کتابخانه روایات شیعه
يعني عليّا 800 .
فهذا الحديث عن الصادق عليه السلام يؤيّد ما قلناه من فساد باطنه.
[أقاويل المنافقين في ولاية عليّ عليه السلام]
حسّان الجمّال، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في خبر أنّ المنافقين لمّا رأوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و آله رافعا يد عليّ، قال بعضهم لبعض:
انظروا عينيه كأنّهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل بهذه الآية: (وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) 801 802 .
عبد العظيم الحسني: عن الصادق عليه السلام في خبر: قال رجل 803 من بني عديّ: اجتمعت إليّ قريش، فأتينا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقالوا: يا رسول اللّه، إنّا تركنا عبادة الأوثان و اتّبعناك، فأشركنا في ولاية عليّ عليه السلام، فهبط جبرئيل عليه السلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال:
(لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) 804 .
قال الرجل: فضاق صدري، فخرجت هاربا لما أصابني من الجاهد، فإذا أنا بفارس قد تلقّاني على فرس أشقر، عليه عمامة صفراء، تفوح منه رائحة المسك، و قال لي: يا رجل، لقد عقد محمد عقدة لا يحلّها إلّا كافر أو منافق.
[قال:] 805 فأتيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأخبرته، فقال: هل عرفت الفارس؟ ذاك جبرئيل عليه السلام عرض عليك 806 الولاية، إن حللتم أو شككتم كنت خصمكم يوم القيامة 807 .
الباقر عليه السلام قال: قام ابن هند و تمطّى 808 و خرج مغضبا واضعا يمينه على عبد اللّه بن قيس الأشعري، و يساره على المغيرة بن شعبة، و هو يقول: و اللّه لا نصدّق محمدا على مقالته، و لا نقرّ لعليّ بولايته، فنزل (فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى) 809 الآيات، فهمّ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يردّه و يقتله.
فقال جبرئيل: (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) 810 فسكت [عنه] 811 رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 812 .
و روى الشيخ الطوسي و أبو علي الطبرسي في تفسيرهما 813 بإسناد متّصل بالامام الصادق عليه السلام قال: لمّا نصب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا علما يوم غدير خمّ، و قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، و طار ذلك في البلاد،
فقدم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله النعمان بن الحارث الفهري 814 ، فقال: يا محمد، أمرتنا عن اللّه أن نشهد أن لا إله إلّا اللّه، و أنّك رسول اللّه، و أمرتنا بالجهاد و الصوم و الصلاة و الزكاة فقبلنا، ثم لم ترض حتى فضّلت هذا الغلام، فقلت: من كنت مولاه فعليّ مولاه، فهذا شيء منك أو أمر من اللّه؟
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و اللّه الذي لا إله إلّا هو انّ هذا من اللّه.
فولّى النعمان بن الحارث و هو يقول: (اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) 815 فرماه اللّه بحجر على رأسه فقتله، و أنزل اللّه تعالى (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ) 816 817 .
و روي أنّه في الحال قام يريد راحلته فرماه اللّه بحجر قبل أن يصل إليها.
و روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لمّا فرغ من غدير خمّ و تفرّق الناس اجتمع نفر من قريش يتأسّفون على ما جرى، فمرّ بهم ضبّ، فقال بعضهم:
ليت محمدا أمّر علينا هذا الضبّ دون عليّ.
فسمع ذلك أبو ذرّ، فحكى ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فبعث إليهم و أحضرهم، و أعرض عليهم مقالهم، فأنكروا و حلفوا، فأنزل سبحانه تعالى:
(يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا) 818 الآية.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أظلّت الخضراء، و لا أقلّت الغبراء، الخبر.
و في رواية أبي بصير، عن الصادق عليه السلام: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: نزل عليّ جبرائيل و أخبرني أنّه يؤتى يوم القيامة بقوم إمامهم ضبّ، فانظروا ألّا تكونوا اولئك، فأنزل سبحانه: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) 819 820 .
[أنّ يوم الغدير في السماء أشهر منه في الأرض]
و روى شيخنا أبو جعفر الطوسي رضي اللّه عنه في أماليه عن أحمد [بن محمد] 821 بن نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه قال: حدّثني أبي، عن أبيه أنّ يوم الغدير في السماء أشهر منه في الأرض، إنّ للّه سبحانه في الفردوس قصرا لبنة من فضّة، و لبنة من ذهب، فيه مائة ألف خيمة من ياقوتة حمراء 822 ، و مائة ألف خيمة من ياقوتة خضراء، ترابه المسك و العنبر، فيه أربعة أنهار: نهر من خمر، و نهر من ماء، و نهر من لبن، و نهر من عسل، حواليه أشجار جميع الفواكه، عليها 823 طيور أبدانها من لؤلؤ، و أجنحتها من ياقوت، تصوّت بأنواع الأصوات، إذا كان يوم الغدير ورد إلى ذلك القصر أهل السماوات يسبّحون اللّه
و يقدّسونه و يهلّلونه، فتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك الماء، و تتمرّغ على ذلك المسك و العنبر، فإذا اجتمعت الملائكة طارت فتنفض ذلك عليهم، و انّهم في ذلك [اليوم] 824 ليتهادون نثار فاطمة عليها السلام، فإذا كان آخر اليوم نودوا:
انصرفوا إلى مراتبكم فقد أمنتم من الخطر و الزلل إلى قابل في هذا اليوم تكرمة لمحمد و عليّ، الخبر 825 .
