کتابخانه روایات شیعه
[يوما] 1332 ثلاثمائة دينار اهديت إليه، قال علي: فأخذتها و قلت: و اللّه لأتصدّقنّ في هذه الليلة بصدقة يقبلها اللّه منّي من هذه الدنانير، فلمّا صلّيت العشاء الآخرة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أخذت منها مائة دينار و خرجت من المسجد، فاستقبلتني امرأة فأعطيتها الدنانير، فأصبح الناس بالغد يقولون تصدّق عليّ في هذه الليلة بمائة دينار على امرأة فاجرة، فاغتممت غمّا شديدا.
فلمّا صلّيت الليلة القابلة صلاة العتمة أخذت مائة دينار و خرجت من المسجد، و قلت: و اللّه لأتصدّقنّ في هذه الليلة بصدقة يقبلها اللّه منّي، فلقيت رجلا فتصدّقت عليه بالدنانير، فأصبح الناس 1333 يقولون: إنّ عليّا في هذه الليلة تصدّق بمائة دينار على رجل سارق، فاغتممت لذلك غمّا شديدا، و قلت:
و اللّه لأتصدّقنّ في هذه الليلة بصدقة يقبلها اللّه منّي، فصلّيت العشاء الآخرة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خرجت من المسجد و معي المائة دينار الباقية، فلقيت رجلا فأعطيته إيّاها، فأصبح الناس يقولون: إنّ عليّا تصدّق البارحة على رجل غنيّ، فاغتممت لذلك غمّا شديدا، و أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخبرته.
فقال: يا عليّ، [هذا جبرئيل يقول لك: إنّ اللّه عزّ و جلّ قد قبل صدقاتك، و زكّى عملك،] 1334 إنّ المائة دينار الاولى الّتي تصدّقت بها وقعت في يد امرأة فاسدة فرجعت إلى منزلها و تابت إلى اللّه تعالى من الفساد، و جعلت تلك الدنانير رأس مال لها 1335 ، و هي في طلب بعل تتزوّج
[به] 1336 ، و إنّ الصدقة الثانية وقعت في يد سارق فرجع إلى منزله و تاب إلى اللّه من سرقته، و جعل الدنانير رأس ماله يتّجر بها، و إنّ الصدقة الثالثة وقعت في يد غني لم يزكّ ماله منذ سنين، فرجع إلى منزله و وبّخ نفسه و قال: شحّا عليك يا نفس، هذا عليّ بن أبي طالب تصدّق عليّ بمائة دينار و لا مال له، و أنا قد أوجب اللّه عليّ في مالي الزكاة أعواما كثيرة لم أزكّه، فحسب ماله و زكّاه و أخرج زكاة ماله كذا و كذا دينارا، و أنزل اللّه سبحانه فيك: (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) 1337 الآية.
أبو الطفيل: رأيت عليّا عليه السلام يدعو اليتامى فيطعمهم العسل حتى قال بعض أصحابه: لوددت انّي كنت يتيما 1338 .
محمد بن الصمّة، عن أبيه، [عن عمّه،] 1339 قال: رأيت في المدينة رجلا على كتفه 1340 قربة و في يده صحفة يسقي و يطعم الفقراء و يقول: اللّهمّ وليّ المؤمنين، و إله المؤمنين، و جار المؤمنين، اقبل قرباتي [الليلة] 1341 ، فما أمسيت أملك سوى ما في صحفتي و غير ما في قربتي 1342 ، فإنّك تعلم أنّي منعته نفسي من شدّة سغبي لطلب القربة إليك 1343 .
اللّهمّ فلا تخلق وجهي، و لا تردّ دعوتي. فأتيته و تأمّلته 1344 ، فإذا هو أمير
المؤمنين عليه السلام [فأتى رجلا فأطعمه] 1345 1346 .
روت الخاصّة و العامّة [منهم: ابن شاهين المروزيّ، و ابن شيرويه الديلمي، عن الخدري و أبي هريرة] 1347 أنّ عليّا عليه السلام أصبح ساغبا، فسأل فاطمة طعاما، فقالت: ما كان إلّا ما أطعمتك منذ يومين، آثرتك به على نفسي و على الحسن و الحسين.
