کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

عدة الداعي و نجاح الساعي

[المقدمات‏] [مقدمة الناشر] مقدّمة الطبعة الأولى‏ [مقدمة المحقق‏] كلام حول المؤلّف‏ ترجمة المؤلّف: شخصيته العلمية و العملية: مشايخه في الرواية: الرواة عنه: آثاره: مولده و وفاته: [مقدمة المؤلف‏] الباب الأول في الحث على الدعاء و يبعث عليه العقل و النقل‏ أما العقل‏ و أما النقل‏ الباب الثاني في أسباب الإجابة القسم الأول ما يرجع إلى الوقت‏ القسم الثاني ما يرجع إلى المكان‏ القسم الثالث ما يرجع إلى الدعاء من أسباب الإجابة القسم الرابع ما يتركب من الدعاء و الزمان‏ القسم الخامس ما يتركب من الدعاء و المكان‏ القسم السادس ما يرجع إلى الفعل‏ فصل [في آداب المتعلم مع العالم‏] فصل [: علم الناس كلها في اربع خصال‏] فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل في كراهية السؤال و رد السؤال‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ القسم السابع حال الداعي‏ فصل‏ فصل‏ الباب الثالث في الداعي‏ القسم الأول من يستجاب دعاؤه‏ فصل‏ القسم الثاني من لا يستجاب دعاؤه. من دعا بقلب قاس أو لاه‏ من دعا و هو مصر على المعاصي‏ الدعاء مع أكل الحرام‏ المتحمل لمظالم العباد و تبعات المخلوقين‏ الباب الرابع في كيفية الدعاء [القسم الاول‏] ما يكون قبل الدعاء فصل‏ فصل‏ نصيحة فصل‏ القسم الثاني فيما يقارن حال الدعاء الأول التلبث بالدعاء و ترك الاستعجال فيه. الثاني الإلحاح في الدعاء الثالث تسمية الحاجة الرابع الإسرار بالدعاء الخامس التعميم في الدعاء السادس الاجتماع في الدعاء تذنيب‏ السابع إظهار الخشوع‏ الثامن تقديم المدحة لله و الثناء عليه قبل المسألة التاسع تقديم الصلاة على النبي و آله ع‏ العاشر البكاء حالة الدعاء تقريب و تخفيف‏ نصيحة تنبيه‏ الحادي عشر الاعتراف بالذنب قبل السؤال‏ الثاني عشر الإقبال بالقلب‏ الثالث عشر التقديم في الدعاء قبل الحاجة الرابع عشر الدعاء للإخوان و التماسه منهم‏ تنبيه‏ فصل‏ فصل‏ الخامس عشر رفع اليدين بالدعاء تنبيه‏ القسم الثالث في الآداب المتأخرة عن الدعاء الأول معاودة الدعاء و ملازمته مع الإجابة و عدمها نصيحة الثاني [أن يمسح الداعي بيديه وجهه‏] الثالث أن يختم دعاءه بالصلاة على النبي ص و [آله‏]. الرابع أن يعقب دعاءه بما روي‏ الخامس أن يكون بعد الدعاء خيرا منه قبله‏ فصل [تفسير الاستعاذة من أنواع الذنوب‏] فصل في المباهلة خاتمة [في المحبطات للعمل‏] [القسم‏] الأول الرياء توضيح و تقسيم [في الرياء] علاج الرياء تذنيب‏ القسم الثاني العجب‏ علاج العجب‏ الباب الخامس فيما ألحق بالدعاء و هو الذكر فصل و يستحب الذكر في كل وقت و لا يكره في حال من الأحوال‏ فصل و لا ينبغي أن يخلو للإنسان مجلس عن ذكر الله و يقوم منه بغير ذكر فصل و يتأكد استحباب الذكر إذا كان في الغافلين‏ فصل [في افضل أوقات الذكر] فصل و يستحب الإسرار بالذكر فصل [في أقسام الذكر] فمنه التحميد صورة التمجيد و منه التهليل و التكبير و منه التسبيح‏ و منه التسبيح و التحميد و منه‏ و منه الكلمات الخمس‏ و منه التسبيحات الأربع‏ و منه الاستغفار فصل [في افضل اوقات الاستغفار] فصل في ذكر دعوات مختصة بالأوقات‏ الْأَوَّلُ‏ الثَّانِي‏ الثَّالِثُ‏ الرَّابِعُ‏ الْخَامِسُ‏ السادس‏ السَّابِعُ‏ الثَّامِنُ‏ التَّاسِعُ‏ الْعَاشِرُ فصل في الاستشفاء بالدعاء و الاسترقاء [القسم‏] الأول لدفع العلل‏ الْأَوَّلُ‏ الثَّانِي‏ الثَّالِثُ‏ الرَّابِعُ‏ الْخَامِسُ‏ السَّادِسُ‏ السَّابِعُ‏ الثَّامِنُ‏ التَّاسِعُ‏ الْعَاشِرُ القسم الثاني ما يستدفع به المكاره‏ الْأَوَّلُ‏ الثَّانِي‏ الثَّالِثُ‏ الرَّابِعُ‏ الْخَامِسُ‏ السَّادِسُ‏ السَّابِعُ‏ الثامن‏ التَّاسِعُ‏ الْعَاشِرُ الْحَادِيَ عَشَرَ الثَّانِيَ عَشَرَ القسم الثالث العوذ الْأَوَّلُ‏ الثَّانِي‏ الثَّالِثُ‏ الرَّابِعُ‏ الْخَامِسُ‏ السَّادِسُ‏ السَّابِعُ‏ الثَّامِنُ‏ التَّاسِعُ‏ الْعَاشِرُ الْحَادِيَ عَشَرَ الباب السادس في تلاوة القرآن‏ فصل و ينبغي للإنسان أن لا ينام حتى يقرأ شيئا من القرآن‏ فصل و يستحب اتخاذ المصحف في البيت‏ فصل و ينبغي لمن حفظ القرآن أن يداوم تلاوته حتى لا ينساه‏ فصل [في خواص القرآن‏] القسم الأول الاستشفاء من العلل‏ القسم الثاني في الاستكفاء القسم الثالث فيما يتعلق بإجابة الدعاء فصل في خواص متفرقة فصل‏ خاتمة الكتاب في أسماء الله الحسنى‏ فصل‏ فصل‏ فصل‏ رموز الكتاب‏ فهرس ما في الكتاب من أمّهات المطالب‏

