کتابخانه روایات شیعه
و الثناء لأن الله سبحانه عنف 632 من فعل ذلك في مواضع من القرآن كقوله تعالى- وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ 633 و قال الله تعالى وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ 634 .
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ فِي الرَّخَاءِ نَحْواً مِنْ دُعَائِهِ فِي الشِّدَّةِ لَيْسَ إِذَا أُعْطِيَ فَتَرَ وَ لَا يَمَلُّ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ 635 .
و أما مع عدم الإجابة فلأنه ربما كان التأخير لأن الله سبحانه يحب صوته و الإكثار من دعائه فينبغي له أن لا يترك ما يحبه الله.
أ و لا تنظر إلى رواية
أحمد بن محمد بن أبي نصر قَالَ قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ اللَّهَ حَاجَةً مُنْذُ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً وَ قَدْ دَخَلَ فِي قَلْبِي مِنْ إِبْطَائِهَا شَيْءٌ فَقَالَ ع يَا أَحْمَدُ إِيَّاكَ وَ الشَّيْطَانَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْكَ سَبِيلٌ حَتَّى يُقَنِّطَكَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ ع كَانَ يَقُولُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَسْأَلُ اللَّهُ حَاجَةً فَيُؤَخِّرُ عَنْهُ تَعْجِيلَ إِجَابَتِهِ حُبّاً لِصَوْتِهِ وَ اسْتِمَاعِ نَحِيبِهِ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أَخَّرَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ مَا يَطْلُبُونَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا عَجَّلَ لَهُمْ فِيهَا وَ أَيُّ شَيْءٍ الدُّنْيَا. 636
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ الْعَبْدَ الْوَلِيَّ لِلَّهِ يَدْعُو اللَّهَ فِي أَمْرٍ يَنُوبُهُ- 637 فَقَالَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ اقْضِ لِعَبْدِي حَاجَتَهُ وَ لَا تُعَجِّلْهَا فَإِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَ نِدَاءَهُ وَ صَوْتَهُ وَ أَنَّ الْعَبْدَ الْعَدُوَّ لِلَّهِ لَيَدْعُو اللَّهَ فِي أَمْرٍ يَنُوبُهُ فَقَالَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ- اقْضِ لِعَبْدِي حَاجَتَهُ وَ عَجِّلْهَا فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَسْمَعَ دُعَاءَهُ وَ صَوْتَهُ قَالَ فَيَقُولُ النَّاسُ مَا أَعْطَى هَذَا إِلَّا لِكَرَامَتِهِ وَ مَا مَنَعَ هَذَا إِلَّا لِهَوَانِهِ.
وَ عَنْهُ ع لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ بِخَيْرٍ وَ رَجَاءٍ وَ رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ فَيَقْنَطْ فَيَتْرُكِ الدُّعَاءَ فَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ يَسْتَعْجِلُ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ مُنْذُ كَذَا وَ كَذَا وَ لَا أَرَى حَاجَةً. 638
وَ عَنْهُ ع إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي حَاجَتِهِ فَيَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ أَخِّرُوا إِجَابَتَهُ شَوْقاً إِلَى صَوْتِهِ وَ دُعَائِهِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدِي دَعَوْتَنِي وَ أَخَّرْتُ إِجَابَتَكَ وَ ثَوَابُكَ كَذَا وَ كَذَا وَ دَعَوْتَنِي فِي كَذَا وَ كَذَا فَأَخَّرْتُ إِجَابَتَكَ وَ ثَوَابُكَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ ع فَيَتَمَنَّى الْمُؤْمِنُ أَنَّهُ لَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا مِمَّا يَرَى مِنْ حُسْنِ الثَّوَابِ 639 .
وَ عَنْهُ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً طَلَبَ إِلَى اللَّهِ حَاجَةً فَأَلَحَّ فِي الدُّعَاءِ اسْتُجِيبَ لَهُ أَوْ لَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا 640 .
وَ عَنْهُ ع إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ السَّائِلَ اللَّحُوحَ.
