کتابخانه روایات شیعه
و آله بتراب، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مزّق اللّه ملكه كما مزّق كتابي، أما إنّكم ستمزّقون ملكه، و بعث إليّ بتراب أما إنّكم ستمزّقون 52 أرضه، فكان كما قال صلّى اللّه عليه و آله.
ثم كتب كسرى في الوقت إلى عامله على اليمن، و كان اسمه باذام 53 ، و يكنّى أبا مهران، أن امض إلى يثرب و احمل هذا الذي يزعم أنّه نبيّ، و بدأ باسمه قبل اسمي، و دعاني إلى غير ديني، فبعث باذام الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيروز الديلمي في جمع، و أرسل معه كتابا يذكر فيه ما كتب إليه كسرى، فأتاه فيروز بمن معه، و قال: إنّ كسرى أمرني أن أحملك إليه، فاستنظره صلّى اللّه عليه و آله ليلته إلى الصباح.
فلمّا كان في 54 الغد حضر فيروز مستحثّا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أخبرني ربّي انّه قتل صاحبك البارحة، سلّط اللّه عليه ابنه شيرويه على سبع ساعات من الليل، فأمسك حتى يأتيك الخبر، فراع ذلك فيروز و هاله، و رجع إلى باذام فأخبره.
فقال له باذام: كيف وجدت نفسك حين دخلت عليه؟
فقال: و اللّه ما هبت أحدا كهيبة هذا الرجل، فوصل الخبر إليه كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأسلما، و ظهر في زمانهما العنسي 55 المتنبّئ
باليمن و ما افتراه من الكذب، فأرسل إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيروز الديلمي، و قال: اقتله قتله اللّه، [فقتله] 56 57 .
[نزول سورة النجم]
و روت 58 العامّة عن جعفر بن محمد عليه السلام أنّها لمّا نزلت سورة
«و النجم إذا هوى» أخبر بذلك عتبة 59 بن أبي لهب، فجاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تفل في وجهه و طلّق ابنته، و قال: كفرت بالنجم و بربّ النجم، فدعا عليه رسول اللّه و قال: اللهمّ سلّط عليه كلبا من كلابك، فخرج إلى الشام، فنزل في بعض الطريق، و ألقى اللّه عليه الرعب، فقال لأصحابه ليلا: نيّموني بينكم، ففعلوا، فجاء أسد فافترسه من بين الناس، ففي ذلك يقول حسّان بن ثابت:
سائل بني الأشعر 60 إن جئتهم
ما كان أنباء أبي 61 واسع
لا وسّع اللّه له قبره
بل ضيّق اللّه على القاطع
رمى رسول اللّه من بينهم
دون قريش رمية القادع
و استوجب الدّعوة منه بما
بيّن للنّاظر و السّامع
فسلّط اللّه به كلبه
يمشي الهوينا مشية الخادع
حتى أتاه وسط أصحابه
و قد علتهم سنة الهاجع 62
فالتقم الرّأس بيافوخه
و النّحر منه فغرة الجائع
من يرجع العام إلى أهله
فما أكيل السّبع بالرّاجع
قد كان هذا لكم عبرة
للسيّد المتبوع و التّابع 63
و بعد:
فيقول العبد الفقير، الذليل الحقير، المعترف بذنبه، المنيب إلى ربّه، الذي لم يكتب له الكرام الكاتبون عملا صالحا، و لم تشهد له الملائكة المقرّبون يقينا ناصحا، إلّا ما يتقرّب به في كلّ آن من توحيد مالكه و ربّه، و الانابة إليه بقالبه و قلبه، و جعل ذكره أنيس خلوته، و تلاوة كتابه جليس وحدته، بالتوسّل إليه بأوليائه الطاهرين من أهل بيت نبيّه، المتوكّل عليه بمجاورة الأكرمين من ذرّيّة وليّه، و تشريف المنابر بذكر مناقبهم، و تزيين المحاضر بنشر مراتبهم، و إيضاح الدليل على سلوك سبيلهم، و شفاء الغليل بتشريفهم و تفضيلهم، و قمع رءوس من عاداهم بمقامع نظمه و نثره، و غيّض نفوس من ناواهم بتواضع خطبه و شعره، محمد بن أبي طالب بن أحمد بن محمد المشهور بن طاهر بن يحيى بن ناصر بن أبي العزّ الحسيني الموسوي الحائري امّا و أبا، الامامي ملّة و مذهبا، الحسيني نسبا و محتدا 64 ، الكركي 65 منشأ و مولدا:
[في هجرة المؤلّف رحمه اللّه من دمشق]
إنّي لمّا هجرت مهاجر أبي و امّي و عمومتي و بني عمّي و مسقط رأسي و مولدي، و مصدري في الامور و موردي، و هي البلدة المشهورة بين أرباب الطريقة بالأرض المقدّسة، و هي في الحقيقة على غير تقوى اللّه مؤسّسة، كم سبّ أمير المؤمنين على منابرها، و اظهرت كلمة الكفر في منائرها، و عصي ربّ العالمين في بواطنها و ظواهرها، و حملت رءوس بني النبيّ إلى يزيدها و فاجرها؟ فهي دار الفاسقين، و قرار المنافقين، و مغرس العصابة الناصبة، و مجمع الطائفة الكاذبة، أعني البلدة المشهورة بدمشق، معدن الفجور و الغرور و الفسق، و لمّا منّ اللّه بتوفيق الخروج منها، و تسهيل الطريق بالبعد عنها، و فارقتها غير آسف على حضرتها و نصرتها، و لا نادم على مفارقة جهتها و ربوتها، أرى كلّ وارد من موارد يزيدها ثورا، و كلّ ملازم لباب يزيدها من المعدلين آثما أو كفورا، و كلّ عاكف بأمواتها من أعلام علمائها عتلّا 66 فخورا، و كلّ زبرج 67 اجري على صفحات عروشها و جدرانها حرفا و غرورا.
