کتابخانه روایات شیعه
من الثمانية، و لصاحبك سبعة، أ ليس كانت لك ثلاثة أرغفة و لصاحبك خمسة؟ قال: بلى.
[قال:] 1298 فهذه أربعة و عشرون ثلثا؛ أكلت منها ثمانية و الضيف ثمانية، فلمّا أعطى كما الثمانية الدراهم كان لصاحبك سبعة و لك واحد 1299 .
و منهم أصحاب الكيمياء، و هو أكثرهم حظّا.
سئل عليه السلام عن الصنعة، فقال: هي اخت النبوّة، و عصمة المروّة، و الناس يتكلّمون فيها بالظاهر، و إنّي لأعلم ظاهرها و باطنها، ما هي و اللّه إلّا ماء جامد، و هواء راكد، و نار جائلة، و أرض سائلة.
و سئل عليه السلام في أثناء خطبته عن الكيمياء: هل لها حقيقة؟
فقال: نعم، كانت و هي كائنة و ستكون.
فقيل: من أيّ [شيء] 1300 هي؟
قال: من الزئبق الرجراج، و الأسرب و الزاج، و الحديد المزعفر، و زنجار النحاس الأخضر [الحبور الا توقف على عابرهنّ] 1301 .
فقيل: فهمنا لا يبلغ إلى ذلك.
فقال: اجعلوا البعض أرضا، و اجعلوا البعض ماء، و أفلجوا الأرض بالماء فقد تمّ.
فقيل: زدنا، يا أمير المؤمنين.
فقال: لا زيادة عليه، فإنّ الحكماء القدماء ما زادوا عليه لئلّا يتلاعب الناس بها 1302 .
[أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام هو الأصل في علم المكاشفة على طريق الصوفيّة]
و منهم الصوفيّة و من تكلّم في علم المكاشفة 1303 على طريق الصوفيّة، قالت مشايخهم: إنّه الأصل في علومهم، و لا يوجد لغيره إلّا اليسير، و أكثر مشايخهم يتّصل سلسلة بكميل بن زياد، و هو تلميذ أمير المؤمنين عليه السلام و من خواصّه 1304 .
روى مولانا أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام، و رواه أيضا أبو امامة الباهلي، كلاهما عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في خبر طويل، و اللفظ لأبي امامة: أنّ الناس دخلوا على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يهنّئونه بولادة الحسين عليه السلام، فقام رجل من وسط الناس، فقال: بأبي أنت و امّي يا رسول اللّه، رأينا من عليّ عجبا في هذا اليوم!
قال: و ما رأيتم؟
فقال: أتيناك لنسلّم عليك، و نهنّئك بولدك، فحجبنا عنك، و أعلمنا أنّه هبط عليك مائة ألف ملك و أربعة و عشرون ألف ملك، فعجبنا من إحصائه عدد الملائكة.
فأقبل عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله متبسّما، و قال: ما أعلمك أنّه هبط عليّ مائة و أربعة و عشرون ألف ملك؟ 1305
فقال: بأبي أنت و امّي يا رسول اللّه، سمعت مائة ألف لغة، و أربعة و عشرين ألف لغة، فعلمت أنّهم مائة ألف و أربعة و عشرون ألف ملك.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: زادك اللّه علما و حلما، يا أبا الحسن؟ 1306
قال الفرغاني شارح قصيدة نظم السلوك في حضائر الملائكة من نظم الشيخ عمر بن الفارض المصري العارف الصوفي 1307 عند شرحه لهذا البيت، و هو:
وحز بالولاء ميراث أرفع عارف
غدا همّه إيثار تأثير همّة
«وحز»: أي اجمع، و في قوله: «بالولاء» مرهم معنى الحبّ المذكور، و معنى حبّ أهل البيت عليهم السلام على اصطلاح الشيعة القائلين بالولاء، و «أرفع عارف» المراد به أمير المؤمنين علي عليه السلام، فإنّه صاحب المعرفة الحقيقيّة بالأصالة و غيره بالتبعيّة، فإنّ النسبة إلى الولاية الّتي هي منبع العلوم الحقيقيّة و المعارف الأصليّة لا تصحّ إلّا من جهته و حيثيّته، فإنّه كان مظهر الولاية الأحمديّة حيث انشقّت عن نبوّته صلّى اللّه عليه و آله الّذي كان انشقاق القمر صورة ذلك الانشقاق و هو باطنه و سرّه الظاهر بسبب ظهوره فإنّ كلّ معنى لا بدّ أن يظهر له صورة محسوسة، و كان عليّ عليه السلام هو أرفع عارف في الدنيا من حيث ما حضر أصله بقوله: أنا مدينة العلم و عليّ بابها،
و هو علم الحقيقة ما خلا أصله صلّى اللّه عليه و آله.
و قوله: «غدا همّه إيثار تأثير همّة» يعني انّه آثر الصبر على تأثير همّته.
انظر كيف تظاهر و تظافر خلق في غاية الكثرة و جماعة جمّة على إيذائه و وضعه و قمعه و محاربته و مقابلته حتى قام الشيخ العارف سعيد مدافعتهم و مقاتلتهم في الظاهر بالسيف، و لم يسلّط عليهم همّته الفعّالة و همّه لدفعهم و إهلاكهم عن آخرهم بحيث لم يبق منهم واد و لا ديار مع تحقّقه بذلك لكن تركهم بمعرفته على الحقيقة لوقوع ذلك كلّه، و ان لا مندوحة عمّا جرى على نحو ما جرى، فلذلك ترك التأثير بالهمّة و وكّل الأمر إلى مجزيه تعالى و تقدّس.
