کتابخانه روایات شیعه
فصعد الحسن عليه السلام المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه بمحامد بليغة، و صلّى على النبيّ و آله صلاة موجزة، ثمّ قال: أيّها الناس، سمعت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: أنا مدينة العلم و عليّ بابها، و هل تدخل المدينة إلّا من بابها، ثمّ نزل.
فوثب إليه أمير المؤمنين عليه السلام فضمّه إلى صدره.
ثمّ قال للحسين عليه السلام: قم يا بنيّ فاصعد المنبر، و تكلّم بكلام لا تجهلك قريش بعدي، فيقولون: إنّ الحسين لا يحسن 1173 شيئا، و ليكن كلامك تبعا لكلام أخيك.
فصعد الحسين عليه السلام المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، و صلّى على النبيّ [و آله] 1174 صلاة موجزة، ثمّ قال: معاشر الناس، سمعت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ عليّا مدينة هدى من دخلها نجا، و من تخلّف عنها هلك، فنزل.
فوثب إليه أمير المؤمنين عليه السلام فضمّه إلى صدره و قبّله، ثمّ قال:
أيّها الناس، اشهدوا أنّهما فرخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وديعته الّتي استودعنيها، و أنا أستودعكموها- معاشر الناس- و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مسائلكم عنها 1175 1176 .
و من عجيب أمره صلوات اللّه عليه في هذا الباب أنّه لا شيء من العلوم إلّا و أهله يجعلون عليّا قدوة فيه، فصار قوله قبلة في الشريعة 1177 .
[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام جمع القرآن]
أبو نعيم في الحلية 1178 ، و الخطيب في الأربعين: بالإسناد عن السدّي، عن عبد خير 1179 ، عن علي عليه السلام، قال: لمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقسمت- أو حلفت- أن لا أضع ردائي عن ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي حتى جمعت القرآن 1180 .
و في أخبار أهل البيت عليهم السلام أنّه آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلّا للصلاة حتى يؤلّف القرآن و يجمعه، فانقطع عنهم مدّة إلى أن جمعه، فخرج إليهم به في إزار يحمله و هم مجتمعون في المسجد، فأنكروا مصيره بعد انقطاعه 1181 ، فقالوا: لأمر ما جاء أبو الحسن 1182 ، فلمّا توسّطهم وضع الكتاب بينهم، ثمّ قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا؛ كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، و هذا كتاب اللّه و أنا العترة.
فقام إليه الثاني، فقال: إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما، فحمل صلوات اللّه عليه الكتاب و عاد به بعد أن ألزمهم الحجّة 1183 .
و عن الصادق عليه السلام أنّه حمله و ولّى راجعا و هو يقول: (فَنَبَذُوهُ)
(وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ) 1184 1185 .
فأمّا ما روي أنّه جمعه أبو بكر و عمر و عثمان فإنّ أبا بكر قال- لمّا التمسوا منه أن يجمع القرآن-: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا أمرني به؟ 1186
رواه البخاري في صحيحه 1187 .
[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أعلم الصحابة بالقراءات]
و منهم العلماء بالقراءات 1188 ، و كان عليّ أعلم الصحابة بالقراءات 1189 حتى انّ القرّاء السبعة إلى قراءته يرجعون.
فأمّا حمزة و الكسائيّ فيعوّلان على قراءة عليّ عليه السلام و ابن مسعود، و ليس مصحفهما مصحف ابن مسعود، فهما إنّما يرجعان إلى عليّ و يوافقان ابن مسعود فيما يجري مجرى الاعراب، و قد قال ابن مسعود: ما رأيت أحدا أقرأ من عليّ بن أبي طالب للقرآن.
فأمّا نافع و ابن كثير و أبو عمرو فمعظم قراءتهم ترجع إلى ابن عبّاس، و قرأ ابن عبّاس على عليّ عليه السلام. 1190
أمّا عاصم فقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، و قال أبو عبد الرحمن:
قرأت القرآن كلّه على عليّ بن أبي طالب، فقالوا: أفصح القراءات قراءة عاصم،
لأنّه أتى بالأصل، و ذلك أنّه يظهر ما أدغمه غيره، و يحقّق من الهمز ما سهّله 1191 غيره، و يفتح من الألفات ما أماله غيره.
[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أعلم الصحابة بكتاب اللّه تعالى]
و العدد الكوفي في القرآن منسوب إلى عليّ صلوات اللّه عليه، و ليس في الصحابة من ينسب إليه العدد غيره 1192 ، و إنّما كتب الناس العدد عن التابعين من أهل الأمصار 1193 1194 .
و منهم المفسّرون كعبد اللّه بن العبّاس، و عبد اللّه بن مسعود، و ابيّ بن كعب، و زيد بن ثابت، و هم معترفون له بالتقدّم.
تفسير النقّاش: قال ابن عبّاس: جلّ ما تعلّمت من التفسير من عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
و قال ابن مسعود: انزل القرآن 1195 على سبعة أحرف، ما منها إلّا و له ظهر و بطن، و إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام علم الباطن و الظاهر 1196 .
