کتابخانه روایات شیعه
فتقول: إلهي ذرّيّتي و شيعتي و شيعة ذرّيّتي و محبّي [و محبّي] 144 ذرّيّتي، فإذا النداء من قبل اللّه: أين ذرّيّة فاطمة و شيعتها و محبّوها و محبّوا ذرّيّتها؟
فيقومون و قد أحاطت بهم ملائكة الرحمة فتقدّمهم فاطمة كلّهم حتى تدخلهم الجنّة 145 .
[تحشر فاطمة عليها السلام و هي آخذة بقميص الحسين ملطّخ بالدم]
و في حديث آخر: قال صلّى اللّه عليه و آله: تحشر فاطمة و تخلع عليها الحلل و هي آخذة بقميص الحسين ملطّخ بالدم و قد تعلّقت بقائمة العرش تقول:
يا ربّ احكم بيني و بين قاتل ولدي، فيؤخذ لها بحقّها 146 .
[تقبل فاطمة عليها السلام يوم القيامة و معها ألف نبي و ألف وصيّ و ألف شهيد، و أبيات شعريّة للصاحب بن عبّاد في ذلك]
و في حديث آخر: انّها تقبل يوم القيامة و معها ألف نبيّ و ألف صدّيق و ألف شهيد، و من الكرّوبيّين ألف ألف يسعدونها على البكاء، و انّها لتشهق شهقة فلا يبقى في السماء ملك إلّا بكى رحمة لها، و ما تسكن حتى يأتيها أبوها، فيقول: يا بنيّة، قد أبكيت أهل السماوات و شغلتيهم عن التسبيح، فكفّي حتى يقدّسوا، فإنّ اللّه بالغ أمره 147 .
سوف تأتي الزّهراء تلتمس الحك
م إذا حان محشر التّعديل
و أبوها و بعلها و بنوها
حولها و الخصام غير قليل
و تنادي يا ربّ ذبّح أولا
دي لما ذا و أنت خير مديل 148
فينادى بمالك ألهب النّا
ر و أجّج و خذ بأهل الغلول
و يجازى كلّ بما كان منه
من عقاب التّخليد 149 و التّنكيل 150
فيا إخواني، أظهروا في هذا الشهر شعار الأحزان، و أفيضوا الدموع المقرحة للأجفان، فإنّ البكاء في هذا الشهر لمصاب آل الرسول من أفضل الطاعات، و إظهار الجزع لما نال عترة الوصيّ من أكمل القربات.
روى الشيخ الجليل الفقيه جعفر بن محمد [بن قولويه بإسناده إلى الإمام
أبي جعفر محمد] 151 بن علي الباقر عليه السلام قال: كان أبي علي بن الحسين صلوات اللّه عليه يقول: أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السلام دمعة حتى تسيل على خدّه بوّأه اللّه بها في الجنّة [غرفا يسكنها] 152 أحقابا، و أيّما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خدّه لأذى مسّنا من عدوّنا في الدنيا بوّأه [اللّه بها] 153 في الجنّة مبوّأ صدق، و أيّما مؤمن مسّه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خدّه من مضاضة ما اوذي فينا صرف اللّه عن وجهه الأذى و آمنه يوم القيامة من سخطه و النار 154 155 .
[في ثواب البكاء على الحسين عليه السلام]
و روى بإسناد متّصل إلى الامام أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام قال:
كان يقول: إنّ الجزع و البكاء مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا البكاء على الحسين عليه السلام فإنّه فيه مأجور 156 .
و روى رضي اللّه عنه بإسناد متّصل بالامام أبي عبد اللّه عليه السلام قال:
من ذكر عنده الحسين عليه السلام فخرج من عينه [من الدموع] 157 مقدار جناح
ذباب كان ثوابه على اللّه عزّ و جلّ و لم يرض له بدون الجنّة 158 .
و روى رضي اللّه عنه عن مسمع بن عبد الملك البصري قال: قال لي أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام: يا مسمع، أنت من أهل العراق؟
قلت: نعم.
قال: أ ما تأتي قبر الحسين عليه السلام؟
قلت: يا مولاي، أنا رجل مشهور عند أهل البصرة، و عندنا من يتبع هوى هذا الخليفة و أعداؤنا كثير من القبائل 159 من النّصّاب و غيرهم، و لست آمنهم أن يرفعوا خبري عند ولد سليمان فيمثّلون بي.
قال: أ ما تذكر ما صنع به؟
قلت: بلى و اللّه.
قال: فتجزع؟
قلت: نعم و اللّه و أستعبر لذلك حتى يرى أهلي ذلك 160 ، فأمتنع من الطعام الشراب حتى يستبين ذلك في وجهي.
