کتابخانه روایات شیعه
ثُمَّ قَالَ يَا سَيِّدِي كَيْفَ خَلَّفْتَ مَوْلَايَ فَقُلْتُ بِخَيْرٍ فَقَالَ اللَّهَ فَقُلْتُ اللَّهَ حَتَّى أَعَادَهَا ثَلَاثاً ثُمَّ نَاوَلْتُ الرُّقْعَةَ فَقَرَأَهَا وَ قَبَّلَهَا وَ وَضَعَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا أَخِي مُرْ بِأَمْرِكَ قُلْتُ فِي جَرِيدَتِكَ عَلَيَّ كَذَا وَ كَذَا أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ فِيهِ عَطَبِي وَ هَلَاكِي فَدَعَا بِالْجَرِيدَةِ فَمَحَا عَنِّي كُلَّمَا كَانَ فِيهَا- وَ أَعْطَانِي بَرَاءَةً مِنْهَا ثُمَّ دَعَا بِصَنَادِيقِ مَالِهِ فَنَاصَفَنِي عَلَيْهَا ثُمَّ دَعَا بِدَوَابِّهِ فَجَعَلَ يَأْخُذُ دَابَّةً وَ يُعْطِينِي دَابَّةً ثُمَّ دَعَا بِغِلْمَانِهِ فَجَعَلَ يُعْطِينِي غُلَاماً وَ يَأْخُذُ غُلَاماً ثُمَّ دَعَا بِكِسْوَتِهِ فَجَعَلَ يَأْخُذُ ثَوْباً وَ يُعْطِينِي ثَوْباً حَتَّى شَاطَرَنِي فِي جَمِيعِ مِلْكِهِ وَ يَقُولُ هَلْ سَرَرْتُكَ فَأَقُولُ إِي وَ اللَّهِ وَ زِدْتَ عَلَيَّ السُّرُورَ- فَلَمَّا كَانَ فِي الْمَوْسِمِ قُلْتُ وَ اللَّهِ مَا كَانَ هَذَا الْفَرَحُ يُقَابَلُ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ وَ الدُّعَاءِ لَهُ وَ الْمَصِيرِ إِلَى مَوْلَايَ وَ سَيِّدِيَ الصَّادِقِ ع وَ شُكْرِهِ عِنْدَهُ وَ أَسْأَلُهُ الدُّعَاءَ لَهُ فَخَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ وَ جَعَلْتُ طَرِيقِي إِلَى مَوْلَايَ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ رَأَيْتُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ ع مَا كَانَ خَبَرُكَ مَعَ الرَّجُلِ فَجَعَلْتُ أُورِدُ عَلَيْهِ خَبَرِي وَ جَعَلَ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ وَ يُسَرُّ السُّرُورَ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي هَلْ سُرِرْتَ بِمَا كَانَ مِنْهُ إِلَيَّ سَرَّهُ اللَّهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ فَقَالَ ع إِي وَ اللَّهِ لَقَدْ سَرَّنِي وَ لَقَدْ سَرَّ آبَائِي وَ اللَّهِ لَقَدْ سَرَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ اللَّهِ لَقَدْ سَرَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ اللَّهِ لَقَدْ سَرَّ اللَّهَ فِي عَرْشِهِ. 621
فانظر رحمك الله إلى هذا المؤمن كيف تلقى رسول إمامه و كيف مبالغته في إكرامه عند مواجهته و سلامه ثم انظر كيف لم يرض له من الإكرام بدون مشاطرته في كل ما يملك و حمله على هذا قوله ع و هذا أخوك و حكم الأخوين التسوية في كل الملك و قد دل هذا الحديث على أمور منها أن سرور المؤمن سرور الله تعالى و رسوله و أئمته و منها أن
المؤمن إذا احتاج إليه أخوه يساعده بما يقدر عليه حتى بجاهه و دعائه كما فعل الصادق ع و قال أو أعانه بنفسه و منها أن الإنسان ينبغي له أن يفرغ في مهماته إلى الله تعالى و إلى الأبواب إليه و هم آل محمد ع لقول الراوي فهربت إلى الله و إلى الصادق ع و منها أن ذلك موجب للنجاح كما رأيت ما حصل له.
وَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى دَاوُدَ ع أَنَّ الْعَبْدَ مِنْ عِبَادِي يَأْتِينِي بِالْحَسَنَةِ فَأُبِيحُهُ جَنَّتِي فَقَالَ دَاوُدُ يَا رَبِّ وَ مَا تِلْكَ الْحَسَنَةُ قَالَ يُدْخِلُ عَلَى عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ سُرُوراً وَ لَوْ بِتَمْرَةٍ فَقَالَ دَاوُدُ ع حَقّاً عَلَى مَنْ عَرَفَكَ أَنْ لَا يَقْطَعَ رَجَاءَهُ مِنْكَ. 622
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَيُّمَا مُؤْمِنٍ عَادَ مَرِيضاً خَاضَ فِي الرَّحْمَةِ- فَإِذَا قَعَدَ عِنْدَهُ اسْتَنْقَعَ فِيهَا 623 فَإِذَا عَادَهُ غُدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ وَ إِذَا أَعَادَهُ عَشِيَّةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ. 624
وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِيَأْذَنْ بِحَرْبٍ مِنِّي 625 مَنْ آذَى عَبْدِيَ الْمُؤْمِنَ وَ لْيَأْمَنْ مِنْ غَضَبِي مَنْ
أَكْرَمَ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنَ وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي خَلْقِي فِي الْأَرْضِ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ- إِلَّا مُؤْمِنٌ وَاحِدٌ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ لَاسْتَغْنَيْتُ بِعِبَادَتِهِمَا عَنْ جَمِيعِ مَا خَلَقْتُ فِي أَرْضِي وَ لَقَامَتْ سَبْعُ أَرَضِينَ وَ سَبْعُ سَمَاوَاتٍ بِهِمَا وَ لَجَعَلْتُ لَهُمَا مِنْ إِيمَانِهِمَا أُنْساً لَا يَحْتَاجَانِ إِلَى أُنْسِ سِوَاهُمَا.
الخامس عشر رفع اليدين بالدعاء
كان رسول الله ص يرفع يديه إذا ابتهل و دعا كما يستطعم المسكين.
وَ فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى ع أَلْقِ كَفَّيْكَ ذُلًّا بَيْنَ يَدَيَّ كَفِعْلِ الْعَبْدِ الْمُسْتَصْرِخِ إِلَى سَيِّدِهِ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ رُحِمْتَ وَ أَنَا أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ وَ أَقْدَرُ الْقَادِرِينَ يَا مُوسَى سَلْنِي مِنْ فَضْلِي وَ رَحْمَتِي فَإِنَّهُمَا بِيَدِي لَا يَمْلِكُهَا غَيْرِي- وَ انْظُرْ حِينَ تَسْأَلُنِي كَيْفَ رَغْبَتُكَ فِيمَا عِنْدِي لِكُلِّ عَامِلٍ جَزَاءٌ وَ قَدْ يُجْزَى الْكَفُورُ بِمَا سَعَى.
سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ الصَّادِقَ ع عَنِ الدُّعَاءِ وَ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فَقَالَ [عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ] أَمَّا التَّعَوُّذُ فَتَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِبَاطِنِ كَفَّيْكَ وَ أَمَّا الدُّعَاءُ فِي الرِّزْقِ فَتَبْسُطُ كَفَّيْكَ وَ تُفْضِي بِبَاطِنِهِمَا إِلَى السَّمَاءِ وَ أَمَّا التَّبَتُّلُ فَإِيمَاؤُكَ بِإِصْبَعِكَ السَّبَّابَةِ وَ أَمَّا الِابْتِهَالُ فَتَرْفَعُ يَدَيْكَ مُجَاوِزاً [تُجَاوِزُ] بِهِمَا رَأْسَكَ- وَ أَمَّا التَّضَرُّعُ أَنْ تُحَرِّكَ إِصْبَعَكَ السَّبَّابَةَ مِمَّا يَلِي وَجْهَكَ وَ هُوَ الدُّعَاءُ الْخِيفَةُ [الْخَفِيَّةُ]. 626
وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَرَّ بِي رَجُلٌ وَ أَنَا أَدْعُو فِي صَلَاتِي بِيَسَارِي فَقَالَ يَا [أَبَا] عَبْدِ اللَّهِ بِيَمِينِكَ فَقُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَقّاً عَلَى هَذِهِ كَحَقِّهِ عَلَى هَذِهِ 627 .
وَ قَالَ ع الرَّغْبَةُ تَبْسُطُ يَدَيْكَ وَ تُظْهِرُ بَاطِنَهُمَا وَ الرَّهْبَةُ تَبْسُطُ يَدَيْكَ وَ تُظْهِرُ ظَاهِرَهُمَا وَ التَّضَرُّعُ تُحَرِّكُ السَّبَّابَةَ الْيُمْنَى يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ التَّبَتُّلُ تُحَرِّكُ السَّبَّابَةِ الْيُسْرَى تَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ رِسْلًا وَ تَضَعُهَا رِسْلًا 628 وَ الِابْتِهَالُ تَبْسُطُ يَدَيْكَ وَ ذِرَاعَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ وَ الِابْتِهَالُ حِينَ تَرَى أَسْبَابَ الْبُكَاءِ.
وَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع هَكَذَا الرَّغْبَةُ وَ أَبْرَزَ بَاطِنَ رَاحَتَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ هَكَذَا الرَّهْبَةُ وَ جَعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ- وَ هَكَذَا التَّضَرُّعُ وَ حَرَّكَ أَصَابِعَهُ يَمِيناً وَ شِمَالًا وَ هَكَذَا التَّبَتُّلُ يَرْفَعُ أَصَابِعَهُ مَرَّةً وَ يَضَعُهَا أُخْرَى وَ هَكَذَا الِابْتِهَالُ وَ مَدَّ يَدَهُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَ قَالَ لَا تَبْتَهِلْ حَتَّى تَرَى [تُجْرِيَ] الدَّمْعَةَ وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ الِاسْتِكَانَةُ فِي الدُّعَاءِ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ. 629
تنبيه
هذه الهيئات المذكورة إما لعلة لا نعلمها أو لعل المراد ببسط
كفيه في الرغبة كونه أقرب إلى حال الراغب في بسط آماله و حسن ظنه بإفضاله و رجائه لنواله فالراغب يسأل بالآمال فيبسط كفيه لما يقع فيهما من الإحسان و المراد في الرهبة بجعل ظهر الكفين إلى السماء كون العبد يقول بلسان الذلة و الاحتقار لعالم الخفيات و الأسرار أنا ما أقدم على بسط كفي إليك و قد جعلت وجههما إلى الأرض ذلا و خجلا بين يديك و المراد في التضرع بتحريك الأصابع يمينا و شمالا أنه يكون تأسيا بالثاكل عند المصائب الهائل فإنها تقلب يديها و تنوح بهما إقبالا و إدبارا و يمينا و شمالا.
و المراد في التبتل برفع الأصابع مرة و وضعها أخرى بأن معنى التبتل الانقطاع فكأنه يقول بلسان حاله لمحقق رجائه و آماله انقطعت إليك وحدك لما أنت أهله من الإلهية فيشير بإصبعه وحدها من دون الأصابع على سبيل الوحدانية و المراد في الابتهال بمد يديه تلقاء وجهه إلى القبلة أو مد يده و ذراعيه إلى السماء أو رفع يديه و تجاوزهما رأسه بحسب الروايات أنه نوع من أنواع العبودية و الاحتقار و الذلة و الصغار أو كالغريق الرافع يديه الحاسر عن ذراعيه المتشبث بأذيال رحمته و المتعلق بذوائب رأفته التي أنجت الهالكين و أغاثت المكروبين و وسعت العالمين و هذا مقام جليل فلا يدعيه العبد إلا عند العبرة و تزاحم الأنين و الزفرة و وقوفه موقف العبد الذليل- و اشتغاله بخالقه الجليل عن طلب الآمال و التعرض للسؤال و المراد في الاستكانة برفع يديه على منكبيه أنه كالعبد الجاني إذا حمل على مولاه و قد أوثقه قيد هواه و قد تصفد بالأثقال و ناجى بلسان الحال هذه يداي قد غللتهما بين يديك بظلمي و جرأتي عليك 630 .
و اعلم أن بعض أهل العلم يقول ينبغي للداعي إذا مجد الله سبحانه و أثنى عليه أن يذكر من أسمائه الحسنى ما يناسب مطلوبه مثلا إذا كان مطلوبه الرزق يذكر من أسمائه تعالى مثل الرازق و الوهاب و الجواد و المغني و المنعم و المفضل و المعطي و الكريم و الواسع و مسبب الأسباب و المنان و رازق مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ و إن كان مطلوبه المغفرة و التوبة يذكر مثل التواب و الرحمن و الرحيم و الرءوف و العطوف و الصبور و الشكور و العفو و الغفور و الستار و الغفار و الفتاح و المرتاح و ذي المجد و السماح و المحسن و المجمل و المنعم و المفضل.
و إن كان مطلوبه الانتقام من العدو يذكر مثل العزيز و الجبار و القهار- و المنتقم و البطاش و ذي البطش الشديد و الفعال لما يريد و مدوح الجبابرة- و قاصم المردة و الطالب الغالب المهلك المدرك الذي لا يعجزه شيء و الذي لا يطاق انتقامه و على هذا القياس و لو كان مطلبه العلم يذكر مثل العالم و الفتاح و الهادي و المرشد و المعز و الرافع و ما أشبه ذلك 631 .
القسم الثالث في الآداب المتأخرة عن الدعاء
و هي أمور
الأول معاودة الدعاء و ملازمته مع الإجابة و عدمها
أما مع الإجابة فلأن ترك الدعاء مع الإجابة من الجفاء بل ينبغي المقابلة بتكرار المدحة
و الثناء لأن الله سبحانه عنف 632 من فعل ذلك في مواضع من القرآن كقوله تعالى- وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ 633 و قال الله تعالى وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ 634 .
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ فِي الرَّخَاءِ نَحْواً مِنْ دُعَائِهِ فِي الشِّدَّةِ لَيْسَ إِذَا أُعْطِيَ فَتَرَ وَ لَا يَمَلُّ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ 635 .
و أما مع عدم الإجابة فلأنه ربما كان التأخير لأن الله سبحانه يحب صوته و الإكثار من دعائه فينبغي له أن لا يترك ما يحبه الله.
أ و لا تنظر إلى رواية