کتابخانه روایات شیعه
و قال الزمخشري في الفائق 1314 : ترك في حال الجرّ على لفظه في حال الرفع، لأنّه اشتهر بذلك و عرف، فجرى مجرى المثل الّذي لا يغيّر 1315 .
[في إخلاص أمير المؤمنين عليه السلام و سبقه بالجهاد و أعماله الصالحة]
و أمّا إخلاصه و سبقه بالجهاد و الأعمال الصالحة الّتي لم يقصد بها إلّا وجه اللّه فقد شهد اللّه له بها في كتابه، و كذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
روي أنّه لمّا اسر العبّاس بن عبد المطّلب [يوم بدر] 1316 أقبل المسلمون يعيّرونه بكفره باللّه و قطيعة الرحم، و أغلظ له أمير المؤمنين عليه السلام القول، فقال العبّاس: ما لكم تذكرون مساوئنا و لا تذكرون محاسننا؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أ لكم محاسن؟
فقال: نعم، إنّا لنعمّر المسجد الحرام [، و نحجب الكعبة، و نسقي الحاجّ، و نفكّ العاني 1317 ، فأنزل اللّه تعالى- ردّا على العبّاس و وفاقا لعليّ بن أبي طالب عليه السلام-] 1318 : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ) 1319 الآية، ثمّ قال: (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ) 1320 الآية، ثمّ قال:
(أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ) 1321 الآية 1322 .
و روى إسماعيل بن خالد، عن عامر. و ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس. و مقاتل، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس. و السدّي، عن أبي صالح. و ابن
أبي خالد و زكريّا 1323 عن الشعبي أنّ هذه الآية نزلت في عليّ عليه السلام.
[الثعلبي و القشيريّ و الجبّائي و الفلكيّ في تفاسيرهم، و الواحديّ في أسباب نزول القرآن 1324 عن الحسن البصري و عامر الشعبي و محمد بن كعب القرظي. و روينا عن عثمان بن أبي شيبة و وكيع بن الجرّاح و شريك القاضي و محمد بن سيرين و مقاتل بن سليمان و السدّي و أبي مالك] 1325 و مرّة الهمداني و ابن عبّاس أنّه افتخر العبّاس بن عبد المطّلب، فقال: أنا عمّ محمد، و أنا صاحب سقاية الحجيج، فأنا أفضل من عليّ بن أبي طالب.
فقال شيبة بن عثمان أو طلحة أو عثمان: و أنا اعمّر بيت اللّه الحرام، و صاحب حجابته، فأنا أفضل.
و كان أمير المؤمنين عليه السلام حاضرا، فقال: أنا أفضل منكما، لقد صلّيت قبلكما بستّ سنين، و أنا اجاهد في سبيل اللّه.
و في رواية الحاكم أبي القاسم الحسكاني 1326 بإسناده عن ابن بريدة، عن أبيه قال: بينا شيبة و العبّاس يتفاخران إذ مرّ بهما علي بن أبي طالب، فقال:
بما ذا تتفاخران؟
فقال العبّاس: لقد اوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد سقاية الحاجّ. و قال شيبة: اوتيت عمارة المسجد الحرام.
فقال أمير المؤمنين: لقد استحييت لكما فقد اوتيت على صغري ما لم
تؤتيا.
فقالا: و ما اوتيت يا علي؟
قال: ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما باللّه و رسوله.
فقام العبّاس مغضبا يجرّ ذيله حتى دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: أ ما ترى ما استقبلني به عليّ؟
فقال صلّى اللّه عليه و آله: ادعوا لي عليّا، فدعي له، فقال: ما حملك على ما استقبلت به عمّك؟
فقال: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليك و آلك، صدمته بالحقّ، فمن شاء فليغضب، و من شاء فليرض، فنزل جبرائيل و قال: يا محمد، إنّ ربّك يقرئك السلام و يقول لك: اتل عليهم (أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) 1327 الآيات.
فقال العبّاس: أنا قد رضيت- ثلاث مرّات- 1328 .
في كتاب أبي بكر الشيرازي بإسناده عن مقاتل، [عن مجاهد،] 1329 عن ابن عبّاس في قوله تعالى: (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) - إلى قوله- (بِغَيْرِ حِسابٍ) 1330 قال: و اللّه هو أمير المؤمنين.
ثمّ قال بعد كلام: [و ذلك] 1331 أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أعطى عليّا
[يوما] 1332 ثلاثمائة دينار اهديت إليه، قال علي: فأخذتها و قلت: و اللّه لأتصدّقنّ في هذه الليلة بصدقة يقبلها اللّه منّي من هذه الدنانير، فلمّا صلّيت العشاء الآخرة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أخذت منها مائة دينار و خرجت من المسجد، فاستقبلتني امرأة فأعطيتها الدنانير، فأصبح الناس بالغد يقولون تصدّق عليّ في هذه الليلة بمائة دينار على امرأة فاجرة، فاغتممت غمّا شديدا.
