کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)


صفحه قبل

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 223

(الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) 855 .

يطلع اللّه عليهما فيلعن، و الملائكة تؤمّن، و النبيّ يعنّف، و الوصيّ يؤفّف، و الزهراء تتظلّم، و الجحيم تتضرّم، و الزبانية تقمع، و النار تسفع‏ 856 ، هذا جزاء من وسم غير إبله، و خالف اللّه و رسوله بقوله و عمله، و منع الزهراء تراثها 857 من والدها سيّد المرسلين، و آذى اللّه و رسوله و آذى إمام المسلمين و سيّد الوصيّين.

كلّ ذلك و أنتم على الأرائك تنظرون، و من الكفّار تضحكون، و من زيارة سادتكم لا تحجبون، (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ وَ فِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ وَ مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) 858 إذا نظرتم إلى نبيّكم و وليّكم على الحوض للمؤمن يوردون، و للمنافق يطردون قلتم:

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ) فيجابون: (أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) 859 .

فاحمدوا ربّكم على هذه النعمة التي أهّلكم لها، و جعلكم من أهلها، و اقتدوا في هذا اليوم بسنّة وليّكم و وسيلتكم إلى أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين، فقد روي أنّه صلوات اللّه عليه خطب في هذا اليوم الكريم، و العيد العظيم، فقال- بعد أن حمد اللّه و أثنى عليه، و ذكر النبي و صلّى عليه-: أيّها الناس، هذا يوم‏

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 224

عظيم الشأن، فيه وقع الفرج، و علت‏ 860 الدرج، و وضحت الحجج، و هو يوم الايضاح، و يوم الافصاح، و يوم الكشف عن المقام الصراح، و يوم كمال الدين، و يوم العهد المعهود، و يوم الشاهد و المشهود، و يوم بيان‏ 861 العقود عن النفاق و الجحود، و يوم البيان عن حقائق الايمان، و يوم البرهان، و يوم دحر الشيطان.

هذا يوم الفصل الّذي كنتم توعدون‏ 862 ، و يوم الملأ الأعلى إذ يختصمون، و يوم النبأ العظيم الّذي أنتم عنه معرضون‏ 863 ، و يوم الارشاد، و يوم محنة العباد، و يوم الدليل على الروّاد 864 ، و يوم إبداء خفايا الصدور، و مضمرات الامور، هذا يوم النصوص على أهل الخصوص، هذا يوم شبيث، هذا يوم إدريس، هذا يوم هود، هذا يوم يوشع، هذا يوم شمعون [هذا يوم الأمن المأمون‏] 865 ، هذا يوم إبراز المصون من المكنون، هذا يوم إبلاء السرائر.

فلم يزل صلوات اللّه عليه يقول: هذا يوم، هذا يوم، ثمّ قال: فراقبوا اللّه عزّ و جلّ و اتّقوه، و اسمعوا له و أطيعوه، و احذروا المكر و لا تخادعوه، و فتّشوا ضمائركم و لا تواربوه، و تقرّبوا إلى اللّه بتوحيده و طاعة من أمركم أن تطيعوه، و لا تمسّكوا بعصم الكوافر، و لا يجنح‏ 866 بكم الغيّ فتضلّوا عن سواء السبيل باتّباع اولئك الّذين ضلّوا و أضلّوا، قال اللّه سبحانه عن طائفة ذكرهم بالذمّ في كتابه فقال سبحانه: (وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا)

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 225

كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ 867 .

و قال سبحانه: (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) 868 .

أ تدرون ما الاستكبار؟ هو ترك الطاعة لمن امروا بطاعته، و الترفّع عمّن ندبوا إلى متابعته، و القرآن ينطق من هذا عن كثير إن تدبّره متدبّر وعظه و زجره.

و اعلموا- عباد اللّه- أنّ اللّه سبحانه يقول في محكم كتابه: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) 869 أ تدرون ما سبيل اللّه؟

و من سبيل اللّه؟ و ما صراط اللّه؟ و من صراط اللّه؟

أنا صراط اللّه الّذي نصبني‏ 870 للاتّباع بعد نبيّه صلّى اللّه عليه و آله، و أنا سبيل اللّه الّذي من لم يسلكه بطاعة اللّه [فيه‏] 871 هوي به إلى النار، و أنا حجّة اللّه على الأبرار و الفجّار، [و نور الأنوار] 872 ، و أنا قسيم الجنّة و النار، فتيقّضوا من رقدة الغافلين‏ 873 ، [و بادروا بالعمل قبل حلول الأجل، و سابقوا إلى مغفرة من ربّكم‏] 874 قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة و ظاهر العذاب، فتدعون فلا يسمع دعاؤكم، و تصيحون فلا يحفل بصيحتكم، و أن‏ 875 تستغيثوا

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 226

فلا 876 تغاثوا، بادروا بالطاعات قبل فوات الأوقات، فكأن قد جاءكم هادم اللذّات، و لات حين مناص‏ 877 ، و لا محيص تخليص.

