کتابخانه روایات شیعه
فانظر رحمك الله إلى حسن هذا الحديث و ما دل عليه من الفوائد و قد ذكر أن الصبر و القناعة و الرضا و الزهد و الإخلاص و اليقين أمور متشعبة [منشعبة] عن التوكل و كفى بهذا مدحا للتوكل ثم ذكر في حد التوكل بأن المخلوق لا يضر و لا ينفع و لا يعطي و لا يمنع و استعمال اليأس من الناس- فهذه خمس دعائم للتوكل أربعة علمية و واحدة عملية 324 و لا قوام للأربعة بدون الخامس بل هو ملاكها و عنده تظهر ثمرتها و تحمد جناها و من هذا يعلم أنه لا قوام للعلم بدون العمل و أنه لا يزكو و لا ينتفع به صاحبه ما لم يعمل به و هذا ظاهر فإن من اشتكى وجع ضرسه و هو يعلم أن الحامض يضره ثم أكل حامضا فإنه يوجعه ضرسه قطعا و لم يكن علمه بذلك نافعا له حيث ترك العمل به ثم انظر إلى النتيجة الحاصلة من الدعائم في
قوله ص فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله و لم يزغ قلبه
إلى آخره و هو ثلاثة أمور الأول الإخلاص لأنه إذا تحقق كون المخلوق لا يضر و لا ينفع لم يعمل له و لم يطلب المنزلة في قلبه فانحسم 325 عنه داعية الرياء فلم يزغ قلبه و بقي مستقيما بإخلاصه و إيقاعه لعبادته على وجهها اللائق بها الثاني العزة بتمام الغنى عن الناس في قطع الطمع منهم لأن من تحقق أن لا معطي من الخلق لم يرجه و اعتمد برجائه على ربه لأنه المعطي لا غيره- الثالث نيل الأمن و عدم الخوف من سائر المخلوقات و عامة المؤذيات و لهذا كان المخلصون و العباد و السياح يمرون على السباع غير مكترثين بها فإن من تيقن أن المخلوق لا يضر لم يخف منه و كان اعتقاده في السبع كاعتقاده في البقية.
وَ حَدَّثَ أَبُو حَازِمٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ قَدِمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ
الْكُوفَةَ وَ أَنَا مَعَهُ وَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ الْمَنْصُورِ وَ قَدِمَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ فَخَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ ع يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَشَيَّعَهُ الْعُلَمَاءُ وَ أَهْلُ الْفَضْلِ مِنَ الْكُوفَةِ وَ كَانَ فِيمَنْ شَيَّعَهُ الثَّوْرِيُّ وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ فَتَقَدَّمَ الْمُشَيِّعُونَ لَهُ ع فَإِذَا هُمْ بِأَسَدٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَقَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ قِفُوا حَتَّى يَأْتِيَ جَعْفَرٌ ع فَنَنْظُرَ مَا يُصْنَعُ فَجَاءَ جَعْفَرٌ ع فَذَكَرُوا لَهُ حَالَ الْأَسَدِ فَأَقْبَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع حَتَّى دَنَا مِنَ الْأَسَدِ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ حَتَّى نَحَّاهُ عَنِ الطَّرِيقِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَمَا إِنَّ النَّاسَ لَوْ أَطَاعُوا اللَّهَ حَقَّ طَاعَتِهِ لَحَمَلُوا عَلَيْهِ أَثْقَالَهُمْ.
وَ قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ مُسْهِرٍ خَرَجْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ نَحْوَ بَابِلَ لَا ثَالِثَ لَنَا فَمَضَى وَ أَنَا سَائِرٌ فِي السَّبِخَةِ 326 فَإِذَا نَحْنُ بِالْأَسَدِ جَاثِماً [فِي] بِالطَّرِيقِ- وَ لَبْوَتُهُ خَلْفَهُ وَ أَشْبَالُ اللَّبْوَةِ خَلْفَهَا فَكَبَحْتُ 327 دَابَّتِي لِأَنْ أَتَأَخَّرَ فَقَالَ أَقْدِمْ يَا جُوَيْرِيَةُ فَإِنَّمَا هُوَ كَلْبُ اللَّهِ وَ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا اللَّهُ [هُوَ] آخِذٌ بِناصِيَتِها لَا يَكْفِي شَرَّهَا إِلَّا هُوَ فَإِذَا أَنَا بِالْأَسَدِ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَهُ يُبَصْبِصُ لَهُ بِذَنَبِهِ فَدَنَا مِنْهُ فَجَعَلَ يَمْسَحُ قَدَمَهُ بِوَجْهِهِ ثُمَّ أَنْطَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَنَطَقَ بِلِسَانٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ 328 فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَصِيَّ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ فَقَالَ ع وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا حَيْدَرَةُ مَا تَسْبِيحُكَ قَالَ أَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي سُبْحَانَ إِلَهِي سُبْحَانَ مَنْ أَوْقَعَ الْمَهَابَةَ وَ الْمَخَافَةَ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ مِنِّي سُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ فَمَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنَا مَعَهُ وَ اسْتَمَرَّتْ بِنَا السَّبِخَةُ وَ ضَاقَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَ فَاتَتِ الصَّلَاةُ فَأَهْوَى فَوْتُهَا ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي مُسْتَخْفِياً وَيْلَكَ يَا جُوَيْرِيَةُ أَ أَنْتَ أَظَنُّ [أَضَنُ] أَمْ أَحْرَصُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَدْ رَأَيْتَ مِنْ أَمْرِ الْأَسَدِ مَا رَأَيْتَ.