عدة الداعي و نجاح الساعي


صفحه قبل

عدة الداعي و نجاح الساعي، ص: 110

يا هذا إن تاقت نفسك إلى النعيم فاترك الدنيا فإن ترك الدنيا مهر الآخرة و إنما مثل الدنيا و الآخرة كالضرتين‏ 357 بقدر ما تُرْضِي إحداهما تُسخط الأخرى و مثل المشرق و المغرب بقدر ما تقرب من أحدهما تبعد من الآخر 358 .

وَ مِنْ هَذَا قَوْلُ الصَّادِقِ ع‏ إِنَّا لَنُحِبُّ الدُّنْيَا وَ أَنْ لَا نُؤْتَاهَا خَيْرٌ لَنَا مِنْ أَنْ نُؤْتَاهَا وَ مَا أُوتِيَ ابْنُ آدَمَ مِنْهَا شَيْئاً إِلَّا نَقَصَ حَظُّهُ مِنَ الْآخِرَةِ.

و معنى قوله ع إنا لنحب إشارة إلى نوع الإنسان و هذا لسان حال المكلفين في الدنيا و ليس ذلك إشارة إليه و لا إلى آبائه و أبنائه صلوات الله عليهم أجمعين لأنهم لا ينقص حظهم من الآخرة بما يأتونه من الدنيا و أنى يكون ذلك.

و قد نزل جبرئيل إلى النبي ص ثلاث مرات بمفاتيح كنوز الدنيا و في كلها يقول هذه مفاتيح كنوز الدنيا و لا ينقص من حظك عند ربك شي‏ء فيأبى ص و يحب تصغير ما أحب الله تصغيره.

و ما أيام دنياك هذه التي تشتري بها هذا النعيم العظيم إلا عبارة عن ساعة واحدة لأن الماضي لا تجد لنعيمه لذة و لا لبؤسه ألما و المستقبل قد لا تدركه و إنما الدنيا عبارة عن الساعة التي أنت فيها.

و من هذا

قول علي ع لسلمان الفارسي‏ وَ ضَعْ عَنْكَ هُمُومَهَا لِمَا

عدة الداعي و نجاح الساعي، ص: 111

أَيْقَنْتَ مِنْ فِرَاقِهَا

مع أنا ما رأينا قط أحدا باع الدنيا بالآخرة إلا ربحهما- و لا رأينا من باع الآخرة بالدنيا إلا خسرهما كيف لا

و هو تعالى يقول للدنيا أخدمي من خدمني و أتعبي من خدمك.