فضائل العكبري: قال الشعبيّ: ما أحد أعلم بكتاب اللّه بعد نبيّ اللّه من عليّ بن أبي طالب عليه السلام 1197 .
تاريخ البلاذري و حلية الأولياء 1198 : قال أمير المؤمنين عليه السلام: و اللّه ما نزلت آية إلّا و قد علمت فيما نزلت و أين نزلت، أ بليل نزلت أم بنهار نزلت، في سهل أو جبل، إنّ ربّي وهب لي قلبا عقولا و لسانا سئولا.
قوت القلوب: قال علي عليه السلام: لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا في تفسير الفاتحة 1199 .
[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أفقه الصحابة]
و منهم الفقهاء و هو أفقههم، فإنّه ما ظهر عن جميعهم ما ظهر عنه، ثمّ إنّ جميع فقهاء الأمصار إليه يرجعون، و من بحره يغترفون.
أمّا أهل الكوفة ففقهاؤهم: سفيان الثوريّ، و الحسن بن صالح بن حيّ، و شريك بن عبد اللّه، و ابن أبي ليلى، و هؤلاء يفرّعون المسائل و يقولون: هذا قياس قول عليّ بن أبي طالب، و يترجمون الأبواب بذلك.
و أمّا أهل البصرة فقهاؤهم: الحسن، و ابن سيرين، و كلاهما كانا يأخذان عن ابن عبّاس، و هو أخذ عن عليّ بن أبي طالب 1200 ، و ابن سيرين يفصح بأنّه أخذ عن أهل الكوفة و عن عبيدة السلماني 1201 ، و هو أخصّ الناس بعليّ صلوات اللّه عليه.
و أمّا أهل مكّة فأخذوا عن ابن عبّاس، و عن عليّ عليه السلام.
و أمّا أهل المدينة فعنه أخذوا 1202 .
و قد صنّف الشافعي كتابا مفردا في الدلالة على اتّباع أهل المدينة لعلي عليه السلام و عبد اللّه.
و قال محمد بن الحسن الفقيه: لو لا عليّ بن أبي طالب عليه السلام ما علمنا حكم أهل البغي.
و لمحمد بن الحسن كتاب يشتمل على ثلاثمائة مسألة في قتال أهل البغي بناء على فعله عليه السلام 1203 .
مسند أبي حنيفة: هشام بن الحكم قال: قال الصادق عليه السلام لأبي حنيفة: من أين أخذت القياس؟
قال: من قول عليّ بن أبي طالب عليه السلام و زيد بن ثابت حين سألهما 1204 عمر في الجدّ مع الإخوة، فقال له علي عليه السلام: لو أنّ شجرة انشعب منها غصن، و انشعب 1205 من الغصن غصنان أيّما أقرب إلى أحد الغصنين، أ صاحبه الّذي يخرج معه أم الشجرة؟
فقال زيد: لو أنّ جدولا انبعث فيه 1206 ساقية، و انبعث من الساقية ساقيتان، أيّما أقرب، أحد الساقيتين إلى صاحبتهما أم الجدول؟ 1207
[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أعلم أهل المدينة بالفرائض]
و منهم الفرضيّون و هو أمهرهم 1208 . فضائل أحمد 1209 : قال عبد اللّه: قال عبد اللّه: إنّ أعلم
أهل المدينة بالفرائض عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
قال الشعبي: ما رأيت أفرض فرض من عليّ بن أبي طالب، و لا أحسب منه، و قد سئل- و هو على المنبر يخطب-: رجل مات و ترك امرأة و أبوين و ابنتين، كم نصيب الامرأة؟
قال عليه السلام: صار ثمنها تسعا، فلقّبت بالمسألة المنبريّة.
شرح ذلك: للأبوين السدسان، و للبنتين الثلثان، و للمرأة الثمن، عالت الفريضة فكان لها ثلاث من أربعة و عشرين ثمنها، فلمّا صارت إلى سبعة و عشرين صار ثمنها تسعا، فإنّ ثلاثة من سبعة و عشرين تسعها، و يبقى أربعة و عشرون، للبنتين ستّة عشر و للأبوين ثمانية.
و هذا القول صدر منه صلوات اللّه عليه إمّا على سبيل الاستفهام، أو على قولهم صار ثمنها تسعا 1210 ، أو بيّن كيف [يجيء] 1211 الحكم على مذهب من يقول بالعول، أو على سبيل الانكار فبيّن الحساب و الجواب، و القسمة و النسبة بأوجز لفظ 1212 .
و منه أنّه سئل عليه السلام عن عدد تخرج منه الآحاد صحاحا لا كسر فيها، فقال من غير تروّ: اضرب أيّام سنتك في أيّام اسبوعك، و الآحاد هي النصف و الثلث و الربع و الخمس، هكذا إلى العشرة.
[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام أكثر الصحابة رواية]