کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
الأموال، و ولّوهم الأعمال، فغرّتهم الحياة الدنيا بزينتها، و فتنتهم بزهرتها، فبدّلوا كلام اللّه بآرائهم، و حرّفوا كتاب اللّه بأهوائهم، و سلكوا بقدم الغيّ إلى الباطل سبيلا، و اشتروا بآيات اللّه ثمنا قليلا، و أنكروا فضل الوصيّ و ما انزل فيه من الآيات، و جحدوا النصّ الجليّ و ما ورد في إمامته من الدلالات، تقرّبا إلى أئمّة ضلالهم، و حرّفوا مقال النبيّ طمعا في نوالهم.
[في مناقب و مثالب اصطنعتها العامّة]
أ لا ترى إلى أزكاهم البخاري قد ألغى حديث الخاتم و قصّة الغدير و خبر الطائر 72 و آية التطهير؟
و إن أنصفهم مسلم قد أنكر حديث الكهف و الإخاء، و طعن في حديث «أنا مدينة العلم»، و حديث اللوح.
و إنّ أشهرهم الطبري توقّف عن حديث الوصيّة 73 ، و تأويل (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) 74 ، و نعم المطيّة، و من أعلام مبشّريهم و ضلّال مفتريهم من نور الآيات و الأخبار المجمع عليها نحو (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا) 75 ، و نحو
أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، و إنّي تارك فيكم الثقلين، و جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلما و علوّا، و جماعة من كبّار أنصابهم، و فجّار نصّابهم، جعلوا مقابل كلّ حقّ باطلا، و بإزاء كلّ قائل قائلا، مثل «الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة» 76 فوضعوا بإزائه «أبو بكر و عمر سيّدا كهول أهل الجنّة» 77 ، و
«كان أحبّ الرجال إلى النبيّ عليّ، و من النساء فاطمة» 78 فوضعوا الحديث في أبي بكر و عائشة 79 ، و غرّوا الجاهل بمقالات الباطل ليدحضوا به الحقّ، و لو أردت لأوردت من أكاذيبهم و أغاليطهم، و زلفت من أباطيلهم و مخاليطهم، ما يعجز اللسان عن وصفه، و يكلّ البنان من رصفه، فأعرضت عن رقم ذلك في الدفاتر، و إن كان حاكي الكفر ليس بكافر.
شعر:
إذا ما روى الراوون ألف فضيلة
لأصحاب مولانا النبيّ محمد
يقولون هذا في الصحيحين مثبت
بخطّ الامامين الحديث يشيّد 80
و مهما روينا في عليّ فضيلة
يقولون هذا من أحاديث ملحد 81
آخر:
إذا في مجلس ذكروا عليّا
و سبطيه و فاطمة الزكيّة
يقول الحاضرون ذروا فهذا
سقيم من حديث الرافضيّة 82
فبدّل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم، و زلّة العالم كانكسار السفينة تغرق و يغرق معها غيرها، بل إذا زلّ العالم زلّ العالم، و جماعة من الفسّاق حملهم النفاق إلى أن قالوا: كان أبو بكر أشجع من عليّ 83 ، و إنّ مرحبا قتله محمد بن مسلمة 84 ، و إنّ ذا الثديّة قتل بمصر 85 ، و إنّ في أداء سورة براءة كان الأمير أبا بكر على عليّ 86 ، و ربّما قالوا: قرأها أنس بن مالك، و إنّ
محسنا ولد في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سقطا 87 ، و إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ بني المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم من عليّ فلا آذن، ثمّ لا آذن إلّا أن يطلّق عليّ ابنتي و ينكح ابنتهم 88 ، و أسندوا إليه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال: إنّ آل أبي طالب 89 ليسوا لي بأولياء، إنّما وليّي اللّه و صالح المؤمنين 90 ، و قالوا: إنّ صدقة النبيّ كانت بيد العبّاس فغلب عليّ العبّاس عليها، و من ركب الباطل زلّت قدمه، و كقول الجاحظ 91 : ليس إيمان علي إيمانا لأنّه آمن و هو صبيّ 92 ، و لا شجاعته بشجاعة لأنّ النبيّ صلّى اللّه
عليه و آله أخبره انّ ابن ملجم يقتله، و نسبة جماعة انّ حروبه كانت خطأ 93 ، و انّه قتل المسلمين عمدا، و قول واحد من علمائهم: إنّ الحسن قتل ابن ملجم، و كان لعلي أولاد صغار و لم يتربّص به، و قول القتيبي: أوّل خارج في الاسلام الحسين 94 .
فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه، و لعمري انّ هذا الأمر عظيم، و خطب في الاسلام جسيم، بل هو كما قال اللّه: (إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) 95 ، فصارت الغوغاء تزعق 96 على المحدّثين و الذاكرين لأمير المؤمنين.
شعر:
إذا ما ذكرنا من عليّ فضيلة
رمينا بزنديق و بغض أبي بكر
و قال آخر:
و إن قلت عينا من عليّ تغامزوا
عليّ و قالوا قد سببت معاوية 97
(أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) 98 ، و بقيت علماء الشيعة في امورهم متحيّرين، و على أنفسهم خائفين، و في الزوايا متحجّرين، بل حالهم كحال الأنبياء و المرسلين، كما حكى سبحانه عن الكافرين: (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) 99 ، (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) 100 ، (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) 101 فقلت: (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ) 102 .
[في أنّ المؤلّف رحمه اللّه استوطن كربلاء]