کتابخانه روایات شیعه
هداه الله في وقت لصدق نقيضها و هو الموجبة الجزئية و هو محال لامتناع صدق النقيضين و حينئذ لا يهتدى بالنبي و لا بالإمام فلا فائدة في البعثة.
15- لا شيء من الإمام يباح الاعتداء عليه بالضرورة
و كل غير معصوم بالفعل يباح الاعتداء عليه في الجملة لأنه ظالم في الجملة فيدخل في قوله فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ 237 ينتج دائما لا شيء من الإمام بغير معصوم بالفعل.
16- كل غير معصوم يركسه الله بما كسب بالإمكان
و لا شيء من الإمام يركسه الله بما كسب بالضرورة فلا شيء من غير المعصوم بإمام بالضرورة أو بالدوام.
17 كل من ليس بمعصوم يمكن كونه ظالما و لا شيء من الإمام بظالم بالضرورة فلا شيء من غير المعصوم بإمام بالضرورة
الفصل السادس
و فيه أمور
1- غير المعصوم يمكن أن يتبرأ منه من تبعه
لقوله تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا 238 الآية و لا شيء من الإمام المنصوب من الله يتبرأ منه بالضرورة فلا شيء من غير المعصوم بإمام بالضرورة على قول و بالدوام على قول و المطلق حاصل في القولين.
2- غير المعصوم يمكن أن يكون من أهل النار فيمكن أن يدعو إلى النار
و لا شيء من الإمام بالضرورة من أهل النار و لا يدعو إلى النار فلا شيء من غير المعصوم بإمام بالضرورة أو بالدوام.
3- غير المعصوم مفسد لنفسه و لمتبعه بالإمكان
و لا شيء من الإمام كذلك بالضرورة فغير المعصوم ليس بإمام.
4- غير المعصوم كاذب بالإمكان
فيدخل في قوله تعالى فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ 239 و لا شيء من الإمام بكاذب بالضرورة فلا شيء من غير المعصوم بإمام.
5- لا شيء من غير المعصوم قوله و فعله بمجرده حجة بالإمكان
لعدم كونه معلوما فلا يجب اتباعه و كل إمام قوله و فعله بمجرده حجة بالضرورة فيجب اتباعه فلا شيء من غير المعصوم بإمام بالضرورة أو بالدوام.
6- مخالف غير المعصوم له على الله حجة لو آخذه
لأنه معذور لعدم عصمته و جواز خطئه و لا شيء من مخالف الإمام كذلك فلا شيء من غير المعصوم بإمام.
7- الإمام المعصوم متق و كل متق الله معه
لقوله تعالى أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ 240 فالمعصوم الله معه بالضرورة و لا شيء من غير المعصوم الله معه بالإمكان فلا شيء من الإمام بغير معصوم.
إن قيل قد أخبر الله تعالى أنه مع كل أحد بقوله ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ 241 الآية قلنا هذه المعية بمعنى العلم لهم و الإحاطة بهم و المعية مع المتقين بمعنى المعونة و زيادة الألطاف و الهداية و ترجيح العناية و الحث على المتابعة و إلا لم يكن في القيد بالتقوى فائدة و قد ذهب جماعة من الأصوليين إلى أن التخصيص بالوصف يقتضي التخصيص بالحكم فلو كانت المعية الأولى هي الثانية تناقضا.
إن قيل لا تناقض لدخول المتقين في كل أحد و الجزء لا يناقض الكل قلنا كلامنا على اقتضاء التخصيص بالحكم و ظاهر فيه التناقض و أيضا على التداخل يلزم التأكيد فيه و التأسيس مقدم عليه.
انتهت هذه الفصول الموجبة للعصمة من المعقول
و يتلوها أقطاب في شيء من المنقول بالنور المنزل على الرسول و هو الكتاب المجيد
و الركن الشديد الوتيد
الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
القطب الأول و فيه الآيات المتضمنة للرحمة
مثل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ 242 إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ و نحو ذلك كثير مما فيه نسبة الرحمة إلى الله سبحانه كثير يستغنى بالإشارة إلى مجمله عن التطويل بمفصله إذ لو سبرنا باقي أفرادها خرجنا عن قيد الوجيز بإيرادها يجدها في الكتاب العزيز من أرادها.
و وجه الاستدلال بها أن الرحمة إنما يكون ثبوتها بفعل مأمورات التكاليف و ترك منهياتها و إنما يكون ذلك بالألطاف المقربة إليها المصرفة للقوى الشهوية و الغضبية عنها و لا أهم في ذلك من المعصوم في كل زمان إذ منه تستفاد علوم أحكام السنة و الكتاب لكل إنسان فترك نصبه يعود بالتعطيل على الأحكام العائد على نفي الرحمة عن الحكيم العلام فلا يكون لآيات الرحمة معنى معقولا و هو تناقض لا يصدر إلا ممن كان غبيا جهولا
القطب الثاني في الآيات المتضمنة للتقوى
وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى هُدىً لِلْمُتَّقِينَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَعِيمٍ 243 و نحو ذلك مما يقرب إليه و يعول في هذا المعنى عليه.
و وجه الاستدلال بهذه الآيات أن التقوى المحثوث عليها المرغب فيها إنما تحصل بامتثال الأوامر و إهمال الزواجر فإن لم يكن للمكلف طريق يؤدي إلى العلم بذلك على الإطلاق لزم التكليف بما لا يطاق فإن كان الطريق إلى الظن مؤديا فإن الظن لا يغني من الحق شيئا و غير المعصوم لا يجب التعويل
عليه لإمكان نسبة المعصية إليه فلا يحصل الوثوق بالوصول إلى التقوى بل قد يجذب إلى ضدها فتعم به البلوى فيجب وجود المعصوم ليفيد العلوم بأحكام الحي القيوم.