عودوا رحمكم اللّه بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم، و البرّ بإخوانكم، و الشكر للّه عزّ و جلّ على ما منحكم، و اجتمعوا يجمع اللّه شملكم، و تبارّوا يصل اللّه الفتكم، و تهانوا نعمة اللّه كما هنّأكم بالثواب‏ 878 على أضعاف الأعياد قبله و بعده إلّا في مثله، و البرّ فيه يثمر المال، و يزيد في العمر، و التعطّف فيه يقتضي رحمة اللّه و عطفه.

فافرحوا و فرّحوا إخوانكم باللباس الحسن، و المأكل الهني‏ء، و الرائحة الطيّبة، و هنّؤا إخوانكم و عيالاتكم بالفضل من برّكم، و ما 879 تناله القدرة من استطاعتكم، و أظهروا البشر و الحبور فيما بينكم، و السرور في ملاقاتكم، و الحمد للّه على ما منحكم، و عودوا بالمزيد من الخير على أهل التأميل لكم، وصلوا بكم ضعفاءكم بالفضل من أقواتكم‏ 880 ، و ما تناله القدرة من استطاعتكم، و على حسب طاقتكم، فالدرهم فيه بمائة ألف درهم، و المزيد من اللّه عزّ و جلّ ما لا درك له، وصوم هذا اليوم ممّا ندب اللّه تعالى إليه، و جعل الثواب الجزيل كفالة عنه، حتى لو أنّ عبدا من العبيد تعبّد به بالتشبيه من ابتداء الدنيا إلى انتهائها، صائما نهارها، قائما ليلها، إذا أخلص المخلص في صيامه لتقاصرت إليه أيّام الدنيا [عن كفاية، و من أسعف أخاه مبتدأ و برّه راغبا فله كأجر من صام هذا اليوم‏

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 227

و قام ليلته‏] 881 ، و من فطّر مؤمنا في ليلته كان كمن فطّر فئاما و فئاما.

فلم يزل صلوات اللّه عليه يعدّ بيده الشريفة حتى عدّ عشرا.

فنهض ناهض و قال: يا أمير المؤمنين، و ما الفئام؟

قال: مائة ألف نبيّ و صدّيق و شهيد، فما ظنّكم بمن تكفّل عددا من المؤمنين؟ فأنا الضامن له على اللّه تعالى الأمان من الكفر و الفقر، و إن مات في يومه أو في ليلته أو فيما بعده إلى مثله [من غير ارتكاب كبيرة] 882 فأجره على اللّه تعالى، و من استدان لإخوانه فأسعفهم فأنا الضامن له على اللّه، إن بقّاه أدّاه، و إن مات قبل تأديته تحمّله عنه، و إذا تلاقيتم فتصافحوا بالتسليم، [و تهانوا النعمة في هذا اليوم‏] 883 ، و ليعلم بذلك الشاهد الغائب و الحاضر البائن، و ليعد القويّ على الضعيف، و الغني على الفقير، بذلك أمرني رسول اللّه عن اللّه‏ 884 .

و في الحديث انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان يخبر عن وفاته بمدّة و يقول: قد حان منّي خفوق من بين أظهركم، و كان المنافقون يقولون: لئن مات محمد ليخرب دينه، فلمّا كان موقف الغدير قالوا: بطل كيدنا، فنزلت: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) 885 886 .

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 228

و كان الجمع الكبير و الجمّ الغفير في الغدير حين أخذ البشير النذير بيد صنوه نور اللّه المبين، و سببه المتين، و إمام المتّقين، و أمير المؤمنين، أكثرهم ممّن الإلحاد دينه، و النفاق قرينه، قد استحوذ الشيطان على قلبه، و استولى على لبّه، فأعطى بلسانه ما ليس في فؤاده، و ظهر على صفحات وجهه ما أضمر من إلحاده، و أسرّ غدرا، و أخفى مكرا، و نصب لنبيّه الغوائل، و جادل في أمر الغدير بالباطل، و أرصد بابه لتنفر ناقته، و عاقد على إنزال المنون بساحته، و استئصال شأفته.

و أطلع اللّه نبيّه على ما دبّروا، و وقاه سيّئات ما مكروا، و لمّا أشرقت دار الهجرة بنور مقدمه، و شرفت أرجاؤها بموطئ قدمه، و قد أكمل صلّى اللّه عليه و آله الدين بنصب وصيّه علما لامّته، و عمّم النعمة بجعله حافظا لشريعته، و نشر أعلام الإيمان بنشر مناقبه، و أعلى كلمة الاسلام بإعلاء مراتبه، و جلا أحكام الشريعة النبويّة في مدامس الاشتهار، و حلّى جيد الملّة الحنيفيّة بنفائس الافتخار 887 ، و دارت رحى العدل على قطبها، و أشرقت الأرض بنور ربّها، دعاه‏

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 229

اللّه إلى جواره مختارا، و ناداه بلسان قضائه جهارا: يا من أطلعته على سرّي المصون، و غيبي المكنون، (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) 888 .

و لمّا انقضى أجله الجليل، و ألمّت به الأسقام مؤذنة بوشك الرحيل، انصدعت لتوجّعه قلوب المؤمنين، و همعت لتألّمه عيون المسلمين.

[بدء مرض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله‏]

و كان بدء مرضه صلّى اللّه عليه و آله يوم السبت أو يوم الأحد من صفر.

صفحه بعد