کتابخانه روایات شیعه
فاطمة بنت أسد رأت النبي صلّى اللّه عليه و آله يأكل تمرا له رائحة تزداد على كلّ الأطائب من المسك و العنبر، من نخلة لا شماريخ لها، فقالت: ناولني- يا رسول اللّه- أنل منها.
قال صلّى اللّه عليه و آله: لا تصالح إلّا أن تشهدي معي [أن] 988 لا إله إلّا اللّه، و أنّ محمدا رسول اللّه، فشهدت الشهادتين، فناولها فأكلت، فازدادت رغبتها، و طلبت اخرى لأبي طالب، فأوعز إليها صلّى اللّه عليه و آله ألّا تعطيه إلّا بعد الشهادتين.
فلمّا جنّ عليها الليل اشتمّ أبو طالب نسيما ما اشتمّ مثله قطّ فأظهرت ما معها فالتمسه منها، فأبت عليه 989 إلّا أن يشهد الشهادتين، فلم يملك نفسه أن شهد الشهادتين غير أنّه سألها أن تكتم عليه لئلّا تعيّره قريش، فعاهدته على ذلك، و أعطته ما معها و دنا إليها، فعلقت بعليّ صلوات اللّه عليه في تلك الليلة، و لمّا علقت بعليّ عليه السلام ازداد حسنها، و كان يتكلّم في بطنها، و كانت يوما في الكعبة فتكلّم عليّ عليه السلام مع جعفر فغشي عليه، فالتفتت فإذا الأصنام خرّت على وجوهها، فمسحت على بطنها و قالت: يا قرّة العين، تخدمك 990 الأصنام فيّ داخلا، فكيف شأنك خارجا؟! و ذكرت لأبي طالب ذلك، فقال: هو الّذي قال لي عنه أسد في طريق الطائف 991 .
[ميلاد أمير المؤمنين عليّ عليه السلام في الكعبة]
و روى الحسن بن محبوب، عن الصادق عليه السلام أنّه لمّا أخذ فاطمة
بنت أسد الطلق أتت الكعبة فانفتح البيت من ظهره و دخلت فاطمة فيه، ثمّ عادت الفتحة و التصقت و بقيت فيه ثلاثة أيّام تأكل من ثمار الجنّة و أرزاقها حتى ولدت أمير المؤمنين عليه السلام في جوف الكعبة.
و قيل؛ إنّه لمّا أخذها المخاض أتت الكعبة و قالت: ربّ إنّي مؤمنة بك و بما جاء من عندك من كتب و رسل، مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم، فبحقّ الّذي بنى هذا البيت، و بحقّ المولود الّذي في بطني لما يسّرت عليّ ولادتي.
فانفتح البيت و دخلت فيه و إذا بحوّاء و مريم و آسية و أمّ موسى، و صنعن به كما صنعن برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند ولادته، فلمّا ولدته سجد على الأرض يقول: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، و أشهد أنّ محمدا رسول اللّه، [و أشهد أنّ عليّا وصيّ محمد رسول اللّه] 992 ، بمحمد تختم النبوّة، و بي تتمّ الوصيّة، و أنا أمير المؤمنين، ثمّ سلّم على النساء، و أشرقت الأرض 993 بضيائها، فخرج أبو طالب و هو يقول: أبشروا، فقد خرج وليّ اللّه.
و في رواية اخرى: انّه لمّا خرجت به امّه من البيت قال لأبي طالب:
السلام عليك يا أبة و رحمة اللّه و بركاته، ثمّ تنحنح و قرأ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) 994 الآيات، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قد أفلحوا بك، أنت و اللّه أميرهم تميرهم من علومك فيمتارون، و أنت و اللّه دليلهم و بك يهتدون.
و وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لسانه في فيه فانفجر اثنتا عشرة
عينا- الحديث- فحنّكه رسول اللّه بريقه، و أذّن في اذنه اليمنى، و أقام في اليسرى، فعرف الشهادتين و ولد على الفطرة 995 .
و روي أنّه لمّا ولد [عليّ عليه السلام] 996 أخذ أبو طالب بيد فاطمة- و عليّ على صدره- و خرج ليلا إلى الأبطح و نادى:
يا ربّ هذا الغسق الدجيّ
و القمر المبتلج المضيّ
بيّن لنا من حكمك المقضيّ
[ ما ذا ترى في اسم ذا الصبيّ؟ ] 997
قال: فجاء شيء كالسحاب يدبّ على وجه الأرض حتى حصل في صدر أبي طالب فضمّه مع عليّ إلى صدره، فلمّا أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب:
خصصتما بالولد الزكيّ
و الطاهر المنتجب الرضيّ
فاسمه من شامخ عليّ
عليّ اشتقّ من العليّ 998
قال: فعلّق 999 اللوح في الكعبة، و ما زال هناك حتى أخذه هشام بن عبد الملك لعنه اللّه، و إجماع أهل البيت أنّه ولد في الزاوية اليمنى في الكعبة، فالولد الطاهر من النسل الطاهر، ولد في الموضع الطاهر، فأين توجد هذه
الكرامة لغيره؟ فأشرف البقاع الحرم، و أشرف الحرم المسجد، و أشرف [بقاع] 1000 المسجد الكعبة، و لم يولد فيه مولود سواه، فالمولود فيه يكون في غاية الشرف، و ليس المولود في سيّد الأيّام يوم الجمعة في الشهر الحرام في البيت الحرام سوى أمير المؤمنين عليه السلام 1001 .