فَمَضَى وَ أَنَا مَعَهُ حَتَّى قَطَعَ السَّبِخَةَ فَثَنَّى رِجْلَيْهِ وَ نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَ تَوَجَّهَ
فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى وَ أَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى ثُمَّ هَمَسَ بِشَفَتَيْهِ وَ أَشَارَ بِيَدِهِ فَإِذَا الشَّمْسُ قَدْ طَلَعَتْ فِي مَوْضِعِهَا فِي [مِنْ] وَقْتِ الْعَصْرِ وَ إِذَا لَهَا صَرِيرٌ عِنْدَ مَسِيرِهَا فِي الْمَسَاءِ فَصَلَّى بِنَا الْعَصْرَ فَلَمَّا انْفَتَلَ رَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا الشَّمْسُ بِحَالِهَا فَمَا كَانَ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ فَإِذَا النُّجُومُ قَدْ طَلَعَتْ فَأَذَّنَ وَ أَقَامَ وَ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ رَكِبَ وَ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ يَا جُوَيْرِيَةُ أَ قُلْتَ هَذَا سَاحِرٌ مُفْتَرٍ- وَ قُلْتَ لَمَّا رَأَيْتَ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَ غُرُوبَهَا أَ فَسِحْرٌ هَذَا أَمْ زَاغَ بَصَرِي- سأحرف 329 [أَفَسِحْرٌ] مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي نَفْسِكَ مَا رَأَيْتَ مِنْ أَمْرِ الْأَسَدِ وَ مَا سَمِعْتَ مِنْ مَنْطِقِهِ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها يَا جُوَيْرِيَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يُوحَى إِلَيْهِ وَ كَانَ رَأْسُهُ فِي حَجْرِي فَغَرَبَتِ الشَّمْسُ وَ لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الْعَصْرَ فَقَالَ ص لِي صَلَّيْتَ الْعَصْرَ فَقُلْتُ لَا قَالَ ص اللَّهُمَّ إِنَّ عَلِيّاً كَانَ فِي طَاعَتِكَ- وَ حَاجَةِ نَبِيِّكَ وَ دَعَا بِالاسْمِ الْأَعْظَمِ فَرُدَّتْ عَلَيَّ الشَّمْسُ فَصَلَّيْتُ مُطْمَئِنّاً ثُمَّ غَرَبَتْ بَعْدَ مَا طَلَعَتْ فَعَلَّمَنِي بِأَبِي هُوَ وَ أُمِّي ذَلِكَ الِاسْمَ الَّذِي دَعَا بِهِ- فَدَعَوْتُ بِهِ الْآنَ يَا جُوَيْرِيَةُ إِنَّ الْحَقَّ أَوْضَحُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَذْفِ الشَّيْطَانِ فَإِنِّي قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ بِنَسْخِ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِكَ فَمَا ذَا تَجِدُ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي قَدْ مُحِيَ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِي. 330
فصل
و اعلم أن في قوله فإذا لم يسأل المخلوقين فقد أقر بالعبودية لله دليل على ضعف إيمان السائل و قوة إيمان الراجي لأنه لما نفى أن يكون هناك معط غير الله أعرض بمسألته عن غير الحق فخلص توحيده و تمت عبوديته-
و في هذا المعنى
مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى- وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ 331 قَالَ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لَوْ لَا فُلَانٌ لَهَلَكْتُ وَ لَوْ لَا فُلَانٌ لَمَا أَصَبْتُ كَذَا وَ كَذَا وَ لَوْ لَا فُلَانٌ لَضَاعَ عِيَالِي أَ لَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ لِلَّهِ شَرِيكاً فِي مُلْكِهِ يَرْزُقُهُ وَ يَدْفَعُ عَنْهُ قُلْتُ فَيَقُولُ- لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ مَنَّ عَلَيَّ بِفُلَانٍ لَهَلَكْتُ قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهَذَا وَ نَحْوِهِ.
