کتابخانه روایات شیعه
تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)
رأسي في حجرك، فقد جاء أمر اللّه، فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك، و امسح بها وجهك، ثمّ وجّهني إلى القبلة، و تولّ أمري، و صلّ عليّ أوّل الناس، و لا تفارقني حتى تواريني في رمسي، و استعن باللّه سبحانه.
فأخذ عليّ برأسه، و وضعه في حجره، فاغمي عليه، فبكت فاطمة، فأومأ إليها بالدنوّ منه، فأسرّ إليها شيئا فضحكت و تهلّل وجهها.
فسئلت عن ذلك، فقالت: أعلمني أنّي أوّل أهل بيته لحوقا به.
[قبض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و يد أمير المؤمنين عليه السلام تحت حنكه، و ما قاله أمير المؤمنين عليه السلام في هذا المعنى]
ثمّ قضى صلّى اللّه عليه و آله و يد أمير المؤمنين عليه السلام تحت حنكه، ففاضت نفسه صلّى اللّه عليه و آله، فرفعها أمير المؤمنين إلى وجهه فمسحه بها، ثمّ مدّ عليه إزاره، و استقبل بالنظر في أمره 901 .
و ممّا قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه في نهج البلاغة في هذا المعنى:
و قد علم المستحفظون من أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و آله أنّي لم أردّ على اللّه و لا على رسوله ساعة قطّ، و لقد واسيته بنفسي في المواطن الّتي تنكص 902 فيها الأبطال، و تتأخّر الأقدام، نجدة 903 أكرمني اللّه بها.
و لقد قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إنّ رأسه لعلى صدري، و قد سالت نفسه في كفّي، فأمررتها على وجهي، و لقد ولّيت غسله صلّى اللّه عليه و آله و الملائكة أعواني، فضجّت الدار و الأفنية؛ ملأ يهبط، و ملأ يعرج، و ما فارقت سمعي هينمة 904 منهم، يصلّون عليه حتى واريناه في ضريحه، فمن ذا أحقّ به منّي حيّا و ميّتا؟ فانفذوا على بصائركم، و لتصدق نيّاتكم في جهاد
عدوّكم، فو الّذي لا إله إلّا هو إنّي لعلى جادّة الحقّ، و إنّهم لعلى مزلّة الباطل، أقول ما تسمعون، و أستغفر اللّه لي و لكم! 905
عن أبي جعفر الباقر عليه السلام 906 قال: قال الناس: كيف كانت الصلاة
عليه؟ فقال عليّ عليه السلام: [إنّ] 907 رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إمام حيّا و ميّتا فدخل عليه عشرة عشرة، فصلّوا عليه يوم الاثنين و ليلة الثلاثاء حتى الصباح و يوم الثلاثاء، حتى صلّى عليه الأقرباء و الخواصّ، و لم يحضر أهل السقيفة، و كان عليّ عليه السلام أنفذ لهم بريدة، و إنّما تمّت بيعتهم بعد دفنه صلّى اللّه عليه و آله.
و قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّما انزلت هذه الآية في الصلاة عليّ بعد قبض اللّه لي: (إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) 908 الآية.
و سئل الباقر عليه السلام: كيف كانت الصلاة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟
فقال: لمّا غسّله أمير المؤمنين عليه السلام و كفّنه و سجّاه أدخل عليه عشرة عشرة فداروا حوله، ثمّ وقف أمير المؤمنين في وسطهم فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) الآية، فيقول القوم مثل ما يقول حتى صلّى عليه أهل المدينة و العوالي، و اختلفوا أين يدفن؟ فقال بعضهم: في البقيع، و قال آخرون: في صحن المسجد.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إنّ اللّه لم يقبض نبيّه إلّا في أطهر بقاع الأرض، فينبغي أن يدفن في البقعة الّتي قبض فيه، فاتّفقت الجماعة على قوله، و دفن في حجرته.
[أنّ أمير المؤمنين عليه السلام نزل قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله]
و نزل في قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمير المؤمنين عليه السلام
و الفضل بن العبّاس و قثم و شقران، و لهذا قال أمير المؤمنين: أنا الأوّل و أنا الآخر 909 .
[أمير المؤمنين عليه السلام يرثي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله]
و أنشأ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول:
نفسي على زفراتها محبوسة
يا ليتها خرجت مع الزّفرات
لا خير بعدك في الحياة و إنّما
أخشى 910 مخافة أن تطول حياتي 911
و له صلوات اللّه عليه:
أ لا طرق النّاعي بليل فراعني
و أرّقني لمّا استقلّ 912 مناديا
فقلت له لمّا سمعت الّذي نعى
أغير رسول اللّه إن كنت 913 ناعيا
فحقّق ما أسعفت 914 منه و لم أجد
و كان خليلي عزّتي 915 و جماليا
فو اللّه ما أنساك أحمد ما مشت 916
بي العيس 917 في أرض و جاوزت واديا
و كنت متى أهبط من الأرض تلعة 918
أرى 919 أثرا منه جديدا و باليا
شجاع تشطّ 920 الخيل عنه كأنّما
يرين به ليثا عليهنّ عاديا 921
[و له عليه السلام:] 922
ألا يا رسول اللّه كنت حمى لنا 923
و كنت بنا برّا و لم تك جافيا
و كأن على قلبي لذكر محمد
و ما جيب 924 من بعد النبي المكاويا
أ فاطم صلّى اللّه ربّ محمّد
على جدث أمسى بيثرب ثاويا
فدى لرسول اللّه امّي و خالتي
و عمّي و زوجي 925 ثمّ نفسي و خاليا
فلو أنّ ربّ العرش أبقاك بيننا
سعدنا و لكن أمره كان ماضيا
عليك من اللّه السلام تحيّة
و ادخلت جنّات من العدن راضيا 926
و قالت الزهراء صلوات اللّه عليها:
قل للمغيّب تحت أطباق الثرى
إن كنت تسمع صرختي و ندائيا
صبّت عليّ مصائب لو أنّها
صبّت على الأيّام عدن 927 لياليا
قد كنت ذات حمى بظلّ محمد
لا أخش من ضيم و كان جماليا
فاليوم أخشع للذليل و أتّقي
ضيمي و أدفع ظالمي بردائيا
فإذا بكت قمريّة في ليلها
شجنا على غصن بكيت صباحيا
[ فلأجعلنّ الحزن بعدك مؤنسي ] 928
و لأجعلنّ الدمع فيك وشاحيا 929
ما ذا على من شمّ تربة أحمد
ألّا يشمّ مدى الزمان غواليا 930
و لها صلوات اللّه عليها:
كنت السواد لمقلتي
يبكي عليك الناظر
من شاء بعدك فليمت
فعليك كنت احاذر 931
و قالت أمّ سلمة:
فجعنا 932 بالنبيّ و كان فينا
إمام كرامة نعم الإمام
و كان قوامنا و الرأس منّا
فنحن اليوم ليس لنا قوام
ننوح و نشتكي ما قد لقينا
و يشكو فقدك البلد الحرام
فلا تبعد فكلّ فتى كريم