فقال: أ لا أعلمتني فآتيكم بشيء؟
فقالت: يا أبا الحسن، إنّي لأستحيي من اللّه أن اكلّفك ما لا تقدر عليه، فخرج و استقرض [من النبي صلّى اللّه عليه و آله] 1348 دينارا، و خرج يشتري به شيئا، فلقيه المقداد قائلا: ما شاء اللّه، فناوله عليّ عليه السلام الديا نار، ثمّ دخل المسجد و وضع رأسه و نام، فخرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فإذا هو به، فحرّكه، و قال: ما صنعت؟ فأخبره، فقام و صلّى معه، فلمّا قضى النبيّ صلاته قال: يا أبا الحسن، هل عندك شيء نفطر عليه فنميل معك؟ فأطرق لا يجد جوابا حياء منه، و كان اللّه قد أوحى [إليه] 1349 أن يتعشّى تلك الليلة عند عليّ، فانطلقا حتى دخلا على فاطمة و هي في مصلّاها و خلفها جفنة تفور دخانا، فأخرجت فاطمة الجفنة فوضعتها بين أيديهما، فسألها عليّ عليه السلام: أنّى لك هذا؟
قالت: هو من عند اللّه 1350 إنّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب 1351 .
قال: فوضع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كفّه المبارك بين كتفي عليّ، و قال:
هذا بدل دينارك، ثم استعبر النبيّ [باكيا] 1352 و قال: الحمد للّه الّذي لم يمتني حتى رأيت في ابنتي ما رأى زكريّا لمريم 1353 .
[في شجاعة أمير المؤمنين عليه السلام]
و أمّا شجاعته فهي أشهر من أن تشهر، حتى انّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يهدّد به قريشا.
روي 1354 عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لأهل الطائف: و الّذي نفسي بيده لتقيمنّ الصلاة، و لتؤتنّ الزكاة، أو لأرسلنّ [إليكم] 1355 رجلا منّي- أو كنفسي- فليضربنّ أعناق مقاتليكم، و ليسبينّ ذراريكم، ثمّ أخذ بيد عليّ فقال:
هذا 1356 .
و روي عن الرضا عليه السلام أنّه قال: قوله سبحانه: (وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) 1357 أنّ عليّا منهم 1358 .
فوا عجبا لمن يقايس من لم يصب محجمة [من] 1359 دم في جاهليّة و لا إسلام مع من علم أنّه قتل في يوم بدر خمسا و ثلاثين رجلا مبارزا دون الجرحى، و كانوا من أماثل قريش و أبطالها و شجعانها و المشهورين بالنجدة و البأس، حتى سمّى اللّه سبحانه واقعة بدر بالبطشة الكبرى، و ما ذاك إلّا لهلاك من هلك فيها، فإنّه حصل بقتلهم هظيمة عظيمة في الشرك و أهله، و كانت
القتلى سبعين من سادات قريش و أعيانهم، قتل عليّ منهم خمسا و ثلاثين رجلا، و قتلت الملائكة و باقي الناس تمام العدد.
[أسماء الّذين قتلهم أمير المؤمنين عليه السلام في بدر و احد]
و أسماء الّذين قتلهم أمير المؤمنين عليه السلام: الوليد بن عتبة، و العاص بن سعيد بن العاص، و طعمة 1360 بن عديّ بن نوفل، و حنظلة بن أبي سفيان، و نوفل بن خويلد، و زمعة 1361 بن الأسود، و الحارث بن زمعة، و النضر بن الحارث بن عبد الدار، و عمير بن عثمان بن كعب عمّ طلحة، و عثمان و مالك أخوا طلحة 1362 ، و مسعود بن أبي اميّة بن المغيرة، و قيس بن الفاكهة بن المغيرة، و أبو القيس بن الوليد بن المغيرة، و عمرو بن مخزوم، و المنذر بن أبي رفاعة، و منبّه بن الحجّاج السهمي، و العاص بن منبّه، و علقمة بن كلدة، و أبو العاص بن قيس بن عديّ، و معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، و لوذان بن ربيعة، و عبد اللّه بن المنذر بن أبي رفاعة، و مسعود بن اميّة بن المغيرة، [و الحاجب بن السائب بن عويمر، و أوس بن المغيرة] 1363 بن لوذان، و زيد بن مليص، و عاصم بن أبي عوف، و سعيد بن وهب، و معاوية بن عامر بن عبد القيس، و عبد اللّه بن جميل بن زهير، و السائب بن سعيد 1364 بن مالك، و أبو الحكم بن الأخنس، و هشام بن [أبي] 1365 اميّة؛ و قيل: إنّه قتل بضعة و أربعين رجلا.
