کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
قد كان هذا لكم عبرة
للسيّد المتبوع و التّابع 63
و بعد:
فيقول العبد الفقير، الذليل الحقير، المعترف بذنبه، المنيب إلى ربّه، الذي لم يكتب له الكرام الكاتبون عملا صالحا، و لم تشهد له الملائكة المقرّبون يقينا ناصحا، إلّا ما يتقرّب به في كلّ آن من توحيد مالكه و ربّه، و الانابة إليه بقالبه و قلبه، و جعل ذكره أنيس خلوته، و تلاوة كتابه جليس وحدته، بالتوسّل إليه بأوليائه الطاهرين من أهل بيت نبيّه، المتوكّل عليه بمجاورة الأكرمين من ذرّيّة وليّه، و تشريف المنابر بذكر مناقبهم، و تزيين المحاضر بنشر مراتبهم، و إيضاح الدليل على سلوك سبيلهم، و شفاء الغليل بتشريفهم و تفضيلهم، و قمع رءوس من عاداهم بمقامع نظمه و نثره، و غيّض نفوس من ناواهم بتواضع خطبه و شعره، محمد بن أبي طالب بن أحمد بن محمد المشهور بن طاهر بن يحيى بن ناصر بن أبي العزّ الحسيني الموسوي الحائري امّا و أبا، الامامي ملّة و مذهبا، الحسيني نسبا و محتدا 64 ، الكركي 65 منشأ و مولدا:
[في هجرة المؤلّف رحمه اللّه من دمشق]
إنّي لمّا هجرت مهاجر أبي و امّي و عمومتي و بني عمّي و مسقط رأسي و مولدي، و مصدري في الامور و موردي، و هي البلدة المشهورة بين أرباب الطريقة بالأرض المقدّسة، و هي في الحقيقة على غير تقوى اللّه مؤسّسة، كم سبّ أمير المؤمنين على منابرها، و اظهرت كلمة الكفر في منائرها، و عصي ربّ العالمين في بواطنها و ظواهرها، و حملت رءوس بني النبيّ إلى يزيدها و فاجرها؟ فهي دار الفاسقين، و قرار المنافقين، و مغرس العصابة الناصبة، و مجمع الطائفة الكاذبة، أعني البلدة المشهورة بدمشق، معدن الفجور و الغرور و الفسق، و لمّا منّ اللّه بتوفيق الخروج منها، و تسهيل الطريق بالبعد عنها، و فارقتها غير آسف على حضرتها و نصرتها، و لا نادم على مفارقة جهتها و ربوتها، أرى كلّ وارد من موارد يزيدها ثورا، و كلّ ملازم لباب يزيدها من المعدلين آثما أو كفورا، و كلّ عاكف بأمواتها من أعلام علمائها عتلّا 66 فخورا، و كلّ زبرج 67 اجري على صفحات عروشها و جدرانها حرفا و غرورا.
علماؤها ذئاب بل ذباب، و امراؤها سباع بل كلاب، و نساؤها أبغى من هند البغيّة، و مخدّراتها أزنى من أمّ زياد سميّة، الابنة في علمائها فاشية، و الدياثة من زعمائها ناشية، إن لامهم لائم على سوء فعلهم قالوا: «هذا تقدير ربّنا» بكفرهم و جهلهم، أو أنّبهم مؤنّب بفجور نسائهم قالوا: «هذا ما كتب اللّه على جباههنّ» بكفرهم و ضلالهم، فجدعا 68 لهم و كبّا، و بؤسا و غبّا.
و ما عسى أن أقول في وصف قوم حنيت جوانحهم على بغض الوصيّ و عترته، و بنيت جوارحهم على إنزال الأذى بمواليه و شيعته: يسلقون المؤمنين بألسنة حداد، و يقصدون الصالحين بالبغي في كلّ ناد، و يتشادقون 69 بغيبتهم في محاضرهم و مجامعهم، و يعلنون بسبّهم عقيب جمعهم في جوامعهم، يعدّون يوم عاشوراء من أعظم أعيادهم و زينتهم، و يسمّونه فجورا رأس سنتهم، و يعتقدون طبخ الحبوب تلك الليلة من أعظم سنتهم، و المصافحة بالأكفّ المخضوبة في ذلك اليوم من أفضل طريقهم و سنتهم، و يتهادون بالتحف و الهدايا في المنازل، و يتباركون بإذخار الأدوية و الأشربة من ذلك اليوم إلى قابل، و يقصدون بالأذى من بكى فيه على آل الرسول، و يتجسّسون على من جلس لتعزية الطاهرة البتول.