إن قيل آيات التقوى مهملة و هي غير عامة فتصدق بمفرد فلا يفيد مطلوبكم قلنا بل الوقاية فرط الصيانة يقال وقاه فاتقى فلا يتم إلا باجتناب الكبائر و الصغائر قال الله تعالى وَ أَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ 244 و المراد بها فعل كل الطاعات و ترك جميع المعصيات
و قال النبي ص لا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس.
القطب الثالث في الآيات التي فيها طلب الهداية
مثل اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ 245 و التي فيها نسبة الهداية إلى الرب الكريم مثل فَهَدَيْناهُمْ وَ اللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ وَ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ هذا هُدىً هُدىً لِلْمُتَّقِينَ 246 و نحو ذلك يستغنى بقليله عن كثيره و يشار بنزيره إلى غزيره.
و وجه الاستدلال أن الهداية جميعها غير معلومة بالعقول فإن غالبها إنما يستفاد من المنقول فإن فوض النقل و البيان إلى جائز الخطإ و لا شك في اختلاف المفسرين و الرواة فإن سمع المكلف من الجميع وقع في الأمر الشنيع و لا ترجيح لبعض لارتفاع العصمة عن كل فالمرشد على اليقين إلى معرفة الهداية هو المعصوم عن الغواية فإن لم يجب وجوده كلفنا بما لا سبيل إليه و طلبنا الصواب ممن لا يعول عليه و لهذا لما تغلب على هذه المنزلة من جهل الفتوى خبط في دين الله خبط عشوى
القطب الرابع في الآيات المتضمنة للخوف و نحوه
مثل لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ 247 و غير ذلك من الآيات المشتملة على الوعيد بالمخالفة.
وجه الاستدلال أن خروج المكلف عن خوف الوعيد و السقوط في العذاب الشديد إنما يكون باختياره ما يوجب ذلك و هو غير عالم بما يوجبه أو يسلبه من تلقاء نفسه و لا ممن يحكم في عقله بجواز معصيته فلا ملجأ له في زوال الهم الفادح إلا بهداية من لا يفعل و لا يأمر إلا بصالح و ذلك هو الإمام المعصوم الذي لا يصدق عليه اسم الظلوم
القطب الخامس الآيات الناطقة بما يوجب الهلاك
مثل وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ لا تَخُونُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ لا تُفْسِدُوا فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ و لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ 248 إلى غير ذلك مما لا يخفى حقيقته و لا يعفى طريقه فنقول الكتاب و السنة مجملان في هذه و غيرها فلا بد من طريق إلى معرفة المراد يقينا منها و مجتهدو الأمة غايتهم الظن و التبعيض و لا يصلون إلا في قليل إلى العلم القطعي المانع من النقيض فلا بد من معصوم يجزم العبد بصوابه فلا يخشى
باتباعه من غضب الله و عقابه و النبي غير دائم الوجود فلا بد من نائب يقوم بمقامه و يؤدي إلى أمته تفاصيل أحكامه لئلا يدرس طريق نجاتهم فتكون الحجة لهم على بارئهم حيث لم يستمر لهم منه نصب السبيل و ينتقض قوله لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ 249 . 250
قلت هذا يفهم كون الإمام رسولا قلت لا بل هو تكميل لدينه و نائب في رعيته بعد حينه و لا خفاء إن الله لا يخل أمة من الخلفاء وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ 251
القطب السادس الآيات المتضمنة للاستمرار على الحق اليقين
فالدوام على ذلك و شبهه فيما لم تقض الضرورة به و لم تهتد العقول إلى كسبه إنما يحصل من النبي ص و مع فقده فمن الإمام و غير المعصوم يشارك في الحاجة إلى الاستفادة ممن جعل الرب الحكيم عنده و منه الإفادة و قد نص الله في كتابه المبين على اصطفاء قوم معينين في قوله إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ 253 و إنما يحسن ذلك من الحكيم مع عصمتهم من أول خلقهم إلى آخر عمرهم فإن كان المراد الأنبياء و الأئمة فالمطلوب
فيدخل فيه علي و فاطمة و باقي الأئمة لأن الجمع المضاف للعموم و إن أريد الأنبياء حصل المطلوب أيضا لأن كل من قال بعصمتهم قال بعصمة الأئمة و من منع عصمة الأئمة لم يقل بعصمتهم فالفرق إحداث قول ثالث
القطب السابع الآيات التي فيها الحث على عمل الصالحات
مثل افْعَلُوا الْخَيْرَ 254 و من يفعل خيرا يجز به فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ 255 و الآيات التي فيها الزجر عن المعصيات مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَ تَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَ عَصَيْتُمْ وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا 256 فهذه الآيات و نحوها لا يوصل إلى حقائقها إلا بالمعصوم إذ الكتاب و السنة مشتملان على المجملات و المتشابهات و تفويض استخراج ذلك إلى الاجتهاد المختلف باختلاف الأمارات فيه تعطيل الأمور و التكليف بغير المقدور و الخوف من عدم إصابة اليقين للقادة و التابعين.
و قد ذكر أن رجلا دخل على فخر الدين الرازي في موضعه فوجده يبكي فقال له مم بكاؤك فقال مسألة حكمت بها منذ ثلاثين سنة و وضعتها في مصنفاتي و سارت بها الركبان و الآن ظهر لي أنها خطأ فما يؤمنني أن يكون جميع ما صنفته و ألفته كذلك فهذا خوف هذا الإمام مع سعة علمه و إقرار العارفين له بزيادة فهمه.