کتابخانه روایات شیعه
نادى ألا هل من مبارز
منكم و يحوز فخرا
فأجابه ها قد أتاك
مجيب صوتك لن يفرّا
في معرك كلّا و لا
اولى المبارز منه ظهرا
من كان دون الخلق
للهادي النبيّ أخا و صهرا
كم أسبغت حملاته في
الحرب جامعة و يسرا
فتخالسا نفسيهما
و ترامقا بالظرف شزرا
هذا لدين الحقّ قام
مؤيّدا عزّا و نصرا
و قرينه في الحرب
أضحى ناصرا عزّا و نسرا
فعلاه منه بصارم
كم هدّ ركنا مشمخرا
فهوى كجذع في الثرى
نحرته أيد الدهر نحرا
و أفاض من فيض الدماء
حلل عليه صبغن حمرا
و أبان منه الرأس
ثمّ أتى به المختار جهرا
أعني به مولى الورى
و إمامهم برّا و بحرا
من بالزعامة و الصرامة
و الامامة كان أحرا
ليث الحروب مجدّل
أبطالها فتكا و صبرا
رفع الفخار لمجده
في هاشم نسبا أغرّا
ما خاب متّخذ ولايته
ليوم الحشر ذخرا
كلّا و لا تربت يداه
و لا غدا مسعاه خسرا
من فيه سورة هل أتى
أبدا مدى الأيّام تقرا
ردّت عليه الشمس حتى
عاد وقت الفرض عصرا
فقضى فريضته و عادت
كالشهاب إذا استمرّا
هذا الّذي قبّلت منه
الرأس تلبيسا و مكرا
و فديته بالروح لكن
في حشاك حشوت غدرا
حتى إذا خلت الديار
من النبيّ و عدن قفرا
أبديت ما أخفيت من
فرط النفاق و جرت كفرا
عن مذهب الحقّ السويّ
فجئت يا مغرور نكرا
[في شجاعة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم حنين]
و أمّا قتلاه عليه السلام يوم حنين فقتل أربعين رجلا و فارسهم 1390 أبو جرول 1391 ، و إنّه صلوات اللّه عليه قدّه بنصفين بسيفه بضربة واحدة في الخوذة و العمامة و الجوشن و البدن إلى القربوس.
و وقوفه صلوات اللّه عليه يوم حنين وسط أربعة و عشرين ألف ضارب سيف إلى أن ظهر المدد من السماء 1392 ، من أعظم الآيات على صحّة إمامته، و انّ هذه كرامة أكرمه اللّه بها، و قوّة اختصّه اللّه بفضلها، و كذلك جميع خواصّه الّتي اصطفاه اللّه بها إذا استقرأها من له قلب سليم و لبّ مستقيم قضى منها عجبا، و استدلّ بها أنّ اللّه سبحانه ما أيّده بهذه الفضائل الّتي تخرج عن طوق البشر إلّا لكونه أفضل خلقه، و أقربهم منزلة من جلال كبريائه، و أحقّ الخلق بالرئاسة العامّة في أمر الدين و الدنيا، لكونه أكمل الخلق في علمه و حلمه و زهده،
و توجّهه إلى معبوده، و إخلاصه بطاعة ربّه في سرّه و علانيته، و جهاده في سبيل خالقه، و شدّة بأسه، و محاماته عن صاحب الدعوة و بذله نفسه وقاية له من أعدائه، فيظهر له بذلك أعظم دليل على وجوب اتّباعه، و هذه مقدّمة إجماعيّة لا يختلف فيها مسلم، بل جميع الامّة مجمعة على صحّة ذلك، المؤالف و المخالف، إلّا ما شذّ من أهل الزيغ و التعصّب بالباطل، الّذين لا يعبأ بشذوذهم، لكونهم قد خرجوا عن ربقة المؤمنين و الصغرى ضروريّة، فثبت انّه صلوات اللّه عليه واجب الطاعة على الأحمر و الأبيض.
روي أنّ عمروا بن العاص قال: و اللّه ما أحد يعيّر بفراره من عليّ بن أبي طالب.
و لمّا نعي بقتل أمير المؤمنين عليه السلام بالعراق دخل عمرو بن العاص على معاوية مبشّرا فقال: إنّ الأسد المفترش ذراعيه بالعراق لاقى شعوبه 1393 .
صاحب الفائق 1394 قال: كانت ضربات عليّ أبكارا. إذا اعتلى قدّ، و إذا اعترض قطّ، و إذا أتى حصنا هدّ.
و قالوا أيضا: كانت ضربات علي أبكارا لا عونا؛ يقال: ضربه بكر أي [قاطعة] 1395 لا يحتاج أن يثنّى، و العوان الّتي يحتاج أن تثنّى. زعمت الفرس أنّ اصول الضرب سبعة 1396 ، و كلّها مأخوذة عنه صلوات اللّه عليه، [و هي:] 1397 علويّة
و سفليّة و غاله 1398 و ماله و حاله و جر و هام 1399 .