وَ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ فِي التَّوْرَاةِ يَا مُوسَى مَنْ أَحَبَّنِي لَمْ يَنْسَنِي وَ مَنْ رَجَا مَعْرُوفِي أَلَحَّ فِي مَسْأَلَتِي يَا مُوسَى إِنِّي لَسْتُ بِغَافِلٍ عَنْ خَلْقِي وَ لَكِنْ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ مَلَائِكَتِي ضَجِيجَ الدُّعَاءِ مِنْ عِبَادِي وَ تَرَى حَفَظَتِي تَقَرُّبَ بَنِي آدَمَ إِلَيَّ بِمَا أَنَا مُقَوِّيهِمْ عَلَيْهِ وَ مُسَبِّبُهُ لَهُمْ يَا مُوسَى قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تُبْطِرَنَّكُمُ 641 النِّعْمَةُ فَيُعَاجِلَكُمُ السَّلْبُ وَ لَا تَغْفُلُوا عَنِ الشُّكْرِ فَيُقَارِعَكُمُ 642 الذُّلُّ وَ أَلِحُّوا فِي الدُّعَاءِ تَشْمَلْكُمُ الرَّحْمَةُ بِالْإِجَابَةِ وَ تَهْنِئْكُمُ الْعَافِيَةُ.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع لَا يُلِحُّ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ عَلَى اللَّهِ فِي حَاجَتِهِ إِلَّا قَضَاهَا لَهُ. 643
وَ عَنْ مَنْصُورٍ الصَّيْقَلِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رُبَّمَا دَعَا الرَّجُلُ فَاسْتُجِيبَ لَهُ ثُمَّ أُخِّرَ ذَلِكَ إِلَى حِينٍ قَالَ فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَ لِمَ ذَلِكَ لِيَزْدَادَ مِنَ الدُّعَاءِ قَالَ نَعَمْ. 644
وَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يُسْتَجَابُ لِلرَّجُلِ الدُّعَاءُ ثُمَّ يُؤَخَّرُ قَالَ نَعَمْ عِشْرُونَ سَنَةً. 645
وَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْهُ ع قَالَ كَانَ بَيْنَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما 646 وَ بَيْنَ أَخْذِ فِرْعَوْنَ أَرْبَعُونَ عَاماً.
وَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْهُ ع إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَدْعُو فَيُؤَخَّرُ بِإِجَابَتِهِ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ 647 .
نصيحة
ينبغي للعاقل أن يكون دعاء و لا يقطع الدعاء أصلا لوجوه.
الأول لما عرفت من فضيلة الدعاء و أنه عبادة بل هو مخ العبادة 648 .
الثاني أن تفوز بمزية تقديم الدعاء على البلاء فجاز أن يكون هناك بلاء مقدر لا تعلمه فيرده الدعاء عنك 649 .
الثالث أنك إذا أكثرت في الدعاء صار صوتك معروفا في السماء فلا يحجب عند احتياجك إليه 650 .
الرابع أن تنال نصيبا
من دعائه ص- رحم الله عبدا طلب من الله
الخبر 651 .
الخامس أن صوتك إن كان محبوبا لله فقد وافقت إرادته سبحانه و فعلت ما يحبه و إن لم يكن محبوبا 652 أو لم تكن للإجابة أهلا فهو كريم رحيم فلعله يرحمك بتكرارك لدعائه و لا يخيب رجاؤك لنعمائه و ينعش 653 استغاثتك و يجيب دعوتك كيف لا و مناديه في كل ليلة ينادي هل من داع فأجيبه يا طالب الخير أقبل 654 أ و ما ترى إلى
قَوْلِهِ ع وَ مَتَى تُكْثِرْ قَرْعَ الْبَابِ يُفْتَحْ لَكَ 655 .
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص إِنَّ الْعَبْدَ لَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَ هُوَ مُعْرِضٌ عَنْهُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَ هُوَ مُعْرِضٌ عَنْهُ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَيَقُولُ [اللَّهُ] سُبْحَانَهُ لِلْمَلَائِكَةِ أَ لَا تَرَوْنَ إِلَى عَبْدِي سَأَلَنِي الْمَغْفِرَةَ وَ أَنَا مُعْرِضٌ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَنِي الْمَغْفِرَةَ وَ أَنَا مُعْرِضٌ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَنِي الْمَغْفِرَةَ عَلِمَ عَبْدِي أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ.
السادس أن صوتك على تقدير كونه محبوبا يحبس عنك الإجابة لتداوم فإذا كنت مداوما لم تبق لحبس الإجابة عنك فائدة لعلمه باستمرار دعائك و التأخير إنما كان لأجل الاستمرار اللهم إلا أن يكون لادخار ما أعده لك من الثواب في يوم الجزاء و الحساب يكون فرحك و سرورك أعظم- لأن ما كان من عطاء الآخرة فهو دائم و ما كان من خير الدنيا فهو منقطع- و ما أعظم تفاوت ما بين الدائم و المنقطع إن كنت تعقل.