[أنّ أمير المؤمنين علي عليه السلام هو واضع النحو]
و منهم النحاة، و هو واضع النحو، لأنّهم يروونه عن الخليل بن أحمد بن عيسى بن عمرو الثقفي، عن عبد اللّه بن إسحاق الحضرمي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن ميمون الأقرن، [عن عنبسة الفيل،] 1308 عن أبي الأسود الدؤلي، عنه عليه السلام، و السبب في ذلك أنّ قريشا كانوا يتزوّجون في الأنباط، فرفع فيما بينهم أولادهم فأفسدوا لسانهم، حتى انّ بنت حرملة بن خويلد الأسدي 1309 كانت متزوّجة في الأنباط، فقالت: إنّ أبوي مات و ترك عليّ مال كثير 1310 ، فلمّا رأوا فساد لسانها أخبروا أمير المؤمنين عليه السّلام فأسّس النحو.
و روي أنّ أعرابيّا سمع من سوقيّ يقرأ: إنّ اللّه بريء من المشركين
و رسوله، فشجّ رأسه، فخاصمه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال له في ذلك، فقال: إنّه كفر باللّه في قراءته.
فقال صلوات اللّه عليه: إنّه لم يتعمّد ذلك.
و روي أنّ أبا الأسود كان في بصره سوء و له بنيّة تقوده إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقالت: يا أبتاه ما أشدّ حرّ الرمضاء! تريد التعجّب، فنهاها عن مقالتها، و أخبر أمير المؤمنين عليه السلام بذلك فأسّس النحو.
و روي أنّ أبا الأسود كان يمشي خلف جنازة، فقال قائل: من المتوفّي؟
فقال أبو الأسود: اللّه، ثمّ إنّه أخبر عليّا عليه السلام بذلك فأسّس النحو و دفعه 1311 إلى أبي الأسود، و قال: ما أحسن هذا النحو، فسمّي نحوا.
قال ابن سلّام: كانت الرقعة: الكلام ثلاثة أشياء: اسم و فعل و حرف جاء لمعنى.
فالاسم: ما أنبأ عن المسمّى.
و الفعل: ما أنبأ عن حركة المسمّى.
و الحرف: ما أوجد معنى في غيره.
و كتب صلوات اللّه عليه: و كتبه عليّ بن أبو طالب، فعجزوا عن ذلك، فقالوا: أبو طالب: اسمه لا كنيته 1312 ، و قالوا: هذا تركيب مثل [درّاحناو] 1313 حضرموت و بعل بك.
و قال الزمخشري في الفائق 1314 : ترك في حال الجرّ على لفظه في حال الرفع، لأنّه اشتهر بذلك و عرف، فجرى مجرى المثل الّذي لا يغيّر 1315 .
[في إخلاص أمير المؤمنين عليه السلام و سبقه بالجهاد و أعماله الصالحة]
و أمّا إخلاصه و سبقه بالجهاد و الأعمال الصالحة الّتي لم يقصد بها إلّا وجه اللّه فقد شهد اللّه له بها في كتابه، و كذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
روي أنّه لمّا اسر العبّاس بن عبد المطّلب [يوم بدر] 1316 أقبل المسلمون يعيّرونه بكفره باللّه و قطيعة الرحم، و أغلظ له أمير المؤمنين عليه السلام القول، فقال العبّاس: ما لكم تذكرون مساوئنا و لا تذكرون محاسننا؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أ لكم محاسن؟
فقال: نعم، إنّا لنعمّر المسجد الحرام [، و نحجب الكعبة، و نسقي الحاجّ، و نفكّ العاني 1317 ، فأنزل اللّه تعالى- ردّا على العبّاس و وفاقا لعليّ بن أبي طالب عليه السلام-] 1318 : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ) 1319 الآية، ثمّ قال: (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ) 1320 الآية، ثمّ قال:
(أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ) 1321 الآية 1322 .
و روى إسماعيل بن خالد، عن عامر. و ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس. و مقاتل، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس. و السدّي، عن أبي صالح. و ابن
أبي خالد و زكريّا 1323 عن الشعبي أنّ هذه الآية نزلت في عليّ عليه السلام.
[الثعلبي و القشيريّ و الجبّائي و الفلكيّ في تفاسيرهم، و الواحديّ في أسباب نزول القرآن 1324 عن الحسن البصري و عامر الشعبي و محمد بن كعب القرظي. و روينا عن عثمان بن أبي شيبة و وكيع بن الجرّاح و شريك القاضي و محمد بن سيرين و مقاتل بن سليمان و السدّي و أبي مالك] 1325 و مرّة الهمداني و ابن عبّاس أنّه افتخر العبّاس بن عبد المطّلب، فقال: أنا عمّ محمد، و أنا صاحب سقاية الحجيج، فأنا أفضل من عليّ بن أبي طالب.
فقال شيبة بن عثمان أو طلحة أو عثمان: و أنا اعمّر بيت اللّه الحرام، و صاحب حجابته، فأنا أفضل.
و كان أمير المؤمنين عليه السلام حاضرا، فقال: أنا أفضل منكما، لقد صلّيت قبلكما بستّ سنين، و أنا اجاهد في سبيل اللّه.
و في رواية الحاكم أبي القاسم الحسكاني 1326 بإسناده عن ابن بريدة، عن أبيه قال: بينا شيبة و العبّاس يتفاخران إذ مرّ بهما علي بن أبي طالب، فقال:
بما ذا تتفاخران؟
فقال العبّاس: لقد اوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد سقاية الحاجّ. و قال شيبة: اوتيت عمارة المسجد الحرام.