و لو لا خوف الإطالة لأوردنا نبذة يسيرة بالنسبة إلى كثرة قتلاه بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بعده؛ كمرحب في خيبر، و ذي الخمار و العنكبوت، و ما لا يحصى كثرة في غزاة السلاسل، و قتاله بعد الرسول الناكثين و القاسطين و المارقين في وقعة الجمل حتى بلغ إلى قطع يد الجمل ثمّ قطع رجليه حتى سقط، و له ليلة الهرير خمسمائة و ستّ و ثلاثين تكبيرة- و في رواية: سبعمائة 1400 -.
و قال صلوات اللّه عليه: لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولّيت عنها.
و كانت قريش إذا رأته في الحرب تواصت خوفا منه، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يخوّف المشركين به 1401 .
[في كرم أمير المؤمنين عليه السلام]
و أمّا كرمه فلا مزيد عليه حتى انّه آثر بقوته و قوت عياله حتى أنزل اللّه فيه و في زوجته و ابنيه سورة تتلى إلى يوم القيامة.
و روى المخالف أنّ عليّا عليه السلام كان يحارب رجلا من المشركين، فقال المشرك: يا ابن أبي طالب، هبني سيفك، فرماه إليه.
فقال المشرك: عجبا يا ابن أبي طالب في مثل هذا الوقت تدفع إليّ سيفك! 1402
فقال: يا هذا، إنّك مددت إليّ يد المسألة، و ليس من الكرم أن يردّ السائل، فرمى الكافر بنفسه إلى الأرض و أسلم، و قال: هذه شيمة 1403 أهل الدين، و قبّل قدم أمير المؤمنين.
و قال جبرائيل في حقّه: لا سيف إلّا ذو الفقار، و لا فتى إلّا علي 1404 .
[تصدّق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه و هو راكع]
و حسبه صلوات اللّه عليه فضيلة صدقته بخاتمه في ركوعه حتى أنزل اللّه فيه (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ) 1405 و أجمع المؤالف و المخالف انّها نزلت في علي عليه السلام لمّا تصدّق بخاتمه في ركوعه، رواه أبو بكر الرازي في كتاب أحكام القرآن 1406 على ما حكاه المغربي عنه و الطبري و الرمّاني، و هو قول مجاهد و السدّي. و أمّا علماء أهل البيت لا يختلفون في ذلك كأبي جعفر الباقر و ابنه أبي عبد اللّه عليهما السلام. و رواه أبو صالح، عن ابن عبّاس.
و أورد الشيخ الجليل أبو علي الطبرسي رضي اللّه عنه في تفسيره بإسناد متّصل، قال: بينا ابن عبّاس رضي اللّه عنه جالس على شفير زمزم يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ أقبل رجل معتمّ 1407 بعمامة، فجعل ابن عبّاس لا يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلّا قال الرجل: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
فقال ابن عبّاس: سألتك باللّه- يا أيّها الرجل- من أنت؟
فكشف العمامة عن وجهه و قال: أيّها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا اعرّفه بنفسي، أنا جندب بن جنادة البدري أبو ذرّ الغفاري سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بهاتين و إلّا فصمّتا، و رأيته بهاتين و إلّا فعميتا، يقول: عليّ قائد البررة، و قاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، أما إنّي صلّيت العصر مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحد شيئا، فرفع السائل يده إلى السماء، فقال: اللّهمّ اشهد أنّي سألت في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلم يعطني أحد شيئا، و كان عليّ راكعا فأوما بخنصره اليمنى إليه- و كان يتختّم فيها- فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، و ذلك حين صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 1408 ، فلمّا فرغ النبيّ من صلاته رفع رأسه إلى السماء و قال: اللّهمّ إنّ أخي موسى سألك و قال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) 1409 فأنزلت عليه قرآنا ناطقا: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) 1410 .
اللّهمّ و أنا محمد نبيّك و صفيّك فاشرح لي صدري، و يسّر لي أمري، و اجعل لي وزيرا من أهلي، عليّا اشدد به أزري.
قال أبو ذرّ: فو اللّه ما استتمّ رسول اللّه كلامه حتى نزل عليه جبرائيل من عند اللّه، فقال: يا محمد، اقرأ.
قال: و ما أقرأ؟
قال: اقرأ (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ) 1411 .
و روى هذا الخبر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بهذا الاسناد بعينه، و روى أبو بكر الرازي في كتاب أحكام القرآن، على ما حكاه المغربي عنه و الطبري و الرمّاني، و هو قول مجاهد و السدّي، و هو المرويّ عن جميع أهل البيت عليهم السلام 1412 .
و في رواية اخرى أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله دخل المسجد و الناس بين راكع و ساجد فبصر بسائل، فقال: هل أعطاك أحد شيئا؟
فقال: نعم، خاتم من فضّة.
فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: من أعطاكه؟
قال: ذلك القائم- و أومأ بيده إلى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه-.
فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: على أيّ حال أعطاكه؟
قال: أعطاني و هو راكع.
فكبّر النبي صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ قرأ (وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ) 1413 .
[أبيات لحسّان بن ثابت بهذا المعنى]