کتابخانه روایات شیعه
طالب.
قال: تريد أن تعلم ما كانت منزلته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فانظر إلى بيته من بيوت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي صلّى اللّه عليه و آله 1083 .
و كان النبيّ 1084 إذا غضب لم يجترئ عليه أحد [أن] 1085 يكلّمه إلّا عليّ، و أتاه يوما فوجده نائما فلم يوقظه.
لا شكّ انّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان أكبر سنّا و أكثر 1086 جاها من عليّ، فلمّا كان يحترمه هذا الاحترام إمّا انّه كان من اللّه تعالى أو من قبل نفسه، و على الحالين جميعا أظهر للناس فضله، و علوّ درجته عند اللّه، و منزلته عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله 1087 .
و روي عن عائشة، قالت: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التزم عليّا و قبّله و قال: بأبي الوحيد الشهيد، بأبي الوحيد الشهيد، ذكره أبو يعلى الموصلي في المسند 1088 .
و انّه لمّا جرح أمير المؤمنين في رأسه من ضربة عمرو بن عبد ودّ يوم الخندق، فجاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فشدّه و نفث فيه فبرأ، فقال:
أين أكون إذا خضبت هذه من هذه؟ 1089
و كان النبي صلّى اللّه عليه و آله إذا لم ير 1090 عليّا قال: أين حبيب اللّه، و حبيب رسوله؟ 1091
و كان أمير المؤمنين من أوثق أصحابه عنده.
روى محمد بن الحنفيّة أنّ الّذي قذفت به مارية و هو خصي يقال له مابور و كان المقوقس أهداه مع مارية 1092 إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
و كان 1093 سبب القذف أنّ عائشة قالت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ إبراهيم ليس منك، و إنّه من فلان القبطي.
فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السلام و أمره بقتله، فلمّا رأى عليّا و ما يريد به تكشّف حتى يتبيّن لعليّ أنّه أجبّ لا شيء له ممّا يكون للرجال، فكفّ عليه السلام عنه 1094 .
و في خبر أنّه كان ابن عمّ مارية 1095 ، فأرسل عليّا ليقتله، فقال أمير المؤمنين: يا رسول اللّه، أكون في أمرك كالسكّة المحماة- و في رواية: أو المسمار المحمى- و لا يثنيني شيء حتى أمضي لما أمرتني به، أو الحاضر يرى ما لا يرى الغائب.
فقال صلّى اللّه عليه و آله: الحاضر يرى 1096 ما لا يرى الغائب.
قال أمير المؤمنين: فأقبلت متوشّحا بالسيف فوجدته عندها، فاخترطت السيف، فلمّا أقبلت نحوه عرف أنّي اريده فأتى نخلة فرقى فيها، ثمّ رمى بنفسه على قفاه و شغر برجليه، و إذا به أجبّ أمسح ماله ممّا للرجال قليل و لا كثير، فأغمدت سيفي، و أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخبرته، فقال: الحمد للّه الّذي يصرف عنّا أهل البيت 1097 .
[دعاء الرسول صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السلام في عدّة مواضع، و إرساله إيّاه إلى ثلاثة نفر آلوا باللات و العزّى ليقتلوا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله]
و دعا له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في عدّة مواضع: في قوله يوم الغدير: اللّهمّ وال من والاه.
و دعا له يوم خيبر: اللّهمّ قه الحرّ و البرد.
و دعا له يوم المباهلة: اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي و خاصّتي، فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا.
و دعا له لمّا مرض: اللّهمّ عافه و اشفه. و غير ذلك، و دعا له بالنصر و الولاية، و الولاية لا تجوز إلّا لوليّ الأمر، فبان بذلك إمامته 1098 .
و في أمالي الشيخ أبي جعفر بن بابويه رضي اللّه عنه في خبر طويل أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يوما جالسا، فقال: يا معاشر أصحابي، أيّكم ينهض إلى ثلاثة نفر آلوا 1099 باللات و العزّى ليقتلوني، و قد كذبوا و ربّ الكعبة؟
فأحجم الناس.
فقال: ما أحسب عليّا فيكم. فاخبر أمير المؤمنين عليه السلام بذلك، فجاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قال: أنا وحدي لهم سريّة، يا رسول اللّه، فعمّمه و درّعه و قلّده سيفه و أركبه فرسه.
فخرج أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فمكث ثلاثة أيّام لا يصل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله منه خبر لا من السماء و لا من الأرض، فأقعدت فاطمة عليها السلام الحسن و الحسين عليهما السلام على وركيها، و هي تقول:
يوشك أن تؤتم هذين الغلامين.
فأسبل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عينيه يبكي، ثمّ قال: معاشر الناس، من يأتيني بخبر علي فابشّره بالجنّة.
