کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)


صفحه قبل

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 295

و أمّنا حوّاء؟

قالوا: لا 1170 .

قال: أ فليس قد زوّج بنيه من بناته و بناته من بنيه؟

قالوا: صدقت، هذا هو الدين، فتعاقدوا على ذلك، فمحا اللّه ما في صدورهم من العلم، و رفع عنهم الكتاب، فهم الكفرة يدخلون النار بغير حساب، و المنافقون أشدّ حالا منهم‏ 1171 .

فقال الأشعث: و اللّه ما سمعت بمثل هذا الجواب، و اللّه لا عدت إلى مثلها أبدا.

ثمّ نادى صلوات اللّه عليه: سلوني قبل أن تفقدوني.

فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكّئا على عكازة، فلم يزل يتخطّى الناس حتى دنا منه، فقال: يا أمير المؤمنين، دلّني على عمل إذا أنا عملته نجّاني اللّه من النار.

قال: يا هذا، اسمع، ثمّ افهم، ثمّ استيقن، قامت الدنيا بثلاثة: بعالم ناطق مستعمل لعلمه، و بغنيّ لا يبخل بماله على أهل دين اللّه عزّ و جلّ، و بفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه، و بخل الغنيّ، و لم يصبر الفقير، فعندها الويل و الثبور، و عندها يعرف العارفون باللّه إنّ الدار قد رجعت إلى بدئها- أي إلى الكفر بعد الإيمان-.

أيّها السائل، لا تغترّنّ بكثرة المساجد، و جماعة أقوام أجسادهم‏

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 296

مجتمعة و قلوبهم شتّى.

أيّها الناس، إنّما الناس ثلاثة: زاهد، و صابر، و راغب.

فأمّا الزاهد فلا يفرح بشي‏ء من الدنيا أتاه، و لا يحزن على شي‏ء منها فاته.

و أمّا الصابر فيتمنّاها بقلبه، فإذا أدرك منها شيئا صرف [عنها] 1172 نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها.

و أمّا الراغب فلا يبالي من حلّ أصابها أم من حرام.

قال: يا أمير المؤمنين، فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟

قال: ينظر إلى ما أوجب اللّه عليه من حقّ فيتولّاه، و ينظر إلى ما خالفه فيتبرّأ منه، و إن كان المخالف حبيبا قريبا.

قال: صدقت و اللّه، يا أمير المؤمنين، ثمّ غاب الرجل فلم نره، فطلبه الناس فلم يجدوه، فتبسّم عليه السلام على المنبر، ثمّ قال: ما لكم؟ هذا أخي الخضر عليه السلام.

ثمّ نادى: سلوني قبل أن تفقدوني، فلم يقم إليه أحد، فحمد اللّه و أثنى عليه، و صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ قال للحسن: قم يا حسن، فاصعد المنبر، و تكلّم بكلام لا تجهلك قريش بعدي فيقولون: إنّ الحسن لا يحسن شيئا.

قال الحسن: كيف أصعد و أتكلّم و أنت حاضر في الناس تسمع و ترى؟

قال: بأبي أنت و امّي اواري نفسي عنك، و أسمع و أرى و لا تراني.

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 297

فصعد الحسن عليه السلام المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه بمحامد بليغة، و صلّى على النبيّ و آله صلاة موجزة، ثمّ قال: أيّها الناس، سمعت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: أنا مدينة العلم و عليّ بابها، و هل تدخل المدينة إلّا من بابها، ثمّ نزل.

فوثب إليه أمير المؤمنين عليه السلام فضمّه إلى صدره.

ثمّ قال للحسين عليه السلام: قم يا بنيّ فاصعد المنبر، و تكلّم بكلام لا تجهلك قريش بعدي، فيقولون: إنّ الحسين لا يحسن‏ 1173 شيئا، و ليكن كلامك تبعا لكلام أخيك.

فصعد الحسين عليه السلام المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، و صلّى على النبيّ [و آله‏] 1174 صلاة موجزة، ثمّ قال: معاشر الناس، سمعت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ عليّا مدينة هدى من دخلها نجا، و من تخلّف عنها هلك، فنزل.

فوثب إليه أمير المؤمنين عليه السلام فضمّه إلى صدره و قبّله، ثمّ قال:

أيّها الناس، اشهدوا أنّهما فرخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وديعته الّتي استودعنيها، و أنا أستودعكموها- معاشر الناس- و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مسائلكم عنها 1175 1176 .

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 298

و من عجيب أمره صلوات اللّه عليه في هذا الباب أنّه لا شي‏ء من العلوم إلّا و أهله يجعلون عليّا قدوة فيه، فصار قوله قبلة في الشريعة 1177 .

[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام جمع القرآن‏]

أبو نعيم في الحلية 1178 ، و الخطيب في الأربعين: بالإسناد عن السدّي، عن عبد خير 1179 ، عن علي عليه السلام، قال: لمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقسمت- أو حلفت- أن لا أضع ردائي عن ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي حتى جمعت القرآن‏ 1180 .

