدِرُّ أَرْزَاقَكُمْ 42 قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تَدْعُونَ رَبَّكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فَإِنَّ سِلَاحَ الْمُؤْمِنِ الدُّعَاءُ
. وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الدُّعَاءُ تُرْسُ الْمُؤْمِنِ وَ مَتَى تُكْثِرْ قَرْعَ الْبَابِ يُفْتَحْ لَكَ
. وَ قَالَ الصَّادِقُ ع الدُّعَاءُ أَنْفَذُ مِنَ السِّنَانِ الْحَدِيدِ 43 .
وَ قَالَ الْكَاظِمُ إِنَّ الدُّعَاءَ يَرُدُّ مَا قُدِّرَ وَ مَا لَمْ يُقَدَّرْ قَالَ
قُلْتُ وَ مَا قَدْ قُدِّرَ فَقَدْ عَرَفْتُهُ فَمَا لَمْ يُقَدَّرْ قَالَ حَتَّى لَا يَكُونَ 44 .
وَ قَالَ ع عَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّ الدُّعَاءَ وَ الطَّلَبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَرُدُّ الْبَلَاءَ وَ قَدْ قُدِّرَ وَ قُضِيَ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا إِمْضَاؤُهُ فَإِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَ سُئِلَ صَرْفُهُ صَرَفَهُ.
وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ أَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَسْتَثْنِ 45 فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص قُلْتُ بَلَى قَالَ الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَضَاءَ وَ قَدْ أُبْرِمَ إِبْرَاماً وَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ.
وَ عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ ع إِنَّ الدُّعَاءَ وَ الْبَلَاءَ لَيَتَوَافَقَانِ 46 إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ الدُّعَاءَ لَيَرُدُّ الْبَلَاءَ وَ قَدْ أُبْرِمَ إِبْرَاماً.
وَ عَنْهُ ع الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْبَلَاءَ النَّازِلَ وَ مَا لَمْ يَنْزِلْ 47 .
فقد صح بهذه الأحاديث و ما في معناها و هو كثير لم نورده حذر الإطالة ظن دفع الضرر بل علمه للقطع بصحة خبر الصادق [الصادقين].
و أما النقل
فمن الكتاب و السنة أما الكتاب فآيات منها قوله تعالى- قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ 48 رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ .
و قوله تعالى وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ 49 فجعل الدعاء عبادة و المستكبر عنها بمنزلة الكافر.
و قوله تعالى وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً .