کتابخانه روایات شیعه
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ إِبْرَاهِيمَ النَّبِيَّ ع قَالَ إِلَهِي مَا لِعَبْدٍ بَلَّ وَجْهَهُ بِالدُّمُوعِ مِنْ مَخَافَتِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى جَزَاؤُهُ مَغْفِرَتِي وَ رِضْوَانِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ 561 .
رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَدْعُو وَ أَشْتَهِي الْبُكَاءَ فَلَا يَجِيئُنِي وَ رُبَّمَا ذَكَرْتُ مَنْ مَاتَ مِنْ بَعْضِ أَهْلِي فَأَرِقُّ وَ أَبْكِي فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ تَذْكُرُهُمْ فَإِذَا رَقَقْتَ فَابْكِ لِرَبِّكَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى. 562
تقريب و تخفيف
و إن لم يكن بك بكاء فلتتباك- [فتباك]
لِقَوْلِ الصَّادِقِ ع وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ بُكَاءٌ فَلْتَتَبَاكَ [فَتَبَاكَ] 563 .
وَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَتَبَاكَى فِي الدُّعَاءِ وَ لَيْسَ لِي بُكَاءٌ قَالَ نَعَمْ وَ لَوْ مِثْلَ رَأْسِ الذُّبَابِ. 564
وَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لِأَبِي بَصِيرٍ إِنْ خِفْتَ أَمْراً يَكُونُ أَوْ حَاجَةً تُرِيدُهَا فَابْدَأْ بِاللَّهِ فَمَجِّدْهُ وَ أَثْنِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ- وَ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ ع وَ تَبَاكَى [تَبَاكَ] وَ لَوْ مِثْلَ رَأْسِ الذُّبَابِ إِنَّ أَبِي
كَانَ يَقُولُ [إِنَ] أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ الرَّبِّ وَ هُوَ سَاجِدٌ يَبْكِي 565
وَ عَنْهُ ع إِنْ لَمْ يُجِبْكَ الْبُكَاءُ فَتَبَاكَ فَإِنْ خَرَجَ مِنْكَ مِثْلُ رَأْسِ الذُّبَابِ فَبَخْ بَخْ 566 .
نصيحة
و إذا وفقت للدعاء و ساعدتك العينان على البكاء و جادت لك بإرسال الدموع السجام 567 عند تذكارك الذنوب العظام و الفضائح في يوم القيامة و إشفاق الخلائق من الملك العلام و تمثل ما يحل بالخلائق و قد خرست الألسن و خمدت الشقاشق 568 و كانت الجوارح هي الشاهد و الناطق- و عظم هنالك الرخام فألجمهم العرق و بلغ شحوم الأذان يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ - و تظهر فيه الضمائر و تنكشف فيه العورات و يؤمن فيه النظر و الالتفات- و كيف و أنى لهم بالنظر و منهم المسحوب على وجهه 569 و الماشي على بطنه- و منهم من يوطأ بالأقدام مثل الذر و منهم المصلوب على شفير النار حتى يفرغ الناس من الحساب و منهم المطوق بشجاع في رقبته تنهشه حتى يفرغ
الناس من الحساب و منهم من تسلط عليهم الماشية ذوات الأخفاف فتطؤه بأخفافها و ذوات الأظلاف فتنطحه بقرونها و تطؤه بأظلافها.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً عَزْلَى [غُرْلًا]- قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ وَ بَلَغَ شُحُومَ الْآذَانِ قَالَتْ سَوْدَةُ زَوْجَةُ النَّبِيِّ ص وَا سَوْأَتَاهْ يَنْظُرُ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ ص شُغِلَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ- لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ 570 وَ كَيْفَ وَ أَنَّى لَهُمْ بِالنَّظَرِ وَ مِنْهُمُ الْمَسْحُوقُ عَلَى وَجْهِهِ وَ الْمَاشِي عَلَى بَطْنِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يُوطَأُ بِالْأَقْدَامِ مِثْلُ الذَّرِّ [الدق] وَ مِنْهُمُ الْمَصْلُوبُ عَلَى شَفِيرِ النَّارِ حَتَّى يَفْرُغَ النَّاسُ مِنَ الْحِسَابِ- وَ مِنْهُمُ الْمُطَوَّقُ بِشُجَاعٍ فِي رَقَبَتِهِ تَنْهَشُهُ حَتَّى يَفْرُغَ النَّاسُ مِنَ الْحِسَابِ وَ مِنْهُمْ مَنْ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ الْمَاشِيَةُ ذَوَاتُ الْأَخْفَافِ فَتَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَ ذَوَاتُ الْأَظْلَافِ 571 فَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَ تَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا. 572
و أمعن النظر و الفكر في أحوال الناس في ذلك اليوم و ما قبله و ما بعده- من شقاوة أو سعادة فإنه يحصل لك باعث الخوف لا محالة و داعية البكاء و الرقة و إخلاص القلب فانتهز فرصة الدعاء حينئذ و اعلم أنه من أنفس ساعات العمر و عليك بالاشتغال في تلك الحال بصاحب الجلال عن طلب الآمال و التعرض للسؤال و إذا سألت فليكن مسألتك و طلبتك دوام إقباله عليك و إقبالك عليه و حسن تأدبك بين يديه و اسأل ما يبقى لك جماله
و ينفي عنك وباله و المال لا يبقى لك و لا تبقى له 573 .