و قتل عليه السلام يوم احد كبش الكتيبة طلحة بن [أبي] 1366 طلحة، و ابنه
أبا سعيد، و إخوته خالدا و مخلّدا و كلدة و المخالس 1367 ، و عبد الرحمن بن حميد بن زهرة، و الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي، و الوليد بن أرطاة، و اميّة بن أبي حذيفة، و أرطاة بن شرحبيل، و هشام بن اميّة، و مسافع، و عمرو بن عبد اللّه الجمحيّ، بشر بن مالك المغافري، و صؤاب مولى عبد الدار، و أبا حذيفة بن المغيرة، [و قاسط بن شريح العبدي، و المغيرة بن المغيرة] 1368 سوى من قتلهم بعد ما هزمهم. و لا إشكال في هزيمة عمر و عثمان، و إنّما الإشكال في هزيمة أبي بكر، هل ثبت إلى وقت الفرج أو انهزم؟ 1369
قال الشيخ أبو علي الطبرسي في كتابه مجمع البيان: ذكر أبو القاسم البلخي انّه لم يبق مع النّبي صلّى اللّه عليه و آله [يوم احد] 1370 إلّا ثلاثة عشر نفسا؛ خمسة من المهاجرين، و ثمانية من الأنصار.
فأمّا المهاجرون فعليّ عليه السلام و أبو بكر و طلحة و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقّاص، و قد اختلف في الجميع إلّا في عليّ عليه السلام و طلحة.
و قد روي عن عمر بن الخطّاب [أنّه] 1371 قال: رأيتني أصعد في الجبل كأنّي أروى و لم يرجع عثمان [من] 1372 الهزيمة إلّا بعد ثلاثة أيّام، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لقد ذهبت فيها عريضة 1373 .
[كيفيّة قتل أمير المؤمنين عليه السلام لعمرو بن عبد ودّ في يوم الأحزاب]
و قتل عليه السلام يوم الأحزاب عمرو بن عبد ودّ.
قال الشيخ أبو علي الطبرسي رضي اللّه عنه في تفسيره: كان عمرو بن عبد ودّ فارس قريش، و كان قد قاتل يوم بدر حتى ارتثّ 1374 و أثبته الجراح فلم يشهد احدا، فلمّا كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده، و كان يعدّ بألف فارس، و كان يسمّى فارس يليل، لأنّه أقبل في ركب من قريش حتى إذا هو بيليل- و هو واد قريب من بدر- عرض لهم بنو بكر بن وائل في عدد، فقال لأصحابه: امضوا، [فمضوا،] 1375 فقام في وجوه بني بكر حتى منعهم من أن يصلوا إليه، فعرف بذلك، و كان الموضع الّذي حفر فيه الخندق يقال له المداد، و كان أوّل من طفره عمرو و أصحابه، فقيل في ذلك:
عمرو بن عبد كان أوّل فارس
جزع المداد و كان فارس يليل
و ذكر ابن إسحاق أنّ عمرو بن عبد ودّ كان ينادي: هل من مبارز؟
فقام عليّ عليه السلام و هو مقنّع بالحديد فقال: أنا له يا نبيّ اللّه.
فقال: إنّه عمرو، اجلس.
و نادى عمرو: أ لا رجل- و هو يؤنّبهم و يقول: أين جنّتكم الّتي تزعمون أنّ من قتل منكم دخلها-؟
فقام عليّ عليه السلام و قال: أنا له يا رسول اللّه.
ثم نادى الثالثة و قال:
و لقد بححت من النداء