کتابخانه روایات شیعه
فاطمة مثل ذلك، لأنّها ولدت في الاسلام، و من أهل العباء و المباهلة و المهاجرة في أصعب وقت، و وردت فيها آية التطهير، و افتخر جبرائيل بكونه منهم، و شهد اللّه لهم بالصدق، و لها أمومة الأئمّة إلى يوم القيامة، و منها الحسن و الحسين عليهما السلام، و عقب الرسول، و هي سيّدة نساء العالمين، و زوجها من أصلها و ليس بأجنبيّ.
و أمّا الشيخان فقد توسّلا إلى النبيّ بذلك.
و أمّا علي فتوسّل النبيّ إليه بعد ما ردّ خطبتهما، و العاقد عليها 1042 هو اللّه تعالى، و القابل جبرائيل، و الخاطب راحيل، و الشهود حملة العرش، و صاحب النثار رضوان، و طبق النثار شجرة طوبى، و النثار الدرّ و الياقوت و المرجان، و الرسول هو الماشطة، و أسماء صاحبة الحجلة 1043 ، و وليد هذا النكاح الأئمّة الطاهرين عليهم السلام 1044 .
مع انّه قد روي أنّ زينب و رقيّة لم يكونا ابنتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على الحقيقة، بل ربيبتيه من جحش- كان زوج خديجة قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- روى ذلك صاحب كتاب الكشف و اللمع، و رواه البلاذري 1045 أيضا، و كانت زينب تحت أبي العاص بن الربيع، و أمّا رقيّة فتزوّجها عتبة بن أبي لهب و مات على كفره بعد أن طلّقها، و تزوّج بها عثمان.
و صار أمير المؤمنين أخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من ثلاثة أوجه:
[أوّلها:] 1046 لقوله عليه السلام: ما زال ينقل من الآباء الأخائر، الخبر.
الثاني: أنّ فاطمة بنت أسد ربّت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتى قال:
هذه امّي، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عند أبي طالب من أعزّ أولاده، ربّاه في صغره، و حماه في كبره، و نصره بالمال و اللسان و السيف و الأولاد [و الهجرة] 1047 ، و الأب أبوان: أب ولادة و أب إفادة، ثمّ انّ العمّ والد، قال سبحانه حكايه عن يعقوب: (ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ) 1048 الآية، و إسماعيل كان عمّه.
و قال سبحانه حكاية عن إبراهيم: (وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) 1049 قال الزجّاج: أجمع النسّابة أنّ اسم أبي إبراهيم تارخ.
[مؤاخاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام]
[و الثالث:] 1050 آخاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في عدّة مواضع: يوم بيعة العشيرة حين لم يبايعه أحد بايعه عليّ على أن يكون له أخا في الدارين. و قال في مواضع كثيرة، منها: يوم خيبر: أنت أخي و وصيّي. و في يوم المؤاخاة ما ظهر عند الخاصّ و العامّ صحّته، و قد رواه ابن بطّة من ستّة طرق.
و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان بالنخيلة و حوله سبعمائة و أربعون رجلا، فنزل جبرئيل و قال: إنّ اللّه تعالى آخى بين الملائكة: بيني و بين ميكائيل، و بين إسرافيل و عزرائيل، و بين دردائيل و راحيل، فآخى النبي صلّى
اللّه عليه و آله بين أصحابه.
و روى خطيب خوارزم في كتابه 1051 بالاسناد عن ابن مسعود، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوّل من اتّخذ عليّ بن أبي طالب أخا إسرافيل ثمّ جبرائيل، الخبر.
و عن ابن عبّاس، قال: لمّا نزل قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) 1052 آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين الأشكال و الأمثال؛ فآخى بين أبي بكر و عمر، و بين عثمان و عبد الرحمن، و بين سعد بن أبي وقّاص و سعيد بن زيد، و بين طلحة و الزبير، و بين أبي عبيدة و سعد بن معاذ، و بين مصعب بن عمير و أبي أيّوب الأنصاري، و بين أبي ذرّ و ابن مسعود، و بين سلمان و حذيفة، و بين حمزة و زيد، و بين أبي الدرداء و بلال، و بين جعفر الطيّار و معاذ بن جبل، و بين المقداد و عمّار، و بين عائشة و حفصة، و بين زينب بنت جحش و ميمونة، و بين أمّ سلمة و صفيّة، حتى آخى بين أصحابه بأجمعهم على قدر منازلهم، ثمّ قال: يا عليّ، أنت أخي و أنا أخوك.
تاريخ البلاذري: قال عليّ عليه السلام: يا رسول اللّه، آخيت بين أصحابك و تركتني!
فقال: أنت أخي، أ ما ترضى أن تدعى إذا دعيت، و تكسى إذا كسيت، و تدخل الجنّة إذا دخلت؟! 1053
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة نادى مناد 1054 من بطنان العرش: يا محمد، نعم الأب أبوك إبراهيم، و نعم الأخ أخوك عليّ بن أبي طالب 1055 .