و ليس ذلك بعجيب من نفاقهم، و لا بغريب من شقاقهم، فقد ارتضعوا بغض الامام الوصيّ من أخلاف 70 اخلافهم، و اشربوا هجر آل النبيّ من آبائهم و أسلافهم، أغصان الشجرة الملعونة في القرآن، و أفنان 71 دوحة البغي و العدوان، الذين أعلنوا بسبّ اللّه و رسوله على منابرهم، و دلّ قبح ظاهرهم على خبث سرائرهم، كم أظهروا الفساد في البلاد، و أشهروا العناد في العباد؟
و زيّن الشيطان للناس اتّباعهم، و صيّر علماءهم أشياعهم و أتباعهم، فبذلوا لهم
الأموال، و ولّوهم الأعمال، فغرّتهم الحياة الدنيا بزينتها، و فتنتهم بزهرتها، فبدّلوا كلام اللّه بآرائهم، و حرّفوا كتاب اللّه بأهوائهم، و سلكوا بقدم الغيّ إلى الباطل سبيلا، و اشتروا بآيات اللّه ثمنا قليلا، و أنكروا فضل الوصيّ و ما انزل فيه من الآيات، و جحدوا النصّ الجليّ و ما ورد في إمامته من الدلالات، تقرّبا إلى أئمّة ضلالهم، و حرّفوا مقال النبيّ طمعا في نوالهم.
[في مناقب و مثالب اصطنعتها العامّة]
أ لا ترى إلى أزكاهم البخاري قد ألغى حديث الخاتم و قصّة الغدير و خبر الطائر 72 و آية التطهير؟
و إن أنصفهم مسلم قد أنكر حديث الكهف و الإخاء، و طعن في حديث «أنا مدينة العلم»، و حديث اللوح.
و إنّ أشهرهم الطبري توقّف عن حديث الوصيّة 73 ، و تأويل (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) 74 ، و نعم المطيّة، و من أعلام مبشّريهم و ضلّال مفتريهم من نور الآيات و الأخبار المجمع عليها نحو (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا) 75 ، و نحو
أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، و إنّي تارك فيكم الثقلين، و جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلما و علوّا، و جماعة من كبّار أنصابهم، و فجّار نصّابهم، جعلوا مقابل كلّ حقّ باطلا، و بإزاء كلّ قائل قائلا، مثل «الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة» 76 فوضعوا بإزائه «أبو بكر و عمر سيّدا كهول أهل الجنّة» 77 ، و
«كان أحبّ الرجال إلى النبيّ عليّ، و من النساء فاطمة» 78 فوضعوا الحديث في أبي بكر و عائشة 79 ، و غرّوا الجاهل بمقالات الباطل ليدحضوا به الحقّ، و لو أردت لأوردت من أكاذيبهم و أغاليطهم، و زلفت من أباطيلهم و مخاليطهم، ما يعجز اللسان عن وصفه، و يكلّ البنان من رصفه، فأعرضت عن رقم ذلك في الدفاتر، و إن كان حاكي الكفر ليس بكافر.
شعر:
إذا ما روى الراوون ألف فضيلة
لأصحاب مولانا النبيّ محمد
يقولون هذا في الصحيحين مثبت
بخطّ الامامين الحديث يشيّد 80
و مهما روينا في عليّ فضيلة
يقولون هذا من أحاديث ملحد 81
آخر:
إذا في مجلس ذكروا عليّا
و سبطيه و فاطمة الزكيّة
يقول الحاضرون ذروا فهذا
سقيم من حديث الرافضيّة 82