[زيارة المؤلّف رحمه اللّه لمرقد أمير المؤمنين عليه السلام]
و في سنة أحد و عشرين و تسعمائة زرت مشهده الشريف صلوات اللّه عليه و كان اللّه سبحانه قد ألقى على لساني خطبة جليلة، و كلمات فصيحة في فضله صلوات اللّه عليه و ذمّ أعدائه، و أوردت في أثنائها خطبة النبي صلّى اللّه عليه و آله يوم الغدير 826 ، و الخطبة الّتي من كلام أمير المؤمنين عليه السلام الّتي أوردها شيخنا أبو جعفر الطوسي في مصباحه الكبير 827 ، و ضممتها ألفاظا رائقة،
و استعارات شائقة، يطرب لها المؤمن التّقيّ، و يصدر عنها المنافق الشقيّ، فخطبت بها في ذلك اليوم الشريف في مشهده صلوات اللّه عليه تجاه ضريحه في جمع لا يحصى كثرة، و أحببت إيرادها في هذا المجموع لتكون تذكرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد.
[الخطبة]
الحمد للّه الّذي ثبّت بكلمة التوفيق قواعد عقائدنا، و أثبت في صحائف التصديق دلائل معارفنا، و ذلّل لقلوبنا سلوك مشارع الايمان في مواردنا و مصادرنا، و سهّل لنفوسنا حزونة شرائع العرفان بقدم صدقنا و استقامتنا، و خاطبنا ببيان عنايته:
(أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ) 828 فأجبنا، و نادانا بلسان سيّد بريّته: (أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) 829 ، و أمرنا بالتمسّك بعروة خليفته في خليقته فقلنا: ربّنا (سَمِعْنا وَ أَطَعْنا) 830 لمّا سلك الناس مسالك المهالك، و ارتكبوا متن الضلالة فلم يحصلوا من طائل على ذلك، و رأوا شرار الضلالة و ظنّوه سرابا، و شاهدوا علم الجهالة فحسبوه صوابا، سلكنا سبيل نبيّنا و عترته، و استقمنا على طريقة وليّنا و ذرّيّته، الّذي زيّن اللّه كتابه بذكر مناقبه، و أوضح في تنزيله عن شرف مراتبه، بدلالة إشارة (إِنَّما وَلِيُّكُمُ) 831 ، و آية عبارة (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ)
(الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ) 832 .
و لمّا علم اللّه صدق نبيّه، و إخلاص طويّته، ليس له ثان في الخلق، و لم يثنه ثان عن التوجّه إلى الحقّ، مصباح الظلام إذا العيون هجعت، المتهجّد القوّام إذا الجنوب اضطجعت، المستأنس بالحقّ إذا الليل سجا، المستوحش من الخلق إذا الغسق دجا، له مع اللّه حالات و مقامات، و تقلبه في صحائف الاخلاص سمات و علامات، لا يقصد بتهجّده إلّا مولاه، و لا يرجو بتعبّده إلّا إيّاه، لو لا جدّه لما قام للاسلام عمود، و لو لا علمه لما عرف العابد من المعبود، اصطفاه سبحانه لنفسه، و أيّده بروح قدسه، و أوجب له عرض الولاية على جنّه و إنسه، و ساوى بينه و بين الرسول في علمه و حلمه، و طمّه و رمّه، و جدّه و رسمه، و فضله و حقّه.
و جعل له في قلوب المؤمنين ودّا، و أمر نبيّه أن يورده من غدير الشرف في الغدير صدرا و وردا، و أن يثبت له في الأعناق إلى يوم التلاق عقدا و عهدا، و أن يرفع له بالرئاسة العامّة في الآفاق على الاطلاق شرفا و مجدا.
فقام صلّى اللّه عليه و آله صادعا بأمر اللّه، منفّذا لحكم اللّه، خاطبا في الغدير على منبر الكرامة، مخاطبا للجمّ الغفير بفرض الامامة، مبيّنا أمر وصيّه و وليّ عهده، مظهرا شرف صفيّه و أخصّ الخلق من بعده، راغبا معاطيا طال ما شمخت تعزّزا و كبرا، قاهرا أسى كم أظهرت لوليّ أمرها عقدا و عذرا، قاطعا أسباب اولي النفاق بمبين وعظه، قامعا هامات الشقاق بمتين لفظه.