فافترق الناس في طلبه، و أقبل عامر 1100 بن قتادة يبشّر بعليّ، فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام و معه أسيران، و رأس، و ثلاثة أبعرة، و ثلاثة أفراس، و قال: لمّا صرت في الوادي رأيت هؤلاء ركبانا على الأباعر، فنادوني: من أنت؟
فقلت: أنا علي بن أبي طالب ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فشدّ عليّ هذا المقتول و دارت 1101 بيني و بينه ضربات، و هبّت ريح حمراء سمعت صوتك فيها- يا رسول اللّه- و أنت تقول: قطعت لك جربّان 1102 درعه، فضربته، فلم أحفه 1103 ، ثمّ هبّت ريح صفراء سمعت صوتك فيها و أنت تقول: قلبت لك
الدرع عن فخذه، فضربته و وكزته 1104 ، فقال الرجلان: صاحبنا هذا كان يعدّ بألف فارس فلا تعجل علينا، و قد بلغنا أنّ محمدا رفيق شفيق رحيم فاحملنا إليه.
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أمّا الصوت الأوّل فصوت جبرئيل، و الآخر فصوت ميكائيل، فعرض النبيّ عليهما الإسلام فأبيا، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقتلهما، فقتل أحدهما بعد أن عرض عليه الاسلام و أبى، و قال [الآخر] 1105 : الحقني بصاحبي، فهمّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه بقتل الآخر، فهبط جبرائيل و قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تقتله، فإنّه حسن الخلق، سخيّ في قومه.
فقال النبيّ: يا علي، أمسك، فإنّ هذا رسول اللّه جبرئيل يخبرني انّه سخيّ في قومه، حسن الخلق.
فقال الرجل: و اللّه ما ملكت مع أخ لي درهما قطّ، و لا قطبت 1106 وجهي في الحرب 1107 ، و أنا أشهد أن لا إله إلّا اللّه، و أنّ محمدا رسول اللّه 1108 .
و من قوّته و شدّته انّه قلع باب خيبر.
[أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع الراية إلى عليّ عليه السلام يوم خيبر]
روى أحمد بن حنبل، عن مشيخته، عن جابر بن عبد اللّه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دفع الراية إلى عليّ صلوات اللّه عليه يوم خيبر بعد أن دعا له،
فجعل يسرع السير و أصحابه يقولون له: ارفق، حتى انتهى إلى الحصن فاجتذب بابه و ألقاه على الأرض، ثمّ اجتمع منّا سبعون رجلا و كان جاهدهم أن أعادوا الباب 1109 .
أبو عبد اللّه الحافظ بإسناده إلى أبي رافع: لمّا دنا عليّ من القموص أقبلوا يرمونه بالنبل و الحجارة، فحمل حتى دنا من الباب فاقتلعه، ثمّ رمى به خلف ظهره أربعين ذراعا، و لقد تكلّف حمله أربعون رجلا فما أطاقوا 1110 .
و روى أبو القاسم محفوظ 1111 البستي في كتاب الدرجات أنّ أمير المؤمنين بعد أن قتل مرحب حمل على القوم فانهزموا إلى الحصن، فتقدّم إلى باب الحصن و ضبط حلقته- و كان وزنها أربعين منّا- و هزّ الباب، فارتعد الحصن بأجمعه حتى ظنّوا زلزلة، ثمّ هزّه اخرى فقلعه، و دحا به في الهوى أربعين ذراعا 1112 .
أبو سعيد الخدري: [و هزّ حصن خيبر حتى] 1113 قالت صفيّة: كنت جالسة على طاق كما تجلس العروس، فوقعت على وجهي، فظننت الزلزلة؛ فقيل: هذا عليّ قد هزّ الحصن يريد أن يقلع الباب 1114 .
و في كتاب رامشأفزاي 1115 قال: كان طول الباب ثمانية عشر ذراعا، و عرض الخندق عشرون، فوضع صلوات اللّه عليه طرف الباب على الخندق
و ضبط بيده الطرف الآخر، حتى عبر الجيش و كانوا ثمانية آلاف [و سبعمائة رجل، و فيهم من كان يتردّد و يخف عليه] 1116 1117 .
روض الجنان: قال بعض الصحابة: ما عجبنا يا رسول اللّه من قوّته في حمله و رميه، و إنّما عجبنا من إجساره و إحدى طرفيه على يده!
فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله كلاما معناه: يا هذا، نظرت إلى يده فانظر إلى رجليه.
قال: فنظرت إلى رجليه فوجدتهما معلّقتين 1118 في الهواء، فقلت: هذا أعجب [رجلاه] 1119 على الهواء!
فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: ليستا على الهواء و إنّما هما على جناحي 1120 جبرائيل 1121 .
[في توجّه أمير المؤمنين عليه السلام إلى اللّه و إقباله عليه، و إعراضه عن الدنيا]
و أمّا توجّهه إلى اللّه و إقباله بقلبه و كلّيته عليه، و إعراضه عن الدنيا فلا يختلف فيه أحد.