کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
[تقدير و عرفان:]
لقد كان الأمل يحدوني بأن يكتب لهذا السفر القيّم بالظهور قبل مدّة من الزمان، أي في حياة استاذنا العلّامة الراحل و المحقّق الخبير السيّد عبد العزيز ابن السيّد جواد الطباطبائي اليزدي النجفي قدّس سرّه، سيّما و انّه قد هيّأ لي النسخة الّتي اعتمدتها في التحقيق من مدرسة النمازي في مدينة «خوي»، و انّه أيضا كان يرغب في أن يرى صدور هذا الكتاب، إلّا انّ امورا عديدة حالت دون إتمام تحقيق الكتاب في ذلك الوقت، و شاءت الإرادة الإلهيّة غير ما شئنا برحيل السيّد عنّا، فجزاه اللّه خير جزاء المحسنين، و أسكنه فسيح جنانه و أوفرها.
و اسجّل وافر شكري لكلّ من مدّ لي يد العون في عملي هذا، و أخصّ بالذكر منهم: الاستاذ الفاضل محمود البدري، و أشقّائي: علي و عبد الكريم و صادق وفّقهم اللّه جميعا.
و أشكر أيضا أمّ ولدي «حيدر» التي شاركتني في مختلف مراحل تحقيق الكتاب، من استنساخ و استخراج و مقابلة فجزاها اللّه خيرا.
و الحمد للّه ربّ العالمين.
فارس حسّون كريم قم المقدّسة ذكرى مولد سيّد الشهداء عليه السلام 3 شعبان 1417 ه
صورة الصفحة الاولى من النسخة الخطّيّة «الأصل».
صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الخطّيّة «الأصل».
[مقدّمة المؤلّف]
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه الذي جعل مصائب دار الغرور مصروفة إلى وجوه أوليائه، و نوائب بطشها المشهور موقوفة على جهة أصفيائه، و وعدهم على الصبر الجميل بالثواب الجزيل في دار جزائه، و أراهم فضل درجة الشهادة في منازل دار السعادة الباقية ببقائه، فبذلوا أرواحهم لينالوا الزلفى من رحمته، و باعوا أنفسهم من اللّه بنعيم جنّته، و تلقّوا حدود الصّفاح 33 بشرائف وجوههم، و قابلوا رءوس صدور الرماح بكرائم صدورهم، فكوّرتهم و قد أظلم ليل نقع 34 الحرب، و بلغت القلوب الحناجر لوقع الطعن و الضرب، و كفر القتام 35 شمس النهار بركامه، و غمر الظلام فجاج الأقطار بغمامه، و خشعت الأصوات لوقع الصرام على هامات الرجال، و أشرقت الأرض بما سال عليها من شابيب الجريال 36 ، فلم تر إلّا رءوسا تقطف، و نفوسا تختطف، و أبطالا قد صبغت
جيوبها بدم الحتوف، و فرسانا وجبت جنوبها بغروب السيوف 37 ، لرأيت منهم وجوها كالبدور في ظلم النقع مشرقة، و اسدا في غاب 38 الرماح مطرقة، يرون الموت في طاعة ربّهم راحة أرواحهم، و بذلوا الوسع في إعلاء كلمة خالقهم مجلية أفراحهم.
ليوث إذا ضربت الحرب جمرها، غيوث إذا السماء منعت درّها، رهبان إذا الليل أرخى ستوره، أعلام إذا النهار أشاع نوره، مصابيح الظلام إذا الغسق غمّت سدفته، مجاديح 39 الانعام إذا الزمان عمّت أزمّته، سادة الامّة، و قادة الأئمّة، و معدن الحكمة، و منبع العصمة، و بحار العلم، و بحار الحلم، إن سئلوا أوضحوا، و إن نطقوا أفصحوا، و إن استسمحوا جادوا، و إن استرفدوا عادوا، أصلهم معرق، و فرعهم معذق، و حوضهم مورود، و مجدهم محسود، و فخرهم. 40 .، النبوة أصلهم، و الامامة نسلهم، لا شرف إلّا و هم أصله،. 41 .
و امروا بالجهاد في سبيل اللّه فأتمروا، لبسوا القلوب على الدروع عند مكافحة الكفاح، و تلقّوا بالخدود و الصدور حدود الصفاح و رءوس الرماح، يرون طعم الموت في طاعة ربّهم أحلى من العسل المشار 42 ، و ارتكاب
الأخطار في إعلاء كلمة خالقهم أولى من ركوب العار.
جدّهم أكرم مبعوث، و خير مرسل، و أشرف مبعوث بالمجد الأعبل 43 ، و الشرف الأطول، لم يضرب فيه فاجر، و لم يسهم فيه عاهر، نقله اللّه من الأصلاب الفاخرة إلى الأرحام الطاهرة، و اختصّه بالكرامات الباهرة، و المعجزات الظاهرة، و نسخ الشرائع بشريعته، و فسخ المذاهب بملّته، أقام به الاسلام و شدّ أزره 44 ، و أوضح به الايمان و أعلا أمره، و جعله مصباحا لظلم الضلال، و مفتاحا لما استعلن من الأحكام، و أحيا به السنّة و الفرض، و جعله شفيع يوم الحشر و العرض، و أسرى به إلى حضيرة قدسه، و شرّفه ليلة الاسراء بخطاب نفسه، فهو أشرف الموجودات، و خلاصة الكائنات، أقسم ربّنا بحياته، و جعله أفضل أهل أرضه و سماواته، و أزلفه بقربه، و اختصّه بحبّه، فهو سيّد المرسلين، و إمام المتّقين، و خاتم النبيّين، النبيّ المهذّب، و المصطفى المقرّب، الحبيب المجيب، و الأمين الأنجب.
صاحب الحوض و الكوثر، و التاج و المغفر، و الخطبة و المنبر، و الركن و المشعر، و الوجه الأنور، و الجبين الأزهر، و الدين الأظهر، و الحسب الأطهر، و النسب الأشهر، محمد سيّد البشر، المختار للرسالة، الموضح للدلالة، المصطفى للوحي و النبوّة، المرتضى للعلم و الفتوّة.
صاحب الفضل و السخاء، و الجود و العطاء، و المذاكرة و البكاء،
و الخشوع و الدعاء، و الانابة و الصفاء.
صاحب الملّة الحنيفيّة، و الشريعة المرضيّة، و الامّة المهديّة، و العترة الحسنيّة و الحسينيّة.
صاحب الفضل الجليّ، و النور المضيّ، و الكتاب البهيّ، الرسول النبيّ الامّيّ.
هذا الذي زيّنت بمدحه طروسي 45 ، و رصفت بوصفه بديعي و تجنيسي، و قابلت بدرّ كماله تربيعي و تسديسي، و جعلت ذكره في خلواتي أليفي و أنيسي، و حليت المجامع بملاقي 46 مناقبه، و شققت المسامع بمعالي مراتبه.
هو الذي رفع اللّه به قواعد الصدق بعد اندراسها، و أطلع أنوار الحقّ بعد انطماسها، و أقام حدود السنّة بجواهر لفظه، و حلّى أجياد الشريعة بزواجر وعظه، و أطلع شمس الملّة الحنيفيّة في فلك نبوّته، و أظهر بدر الشريعة المصطفويّة من مطالع رسالته، فتح به و ختم، و فرض طاعته و حتم، و نسخ الشرائع بشريعته، و نسخ الملّة بملّته.