و إذا كنت في شغل من تكسب فاستغنم ذكر الله و ارفع كتابك مملوء من الحسنات أ و ما سمعت حكاية العابد الحداد و ما صار من جلالة قدره- مع كونه مشغولا في السوق بالحدادة و ستقف عليها في كتابنا هذا في باب الذكر إن شاء الله تعالى‏ 359 .

وَ كَذَا يُرْوَى عَنْ سَيِّدِنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَفْرُغُ مِنَ الْجِهَادِ يَتَفَرَّغُ لِتَعْلِيمِ النَّاسِ وَ الْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ فَإِذَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ اشْتَغَلَ فِي حَائِطٍ 360 لَهُ يَعْمَلُ فِيهِ بِيَدِهِ وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ ذَاكِرٌ لِلَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ.

رَوَى الْحَكَمُ بْنُ مَرْوَانَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ‏ نَزَلَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نَازِلَةٌ قَامَ لَهَا وَ قَعَدَ تَرَبَّحَ لَهَا [تَرَنَّحَ‏] وَ تَقَطَّرَ ثُمَّ قَالَ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ مَا عِنْدَكُمْ فِيهَا قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ الْمَفْزَعُ وَ الْمَنْزَعُ‏ 361 - فَغَضِبَ وَ قَالَ‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً 362 أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّا وَ إِيَّاكُمْ لَنَعْرِفُ ابْنَ بَجْدَتِهَا 363 وَ الْخَبِيرَ بِهَا قَالُوا كَأَنَّكَ أَرَدْتَ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ وَ أَنَّى يُعْدَلُ بِي عَنْهُ وَ هَلْ طَفَحَتْ‏ 364 جَرَّةٌ 365 [نَفَحَتْ حُرَّةٌ] بِمِثْلِهِ قَالُوا فَلَوْ بَعَثْتَ إِلَيْهِ قَالَ هَيْهَاتَ هُنَاكَ شِمْخٌ‏ 366 مِنْ هَاشِمٍ‏

عدة الداعي و نجاح الساعي، ص: 112

وَ لُحْمَةٌ 367 مِنَ الرَّسُولِ وَ أُثْرَةٌ 368 مِنْ عِلْمٍ يُؤْتَى لَهَا وَ لَا يَأْتِي امْضُوا إِلَيْهِ- فَاقْصَفُوا نَحْوَهُ وَ أَفْضُوا إِلَيْهِ وَ هُوَ فِي حَائِطٍ لَهُ عَلَيْهِ تُبَّانٌ‏ 369 يَتَرَكَّلُ عَلَى مِسْحَاتِهِ‏ 370 وَ هُوَ يَقُولُ- أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً. أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى‏. ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى‏ 371 وَ دُمُوعُهُ تَهْمِي عَلَى خَدَّيْهِ- فَأَجْهَشَ الْقَوْمُ لِبُكَائِهِ ثُمَّ سَكَنَ وَ سَكَنُوا وَ سَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ مَسْأَلَتِهِ فَأَصْدَرَ إِلَيْهِ جَوَابَهَا فَلَوَى عُمَرُ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ أَرَادَكَ الْحَقُّ وَ لَكِنْ أَبَى قَوْمُكَ فَقَالَ ع لَهُ يَا أَبَا حَفْصٍ خَفِّضْ‏ 372 عَلَيْكَ مِنْ هُنَا وَ مِنْ هُنَا- إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً 373 فَانْصَرَفَ وَ قَدْ أَظْلَمَ وَجْهُهُ وَ كَأَنَّمَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ مِنْ لَيْلٍ.

فصل‏

ثم إن لم تبع ساعتك بنعيم الآخرة بعتها بِثَمَنٍ بَخْسٍ‏ 374 دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ ثم تجمع جميع عمرك الذي لو أعطيت في ثمنه الدنيا بأجمعها لم تبعه تلقى نفسك قد بعته بثمن زهيد لا يفي ببيت ذهب بل من فضة بل أقل من ذلك.

