کتابخانه روایات شیعه
و قالت فاطمة: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ: يا عليّ، من اصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنّها من أعظم المصائب 942 .
[أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أوصى عليّا عليه السلام بأن لا يغسّله غيره]
روى يزيد بن بلال، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: أوصى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أن لا يغسّله أحد غيري، فإنّه لا يرى أحد عورته إلّا طمست عيناه.
قال: فما أتناول عضوا إلّا كان كأنّما نقله ثلاثون رجلا 943 حتى فرغت من غسله 944 .
و روي أنّه لمّا أراد أمير المؤمنين تغسيله استدعى الفضل بن العبّاس ليعينه، و كان مشدود العينين، و قد أمره أمير المؤمنين عليه السلام [بذلك] 945 إشفاقا عليه من العمى 946 .
[المناجاة]
يا من جمال جلاله منزّه عن التغيير و الزوال، و يا من دوام كماله مقدّس عن الحدوث و الانتقال، و يا من جلّ في ذاته و صفاته عن المعاني و الأحوال.
و يا من دلّ بافتقار مخلوقاته على انّه الكبير المتعال.
سبحانك من قاهر تردّى بالجبروت و الكبرياء، و تعاليت من قادر لا
يعجزه شيء في الأرض و لا في السماء، لا تشارك في وجوب وجودك، و لا تضاهى في فضلك وجودك، و لا يخرج عن سلطانك قويّ و لا ضعيف، و لا يفلت من قبضتك دنيّ و لا شريف، و لا يخرج عن إحصائك وفيّ و لا طفيف، أنت الظاهر ببديع قدرتك، القاهر بعموم ربوبيّتك، حكمت بالموت، و قضيت بالفوت، فلا رادّ لقضائك، و لا مفرّ من بلائك.
سبحانك أخرجتنا من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، و قضيت لنا في دار بلائك بالحسنى و زيادة، و جعلت لنا أرضك فراشا، و سخّرت لنا من رزقك معاشا، و ركبت فينا أدوات معرفتك، و آلات عبادتك، من عقول كاملة، و أركان عاملة، و جوارح مطيعة، و قوى مستطيعة.
و أودعت في أجسادنا من عجائب حكمتك، و غرائب صنعتك، أعدل شاهد على وحدانيّتك، و أكبر دالّ على فردانيّتك، من آلات بسط و قبض، و رفع و خفض، و حركة و سكون، و ظهور و بطون، و طبائع مصرفة، و قوى مختلفة، من باصرة و سامعة، و مفرّقة و جامعة، و ماسكة و دافعة، و موصلة و مانعة، و ذاكرة و حافظة، و ذائقة و لافظة.
و نصبت لنا من خواصّك أعلاما جعلت قلوبها مواطن حبّك، و معادن قربك، لما فازت بالدرجة العليّة من فيضان عنايتك، و شربت بالكأس الرويّة من شراب محبّتك، أطربها بلبل دوح عرفانك تشتهي نغمته، و أرقّها صوت مجيد فرقانك بفصيح كلمته، فطالعت جلال جمالك بأبصار بصائرها، و شاهدت أنوار تجلّيات عظمتك بأفكار سرائرها، فجرت في مضمار عشقها إلى حضيرة قدسك، و سلكت بقدم صدقها إلى مقام انسك، لم تقصر قواها عن الترقّي في مدارج السلوك بتوفيقك و تأييدك، و لم تختلجها عوارض الشكوك بإرشادك
و تسديدك، حتى إذا وردت من عين اليقين وردا و صدرا، و كشف بها الحقّ المبين عن غوامض أسراره حجابا و سترا، و صار المحبّ حبيبا، و الطالب مطلوبا.
جعلتهم معادن علمك، و مواضع حكمك، و تراجمة وحيك، و سفرة أمرك، و عصمتهم من كلّ عيب، و نزّهتهم من كلّ ريب، و توّجتهم بتاج عنايتك، و أفرغت عليهم خلع كرامتك، و أسريت بهاديهم إلى الصفيح الأعلى، و سموت بساميهم إلى المقام الأدنى، و أطلعته على أسرار ملكوتك، و شرّفته بخطاب حضرة جبروتك، و وسمته بخاتم النبيّين، و سمّيته بأحمد و محمد و طه و ياسين، و جعلته أفضل أهل السماوات و أهل الأرضين، و أيّدته بوليّك سيّد الوصيّين، و فرضت ولاءها و ولاء أهل بيتهما على عبادك أجمعين، فقلت: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) 947 .
