کتابخانه روایات شیعه
الأعلام، أنا ثبّت الاسلام.
[قال ابن نباتة: حتّى شدّ به أطناب الاسلام، و هدّ به أحزاب الأصنام، فأصبح الايمان فاشيا بأقياله، و البهتان متلاشيا بصياله] 692 ، و لمقام إبراهيم شرف على كلّ حجر لكونه مقاما لقدم إبراهيم، فيجب أن يكون قدم عليّ أشرف من رءوس أعدائه لأن مقامه كتف النبوّة، و الغالية و المشبّهة من المجبّرة يقولون أكثر من هذا 693 .
حتى روت المجبّرة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: لمّا بلغت سدرة المنتهى ليلة المعراج وضع الجليل سبحانه يده على كتفي فأحسست ببردها على كبدي 694 .
و قيل في ذلك شعرا:
قيل لي قل في عليّ المرتضى
مدحا يطفئ 695 نارا موقده
قلت لا يبلغ مدحي 696 رجلا
حار ذو الجهل إلى أن عبده
و عليّ واضع أقدامه
في مقام 697 وضع اللّه يده 698
و قيل أيضا:
قالوا مدحت عليّ الطهر قلت لهم
كلّ امتداح جميع الأرض معناه
ما ذا أقول بمن حطّت له قدم
في موضع وضع الرحمن يمناه 699
فيا من يتصدّى سواه للامامة، و يدوك 700 للزعامة، و يضاعف سباله، و يرجل قذله، و ينتقص كمال الكامل، و ينكر فضل الفاضل، و يكاثر بكثرة الأتباع، و يفاخر بالهمج الرعاع، يحسبه الظمان ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، و يظنّه الجاهل إماما و قد ضرب الحمق على هامته من الجهل، ظلّا و فيئا، يدير لسانه في لهواته إذا سئل، و يجمد ريقه في بلعومه إذا جودل، يظنّ أنّه الفاضل الأعلم، و هو أجهل من البازل الأعلم، و يعذر انّه علم السنّة، و هو أضلّ الحقّ و السنة.
تنحّ عن رتبة وليّ الحقّ في الخلق، و ميزان القسط و الصدق، لفظه جلاء القلوب، و وعظه شفاء الكروب، و معلّمه ربّ العالمين، و مؤدّبه سيّد المرسلين، ينصب له كلّ يوم علما من علمه، و يفتح له بابا من حكمه و حكمه، يتّبعه اتّباع الفصيل أثر امّه، و يلازمه ملازمة شعاره 701 لجسمه.
ويك اربع على ضلعك، و تفكّر في أصلك و فرعك، و طالع مراءة عقلك بعين الانصاف، و احذر ارتكاب طريقة الوقاحة و الاعتساف، أ ليست امّك صهاك؟ أ ليس الخطّاب أباك؟ أ لست جاحد النصوص على أهل الخصوص؟
أ لست منكّس الراية يوم القموص؟ أما في حنين و أوطاس كنت أوّل المدبرين
من الناس؟ أ أنت قاتل عمرو و مفرّق جموعه؟ أ أنت المتصدّق بخاتمه في ركوعه؟ أرضيك الرسول دون الخلق صهرا؟ أم أوردك في الغدير من غدير الشرف وردا و صدرا؟
ويحك قف عند حدّك، و لا تفاخر بأبيك و جدّك، و لا تجار فرسان المجد فتضلّ في الحلبة طريحا، و لا تساجل 702 أبطال الفخر فتصبح بسيوف الفضيحة طليحا.
يا مغرور غرّتك دار الغرور، يا مثبور 703 و فتنتك ببطشها المشهور، و زيّنت لك سوء عملك فرأيته حسنا، فغادرتك بموبقات سيّئاتك مرتهنا، و عن قليل يسفر الصباح، و يرى المبدع في دين اللّه ما حضر و أباح، و يكشف الجليل لك عن وجه غفلتك حجابا، و يقوم الروح و الملائكة صفّا لا يتكلّمون إلّا من أذن له الرحمن و قال صوابا 704 ، و يقف سيّد المرسلين، و وصيّه سيّد الوصيّين، و ابنته سيّدة نساء العالمين، ثمّ يؤتى بك موثوقا بأغلالك، مرتهنا بأعمالك، يتبرّأ منك أتباعك، و يلعنك أشياعك، و ملائكة العذاب تدعك إلى النار دعّا، و الزبانية تسفعك بعذبات العذاب سفعا.
