کتابخانه روایات شیعه
و ضبط بيده الطرف الآخر، حتى عبر الجيش و كانوا ثمانية آلاف [و سبعمائة رجل، و فيهم من كان يتردّد و يخف عليه] 1116 1117 .
روض الجنان: قال بعض الصحابة: ما عجبنا يا رسول اللّه من قوّته في حمله و رميه، و إنّما عجبنا من إجساره و إحدى طرفيه على يده!
فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله كلاما معناه: يا هذا، نظرت إلى يده فانظر إلى رجليه.
قال: فنظرت إلى رجليه فوجدتهما معلّقتين 1118 في الهواء، فقلت: هذا أعجب [رجلاه] 1119 على الهواء!
فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: ليستا على الهواء و إنّما هما على جناحي 1120 جبرائيل 1121 .
[في توجّه أمير المؤمنين عليه السلام إلى اللّه و إقباله عليه، و إعراضه عن الدنيا]
و أمّا توجّهه إلى اللّه و إقباله بقلبه و كلّيته عليه، و إعراضه عن الدنيا فلا يختلف فيه أحد.
تفسير وكيع و عطاء و السدّي: انّه قال ابن عبّاس: اهدي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ناقتان سمينتان عظيمتان، فقال لأصحابه: هل فيكم أحد يصلّي ركعتين بقيامهما و ركوعهما و سجودهما و وضوئهما و خشوعهما لا يهتمّ فيهما من أمر الدنيا بشيء، و لا يحدّث قلبه بفكر الدنيا أهدي إليه إحدى
الناقتين؟
فقال لهم مرّة بعد مرّة، فلم يجبه أحد من الصحابة، فقام أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، فقال: أنا- يا رسول اللّه- اصلّي ركعتين اكبّر التكبيرة الاولى و إلى أن اسلّم منهما، لا احدّث نفسي بشيء من أمر الدنيا.
فقال: يا عليّ، صلّ صلّى اللّه عليك، فكبّر أمير المؤمنين و دخل في الصلاة، فلمّا سلّم من الركعتين هبط جبرئيل، و قال: يا رسول اللّه، إنّ اللّه يقرئك السلام، و يقول: أعط عليّا إحدى الناقتين.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّي شارطته أن يصلّي ركعتين لا يحدّث [فيهما] 1122 نفسه بشيء من الدنيا، و إنّه جلس في التشهّد فتفكّر في نفسه أيّهما يأخذ.
فقال جبرائيل: إنّ اللّه يقرئك السلام، و يقول لك: إنّه تفكّر أيّهما يأخذ، أسمنهما و أعظمهما فينحرها و يتصدّق بها لوجه اللّه، فكان تفكّره للّه عزّ و جلّ لا لنفسه [و لا للدنيا] 1123 ، فبكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أعطاه كلتيهما، و أنزل اللّه فيه: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ) 1124 أي يستمع أمير المؤمنين باذنيه إلى ما تلاه بلسانه من كلام اللّه، لا يتفكّر 1125 بشيء من أمر الدنيا، بمعنى أنّه حاضر القلب في صلاته للّه 1126 .
و أمّا سبقه بالعلم، فروى مقاتل بن سليمان، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس في قوله 1127 تعالى: (إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) 1128 قال: كان عليّ يخشى اللّه و يراقبه، و يعمل بفرائضه، و يجاهد في سبيله 1129 .
و روي من طريق الخاصّة و العامّة أنّهم قالوا في قوله تعالى: (قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) 1130 هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
و زعم بعض الناصبة أنّ هذه الآية نزلت في عبد اللّه بن سلام فيقال له: إنّ السورة مكّيّة، و عبد اللّه بن سلام لم يسلم إلّا بعد أن هاجر النبي المدينة.
و روي عن ابن عبّاس: لا و اللّه ما هو إلّا علي بن أبي طالب عليه السلام 1131 .
[في غزارة علم أمير المؤمنين عليه السلام، و ثناء الجاحظ على علمه رغم انحرافه عنه]
و قد ظهر علمه على سائر الصحابة بالأدلّة الساطعة و الحجج القاطعة.
قال الجاحظ: اجتمعت الامّة [على] 1132 أنّ الصحابة كانوا يأخذون العلم عن أربعة: عليّ، و ابن عبّاس، و ابن مسعود، و زيد بن ثابت، و قالت طائفة: و عمر بن الخطّاب، ثم أجمعوا [على] 1133 أنّ الأربعة كانوا أقرأ من
عمر لكتاب اللّه.
و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يؤمّ القوم أقرأهم لكتاب اللّه، فسقط عمر.
ثمّ أجمعوا على قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الأئمّة من قريش، فسقط ابن مسعود و زيد، و بقي علي و ابن عبّاس إذ كانا عالمين فقيهين قرشيّين فأكبرهما سنّا و أقدمهما هجرة علي، فسقط ابن عبّاس و بقي عليّ أحقّ بالإمامة بالاجماع.
و كانوا يسألونه و لا يسأل هو أحدا. و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا اختلفتم في شيء فكونوا مع عليّ بن أبي طالب عليه السلام 1134 .
قال صاحب كشف الغمّة رضي اللّه عنه كلاما معناه: انّ الجاحظ كان عثمانيّا شديد الانحراف عن أمير المؤمنين، و لكنّ اللّه ألقى على لسانه الحقّ، و الفضل ما شهدت به الأعداء، و لو كان مع هذا الاعتراف معتقدا فضل أمير المؤمنين باطنا ظاهرا تاركا لطريق التعصّب و الضلال، مستمسكا بدليل العقل و النقل لكان من أسعد الخلق، و هذا الكلام حجّة عليه فقد يهتدي به، و يحتجّ بصحّة استنباطه، و يستضيء بواضح أدلّته من ليس له قدرة على استنباط الأدلّة من مظانّها، فيكون ذلك سببا لتصحيح عقيدته، و إزاحة شكّه، فيكون من الفائزين المنتظمين في سلك أصحاب السعادة الدائمة، نعوذ باللّه من سلوك طريق الهوى، و التسايب عن سبيل الهدى.
احرم فيكم 1135 بما أقول و قد
نال به العاشقون من عشقوا
صرت كأنّي ذبالة 1136 نصبت
تضيء للناس و هي تحترق 1137
قال ابن عبّاس: عليّ علم علما علّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و رسول اللّه علّمه اللّه، فعلم النبيّ من علم اللّه 1138 ، و علم عليّ من علم النبيّ، و علمي من علم عليّ، و ما علمي و علم أصحاب محمد في علم عليّ إلّا كقطرة في سبعة أبحر 1139 .
قال ابن عبّاس: اعطي علي عليه السلام تسعة أعشار العلم، و إنّه لأعلم بالعشر الباقي 1140 .
أمالي الطوسي 1141 : مرّ أمير المؤمنين بملإ فيهم سلمان، فقال سلمان:
قوموا فخذوا بحجزة هذا، فو اللّه لا يخبركم بسرّ نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله أحد غيره 1142 .
قال محمد بن المنذر 1143 : سمعت أبا امامة يقول: كان علي عليه السلام إذا قال شيئا لم نشكّ فيه، و ذلك انّا سمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:
خازن سرّي [بعدي] 1144 عليّ بن أبي طالب عليه السلام 1145 .
و قد اشتهر عن أبي بكر أنّه قال: فإذا استقمت فاتّبعوني، و إذا زغت فقوّموني، و قوله: أمّا الفاكهة فأعرفها، و أمّا الأب فاللّه أعلم، و قوله في الكلالة:
[أقول فيها برأيي، فإن أصبت فمن اللّه، و إن أخطأت فمنّي و من الشيطان، الكلالة:] 1146 ما دون الوالد و الولد 1147 .
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اعطي عليّ من الفضل جزءا لو قسّم على أهل الأرض لوسعهم 1148 .
حلية الأولياء 1149 : عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سئل عن عليّ عليه السلام، فقال: قسّمت الحكمة عشرة أجزاء، فاعطي عليّ تسعة أجزاء، و الناس جزءا واحدا 1150 .
أبان بن تغلب 1151 ، و الحسين بن معاوية، و سليمان الجعفري [و إسماعيل ابن عبد اللّه بن جعفر] 1152 ، كلّهم رووا عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام، قال:
لمّا حضرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الوفاة دخل عليه عليّ عليه السلام فأدخل رأسه معه، ثمّ قال له: يا علي، إذا متّ فغسّلني و كفّنّي و أقعدني و اسألني و اكتب.
[تهذيب الأحكام 1153 : فخذ بمجامع كفني و أجلسني، ثمّ اسألني عمّا
شئت] 1154 فو اللّه لا تسألني عن شيء إلّا أجبتك فيه.
قال أمير المؤمنين: ففعلت فأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة 1155 .
[خطبة أمير المؤمنين عليه السلام و قوله: «سلوني قبل أن تفقدوني»]
و روى الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي رضي اللّه عنه في أماليه بإسناد متّصل إلى الأصبغ بن نباتة:
[قال:] 1156 لمّا جلس أمير المؤمنين عليه السلام في الخلافة و بايعه الناس ظاهرا خرج إلى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متعمّما بعمامة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لابسا بردة رسول اللّه، متنعّلا نعل رسول اللّه، متقلّدا سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فصعد المنبر و جلس عليه متمكّنا 1157 ، ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه، ثمّ قال: يا معشر الناس، سلوني 1158 قبل 1159 أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، هذا ما زقّني رسول اللّه زقّا زقّا.