تنبيه
و اعلم أن البكاء و العجيج إلى الله سبحانه فرقا من الذنوب- وصف محبوب لكنه غير مجد مع عدم الإقلاع عنها و التوبة منها.
قَالَ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع وَ لَيْسَ الْخَوْفُ مَنْ بَكَى وَ جَرَتْ دُمُوعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ وَ إِنَّمَا ذَلِكَ خَوْفٌ كَاذِبٌ 574 .
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص مَرَّ مُوسَى بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ سَاجِدٌ- وَ انْصَرَفَ مِنْ حَاجَتِهِ وَ هُوَ سَاجِدٌ فَقَالَ ع لَوْ كَانَتْ حَاجَتُكَ بِيَدِي لَقَضَيْتُهَا لَكَ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَا مُوسَى لَوْ سَجَدَ حَتَّى يَنْقَطِعَ عُنُقُهُ مَا قَبِلْتُهُ أَوْ يَتَحَوَّلَ عَمَّا أَكْرَهُ إِلَى مَا أُحِبُّ وَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ إِنَّ مُوسَى مَرَّ بِرَجُلٍ وَ هُوَ يَبْكِي ثُمَّ رَجَعَ وَ هُوَ يَبْكِي فَقَالَ إِلَهِي عَبْدُكَ يَبْكِي مِنْ مَخَافَتِكَ- قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا مُوسَى لَوْ بَكَى حَتَّى نَزَلَ دِمَاغُهُ مَعَ دُمُوعِ عَيْنَيْهِ لَمْ أَغْفِرْ لَهُ وَ هُوَ يُحِبُّ الدُّنْيَا 575 .
وَ فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا مُوسَى ادْعُنِي بِالْقَلْبِ التَّقِيِّ النَّقِيِّ وَ اللِّسَانِ الصَّادِقِ.
وَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع الدُّعَاءُ مَفَاتِيحُ النَّجَاحِ وَ مَقَالِيدُ الْفَلَاحِ وَ خَيْرُ الدُّعَاءِ مَا صَدَرَ عَنْ صَدْرٍ نَقِيٍّ وَ قَلْبٍ تَقِيٍّ.
وَ فِي الْمُنَاجَاةِ وَ بِالْإِخْلَاصِ يَكُونُ الْخَلَاصُ فَإِذَا اشْتَدَّ الْفَزَعُ فَإِلَى اللَّهِ الْمَفْزَعُ.
الحادي عشر الاعتراف بالذنب قبل السؤال
لما فيه من الانقطاع إلى الله سبحانه و وضع النفس و من تواضع رفعه الله 576 و هو عند المنكسرة قلوبهم.