فعندها يجثو سيّد المرسلين للخصومة، و يقف وصيّه المظلوم و ابنته و ينادى عليك باسمك، و يظهر للناس بعض حدّك و رسمك، و ينظر في ديوان حسابك، و تتهيّأ ملائكة العذاب لأخذك و عذابك، و يقال لك على رءوس الأشهاد و مجمع العباد: يا قاطعا رحم نبيّه، يا جاحدا فضل وليّه، يا منكرا نصّ الغدير، يا ظالما أهل آية التطهير، أ لست القائل: إنّ نبيّكم ليهجر، و قد قال اللّه في
شأنه: (وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) 705 ؟ أ لست الزاعم أنّه غوى في حبّ وصيّه، و اللّه يقول: (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى) 706 ؟ أ لست المسند إلى رسول «ما تركناه صدقة» 707 ؟
فلعن اللّه الحديث و متخرّصه و مصدّقه، أ ما كان جزاء من أكلت الدنيا بسلطانه ترك فدك لذرّيّته؟ أ ما كان في شرع المروّة التغافل عن بقعة من الأرض ذات الطول و العرض لعترته؟ هنالك تصحو من خمار خمرتك، و تفيق من غمار غمرتك، و يحقّ الحقّ، و يأتي النداء من قبل الحقّ: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) 708 فتجرّ مصفّدا، و تسحب مقيّدا، و تلقى في الجحيم مركوسا، و تقذف في الحميم منكوسا، في شرّ سجن قعرها هاوية، و سجنتها زبانية، و ما أدراك ما هيه نار حامية 709 .
[خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام يشكو فيها قريش]
روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام خطب فقال: ما لنا و قريش، و ما تنكر منّا قريش غير أنّا أهل بيت شيّد اللّه فوق بنيانهم بنياننا، و أعلى فوق رءوسهم رءوسنا، و اختارنا اللّه عليهم، فنقموا عليه أن اختارنا عليهم،
[و سخطوا ما رضي اللّه، و أحبّوا ما كره اللّه، فلمّا اختارنا عليهم] 710 شركناهم في حريمنا، و عرّفناهم الكتاب و السنّة، و علّمناهم الفرائض و السنن، و حفظناهم الصدق و الدين 711 ، فوثبوا علينا، و جحدوا فضلنا، و منعونا حقّنا، و التوونا أسباب أعمالنا.
اللّهمّ فإنّي أستعديك على قريش، فخذ لي بحقّي منها، و لا تدع مظلمتي لها، و طالبهم- يا ربّ- بحقّي فإنّك الحكيم 712 العدل، فإنّ قريشا صغّرت قدري، و استحلّت المحارم منّي، و استخفّت بعرضي و عشيرتي، و قهرتني على ميراثي من ابن عمّي، و أغروا بي أعدائي، و وتروا بيني و بين العرب 713 ، و سلبوني ما مهّدت لنفسي من لدن صباي بجاهدي و كدّي، و منعوني ما خلّفه أخي و حميمي و شقيقي 714 ، و قالوا إنّك لحريص متّهم.
أ ليس بنا اهتدوا من متاه الكفر، و من عمى الضلالة، و غيّ الظلماء؟ أ ليس أنقذتهم من الفتنة الصمّاء العمياء 715 ؟ ويلهم أ لم اخلّصهم من نيران الطغاة 716 ، و سيوف البغاة، و وطأة الاسد، و مقارعة الطماطمة 717 ، و مجادلة القماقمة الّذين
كانوا عجم العرب، و غنم الحرب 718 ، و قطب الأقدام، و حبال 719 القتال، و سهام الخطوب، و سلّ السيوف؟ أ ليس بي تسنّموا 720 الشرف، و نالوا الحقّ و النصف؟
أ لست آية نبوّة محمد صلّى اللّه عليه و آله، و دليل رسالته، و علامة رضاه، و سخطه الّذي يقطع بي الدرع الدلاص، و يصطلم 721 الرجال الحراص، و بي كان يبري جماجم البهم 722 و هام الأبطال إلى أن فزعت تيم إلى الفرار، و عديّ إلى الانتكاص 723 .
ألا و إنّي لو أسلمت قريشا للمنايا و الحتوف و تركتها لحصدتها سيوف الغواة، و وطأتها الأعاجم، و كرّات الأعادي، و حملات الأعالي، و طحنتهم سنابك الصافنات 724 ، و حوافر الصاهلات، في مواقف الأزل و الهزل 725 ، في طلاب الأعنّة، و بريق الأسنّة، ما بقوا لهضمي، و لا عاشوا لظلمي، و لما قالوا: إنّك لحريص [متّهم] 726 .
ثمّ قال بعد كلام:
ألا و إنّي فتحت الاسلام، و نصرت الدين، و عزّزت الرسول، و ثبّت 727 أعلامه، و أعليت مناره، و أعلنت أسراره، و أظهرت أثره و حاله، و صفيت الدولة، و وطأت الماشي 728 و الراكب، ثمّ قدتها صافية على أنّي بها مستأثر.
[ثمّ قال بعد كلام:] 729
سبقني إليها التيمي و العدوي كسباق الفرس احتيالا و اغتيالا و خدعة و غيلة.
ثمّ قال بعد كلامه:
يا معشر المهاجرين و الأنصار، أين كانت سبقة تيم و عديّ إلى سقيفة بني ساعدة خوف الفتنة [أ لا كانت] 730 يوم الأبواء، إذ تكانفت الصفوف، و تكانفت الحتوف 731 ، و تقارعت السيوف؟ أم هلا خشيا فتنة الإسلام يوم ابن عبد ودّ إذ شمخ بأنفه، و طمح ببصره؟
و لم [لم] 732 يشفقا على الدين و أهله يوم بواط إذ اسودّ الافق، و اعوجّ عظم العنق 733 ؟
و لم لم يشفقا يوم رضوى إذ السهام تطير، و المنايا تسير، و الاسد تزأر؟