قَالَ ع شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئاً وَ لَوْ مَاتَ جُوعاً
و لهذا السر ردت شهادته-
قَالَ النَّبِيُّ ص شَهَادَةُ الَّذِي يَسْأَلُ فِي كَفِّهِ تُرَدُّ.
وَ نَظَرَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى رِجَالٍ يَسْأَلُونَ النَّاسَ- فَقَالَ هَؤُلَاءِ شِرَارُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ النَّاسُ مُقْبِلُونَ عَلَى اللَّهِ وَ هُمْ مُقْبِلُونَ عَلَى النَّاسِ.
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَوْ يَعْلَمُ السَّائِلُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْوِزْرِ مَا سَأَلَ أَحَدٌ أَحَداً وَ لَوْ يَعْلَمُ الْمَسْؤُولُ مَا عَلَيْهِ إِذَا مَنَعَ مَا مَنَعَ أَحَدٌ أَحَداً.
فصل في كراهية السؤال و رد السؤال
قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ يَسْأَلْ مِنْ غَيْرِ فَقْرٍ فَكَأَنَّمَا يَأْكُلُ الْجَمْرَ 332 .
وَ قَالَ الْبَاقِرُ ع أُقْسِمُ بِاللَّهِ وَ هُوَ حَقٌّ مَا فَتَحَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ.
وَ قَالَ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ ع ضَمِنْتُ عَلَى رَبِّي أَنَّهُ لَا يَسْأَلُ أَحَدٌ أَحَداً مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَّا اضْطَرَّتْهُ حَاجَةُ الْمَسْأَلَةِ يَوْماً إِلَى أَنْ يَسْأَلَ مِنْ حَاجَةٍ.
وَ قَالَ النَّبِيُّ ص يَوْماً لِأَصْحَابِهِ أَ لَا تُبَايِعُونِّي فَقَالُوا قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ تُبَايِعُونِّي عَلَى أَنْ لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئاً-
فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ تَقَعُ المحضرة 333 [الْمِخْصَرَةُ] مِنْ يَدِ أَحَدِهِمْ فَيَنْزِلُ لَهَا وَ لَا يَقُولُ لِأَحَدٍ نَاوِلْنِيهَا.
وَ قَالَ ص لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ يَأْخُذُ حَبْلًا فَيَأْتِي بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعُهَا فَيَكُفُّ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع اشْتَدَّتْ حَالُ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَوْ أَتَيْتَ النَّبِيَّ ص فَسَأَلْتَهُ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ص فَسَمِعَهُ يَقُولُ مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ وَ مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ فَقَالَ الرَّجُلُ مَا يَعْنِي غَيْرِي فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَأَعْلَمَهَا فَقَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص بَشَرٌ فَأَعْلِمْهُ فَأَتَاهُ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ ص مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ وَ مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ فَاسْتَعَارَ فَأْساً ثُمَّ أَتَى الْجَبَلَ فَصَعِدَهُ وَ قَطَعَ حَطَباً ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَبَاعَهُ بِنِصْفِ مُدٍّ مِنْ دَقِيقٍ ثُمَّ ذَهَبَ مِنَ الْغَدِ فَجَاءَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَبَاعَهُ وَ لَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ وَ يَجْمَعُ حَتَّى اشْتَرَى فَأْساً ثُمَّ جَمَعَ حَتَّى اشْتَرَى بَكْرَيْنِ 334 وَ غُلَاماً ثُمَّ أَثْرَى وَ حَسُنَتْ حَالُهُ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ص فَأَخْبَرَهُ وَ أَعْلَمَهُ كَيْفَ جَاءَ يَسْأَلُهُ وَ كَيْفَ سَمِعَهُ يَقُولُ فَقَالَ ص قُلْتُ لَكَ مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ وَ مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ.
وَ قَالَ الْبَاقِرُ ع طَلَبُ الْحَوَائِجِ إِلَى النَّاسِ اسْتِسْلَابٌ لِلْعِزَّةِ 335 وَ مَذْهَبَةٌ لِلْحَيَاءِ وَ الْيَأْسُ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ عِزُّ الْمُؤْمِنِينَ وَ هُوَ الْغِنَى الْحَاضِرُ وَ الطَّمَعُ هُوَ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ.
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ وَ مَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ وَ مَنْ سَأَلَ أَعْطَاهُ اللَّهُ وَ مَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ الْمَسْأَلَةِ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَبْعِينَ بَاباً مِنَ الْفَقْرِ لَا يَسُدُّ أَدْنَاهُ شَيْءٌ.
وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ قَالَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ ص بِضَرْبِهِ خَمْسَةَ أَسْوَاطٍ ثُمَّ قَالَ سَلْ بِوَجْهِكَ اللَّئِيمِ وَ لَا تَسْأَلْ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ.
وَ قَالَ ع لَا تَقْطَعُوا عَلَى السَّائِلِ مَسْأَلَتَهُ فَلَوْ لَا أَنَّ الْمَسَاكِينَ يَكْذِبُونَ مَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُمْ.
وَ قَالَ ع رُدُّوا السَّائِلَ بِبَذْلٍ يَسِيرٍ أَوْ بِلِينٍ وَ رَحْمَةٍ فَإِنَّهُ يَأْتِيكُمْ مَنْ لَيْسَ بِإِنْسٍ 336 وَ لَا جَانٍّ لِيَنْظُرَ كَيْفَ صُنْعُكُمْ فِيمَا خَوَّلَكُمُ اللَّهُ 337 .
وَ قَالَ بَعْضَهُمْ كُنَّا جُلُوساً عَلَى بَابِ دَارِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع بُكْرَةً- فَدَنَا سَائِلٌ إِلَى بَابِ الدَّارِ فَسَأَلَ فَرَدُّوهُ فَلَامَهُمْ لَائِمَةً شَدِيدَةً وَ قَالَ أَوَّلُ سَائِلٍ قَامَ عَلَى بَابِ الدَّارِ فَسَأَلَ فَرَدَدْتُمُوهُ أَطْعِمُوا ثَلَاثَةً ثُمَّ أَنْتُمْ بِالْخِيَارِ عَلَيْهِ- إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَزْدَادُوا فَازْدَادُوا وَ إِلَّا فَقَدْ أَدَّيْتُمْ حَقَّ يَوْمِكُمْ وَ قَالَ أَعْطُوا الْوَاحِدَ وَ الِاثْنَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ أَنْتُمْ بِالْخِيَارِ.
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص إِذَا طَرَقَكُمْ سَائِلٌ ذَكَرٌ بِلَيْلٍ فَلَا تَرُدُّوهُ.
وَ قَالَ ع إِنَّا لَنُعْطِي غَيْرَ الْمُسْتَحِقِّ حَذَراً مِنْ رَدِّ الْمُسْتَحِقِّ.
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع صَدَقَةُ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ.
وَ قَالَ ع لِأَبِي حَمْزَةَ إِذَا [إِنْ] أَرَدْتَ يطيب [أَنْ يُطَيِّبَ] اللَّهُ مِيتَتَكَ وَ يغفر [يَغْفِرَ] لَكَ ذَنْبَكَ يَوْمَ تَلْقَاهُ فَعَلَيْكَ بِالْبِرِّ وَ صَدَقَةِ السِّرِّ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ فَإِنَّهُنَّ يَزِدْنَ فِي الْعُمُرِ وَ يَنْفِينَ الْفَقْرَ وَ يَدْفَعْنَ عَنْ صَاحِبِهِنَّ سَبْعِينَ مِيتَةَ سَوْءٍ.
وَ سُئِلَ النَّبِيُّ ص أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ فَقَالَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ 338 .
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنِ الصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى الْأَبْوَابِ أَوْ يُمْسِكُ عَنْهُمْ وَ يُعْطِيهِ ذو [ذَا] قَرَابَتِهِ فَقَالَ ع لَا يَبْعَثُ بِهَا إِلَّا إِلَى مَنْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ قَرَابَةٌ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ قَبْلَ الْجُمُعَةِ بِيَوْمٍ- فَأَخِّرْهُ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
وَ قَالَ ع مَنْ سَقَى ظَمْئَانَ مَاءً سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ إِبْرَادُ الْكَبِدِ الْحَرَّى 339 وَ مَنْ سَقَى كَبِدَ أَحَدٍ مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ.
(القسم الثاني) في الفاضل عن القوت و هو وبال على صاحبه إذ في حرامه العقاب و في حلاله الحساب.
رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ تَكُونُ أُمَّتِي فِي الدُّنْيَا ثَلَاثَةَ أَطْبَاقٍ- أَمَّا الطَّبَقُ الْأَوَّلُ فَلَا يُحِبُّونَ جَمْعَ الْمَالِ وَ ادِّخَارَهُ وَ لَا يَسْعَوْنَ فِي اقْتِنَائِهِ وَ احْتِكَارِهِ وَ إِنَّمَا رِضَاهُمْ مِنَ الدُّنْيَا سَدُّ جَوْعَةٍ وَ سَتْرُ عَوْرَةٍ وَ غِنَاهُمْ مِنْهَا مَا بَلَغَ بِهِمُ الْآخِرَةَ فَأُولَئِكَ هُمْ الْآمِنُونَ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ .