کتابخانه روایات شیعه
صرت كأنّي ذبالة 1136 نصبت
تضيء للناس و هي تحترق 1137
قال ابن عبّاس: عليّ علم علما علّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و رسول اللّه علّمه اللّه، فعلم النبيّ من علم اللّه 1138 ، و علم عليّ من علم النبيّ، و علمي من علم عليّ، و ما علمي و علم أصحاب محمد في علم عليّ إلّا كقطرة في سبعة أبحر 1139 .
قال ابن عبّاس: اعطي علي عليه السلام تسعة أعشار العلم، و إنّه لأعلم بالعشر الباقي 1140 .
أمالي الطوسي 1141 : مرّ أمير المؤمنين بملإ فيهم سلمان، فقال سلمان:
قوموا فخذوا بحجزة هذا، فو اللّه لا يخبركم بسرّ نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله أحد غيره 1142 .
قال محمد بن المنذر 1143 : سمعت أبا امامة يقول: كان علي عليه السلام إذا قال شيئا لم نشكّ فيه، و ذلك انّا سمعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:
خازن سرّي [بعدي] 1144 عليّ بن أبي طالب عليه السلام 1145 .
و قد اشتهر عن أبي بكر أنّه قال: فإذا استقمت فاتّبعوني، و إذا زغت فقوّموني، و قوله: أمّا الفاكهة فأعرفها، و أمّا الأب فاللّه أعلم، و قوله في الكلالة:
[أقول فيها برأيي، فإن أصبت فمن اللّه، و إن أخطأت فمنّي و من الشيطان، الكلالة:] 1146 ما دون الوالد و الولد 1147 .
و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اعطي عليّ من الفضل جزءا لو قسّم على أهل الأرض لوسعهم 1148 .
حلية الأولياء 1149 : عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سئل عن عليّ عليه السلام، فقال: قسّمت الحكمة عشرة أجزاء، فاعطي عليّ تسعة أجزاء، و الناس جزءا واحدا 1150 .
أبان بن تغلب 1151 ، و الحسين بن معاوية، و سليمان الجعفري [و إسماعيل ابن عبد اللّه بن جعفر] 1152 ، كلّهم رووا عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام، قال:
لمّا حضرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الوفاة دخل عليه عليّ عليه السلام فأدخل رأسه معه، ثمّ قال له: يا علي، إذا متّ فغسّلني و كفّنّي و أقعدني و اسألني و اكتب.
[تهذيب الأحكام 1153 : فخذ بمجامع كفني و أجلسني، ثمّ اسألني عمّا
شئت] 1154 فو اللّه لا تسألني عن شيء إلّا أجبتك فيه.
قال أمير المؤمنين: ففعلت فأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة 1155 .
[خطبة أمير المؤمنين عليه السلام و قوله: «سلوني قبل أن تفقدوني»]
و روى الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي رضي اللّه عنه في أماليه بإسناد متّصل إلى الأصبغ بن نباتة:
[قال:] 1156 لمّا جلس أمير المؤمنين عليه السلام في الخلافة و بايعه الناس ظاهرا خرج إلى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متعمّما بعمامة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لابسا بردة رسول اللّه، متنعّلا نعل رسول اللّه، متقلّدا سيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فصعد المنبر و جلس عليه متمكّنا 1157 ، ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه، ثمّ قال: يا معشر الناس، سلوني 1158 قبل 1159 أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، هذا ما زقّني رسول اللّه زقّا زقّا.
سلوني فإنّ عندي علم الأوّلين و الآخرين، أما و اللّه لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل [التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق عليّ ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل اللّه فيّ، و أفتيت أهل] 1160 الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق اللّه الإنجيل فيقول: صدق عليّ و ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل اللّه فيّ، و أفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق اللّه القرآن فيقول: صدق عليّ و ما كذب، لقد أفتاكم بما انزل فيّ، و أنتم تتلون القرآن ليلا و نهارا فهل فيكم أحد
يعلم ما نزل فيه؟ و لو لا آية في كتاب اللّه سبحانه لأخبرتكم بما كان [و بما يكون] 1161 و بما هو كائن إلى يوم القيامة، و هي هذه الآية: (يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) 1162 .
ثمّ قال صلوات اللّه عليه: سلوني قبل أن تفقدوني، فو الّذي فلق الحبّة، و برأ النسمة، لو سألتموني عن آية آية في ليل انزلت أم في نهار، مكّيّها و مدنيّها، سفريّها و حضريّها، ناسخها و منسوخها، و محكمها و متشابهها، و تأويلها و تنزيلها، لأخبرتكم به.
فقام إليه رجل يقال له ذعلب و كان ذرب اللسان 1163 ، بليغا في الخطب، شجاع القلب، فقال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنّه اليوم لكم في مسألتي إيّاه، فقال: يا أمير المؤمنين: هل رأيت ربّك؟
قال: ويلك يا ذعلب لم أكن بالّذي أعبد ربّا لم أره.