و أجمع أهل البيت بأدلّة قاطعة بأنّه معصوم، و أجمع الناس انّه لم يشرك باللّه أبدا، و انّه بايع 1002 النبيّ في صغره و ترك أبويه.
و روى جابر رضي اللّه عنه، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: ثلاثة لم يكفروا باللّه 1003 طرفة عين: مؤمن آل يس، و عليّ بن أبي طالب، و آسية امرأة فرعون 1004 .
[أمير المؤمنين عليه السلام يقضي في رجل زنى مرّة بعد مرّة]
و روي أنّه اعترف رجل [محصن] 1005 عند أمير المؤمنين عليه السلام أنّه زنا مرّة بعد مرّة و أمير المؤمنين يتغافل عنه حتى اعترف الرابعة، فأمر صلوات اللّه عليه بحبسه، ثمّ نادى في الناس، ثم أخرجه بالغلس 1006 ، ثمّ حفر له حفيرة و وضعه فيها، ثمّ نادى: أيّها الناس، هذه حقوق اللّه لا يطلبها من كان عليه مثلها، فانصرفوا ما خلا عليّ بن أبي طالب و الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهم 1007 .
و في التهذيب انّ محمد بن الحنفية كان ممّن رجع 1008 .
و كان أمير المؤمنين ممّن وصفه اللّه تعالى (وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) 1009 ثم قال: (وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) 1010 ، فنظرنا في أمر الظالم فإذا الامّة قد فسّروه انّه عابد الأصنام، و انّ من عبدها فقد لزمه الذلّ، و قد نفى اللّه أن يكون الظالم إماما 1011 لقوله: (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) 1012 .
و وجدنا العامّة بأسرهم إذا ذكروا عليّا قالوا: كرّم اللّه وجهه، و أجروا ذلك على ألسنتهم، يعنون بذلك: عن عبادة الأصنام 1013 .
[ديك الجنّ 1014 :]
شرفي محبّة معشر
شرّفوا بسورة هل أتى
و ولاي من في فتكه
سمّاه ذو العرش الفتى
لم يعبد الأصنام قطّ
و لا ألام و لا عتا
ثبتا إذا قدما سواه
إلى المهاوي زلّتا
ثقل الهدى و كتابه
بعد النبيّ تشتّتا
وا حسرتا من ذلّهم
و خضوعهم وا حسرتا
طالت حياة عدوّهم
حتّى متى و إلى متى؟
[أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يشرب الخمر حتى قبل تحريمها]
ثمّ انّه صلوات اللّه عليه لم يشرب الخمر قطّ، و لم يأكل ما ذبح على النصب، و غير ذلك من الفسوق و قريش ملوّثون بها 1015 .
روى قتادة، عن الحسن البصري، قال: اجتمع علي و عثمان بن مظعون و أبو طلحة و أبو عبيدة و معاذ بن جبل و سهيل بن بيضاء و أبو دجانة في منزل سعد بن أبي وقّاص، فأكلوا شيئا، ثم قدّم إليهم شيئا من الفضيح، فقام أمير المؤمنين عليه السلام و خرج من بينهم، فقال عثمان في ذلك، فقال علي:
لعن اللّه الخمر، و اللّه لا أشرب شيئا يذهب بعقلي، و يضحك بي من رآني، و ازوّج كريمتي من لا اريد، و خرج من بينهم، فأتى المسجد، و هبط جبرئيل بهذه الآية: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) - يعني الّذين اجتمعوا في منزل سعد- (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) 1016 إلى آخرها، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: تبّا لها، [و اللّه- يا رسول اللّه- لقد كان بصري فيها نافذ منذ كنت صغيرا.
قال الحسن:] 1017 و اللّه الّذي لا إله إلّا هو ما شربها 1018 قبل تحريمها و لا ساعة قطّ 1019 .
ثمّ إنّه كان أبو طالب و فاطمة بنت أسد ربّيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،
و ربّى النبي صلّى اللّه عليه و آله و خديجة لعلي عليه السلام، و سمعنا 1020 مذاكرة أنّه لمّا ولد أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه لم يفتح عينيه ثلاثة أيّام، فجاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ففتح عينيه، و نظر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: خصّني بالنظر، و خصصته بالعلم.
[أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخذ عليّا عليه السلام من أبي طالب ليعينه على أمره]
و روي أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله حين تزوّج خديجة قال لعمّه أبي طالب: إنّي احبّ أن تدفع إليّ بعض ولدك يعينني على أمري و يكفيني، و أشكر لك بلاءك عندي.
فقال أبو طالب: خذ أيّهم شئت، فأخذ عليّا عليه السلام 1021 .