فلمّا صلّيت الليلة القابلة صلاة العتمة أخذت مائة دينار و خرجت من المسجد، و قلت: و اللّه لأتصدّقنّ في هذه الليلة بصدقة يقبلها اللّه منّي، فلقيت رجلا فتصدّقت عليه بالدنانير، فأصبح الناس 1333 يقولون: إنّ عليّا في هذه الليلة تصدّق بمائة دينار على رجل سارق، فاغتممت لذلك غمّا شديدا، و قلت:
و اللّه لأتصدّقنّ في هذه الليلة بصدقة يقبلها اللّه منّي، فصلّيت العشاء الآخرة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خرجت من المسجد و معي المائة دينار الباقية، فلقيت رجلا فأعطيته إيّاها، فأصبح الناس يقولون: إنّ عليّا تصدّق البارحة على رجل غنيّ، فاغتممت لذلك غمّا شديدا، و أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخبرته.
فقال: يا عليّ، [هذا جبرئيل يقول لك: إنّ اللّه عزّ و جلّ قد قبل صدقاتك، و زكّى عملك،] 1334 إنّ المائة دينار الاولى الّتي تصدّقت بها وقعت في يد امرأة فاسدة فرجعت إلى منزلها و تابت إلى اللّه تعالى من الفساد، و جعلت تلك الدنانير رأس مال لها 1335 ، و هي في طلب بعل تتزوّج
[به] 1336 ، و إنّ الصدقة الثانية وقعت في يد سارق فرجع إلى منزله و تاب إلى اللّه من سرقته، و جعل الدنانير رأس ماله يتّجر بها، و إنّ الصدقة الثالثة وقعت في يد غني لم يزكّ ماله منذ سنين، فرجع إلى منزله و وبّخ نفسه و قال: شحّا عليك يا نفس، هذا عليّ بن أبي طالب تصدّق عليّ بمائة دينار و لا مال له، و أنا قد أوجب اللّه عليّ في مالي الزكاة أعواما كثيرة لم أزكّه، فحسب ماله و زكّاه و أخرج زكاة ماله كذا و كذا دينارا، و أنزل اللّه سبحانه فيك: (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) 1337 الآية.
أبو الطفيل: رأيت عليّا عليه السلام يدعو اليتامى فيطعمهم العسل حتى قال بعض أصحابه: لوددت انّي كنت يتيما 1338 .
محمد بن الصمّة، عن أبيه، [عن عمّه،] 1339 قال: رأيت في المدينة رجلا على كتفه 1340 قربة و في يده صحفة يسقي و يطعم الفقراء و يقول: اللّهمّ وليّ المؤمنين، و إله المؤمنين، و جار المؤمنين، اقبل قرباتي [الليلة] 1341 ، فما أمسيت أملك سوى ما في صحفتي و غير ما في قربتي 1342 ، فإنّك تعلم أنّي منعته نفسي من شدّة سغبي لطلب القربة إليك 1343 .
اللّهمّ فلا تخلق وجهي، و لا تردّ دعوتي. فأتيته و تأمّلته 1344 ، فإذا هو أمير
المؤمنين عليه السلام [فأتى رجلا فأطعمه] 1345 1346 .
روت الخاصّة و العامّة [منهم: ابن شاهين المروزيّ، و ابن شيرويه الديلمي، عن الخدري و أبي هريرة] 1347 أنّ عليّا عليه السلام أصبح ساغبا، فسأل فاطمة طعاما، فقالت: ما كان إلّا ما أطعمتك منذ يومين، آثرتك به على نفسي و على الحسن و الحسين.
فقال: أ لا أعلمتني فآتيكم بشيء؟
فقالت: يا أبا الحسن، إنّي لأستحيي من اللّه أن اكلّفك ما لا تقدر عليه، فخرج و استقرض [من النبي صلّى اللّه عليه و آله] 1348 دينارا، و خرج يشتري به شيئا، فلقيه المقداد قائلا: ما شاء اللّه، فناوله عليّ عليه السلام الديا نار، ثمّ دخل المسجد و وضع رأسه و نام، فخرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فإذا هو به، فحرّكه، و قال: ما صنعت؟ فأخبره، فقام و صلّى معه، فلمّا قضى النبيّ صلاته قال: يا أبا الحسن، هل عندك شيء نفطر عليه فنميل معك؟ فأطرق لا يجد جوابا حياء منه، و كان اللّه قد أوحى [إليه] 1349 أن يتعشّى تلك الليلة عند عليّ، فانطلقا حتى دخلا على فاطمة و هي في مصلّاها و خلفها جفنة تفور دخانا، فأخرجت فاطمة الجفنة فوضعتها بين أيديهما، فسألها عليّ عليه السلام: أنّى لك هذا؟
قالت: هو من عند اللّه 1350 إنّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب 1351 .
قال: فوضع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كفّه المبارك بين كتفي عليّ، و قال:
هذا بدل دينارك، ثم استعبر النبيّ [باكيا] 1352 و قال: الحمد للّه الّذي لم يمتني حتى رأيت في ابنتي ما رأى زكريّا لمريم 1353 .
[في شجاعة أمير المؤمنين عليه السلام]
و أمّا شجاعته فهي أشهر من أن تشهر، حتى انّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يهدّد به قريشا.
روي 1354 عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لأهل الطائف: و الّذي نفسي بيده لتقيمنّ الصلاة، و لتؤتنّ الزكاة، أو لأرسلنّ [إليكم] 1355 رجلا منّي- أو كنفسي- فليضربنّ أعناق مقاتليكم، و ليسبينّ ذراريكم، ثمّ أخذ بيد عليّ فقال:
هذا 1356 .
و روي عن الرضا عليه السلام أنّه قال: قوله سبحانه: (وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) 1357 أنّ عليّا منهم 1358 .