قال: فكيف رأيته؟ صفه لنا.
قال: ويلك يا ذعلب، لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، و لكن تراه 1164 القلوب بحقائق الإيمان.
ويلك يا ذعلب، إنّ ربّي لا يوصف بالبعد، و لا بالحركة، و لا بالسكون، و لا بقيام قيام انتصاب، و لا بجيئة و لا ذهاب، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا
يوصف بالغلظ، رءوف الرحمة لا يوصف بالرقّة، مؤمن لا بعبادة، مدرك لا بمجسّة 1165 ، قائل لا بلفظ، هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج منها [على] 1166 غير مباينة، فوق كلّ شيء لا يقال: شيء فوقه، أمام كلّ شيء و لا يقال: له أمام 1167 ، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، و خارج من الأشياء لا كشيء من شيء خارج.
فخرّ ذعلب مغشيّا عليه، ثمّ قال: ما سمعت بمثل هذا الجواب، و اللّه لاعدت إلى مثلها.
ثمّ نادى صلوات اللّه عليه: سلوني قبل أن تفقدوني.
فقام إليه الأشعث بن قيس، فقال: يا أمير المؤمنين، كيف تؤخذ الجزية من المجوس، و لم ينزل عليهم كتاب، و لا بعث اللّه فيهم نبيّا؟
فقال: بلى، يا أشعث، قد أنزل اللّه عليهم كتابا، و بعث فيهم 1168 نبيّا، و كان [لهم] 1169 ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها، فلمّا أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه، فقالوا: أيّها الملك، دنّست علينا ديننا فأهلكته، فاخرج نطهّرك و نقيم عليك الحدّ.
فقال لهم: اجتمعوا و اسمعوا كلامي، فإن يكن لي مخرج ممّا ارتكبت و إلّا فشأنكم، فاجتمعوا.
فقال لهم: هل علمتم أنّ اللّه سبحانه لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم
و أمّنا حوّاء؟
قالوا: لا 1170 .
قال: أ فليس قد زوّج بنيه من بناته و بناته من بنيه؟
قالوا: صدقت، هذا هو الدين، فتعاقدوا على ذلك، فمحا اللّه ما في صدورهم من العلم، و رفع عنهم الكتاب، فهم الكفرة يدخلون النار بغير حساب، و المنافقون أشدّ حالا منهم 1171 .
فقال الأشعث: و اللّه ما سمعت بمثل هذا الجواب، و اللّه لا عدت إلى مثلها أبدا.
ثمّ نادى صلوات اللّه عليه: سلوني قبل أن تفقدوني.
فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكّئا على عكازة، فلم يزل يتخطّى الناس حتى دنا منه، فقال: يا أمير المؤمنين، دلّني على عمل إذا أنا عملته نجّاني اللّه من النار.
قال: يا هذا، اسمع، ثمّ افهم، ثمّ استيقن، قامت الدنيا بثلاثة: بعالم ناطق مستعمل لعلمه، و بغنيّ لا يبخل بماله على أهل دين اللّه عزّ و جلّ، و بفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه، و بخل الغنيّ، و لم يصبر الفقير، فعندها الويل و الثبور، و عندها يعرف العارفون باللّه إنّ الدار قد رجعت إلى بدئها- أي إلى الكفر بعد الإيمان-.
أيّها السائل، لا تغترّنّ بكثرة المساجد، و جماعة أقوام أجسادهم
مجتمعة و قلوبهم شتّى.
أيّها الناس، إنّما الناس ثلاثة: زاهد، و صابر، و راغب.
فأمّا الزاهد فلا يفرح بشيء من الدنيا أتاه، و لا يحزن على شيء منها فاته.
و أمّا الصابر فيتمنّاها بقلبه، فإذا أدرك منها شيئا صرف [عنها] 1172 نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها.
و أمّا الراغب فلا يبالي من حلّ أصابها أم من حرام.
قال: يا أمير المؤمنين، فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟
قال: ينظر إلى ما أوجب اللّه عليه من حقّ فيتولّاه، و ينظر إلى ما خالفه فيتبرّأ منه، و إن كان المخالف حبيبا قريبا.
قال: صدقت و اللّه، يا أمير المؤمنين، ثمّ غاب الرجل فلم نره، فطلبه الناس فلم يجدوه، فتبسّم عليه السلام على المنبر، ثمّ قال: ما لكم؟ هذا أخي الخضر عليه السلام.
ثمّ نادى: سلوني قبل أن تفقدوني، فلم يقم إليه أحد، فحمد اللّه و أثنى عليه، و صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ قال للحسن: قم يا حسن، فاصعد المنبر، و تكلّم بكلام لا تجهلك قريش بعدي فيقولون: إنّ الحسن لا يحسن شيئا.
قال الحسن: كيف أصعد و أتكلّم و أنت حاضر في الناس تسمع و ترى؟