(شعر)

الدهر ساومني‏ 375 عمري و قلت له‏

ما بعت عمري بالدنيا و ما فيها

عدة الداعي و نجاح الساعي، ص: 113

ثم أشتريه بتديج بلا ثمن‏

تبت يدا صفقة قد خاب شاريها 376

وَ فِي الْخَبَرِ النَّبَوِيِّ ص‏ أَنَّهُ يُفْتَحُ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ عُمُرِهِ أَرْبَعٌ وَ عِشْرُونَ خِزَانَةً عَدَدَ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فَخِزَانَةٌ يَجِدُهَا مَمْلُوءَةً نُوراً وَ سُرُوراً فَيَنَالُهُ عِنْدَ مُشَاهَدَتِهَا مِنَ الْفَرَحِ وَ السُّرُورِ مَا لَوْ وُزِّعَ عَلَى أَهْلِ النَّارِ لَأَدْهَشَهُمْ عَنِ الْإِحْسَاسِ بِأَلَمِ النَّارِ وَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي أَطَاعَ فِيهَا رَبَّهُ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ خِزَانَةٌ أُخْرَى فَيَرَاهَا مُظْلِمَةً مُنْتِنَةً مُفْزِعَةً فَيَنَالُهُ مِنْهَا عِنْدَ مُشَاهَدَتِهَا مِنَ الْفَزَعِ وَ الْجَزَعِ مَا لَوْ قُسِمَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ لَنَقَّصَ [لَنَغَّضَ‏] عَلَيْهِمْ نَعِيمَهَا وَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي عَصَى فِيهَا رَبَّهُ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ خِزَانَةٌ أُخْرَى فَيَرَاهَا خَالِيَةً لَيْسَ فِيهَا مَا يَسُرُّهُ وَ لَا يَسُوؤُهُ وَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي نَامَ فِيهَا أَوِ اشْتَغَلَ فِيهَا بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مُبَاحَاتِ الدُّنْيَا فَيَنَالُهُ مِنَ الْغَبْنِ وَ الْأَسَفِ عَلَى فَوَاتِهَا- حَيْثُ كَانَ مُتَمَكِّناً مِنْ أَنْ يَمْلَأَهَا حَسَنَاتٍ مَا لَا يُوصَفُ وَ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى‏ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ‏ 377 .

فصل‏

و لا تأخذ بقول من يقول أنا أتنعم في الدنيا بما أباحه الله تعالى و أقوم بالواجبات و إخراج الحقوق- مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ‏ 378 فأتنعم بما أباحه الله من طيب المأكل‏

عدة الداعي و نجاح الساعي، ص: 114

اللذيذة و الملابس السنية و المراكب الفاخرة و الدور العامرة و القصور الباهرة و لا يمنعني ذلك من الاستباق إلى الجنة مع السابقين بل ينبغي أن تعلم أن هذا مقالة أهل حمق و غرور 379 و ذلك من وجوه- الأول أن المتوغل‏ 380 في فضول الدنيا لا ينفك عن الحرص المهلك الموقع في الشبهات و من تورط في الشبهات هلك لا محالة 381 .

الثاني إن سلم من الحرص و أنى له بالسلامة عنه لم يسلم من الفظاظة و قساوة القلب و التكبر كيف لا و هو تعالى يقول- كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى‏ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى‏ 382 .

وَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ إِيَّاكُمْ وَ فُضُولَ الْمَطْعَمِ فَإِنَّهُ يَسُمُّ الْقَلْبَ بِالْقَسْوَةِ.

وَ رَوَى حَسَّانُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ رَجُلًا فَقِيراً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص وَ عِنْدَهُ رَجُلٌ غَنِيٌّ فَكَفَّ ثِيَابَهُ وَ تَبَاعَدَ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ أَ خَشِيتَ أَنْ يَلْصَقَ فَقْرُهُ بِكَ أَوْ يَلْصَقَ غِنَاكَ بِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا إِذَا قُلْتَ هَذَا فَلَهُ نِصْفُ‏

عدة الداعي و نجاح الساعي، ص: 115

مَالِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلْفَقِيرِ أَ تَقْبَلُ مِنْهُ قَالَ لَا قَالَ ص وَ لِمَ قَالَ أَخَافُ أَنْ يَدْخُلَنِي مَا دَخَلَهُ.

وَ عَنْهُ ع قَالَ‏ فِي الْإِنْجِيلِ إِنَّ عِيسَى ع قَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي غُدْوَةً رَغِيفاً مِنْ شَعِيرٍ وَ عَشِيَّةً رَغِيفاً مِنْ شَعِيرٍ وَ لَا تَرْزُقْنِي فَوْقَ ذَلِكَ فَأَطْغَى‏

- و كما أن الخائض في الماء يجد بللا لا محالة كذلك صاحب الدنيا يجد على قلبه رينا 383 و قسوة لا محالة.

الثالث أن يخرج من قلبه حلاوة العبادة و الدعاء و قد نبه عليه عيسى ع فيما عرفت.

