کتابخانه روایات شیعه
و في التهذيب انّ محمد بن الحنفية كان ممّن رجع 1008 .
و كان أمير المؤمنين ممّن وصفه اللّه تعالى (وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) 1009 ثم قال: (وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) 1010 ، فنظرنا في أمر الظالم فإذا الامّة قد فسّروه انّه عابد الأصنام، و انّ من عبدها فقد لزمه الذلّ، و قد نفى اللّه أن يكون الظالم إماما 1011 لقوله: (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) 1012 .
و وجدنا العامّة بأسرهم إذا ذكروا عليّا قالوا: كرّم اللّه وجهه، و أجروا ذلك على ألسنتهم، يعنون بذلك: عن عبادة الأصنام 1013 .
[ديك الجنّ 1014 :]
شرفي محبّة معشر
شرّفوا بسورة هل أتى
و ولاي من في فتكه
سمّاه ذو العرش الفتى
لم يعبد الأصنام قطّ
و لا ألام و لا عتا
ثبتا إذا قدما سواه
إلى المهاوي زلّتا
ثقل الهدى و كتابه
بعد النبيّ تشتّتا
وا حسرتا من ذلّهم
و خضوعهم وا حسرتا
طالت حياة عدوّهم
حتّى متى و إلى متى؟
[أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يشرب الخمر حتى قبل تحريمها]
ثمّ انّه صلوات اللّه عليه لم يشرب الخمر قطّ، و لم يأكل ما ذبح على النصب، و غير ذلك من الفسوق و قريش ملوّثون بها 1015 .
روى قتادة، عن الحسن البصري، قال: اجتمع علي و عثمان بن مظعون و أبو طلحة و أبو عبيدة و معاذ بن جبل و سهيل بن بيضاء و أبو دجانة في منزل سعد بن أبي وقّاص، فأكلوا شيئا، ثم قدّم إليهم شيئا من الفضيح، فقام أمير المؤمنين عليه السلام و خرج من بينهم، فقال عثمان في ذلك، فقال علي:
لعن اللّه الخمر، و اللّه لا أشرب شيئا يذهب بعقلي، و يضحك بي من رآني، و ازوّج كريمتي من لا اريد، و خرج من بينهم، فأتى المسجد، و هبط جبرئيل بهذه الآية: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) - يعني الّذين اجتمعوا في منزل سعد- (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) 1016 إلى آخرها، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: تبّا لها، [و اللّه- يا رسول اللّه- لقد كان بصري فيها نافذ منذ كنت صغيرا.
قال الحسن:] 1017 و اللّه الّذي لا إله إلّا هو ما شربها 1018 قبل تحريمها و لا ساعة قطّ 1019 .
ثمّ إنّه كان أبو طالب و فاطمة بنت أسد ربّيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،
و ربّى النبي صلّى اللّه عليه و آله و خديجة لعلي عليه السلام، و سمعنا 1020 مذاكرة أنّه لمّا ولد أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه لم يفتح عينيه ثلاثة أيّام، فجاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ففتح عينيه، و نظر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: خصّني بالنظر، و خصصته بالعلم.
[أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخذ عليّا عليه السلام من أبي طالب ليعينه على أمره]
و روي أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله حين تزوّج خديجة قال لعمّه أبي طالب: إنّي احبّ أن تدفع إليّ بعض ولدك يعينني على أمري و يكفيني، و أشكر لك بلاءك عندي.
فقال أبو طالب: خذ أيّهم شئت، فأخذ عليّا عليه السلام 1021 .
نهج البلاغة: و قد علمتم موضعي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالقرابة، و المنزلة الخصيصة، وضعني في حجره و أنا وليد يضمّني إلى صدره، و يلفّني 1022 في فراشه، و يمسّني خدّه 1023 ، و يشمّني عرفه 1024 ، و كان يمضغ الشيء و يلقمنيه، و ما وجد لي كذبة في قول و لا خطلة 1025 في فعل، و لقد قرن اللّه به صلّى اللّه عليه و آله من لدن [أن] 1026 كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم، و محاسن أخلاق العالم، ليله و نهاره، و لقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر امّه، يرفع لي [في] 1027 كلّ يوم علما من أخلاقه،
و يأمرني بالاقتداء به 1028 .
فمن استقت عروقه من منبع النبوّة، و رضعت شجرته ثدي الرسالة، و تهدّلت أغصانه 1029 من نبعة الامامة، و نشأ في دار الوحي، و ربّي في بيت التنزيل، و لم يفارق النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ساعة في حال حياته إلى حال وفاته، لا يقاس به أحد من سائر الخلق، و إذا كان صلوات اللّه عليه نشأ في أكرم ارومة، و أطيب مغرس، و العرق الصالح ينمي، و الشهاب الثاقب يسري، و تعليم الرسول نافع 1030 ، و لم يكن الرسول صلّى اللّه عليه و آله ليتولّى تأديبه و يتضمّن حضانته و حسن تربيته إلّا على ضربين 1031 : إمّا على التفرّس فيه، أو بالوحي من اللّه سبحانه، فإن كان بالتفرّس فلا تخطئ فراسته و لا يخيب [ظنّه] 1032 ، و إن كان بالوحي فلا منزلة أعلى و لا حال أدلّ على الفضيلة و الامامة منه 1033 .
ثمّ إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خصّه بسيّدة النساء دون غيره بأمر اللّه سبحانه، و تولّى سبحانه عقدة نكاحها، و أنزل في ذلك قرآنا يتلى إلى يوم القيامة.
روى ابن عبّاس رضي اللّه عنه و ابن مسعود و جابر و البراء و أنس
و أمّ سلمة، و رواه السدّي و ابن سيرين 1034 و الباقر عليه السلام في قوله تعالى:
(وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً) قالوا: هو محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام (وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً) 1035 [القائم في آخر الزمان] 1036 لأنّه لم يجتمع نسب و سبب في الصحابة [و القرابة] 1037 إلّا له 1038 .
[أنّ عليّا عليه السلام كان كفو فاطمة عليها السلام]
عوتب صلّى اللّه عليه و آله في أمر فاطمة، فقال: لو لم يخلق اللّه عليّ بن أبي طالب ما كان لفاطمة كفو على وجه الأرض 1039 .
و مثله روي عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام، و زاد فيه: آدم و من دونه 1040 .
[الجواب على ما قالته الناصبة: تزوّج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من الشيخين، و زوّج عثمان بنتين]
قالت الناصبة: تزوّج النبي صلّى اللّه عليه و آله من الشيخين، و زوّج عثمان بنتين.
قلنا: التزويج لا يدلّ على الفضل، و إنّما هو مبنيّ على إظهار الشهادتين، ثمّ إنّه صلّى اللّه عليه و آله تزوّج في جماعة، و أمّا عثمان ففي زواجه خلاف كثير، و أنّه صلّى اللّه عليه و آله [كان زوّجهما من كافرين قبله،] 1041 و ليس حكم
فاطمة مثل ذلك، لأنّها ولدت في الاسلام، و من أهل العباء و المباهلة و المهاجرة في أصعب وقت، و وردت فيها آية التطهير، و افتخر جبرائيل بكونه منهم، و شهد اللّه لهم بالصدق، و لها أمومة الأئمّة إلى يوم القيامة، و منها الحسن و الحسين عليهما السلام، و عقب الرسول، و هي سيّدة نساء العالمين، و زوجها من أصلها و ليس بأجنبيّ.
و أمّا الشيخان فقد توسّلا إلى النبيّ بذلك.
و أمّا علي فتوسّل النبيّ إليه بعد ما ردّ خطبتهما، و العاقد عليها 1042 هو اللّه تعالى، و القابل جبرائيل، و الخاطب راحيل، و الشهود حملة العرش، و صاحب النثار رضوان، و طبق النثار شجرة طوبى، و النثار الدرّ و الياقوت و المرجان، و الرسول هو الماشطة، و أسماء صاحبة الحجلة 1043 ، و وليد هذا النكاح الأئمّة الطاهرين عليهم السلام 1044 .
مع انّه قد روي أنّ زينب و رقيّة لم يكونا ابنتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على الحقيقة، بل ربيبتيه من جحش- كان زوج خديجة قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- روى ذلك صاحب كتاب الكشف و اللمع، و رواه البلاذري 1045 أيضا، و كانت زينب تحت أبي العاص بن الربيع، و أمّا رقيّة فتزوّجها عتبة بن أبي لهب و مات على كفره بعد أن طلّقها، و تزوّج بها عثمان.
و صار أمير المؤمنين أخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من ثلاثة أوجه:
[أوّلها:] 1046 لقوله عليه السلام: ما زال ينقل من الآباء الأخائر، الخبر.
الثاني: أنّ فاطمة بنت أسد ربّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتى قال:
هذه امّي، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند أبي طالب من أعزّ أولاده، ربّاه في صغره، و حماه في كبره، و نصره بالمال و اللسان و السيف و الأولاد [و الهجرة] 1047 ، و الأب أبوان: أب ولادة و أب إفادة، ثمّ انّ العمّ والد، قال سبحانه حكايه عن يعقوب: (ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ) 1048 الآية، و إسماعيل كان عمّه.
و قال سبحانه حكاية عن إبراهيم: (وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) 1049 قال الزجّاج: أجمع النسّابة أنّ اسم أبي إبراهيم تارخ.
[مؤاخاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام]
[و الثالث:] 1050 آخاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في عدّة مواضع: يوم بيعة العشيرة حين لم يبايعه أحد بايعه عليّ على أن يكون له أخا في الدارين. و قال في مواضع كثيرة، منها: يوم خيبر: أنت أخي و وصيّي. و في يوم المؤاخاة ما ظهر عند الخاصّ و العامّ صحّته، و قد رواه ابن بطّة من ستّة طرق.