قال: رحم اللّه دمعتك، أما إنّك من الّذين يعدّون في أهل الجزع لنا، و الّذين يفرحون لفرحنا، و يحزنون لحزننا، و يخافون لخوفنا، و يأمنون إذا أمنّا، أما إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك و وصيّتهم ملك الموت بك، و ما
يلقونك به من البشارة أفضل لك 161 ، ثمّ استعبر و استعبرت معه، فقال: الحمد للّه الّذي فضّلنا على خلقه بالرحمة، و خصّنا أهل البيت بالرحمة.
يا مسمع، إنّ السماوات و الأرض لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا، و من يبكي لنا من الملائكة أكثر منكم، و ما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا، و ما بكى أحد رحمة لنا و لما لقينا إلّا رحمه اللّه قبل أن تخرج الدمعة من عينه، فإذا سالت دمعته 162 على خدّه فلو أنّ قطرة من دموعه سقطت في جهنّم لأطفأت حرّها، حتى لا يوجد لها حرارة، و إنّ الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض، و إنّ الكوثر ليفرح بمحبّينا إذا وردوا عليه 163 .
يا مسمع، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، و لم يستق بعدها أبدا، و هو في برد الكافور، و ريح المسك، و طعم الزنجبيل، أحلى من العسل، و ألين من الزبد، و أصفى من الدمع، و أذكى من العنبر، يخرج من تسنيم، و يمرّ في أنهار الجنان، يجري على رضراض 164 الدرّ و الياقوت، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام، قدحانه من الذهب و الفضّة و ألوان الجواهر، و ما عين 165 بكت لنا إلّا نعمت بالنظر إلى الكوثر و سقيت منه 166 ،
و إنّ على الكوثر أمير المؤمنين عليه السلام و في يده عصا من عوسج يحطّم بها أعداءنا، فيقول الرجل منهم: إنّي أشهد الشهادتين، فيقول له: انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك إذ كان عندك خير الخلق فإنّ خير الخلق لا تردّ شفاعته، فيقول: يا مولاي، اهلكت من العطش 167 ، فيقول: زادك اللّه ظمأ و زادك عطشا.
قال مسمع: فقلت: يا مولاي، كيف يقدر على الدنوّ من الحوض و لم يقدر عليه غيره؟
قال: إنّه ورع عن أشياء قبيحة، و كفّ عن شتمنا إذا ذكرنا، و ترك أشياء اجترى عليها غيره، و ليس ذلك لحبّنا، و لا لهوى منه لنا، و لكن ذلك لشدّة اجتهاده في عبادته، و لما 168 شغل به نفسه عن ذكر الناس، فأمّا قلبه فمنافق، و دينه النصب 169 ، و ولاية الماضين، و تقدّمه لهم على كلّ أحد 170 . 171
عن عبد اللّه بن بكير، قال: حججت مع أبي عبد اللّه عليه السلام، فقلت له يوما: يا ابن رسول اللّه، لو نبش قبر الحسين عليه السلام هل كان يصاب في قبره شيء؟
فقال: يا ابن بكير، ما أعظم مسألتك 172 ؟! إنّ الحسين بن علي عليه السلام
مع أبيه و امّه و أخيه في منزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و معه يرزقون و يحبرون، و إنّه لعن يمين العرش متعلّق به يقول: يا ربّ، انجز لي ما وعدتني، و إنّه لينظر إلى زوّاره لهو أعرف بأسمائهم 173 و أسماء آبائهم و ما في رحالهم من أحدهم بولده، و إنّه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له، و يسأل أباه الاستغفار له، و يقول: أيّها الباكي، لو علمت ما أعدّ اللّه لك لفرحت أكثر ممّا حزنت، و إنّه ليستغفر له من كلّ ذنب و خطيئة 174 .
و عن ابن أبي عمير بإسناد متّصل إلى أبي عبد اللّه، قال: من ذكرنا عنده ففاض من عينيه مثل جناح الذباب غفر اللّه له ذنوبه، و لو كانت مثل زبد البحر 175 .
و روى الشيخ الجليل علي بن الحسين بن بابويه القمّي رضى اللّه عنه بإسناد متّصل إلى الامام أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: إنّ أبي كان إذا أهلّ شهر المحرّم لا يرى ضاحكا، و كانت الكابة و الحزن غالبين عليه، فإذا كان يوم عاشوراء كان يوم جزعه و مصيبته، و يقول: في مثل هذا اليوم قتل جدّي الحسين صلوات اللّه عليه 176 .