و في أخبار أهل البيت عليهم السلام أنّه آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلّا للصلاة حتى يؤلّف القرآن و يجمعه، فانقطع عنهم مدّة إلى أن جمعه، فخرج إليهم به في إزار يحمله و هم مجتمعون في المسجد، فأنكروا مصيره بعد انقطاعه‏ 1181 ، فقالوا: لأمر ما جاء أبو الحسن‏ 1182 ، فلمّا توسّطهم وضع الكتاب بينهم، ثمّ قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا؛ كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، و هذا كتاب اللّه و أنا العترة.

فقام إليه الثاني، فقال: إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما، فحمل صلوات اللّه عليه الكتاب و عاد به بعد أن ألزمهم الحجّة 1183 .

و عن الصادق عليه السلام أنّه حمله و ولّى راجعا و هو يقول: (فَنَبَذُوهُ)

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 299

(وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ) 1184 1185 .

فأمّا ما روي أنّه جمعه أبو بكر و عمر و عثمان فإنّ أبا بكر قال- لمّا التمسوا منه أن يجمع القرآن-: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا أمرني به؟ 1186

رواه البخاري في صحيحه‏ 1187 .

[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أعلم الصحابة بالقراءات‏]

و منهم العلماء بالقراءات‏ 1188 ، و كان عليّ أعلم الصحابة بالقراءات‏ 1189 حتى انّ القرّاء السبعة إلى قراءته يرجعون.

فأمّا حمزة و الكسائيّ فيعوّلان على قراءة عليّ عليه السلام و ابن مسعود، و ليس مصحفهما مصحف ابن مسعود، فهما إنّما يرجعان إلى عليّ و يوافقان ابن مسعود فيما يجري مجرى الاعراب، و قد قال ابن مسعود: ما رأيت أحدا أقرأ من عليّ بن أبي طالب للقرآن.

فأمّا نافع و ابن كثير و أبو عمرو فمعظم قراءتهم ترجع إلى ابن عبّاس، و قرأ ابن عبّاس على عليّ عليه السلام. 1190

أمّا عاصم فقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، و قال أبو عبد الرحمن:

قرأت القرآن كلّه على عليّ بن أبي طالب، فقالوا: أفصح القراءات قراءة عاصم،

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 300

لأنّه أتى بالأصل، و ذلك أنّه يظهر ما أدغمه غيره، و يحقّق من الهمز ما سهّله‏ 1191 غيره، و يفتح من الألفات ما أماله غيره.

[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أعلم الصحابة بكتاب اللّه تعالى‏]

و العدد الكوفي في القرآن منسوب إلى عليّ صلوات اللّه عليه، و ليس في الصحابة من ينسب إليه العدد غيره‏ 1192 ، و إنّما كتب الناس العدد عن التابعين من أهل الأمصار 1193 1194 .

و منهم المفسّرون كعبد اللّه بن العبّاس، و عبد اللّه بن مسعود، و ابيّ بن كعب، و زيد بن ثابت، و هم معترفون له بالتقدّم.

تفسير النقّاش: قال ابن عبّاس: جلّ ما تعلّمت من التفسير من عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

و قال ابن مسعود: انزل القرآن‏ 1195 على سبعة أحرف، ما منها إلّا و له ظهر و بطن، و إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام علم الباطن و الظاهر 1196 .

فضائل العكبري: قال الشعبيّ: ما أحد أعلم بكتاب اللّه بعد نبيّ اللّه من عليّ بن أبي طالب عليه السلام‏ 1197 .

تسلية المجالس و زينة المجالس (مقتل الحسين عليه السلام)، ج‏1، ص: 301

تاريخ البلاذري و حلية الأولياء 1198 : قال أمير المؤمنين عليه السلام: و اللّه ما نزلت آية إلّا و قد علمت فيما نزلت و أين نزلت، أ بليل نزلت أم بنهار نزلت، في سهل أو جبل، إنّ ربّي وهب لي قلبا عقولا و لسانا سئولا.

قوت القلوب: قال علي عليه السلام: لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا في تفسير الفاتحة 1199 .

[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أفقه الصحابة]

و منهم الفقهاء و هو أفقههم، فإنّه ما ظهر عن جميعهم ما ظهر عنه، ثمّ إنّ جميع فقهاء الأمصار إليه يرجعون، و من بحره يغترفون.

أمّا أهل الكوفة ففقهاؤهم: سفيان الثوريّ، و الحسن بن صالح بن حيّ، و شريك بن عبد اللّه، و ابن أبي ليلى، و هؤلاء يفرّعون المسائل و يقولون: هذا قياس قول عليّ بن أبي طالب، و يترجمون الأبواب بذلك.

و أمّا أهل البصرة فقهاؤهم: الحسن، و ابن سيرين، و كلاهما كانا يأخذان عن ابن عبّاس، و هو أخذ عن عليّ بن أبي طالب‏ 1200 ، و ابن سيرين يفصح بأنّه أخذ عن أهل الكوفة و عن عبيدة السلماني‏ 1201 ، و هو أخصّ الناس بعليّ صلوات اللّه عليه.

و أمّا أهل مكّة فأخذوا عن ابن عبّاس، و عن عليّ عليه السلام.

صفحه بعد