کتابخانه روایات شیعه
بعض الروايات أنه عاش ألفي عام و خمسمائة عام و مضى من الدنيا و لم يبن فيها بيتا و كان إذا أصبح يقول لا أمسي و إذا أمسى يقول لا أصبح 395
و كذلك نبينا محمد ص فإنه خرج من الدنيا و لم يضع لبنة على لبنة.
وَ رَأَى ص رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ يَبْنِي بَيْتاً بِجِصٍّ وَ آجُرٍّ فَقَالَ ص الْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ هَذَا.
و أما إبراهيم أبو الأنبياء ع فقد كان لباسه الصوف و أكله الشعير.
و أما يحيى بن زكريا ع فكان لباسه الليف و أكله ورق الشجر.
و أما سليمان ع فقد كان مع ما هو فيه من الملك يلبس الشعر و إذا جنه الليل شد يديه إلى عنقه فلا يزال قائما حتى يصبح باكيا و كان قوته من سفائف الخوص 396 يعملها بيده.
و أما سيد البشر محمد ص فقد عرفت ما كان من لباسه و طعامه 397 .
وَ رُوِيَ أَنَّهُ ص أَصَابَهُ يَوْماً الْجُوعُ فَوَضَعَ صَخْرَةً عَلَى بَطْنِهِ ثُمَّ قَالَ ص أَلَا رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَ هُوَ لَهَا مُهِينٌ أَلَا رُبَّ مُهِينٍ لِنَفْسِهِ وَ هُوَ لَهَا مُكْرِمٌ أَلَا رُبَّ نَفْسٍ جَائِعَةٍ عَارِيَةٍ فِي الدُّنْيَا طَاعِمَةٌ فِي الْآخِرَةِ نَاعِمَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا رُبَّ نَفْسٍ كَاسِيَةٍ نَاعِمَةٍ فِي الدُّنْيَا جَائِعَةٌ عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا رُبَّ مُتَخَوِّضٍ مُتَنَعِّمٍ فِي ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ* ...- ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ أَلَا إِنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَزْنَةٌ 398 بِرَبْوَةٍ 399 أَلَا إِنَّ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ سَهْلَةٌ 400 بِسَهْوَةٍ- أَلَا رُبَّ شَهْوَةِ سَاعَةٍ أَوْرَثَتْ حُزْناً طَوِيلًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
و أما علي سيد الوصيين و تاج العارفين و وصي رسول رب العالمين ع- فحاله في الزهد و التقشف أظهر من أن يحكى 401 .
قَالَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع بَعْدَ مَا بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ وَ هُوَ جَالِسٌ عَلَى حَصِيرٍ صَغِيرٍ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِيَدِكَ بَيْتُ الْمَالِ وَ لَسْتُ أَرَى فِي بَيْتِكَ شَيْئاً مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْبَيْتُ فَقَالَ ع يَا ابْنَ غَفَلَةَ إِنَالْبَيْتَ [الْعَاقِلَ] لَا يَتَأَثَّثُ فِي دَارِ النُّقْلَةِ وَ لَنَا دَاراً قَدْ نَقَلْنَا إِلَيْهَا خَيْرَ مَتَاعِنَا وَ إِنَّا عَنْ قَلِيلٍ إِلَيْهَا صَائِرُونَ.
وَ كَانَ ع إِذَا أَرَادَ أَنْ يَكْتَسِيَ دَخَلَ السُّوقَ فَيَشْتَرِي الثَّوْبَيْنِ فَيُخَيِّرُ قَنْبَراً أَجْوَدَهُمَا وَ يَلْبَسُ الْآخَرَ ثُمَّ يَأْتِي النَّجَّارَ فَيَمُدُّ لَهُ إِحْدَى كُمَّيْهِ 402 وَ يَقُولُ لَهُ خُذْهُ [جُزَّهُ] بِقَدُومِكَ 403 وَ يَقُولُ هَذِهِ نُخْرِجُ فِي مَصْلَحَةٍ أُخْرَى وَ يُبْقِي الْكُمَّ الْأُخْرَى بِحَالِهَا وَ يَقُولُ هَذِهِ نَأْخُذُ فِيهَا مِنَ السُّوقِ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ع.