رُوِيَ أَنَّ عَابِداً عَبَدَ اللَّهَ سَبْعِينَ عَاماً صَائِماً نَهَارَهُ قَائِماً لَيْلَهُ فَطَلَبَ إِلَى اللَّهِ حَاجَةً فَلَمْ تُقْضَ فَأَقْبَلَ عَلَى نَفْسِهِ وَ قَالَ مِنْ قِبَلِكِ أُتِيتُ لَوْ كَانَ عِنْدَكِ خَيْرٌ قُضِيَتْ حَاجَتُكِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكاً فَقَالَ [لَهُ] يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّ سَاعَتَكَ الَّتِي أَزْرَيْتَ فِيهَا عَلَى نَفْسِكَ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَتِكَ الَّتِي مَضَتْ 577 .
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى ع أَ تَدْرِي لِمَ اصْطَفَيْتُكَ بِكَلَامِي [مِنْ] دُونِ خَلْقِي قَالَ لَا يَا رَبِّ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي قَلَّبْتُ عِبَادِي ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ أَرَ أَذَلَّ لِي نَفْساً مِنْكَ إِنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ وَضَعْتَ خَدَّيْكَ عَلَى التُّرَابِ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِنِّي قَلَّبْتُ عِبَادِي ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ أَرَ أَذَلَّ لِي نَفْساً مِنْكَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَرْفَعَكَ مِنْ بَيْنِ خَلْقِي 578 .
رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى مُوسَى ع أَنِ اصْعَدِ الْجَبَلَ لِمُنَاجَاتِي وَ كَانَ هُنَاكَ جِبَالٌ فَتَطَاوَلَتِ الْجِبَالُ وَ طَمَعَ كُلٌّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَصْعُودَ عَلَيْهِ عَدَا جَبَلًا صَغِيراً احْتَقَرَ نَفْسَهُ وَ قَالَ أَنَا أَقَلُّ أَنْ يَصْعَدَنِي نَبِيُّ اللَّهِ لِمُنَاجَاةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ اصْعَدْ ذَلِكَ الْجَبَلَ فَإِنَّهُ لَا يَرَى لِنَفْسِهِ مَكَاناً 579 .
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص ثَلَاثَةٌ لَا يَزِيدُ اللَّهُ بِهِنَّ إِلَّا خَيْراً التَّوَاضُعُ لَا يَزِيدُ اللَّهُ بِهِ إِلَّا ارْتِفَاعاً وَ ذُلُّ النَّفْسِ لَا يَزِيدُ اللَّهُ بِهِ إِلَّا عِزّاً وَ التَّعَفُّفُ لَا
يَزِيدُ اللَّهُ بِهِ إِلَّا غِنًى.
و أيضا ففي وضع النفس و كسرها و إسخاطها رضى الله سبحانه.
فَفِيمَا أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ يَا دَاوُدُ إِنِّي وَضَعْتُ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ- وَ النَّاسُ يَطْلُبُونَهَا فِي خَمْسَةٍ غَيْرِهَا فَلَا يَجِدُونَهَا وَضَعْتُ الْعِلْمَ فِي الْجُوعِ وَ الْجَهْدِ وَ هُمْ يَطْلُبُونَهُ فِي الشِّبَعِ وَ الرَّاحَةِ فَلَا يَجِدُونَهُ وَ وَضَعْتُ الْعِزَّ فِي طَاعَتِي- وَ هُمْ يَطْلُبُونَهُ فِي خِدْمَةِ السُّلْطَانِ فَلَا يَجِدُونَهُ وَ وَضَعْتُ الْغِنَى فِي الْقَنَاعَةِ وَ هُمْ يَطْلُبُونَهُ فِي كَثْرَةِ الْمَالِ فَلَا يَجِدُونَهُ وَ وَضَعْتُ رِضَائِي فِي سَخَطِ النَّفْسِ وَ هُمْ يَطْلُبُونَهُ فِي رِضَى النَّفْسِ فَلَا يَجِدُونَهُ وَ وَضَعْتُ الرَّاحَةَ فِي الْجَنَّةِ وَ هُمْ يَطْلُبُونَهَا فِي الدُّنْيَا فَلَا يَجِدُونَهَا
و لما في ذكر الذنوب من الخوف و الرقة.
قَالَ الصَّادِقُ ع إِذَا رَقَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَدْعُ فَإِنَّ الْقَلْبَ لَا يَرِقُّ حَتَّى يَخْلُصَ 580 .
و ربما كان سببا للبكاء و إرسال الدموع و هو من الآداب و تأهبك بأدب يكون سببا لأدب آخر.