السابع أن تفوز بمحبة الله تعالى
لِقَوْلِهِ ع إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ كُلَّ دَعَّاءٍ.
الثامن التأسي بإمامك
لِقَوْلِ الصَّادِقِ ع وَ كَانَ أَمِيُر الْمُؤْمِنِينَ رَجُلًا دَعَّاءً.
فإن قلت يمنعني عن الدعاء ما ذكرت من اشتراط الإقبال بالقلب 656 - و الانتصاب إلى مناجاة الرب و ما ذكرت من
قوله ع لا يقبل الله دعاء قلب لاه 657
و
قوله ع لا يقبل الله دعاء قلب قاس 658
و أراني لا يتيسر لي الإقبال في غالب الأحوال و القساوة مستولية على قلبي و هي موجبة للبعد عن ربي.
فاعلم أنك مع اتصافك بما ذكرت من الأوصاف متى تركت ذلك كان أعون لعدوك عليك و أحرى [أجرى] لظفره بك و تعينه عليك نفسك الأمارة المستوخمة 659 للدعاء المستثقلة للبكاء الميالة إلى الشهوات و إنما مثلك و مثله كقرينين [قرنين] تصاولا 660 فإذا عرفت من نفسك الكسل و الجبن عن محاربته فإياك إياك أن تلقاه مع ذلك بغير سلاح فإنه ينتهز فرصة الظفر بك و يصرعك لا محالة بل تسلح و تجلد و أظهر له إنك قادر على قتاله غير مول عنه فلعله يجبن فيولي عنك فيسلم أو لعلك إذا تجلدت قوى قلبك- و نشطت نفسك و ذهب عنك ما كنت تجده من التكاسل و التخاذل أو لعلك إذا فعلت ذلك رحمك الله فأيدك بنصره.
و لهذا السر سماه النبي ص بالسلاح
حَيْثُ يَقُولُ أَ لَا أَدُلُّكُمْ عَلَى سِلَاحٍ يُنْجِيكُمْ مِنْ أَعْدَائِكُمْ وَ يُدِرُّ أَرْزَاقَكُمْ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تَدْعُونَ رَبَّكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فَإِنَّ سِلَاحَ الْمُؤْمِنِ الدُّعَاءُ. 661
و اعلم أن أعداءك أربعة الهوى و الدنيا و الشيطان و نفسك الأمارة و هذه الأربعة مجموعة
في دعائهم ع - فَيَا غَوْثَاهْ ثُمَّ وَا غَوْثَاهْ بِكَ يَا اللَّهُ مِنْ هَوًى قَدْ غَلَبَنِي وَ مِنْ عَدُوٍّ اسْتَكْلَبَ عَلَيَّ وَ مِنْ دُنْيَا قَدْ تَزَيَّنَتْ لِي وَ مَنْ نَفْسٍ أَمَّارَةٍ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي
فانظر إلى هذا الدعاء كيف خرج عند ذكر هؤلاء مخرج الاستغاثة و لا تكون الاستغاثة أبدا إلا ممن يخاف على نفسه من أشد الأعداء القهر و الابتلاء و من استسلم في قبض عدوه هلك لا محالة فعليك بالدعاء و التضرع و إن لم يكن لك إقبال و لا تنتظر خلو البال فإن ذلك قليل الوجود عزيز المثال- فادع كيفما أمكنك و على كل حال فإن مجرد الدعاء و ذكر الله سبحانه مطردة للشيطان عنك.
وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص عَلَى كُلِّ قَلْبٍ جَاثِمٍ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ خَنِسَ الشَّيْطَانُ وَ ذَابَ وَ إِذَا تَرَكَ الذِّكْرَ الْتَقَمَهُ الشَّيْطَانُ- فَجَذَبَهُ وَ أَغْوَاهُ وَ اسْتَزَلَّهُ وَ أَطْغَاهُ. 662
و كم نشرع في الدعاء بالتكلف من غير إقبال و يكون آخره البكاء و الابتهال و الإلحاح في السؤال بل ترك الدعاء و السؤال مقس للقلب و مظلم له حتى لا يكاد على طول تركه تميل النفس إليه أصلا و إذا اعتيد ألفته و عشقته و عاد هواها و مشتهاها-
وَ قَالَ النَّبِيُّ ص الْخَيْرُ عَادَةٌ.