الرابع شدة الحسرة عند مفارقة الدنيا و الفقير على العكس من ذلك.

وَ عَنِ الصَّادِقِ ع‏ مَنْ كَثُرَ اشْتِبَاكُهُ بِالدُّنْيَا كَانَ أَشَدَّ حَسْرَةً عِنْدَ فِرَاقِهَا 384 .

الخامس كون الفقراء هم السابقون إلى الجنة و الأغنياء في عرصات القيامة للحساب.

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا إِنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ‏

و تحسر سلمان الفارسي رضوان الله عليه عند موته فقيل له على ما تأسفك يا أبا عبد الله قال ليس تأسفي على الدنيا و لكن رسول الله ص عهد إلينا و قال- لتكن بلغة أحدكم كزاد الراكب و أخاف أن نكون قد جاوزنا أمره و حولي هذه الأساود و أشار إلى ما في بيته و إذا هو دست‏ 385 و سيف و جفنة. 386

عدة الداعي و نجاح الساعي، ص: 116

وَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص الْخَائِفُونَ الْخَاشِعُونَ الْمُتَوَاضِعُونَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيراً يَسْبِقُونَ النَّاسَ إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ ص لَا وَ لَكِنْ فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ يَأْتُونَ فَيَتَخَطَّوْنَ رِقَابَ النَّاسِ فَيَقُولُ لَهُمْ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ- كَمَا أَنْتُمْ حَتَّى تُحَاسَبُوا فَيَقُولُونَ بِمَ نُحَاسَبُ فَوَ اللَّهِ مَا مَلِكْنَا فَنَجُورَ وَ نَعْدِلَ- وَ لَا أُفِيضَ عَلَيْنَا فَنَقْبِضَ وَ نَبْسُطَ وَ لَكِنْ عَبَدْنَا رَبَّنَا حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ‏ .

رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ الْفُقَرَاءَ الْمُؤْمِنِينَ لَيَتَقَلَّبُونَ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً 387 ثُمَّ قَالَ سَأَضْرِبُ لَكُمْ مَثَلًا إِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ سَفِينَتَيْنِ مُرَّ بِهِمَا عَلَى بَاخِسٍ فَنَظَرَ فِي إِحْدَاهُمَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً فَقَالَ أَسْرِبُوهَا 388 وَ نَظَرَ فِي الْأُخْرَى فَإِذَا هِيَ مُوقَرَةٌ 389 فَقَالَ احْبِسُوهَا.

رَوَى دَاوُدُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَقَفَ عَبْدَانِ مُؤْمِنَانِ لِلْحِسَابِ كِلَاهُمَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقِيرٌ فِي الدُّنْيَا وَ غَنِيٌّ فِي الدُّنْيَا فَيَقُولُ الْفَقِيرُ يَا رَبِّ عَلَى مَا أُوقَفُ- فَوَ عِزَّتِكَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّكَ لَمْ تُوَلِّنِي وِلَايَةً فَأَعْدِلَ فِيهَا أَوْ أَجُورَ وَ لَمْ تُمَلِّكْنِي مَالًا فَأُؤَدِّيَ مِنْهُ حَقّاً أَوْ أَمْنَعَ وَ لَا كَانَ رِزْقِي يَأْتِينِي فِيهَا إِلَّا كَفَافاً أَ عَلَى مَا عَلِمْتَ وَ قَدَّرْتَ لِي فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى صَدَقَ عَبْدِي خَلُّوا عَنْهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَ يَبْقَى الْآخَرُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْهُ الْعَرَقُ مَا لَوْ شَرِبَهُ أَرْبَعُونَ بَعِيراً لَأَصْدَرَهَا ثُمَّ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ لَهُ الْفَقِيرُ مَا حَبَسَكَ فَيَقُولُ طُولُ الْحِسَابِ مَا زَالَ يَحْبِسُنِي [يَجِيئُنِي‏] الشَّيْ‏ءُ فَيَغْفِرُ اللَّهُ بِي ثُمَّ أُسْأَلُ عَنْ شَيْ‏ءٍ آخَرَ حَتَّى تَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَتِهِ وَ أَلْحَقَنِي بِالتَّائِبِينَ فَمَنْ أَنْتَ فَيَقُولُ لَهُ- أَنَا الْفَقِيرُ الَّذِي كُنْتُ مَعَكَ آنِفاً فَيَقُولُ لَقَدْ غَيَّرَكَ النَّعِيمُ بَعْدِي.

صفحه بعد