علماؤها ذئاب بل ذباب، و امراؤها سباع بل كلاب، و نساؤها أبغى من هند البغيّة، و مخدّراتها أزنى من أمّ زياد سميّة، الابنة في علمائها فاشية، و الدياثة من زعمائها ناشية، إن لامهم لائم على سوء فعلهم قالوا: «هذا تقدير ربّنا» بكفرهم و جهلهم، أو أنّبهم مؤنّب بفجور نسائهم قالوا: «هذا ما كتب اللّه على جباههنّ» بكفرهم و ضلالهم، فجدعا 68 لهم و كبّا، و بؤسا و غبّا.
و ما عسى أن أقول في وصف قوم حنيت جوانحهم على بغض الوصيّ و عترته، و بنيت جوارحهم على إنزال الأذى بمواليه و شيعته: يسلقون المؤمنين بألسنة حداد، و يقصدون الصالحين بالبغي في كلّ ناد، و يتشادقون 69 بغيبتهم في محاضرهم و مجامعهم، و يعلنون بسبّهم عقيب جمعهم في جوامعهم، يعدّون يوم عاشوراء من أعظم أعيادهم و زينتهم، و يسمّونه فجورا رأس سنتهم، و يعتقدون طبخ الحبوب تلك الليلة من أعظم سنتهم، و المصافحة بالأكفّ المخضوبة في ذلك اليوم من أفضل طريقهم و سنتهم، و يتهادون بالتحف و الهدايا في المنازل، و يتباركون بإذخار الأدوية و الأشربة من ذلك اليوم إلى قابل، و يقصدون بالأذى من بكى فيه على آل الرسول، و يتجسّسون على من جلس لتعزية الطاهرة البتول.
و ليس ذلك بعجيب من نفاقهم، و لا بغريب من شقاقهم، فقد ارتضعوا بغض الامام الوصيّ من أخلاف 70 اخلافهم، و اشربوا هجر آل النبيّ من آبائهم و أسلافهم، أغصان الشجرة الملعونة في القرآن، و أفنان 71 دوحة البغي و العدوان، الذين أعلنوا بسبّ اللّه و رسوله على منابرهم، و دلّ قبح ظاهرهم على خبث سرائرهم، كم أظهروا الفساد في البلاد، و أشهروا العناد في العباد؟
و زيّن الشيطان للناس اتّباعهم، و صيّر علماءهم أشياعهم و أتباعهم، فبذلوا لهم
الأموال، و ولّوهم الأعمال، فغرّتهم الحياة الدنيا بزينتها، و فتنتهم بزهرتها، فبدّلوا كلام اللّه بآرائهم، و حرّفوا كتاب اللّه بأهوائهم، و سلكوا بقدم الغيّ إلى الباطل سبيلا، و اشتروا بآيات اللّه ثمنا قليلا، و أنكروا فضل الوصيّ و ما انزل فيه من الآيات، و جحدوا النصّ الجليّ و ما ورد في إمامته من الدلالات، تقرّبا إلى أئمّة ضلالهم، و حرّفوا مقال النبيّ طمعا في نوالهم.
[في مناقب و مثالب اصطنعتها العامّة]
أ لا ترى إلى أزكاهم البخاري قد ألغى حديث الخاتم و قصّة الغدير و خبر الطائر 72 و آية التطهير؟
و إن أنصفهم مسلم قد أنكر حديث الكهف و الإخاء، و طعن في حديث «أنا مدينة العلم»، و حديث اللوح.