فلينظر العاقل بعين صافية و فكرة سليمة و يتحقق أنه لو يكون في الدنيا و الإكثار منها خير لم يفت هؤلاء الأكياس الذين هم خاصة [خلاصة] الخلق و حجج الله على سائر الناس بل تقربوا إلى الله بالبعد عنها-
حَتَّى قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ فِيهَا.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا يُعْبَدُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِثْلِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا.
وَ قَالَ عِيسَى ع لِلْحَوَارِيِّينَ ارْضَوْا بِدَنِيِّ الدُّنْيَا مَعَ سَلَامَةِ دِينِكُمْ- كَمَا رَضِيَ أَهْلُ الدُّنْيَا بِدَنِيِّ الدِّينِ مَعَ سَلَامَةِ دُنْيَاهُمْ وَ تَحَبَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِالْبُعْدِ مِنْهُمْ وَ أَرْضُوا اللَّهَ فِي سَخَطِهِمْ فَقَالُوا فَمَنْ نُجَالِسُ يَا رُوحَ اللَّهِ فَقَالَ
مَنْ يُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ وَ يَزِيدُ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ وَ يُرَغِّبُكُمْ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ.
فصل
و كيف يرغب العاقل عن حب المسكنة و المساكين و هو يرى الأولياء و الأوصياء على هذه الأوصاف بل وظيفة القيام بخدمة الصانع- و امتثال أوامر الرسل و الشرائع و إحياء دين الله و إعزاز كلمته و نصرة الرسل- و انتشار دعواهم من لدن آدم ع إلى زمان نبينا محمد ص لم يقم إلا بأولي الفقر و المسكنة أ و لا تسمع ما قص الله سبحانه و تعالى عليك في كتابه العظيم على لسان نبيه الكريم و أبان لك أن المتصدي لإنكار التشاريع و المقدم على جحود الصانع إنما هم الأغنياء المترفون و الأشراف المتكبرون فقال مخبرا عن قوم نوح إذ عيروه و ازدرءوا 404 العصابة الذين اتبعوه و هم فيما قالوه متبجحون- أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ 405 وَ ما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ 406 و قالوا لشعيب إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَ لَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَ ما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ 407 و قال المستكبرون من قوم صالح لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ- أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ. قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ 408 . و قال بنو يعقوب وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ 409 و قال فرعون مزدريا لموسى و مفتخرا عليه- فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ 410 و قالوا لمحمد ص
لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ 411 أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها 412 أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً 413 - وَ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ 414 .
يعنون مكة و الطائف و الرجلان 415 أحدهما المغيرة من مكة و قيل الوليد ابنه و أبو مسعود عروة بن مسعود الثقفي من الطائف و قيل حبيب بن عمرو الثقفي من الطائف و إنما قالوا ذلك لأن الرجلين إنما كانا عظيمي قومهما و ذوي الأموال الجسيمة [الجمة] فيهما فكفى بهذا و أمثاله مدحا و فخرا للمسكنة و القلة و ذما للشرف و الكثرة 416 .
كيف لا
و هو تعالى يقول لعيسى ع يَا عِيسَى إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ لَكَ حُبَّ الْمَسَاكِينِ وَ رَحْمَتَهُمْ تُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَكَ يَرْضَوْنَ بِكَ إِمَاماً وَ قَائِداً وَ تَرْضَى بِهِمْ صَحَابَةً وَ تَبَعاً وَ هُمَا خَلْقَانِ مَنْ لَقِيَنِي بِهِمَا لَقِيَنِي بِأَزْكَى الْأَعْمَالِ وَ أَحَبِّهَا إِلَيَ 417 .
وَ قَالَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ ص الْفَقْرُ فَخْرِي وَ بِهِ أَفْتَخِرُ 418 .