فمن سلك سبيلهم، و اقتفى دليلهم، فهو ممّن ألحقته جناح رحمتك، و أورثته نعيم جنّتك، و رقمت اسمه في جرائد المنتجبين من خواصّك، و أثبتّ و سمه في صحائف الموسومين بإخلاصك.
و من تولّى عن أمرهم، و أنكر عنهم برّهم، و توالى من جرت عليه نعمتهم، و عظمت لديه مننهم، و استطال على الناس برفيع مجدهم، و اشتهر بالباس بغرار حسدهم، و تاه في ظلمة ضلالته، و غرق في لجّة جهالته، فهو ممّن قلت فيه:
(آمَنُوا سَبِيلًا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً) 948 (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَ يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) 949 (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَ اتَّخَذُوا آياتِي وَ رُسُلِي هُزُواً) 950 .
اللّهمّ إنّا لا نعلم نبيّا من أنبيائك، و لا نعتقد وليّا من أوليائك، و لا ملكا من حملة عرشك، و لا هابطا بوحيك و أمرك، و لا أمينا على غيبك و سرّك، أفضل لديك من نبيّك المصطفى، و أمينك المجتبى، الّذي انتجبته لرسالتك، و اصطفيته بكلمتك، و ختمت به أنبياءك، و وصيّه الّذي اخترته لخلافتك، و قرنت طاعته بطاعتك، و ضربته مثلا في محكم تنزيلك، و شددت به عضد نبيّك و رسولك، و أيّدته بالفضل و الحكم، و آتيته بسطة في العلم و الجسم، و هزمت بجدّه الأحزاب، و قصمت بسيفه الأصلاب، و جعلت حبّه فارقا بين الكفر و الإيمان، و حبّه وسيلة إلى الفوز بنعيم الجنان.
لا نعتقد ذنبا بعد الإلحاد في آياتك، و الجحود لصفاتك، و ادّعاء إلها سواك، و التكبّر على جلالك و علاك، أعظم و لا أكبر، و لا أوثق و لا أشقّ، من ذنب من وضع من قدره، و اجترى عليه بكفره، و قدّم عليه من لا يعادل عند اللّه شسع نعله، و أخّره عمّن ليس له فضل كفضله، و لا أصل كأصله، و جحد نصّ رسولك،
و حرّف آيات تنزيلك، و شهد أنّ طاعتك مقرونة بطاعته، و ولايتك مشروطة بولايته، إذ هو «اولوا الأمر» الّذي أمرت باقتفاء أثره، و نوّهت في كتابك بذكره، و أمرت نبيّك أن يأخذ ميثاق خلافته على كلّ مقرّ بوحدانيّتك، معتقد لربوبيّتك، فمن ردّ مقال رسولك، و سلك غير سبيلك، فهو ممّن قلّدته لعنتك، و وعدته نقمتك، و أعددت له أليم عذابك، و وخيم عقابك.
و نشهد أنّه سبيلك القويم، و صراطك المستقيم، و نشهد أنّ من ابتزّه سلطانه غاصبا، و تسمّى باسمه كاذبا، و أنكر ما أوصيت من فرض ولايته، و أخفى ما أظهرت من حقّ خلافته، فقد بعد من الصواب، و حقّت عليه كلمة العذاب، فلا عذاب أعظم من عذابه، و لا عقاب أنكى من عقابه، إذ الثواب و العقاب على مقدار الفعل المكتسب في دار البلاء، و محلّه الابتلاء، و من جحد الوصيّ منزلته، و ردّ على الرسول مقالته، و أوّل نصّ الكتاب بالتأويل الواهي، و الخيال الساهي، و قدّم من يستحقّ التأخير لنقصه، و أخّر من قدّم اللّه و رسوله منصبه، و نصب العداوة لأهل بيت نبيّه، و جحد الولاية بضلاله و غيّه، و عدل بميراث الرسول عن أهله، و وضعه في غير محلّه، فهو ممّن أنكر اصول الإيمان، و انتظم في مسلك عبدة الأوثان، و أعداء الرحمن، و مقرّه في الدرك الأسفل، و جزاؤه العذاب الأطول، يتعوّذ فرعون و هامان من عذابه، و ينفر عبدة الأوثان من أليم عقابه.
كما ذكرت هنا في فقرات نثري، و أوردت قديما في خطبي و شعري، مخاطبا من تجرّأ على اللّه و الرسول، و غصب حقّ الوصي و البتول:
غرّتك دنياك فصرت حاكما
و للوصيّ و البتول ظالما
و للنبيّ المصطفى مخاصما
فسوف تصلى بعد ذا سعيرا
عقوبة الذنب من اللّه على
مقدار ذنب العبد في دار البلا
و ظلم من يؤذي النبي المرسلا
هل فوقه ظلم فكن بصيرا