و روى أبو إسحاق العدل، قال أبو يحيى: ما جلس عليّ صلوات اللّه عليه على المنبر إلّا قال: أنا عبد اللّه، و أخو رسول اللّه، لا يقولها بعدي إلّا كذّاب 1056 .
[أبيات لأمير المؤمنين عليه السلام بعد مؤاخاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له]
الصادق عليه السلام قال: لمّا آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين أصحابه و ترك عليّا، فقال له في ذلك، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: إنّما 1057 اخترتك لنفسي، أنت أخي و أنا أخوك في الدنيا و الآخرة.
فبكى عند ذلك أمير المؤمنين و قال:
أقيك بنفسي أيّها المصطفى الّذي
هدانا به الرحمن من عمة 1058 الجهل
بروحي أفديه 1059 و ما قدر مهجتي؟
لمن أنتمي منه إلى الفرع و الأصل
و من ضمّني مذ كنت طفلا و يافعا
و أنعشني بالبرّ و العلّ و النهل 1060
و من جدّه جدّي و من عمّه عمّي
و من امّه 1061 امّي و من بنته أهلي
و من حين آخى بين من كان حاضرا
دعاني و آخاني و بيّن من فضلي
لك الفضل إنّي ما حييت لشاكر
لإتمام ما أوليت يا خاتم الرسل 1062
قيل لقثم بن العبّاس: بأيّ شيء ورث عليّ النبي صلّى اللّه عليه و آله دون العبّاس؟
قال: لأنّه [كان] 1063 أشدّنا به لصوقا، و أسرعنا به لحوقا 1064 .
و قد علمنا أنّ أمير المؤمنين لم يكن أخا للرسول في النسب، فلمّا جعله شكلا له و أخا بين الأشكال و الأمثال و استخلصه لنفسه علمنا بذلك أنّه الإمام الحقّ على سائر المسلمين، فلا يجوز لأحد أن يتقدّمه، و لا أن يتأمّر عليه، لأنّه شبه الرسول و مشاكله، و العرب تقول للشيء: إنّه أخو الشيء إذا أشبهه و قاربه، فكما لا يجوز التقدّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ) 1065 كذلك لا يجوز التقدّم على أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه لأنّه
مشابهه و مماثله،
[سدّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أبواب الصحابة و ترك باب عليّ عليه السلام]
و لهذا أمر اللّه نبيّه بسدّ أبواب الصحابة و ترك باب عليّ لكونه مماثله و مشابهه 1066 .
روى أحمد في كتاب الفضائل 1067 أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال في ذلك- لمّا تكلّم الناس-: و اللّه ما سددت شيئا و لا فتحته، و لكن امرت بشيء فاتّبعته 1068 .
تاريخ البلاذري و مسند أحمد في خبر قال [عمرو بن ميمون] 1069 : خلا ابن عبّاس مع جماعة، فنالوا من عليّ، فقام ابن عبّاس، ثمّ قال: اف اف وقعوا في رجل قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كنت مولاه فعليّ مولاه، و من كنت وليّه فعليّ وليّه.
و قال له: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، الخبر.
و قال: لأدفعنّ الراية غدا إلى رجل، الخبر.
و سدّ أبواب الصحابة إلّا بابه. و نام مكان رسول اللّه ليلة الغار. و بعث ببراءة مع أبي بكر، ثمّ أرسل عليّا فأخذها منه 1070 .
و في فضائل أحمد: قال عبد اللّه بن عمر: ثلاثة أشياء كنّ لعليّ لو كان لي واحدة منها لكانت أحبّ إليّ من حمر النعم؛ أحدها: إعطاؤه الراية يوم خيبر، و تزويجه فاطمة، و سدّ الأبواب.
و قيل: إنّ العبّاس خرج يوم سدّ الأبواب، و هو يبكي و يقول: سددت باب عمّك 1071 و أسكنت ابن عمّك!
فقال صلّى اللّه عليه و آله: ما أخرجتك و لا أسكنته، و لكنّ اللّه أسكنه 1072 .
و في رواية أنّه قال: أمّا عليّ فابن عمّ رسول اللّه و ختنه، و هذا بيته- و أشار بيده إلى بيت عليّ- حيث ترون أمر اللّه تعالى نبيّه أن يا بني مسجده فبنى فيه عشرة أبيات: تسعة لبنيه و أزواجه و أصحابه، و عاشرها و هو متوسّطها لعليّ و فاطمة، و كان ذلك في أوّل سنة الهجرة؛ و قيل: كان في آخر عمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و الأوّل أصحّ، و بقى على كونه مفتوح الباب إلى المسجد، و لم يزل عليّ و ولده فيه إلى أيّام عبد الملك بن مروان، فعرف الخبر فحسد القوم على ذلك و اغتاظ، و أمر بهدم الدار، و أظهر أنّه يريد أن يزيد في المسجد، و كان في الدار الحسن بن الحسن فقال: لا أخرج و لا امكّن من هدمها، فضرب بالسياط، و تصايح الناس، و اخرج عند ذلك، و هدمت الدار، و زيد في المسجد 1073 .
و روى عيسى بن عبد اللّه أنّ دار فاطمة عليها السلام حول تربة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و بينهما حوض 1074 .