وَ عَنْ عِيسَى ع بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ أَكْنَافَ السَّمَاءِ لَخَالِيَةٌ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ وَ لَدُخُولُ جَمَلٍ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ أَيْسَرُ مِنْ دُخُولِ غَنِيٍّ فِي الْجَنَّةِ.
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَوَجَدْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَ الْمَسَاكِينَ وَ إِذَا لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ أَقَلَّ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ وَ النِّسَاءِ 419 .
و لو لم يكن في الغنى إلا الخطر من ترك مواساة الفقراء و مساعدة الضعفاء لكان كافيا و إن هو قام بسد كل خلة يجدها و إماطة 420 كل ضرورة يشرف عليها و يعلم بها ذهب بما معه و قعد ضعيفا محسورا و صار في الناس فقيرا و من هذا
قول أويس القرني ره و إن حقوق الله لم يبق لنا ذهبا و لا فضة.
وَ بَاعَ عَلِيٌّ ع حَدِيقَتَهُ الَّتِي غَرَسَهَا لَهُ النَّبِيُّ ص وَ سَقَاهَا هُوَ بِيَدِهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ رَاحَ إِلَى عِيَالِهِ وَ قَدْ تَصَدَّقَ بِأَجْمَعِهَا فَقَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ ع تَعْلَمُ أَنَّ لَنَا أَيَّاماً لَمْ نَذُقْ فِيهَا طَعَاماً وَ قَدْ بَلَغَ بِنَا الْجُوعُ وَ لَا أَظُنُّكَ إِلَّا كَأَحَدِنَا فَهَلَّا تَرَكْتَ لَنَا مِنْ ذَلِكَ قُوتاً فَقَالَ ع مَنَعَنِي عَنْ ذَلِكَ وُجُوهٌ أَشْفَقْتُ أَنْ أَرَى عَلَيْهَا ذُلَّ السُّؤَالِ.
و قيل إن السبب الموجب لنزول معاوية بن يزيد بن معاوية عن الخلافة أنه سمع جاريتين له تتباحثان و كانت إحداهما بارعة الجمال فقالت الأخرى لها قد أكسبك جمالك كبر الملوك فقالت الحسناء و أي ملك يضاهي ملك الحسن و هو قاض على الملوك فهو الملك حقا فقالت لها الأخرى و أي خير في الملك و صاحبه إما قائم بحقوقه و عامل بشكر فيه-
فذاك مسلوب اللذة و القرار منغص العيش و إما منقاد لشهواته و مؤثر للذاته مضيع للحقوق و مضرب عن الشكر فمصيره إلى النار فوقعت الكلمة في نفس معاوية موقعا مؤثرا و حملته على الانخلاع من الأمر فقال له أهله اعهد إلى أحد يقوم بها مكانك فقال كيف أتجرع مرارة فقدها- و أتقلد تبعة عهدها و لو كنت مؤثرا بها أحدا لآثرت بها نفسي ثم انصرف و أغلق بابه و لم يأذن لأحد فلبث بعد ذلك خمسا و عشرين ليلة ثم قبض- و روي أن أمه قالت له عند ما سمعت منه ذلك ليتك كنت حيضة فقال- ليتني كنت كما تقولين و لا أعلم أن للناس جنة و نار- [نارا].
و إنما خرجنا في هذا الباب عن مناسبة الكتاب لوقوع ذلك باقتراح أحد الأصحاب حيث رأى أول الكتاب فأحب الاستكثار فكرهنا خلافه.
فصل
و من مواطن الدعاء عقيب قراءة القرآن 421 و بين الأذان و الإقامة 422 و عند رقة القلب و جريان الدمعة.
رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا رَقَّ [قَلْبُ] أَحَدِكُمْ فَلْيَدْعُ- فَإِنَّ الْقَلْبَ لَا يَرِقُّ حَتَّى يَخْلُصَ 423 .
القسم السابع حال الداعي
كالغازي و الحاج و المعتمر و المريض.
لرواية